الغزو الروسي لأوكرانيا: هل يساعد في تحسين العلاقات بين الولايات المتحدة وفنزويلا؟

صور آبار النفط في شوارع فنزويلا

EPA
تمتلك فنزويلا احتياطيات هائلة من النفط لكن زيادة الإنتاج لتعويض العقوبات على روسيا تحتاج اتفاقيات استثمارية كبيرة

تشهد علاقات الولايات المتحدة مع فنزويلا توترات طوال السنوات الماضية.

لكن الأسبوع الماضي ظهرت مؤشرات على أن العلاقة قد تتطور، أو على الأقل يتم زرع بذور التعاون، وذلك بعد أول محادثات رفيعة المستوى بين مسؤولين أمريكيين وفنزويليين منذ سنوات.

إنه اتجاه جديد للبلدين. بعدما فرضت واشنطن في السنوات الأخيرة عقوبات على قطاع النفط الفنزويلي بسبب سجل الرئيس نيكولاس مادورو، “السيء” في الديمقراطية وحقوق الإنسان. مادورو نفسه مطارد من جانب الولايات المتحدة التي رصدت مكافأة قدرها 15 مليون دولار للقبض عليه، بعد أن وجهت إليه لائحة اتهام تشمل الإرهاب، وتهريب المخدرات، والفساد.

في المقابل، يتهم الرئيس مادورو الولايات المتحدة بالاستعمار والاستغلال، ومحاولة التدخل- بشكل غير معقول- في الشؤون الداخلية لفنزويلا.

منافع متبادلة

إنه ليس تقاربا مريحا بين البلدين. لكن هذه أوقات عصيبة تتطلب إجراءات صعبة. ويلعب النفط دورا في جعل العالم يعاني، إذا تراجعت الإمدادات، ولدي فنزويلا الكثير منه، وعندما يكون العالم في أزمة، كما هو الحال مع الحظر المفروض على صادرات النفط الروسية، وارتفاع الأسعار، يبدأ قادة الدول في إعادة النظر في تلك الصداقات المحرجة.

تقول المؤرخة السياسية مارغريتا لوبيز مايا: “بالنسبة لفنزويلا، كل شيء يتعلق بالنفط”. “إحدى الخطوات الأولى التي اتخذتها الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية كانت إحضار سفير جيد (إلى فنزويلا) لتقديم الدعم للحكومة – لتأمين حصولها على النفط.”

ليس هناك شك في أن علاقة أفضل مع الولايات المتحدة ستفيد فنزويلا أيضا. يريد مادورو رفع العقوبات، وقد عرض الأسبوع الماضي غصن الزيتون على واشنطن، من خلال التليفزيون الرسمي، رغم أن الرئيس عادة ما يكون على استعداد لانتقاد الولايات المتحدة.

أعلى محكمة في بريطانيا ترفض طلب رئيس فنزويلا استعادة ذهب بلاده

رئيس فنزويلا “ينجو من هجوم جوي”

تسليم أحد أعوان رئيس فنزويلا المقربين إلى الولايات المتحدة

كيف انتهى المطاف بأطنان من الذهب الفنزويلي في الإمارات وتركيا؟

رفع أعلام الصداقة

قال الرئيس مادورو عن اجتماع بين مسؤولين فنزويليين وأمريكيين بالعاصمة الفنزويلية كاراكاس، نهاية الأسبوع الماضي: “ارتفعت أعلام الولايات المتحدة وفنزويلا هناك، كان شكلهما جميل حقا، وهما متجاوران كما ينبغي”.

وأضاف، “هذه فرصة جديدة مفتوحة حاليا. كان لدينا اجتماع محترم وودي ودبلوماسي للغاية. حان الوقت للدبلوماسية والحقيقة والسلام.”

وبالفعل قال مادورو أيضا إنه مستعد للعودة إلى المحادثات مع المعارضة الفنزويلية التي تستضيفها المكسيك. وبعد أيام قليلة من الاجتماع مع أمريكيين في كراكاس، أطلقت السلطات الفنزويلية سراح اثنين من الأمريكيين كانا محتجزين لديها.

حتى الآن، كل هذا إيجابي – ولكن إلى أين سيقود ذوبان الجليد في العلاقات؟

يقول لويس فيسينتي ليون، مدير شركة داتا أناليسز للاستشارات ومقرها كاراكاس: ” منذ فترة تقول قوى داخلية في الولايات المتحدة إن استراتيجية العقوبات النفطية (ضد فنزويلا) لم تكن منطقية كثيرا بعد كل هذا الوقت وإن هدفها لم يكن ناجحا”.

وأضاف: “عندما بدأ الصراع مع أوكرانيا، أصبح من الواضح أن سياسة العقوبات النفطية تضع الولايات المتحدة في مأزق”.

شكوك تؤثر على الأمل في الشارع

ويرى الكثيرون أن المباحثات الأخيرة هي زواج مصلحة. لكن مازال الوقت مبكرا وما زالت العلاقة مضطربة.

تقول ماريا يوجينيا فارينا، صاحبة متجر في كاراكاس: “كلا الجانبين منافق، لا أصدق أي شخص”.

ونفس الشعور كان لدى الكثيرين في فنزويلا، والذين يأسوا من قدرة السياسيين من أي طرف على إخراج البلاد من أزمتها.

ومع ذلك، هناك من هو على استعداد لمنح هذه المحادثات فرصة.

وعلقت آنا بيريز، من سكان كاراكاس: “هل أعتبر ذلك (المحادثات) أمرا إيجابيا؟ نعم، لأن فنزويلا ستفلس، ويجب على أحد أن يساعد”. “نحن ضعفاء. إذا رفعوا العقوبات، يمكن أن تتحسن الأمور هنا”.

لكن أي شخص يتوقع تحولا سريعا في العلاقات الأمريكية الفنزويلية قد يصاب بخيبة أمل.

مادورو رئيس فنزويلا

Reuters
مادورو يخاطب مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بعد غزو روسيا لأوكرانيا

ويوضح إريك فارنسورث ، نائب رئيس مجلس الأمريكتين والمسؤول السابق بوزارة الخارجية الأمريكية، أن الأمر مجرد رحلة واحدة إلى فنزويلا وبضع لقاءات، “لذلك لا يجب أن نتوقع تغيرا جوهريا بعد”.

ويضيف: “عندما تبدأ في إدراك مدى صعوبة إحداث فارق ذي مغزى، تبدأ في التفكير فيما إذا كان الأمر يستحق فعلا بذل هذا الجهد”.

كانت فنزويلا ذات يوم قادرة على إنتاج حوالي ثلاثة ملايين برميل من النفط يومبا. إنها تنتج الآن أقل من مليون. وتتطلب أي زيادة في الإنتاج قدرا كبيرا من الاستثمار، وهو ما يتطلب أيضا تخفيف العقوبات. ويقول الخبراء إن الشرق الأوسط هو الحل الوحيد لأزمة النفط على المدى القصير.

معضلة مادورو في روسيا

يقول فرانسيسكو مونالدي، مدير برنامج الطاقة لأمريكا اللاتينية في معهد بيكر بجامعة رايس في هيوستن: “تصدر فنزويلا النفط حاليا عبر الصين، ويحصل مادورو على أطنان من المال مقارنة بالعامين الماضيين”. “ومع ذلك، فإن اضطراب الأسواق الحالي سيجعل الروس يرسلون أطنانا من النفط إلى الصين بخصم كبير، وهذا من شأنه أن يؤثر على أعمال مادورو.”

وهنا تكمن القضية الهامة الأخرى- العلاقة بين روسيا وفنزويلا.

قال نائب رئيس فنزويلا ديلسي رودريغيز، الأسبوع الماضي: “العنف هو المعبر عن العالم الرأسمالي”. “دول الناتو تستفز قوة مثل روسيا. ما الذي يبحثون عنه؟ إبادة العالم بأسره؟ فنزويلا ترفع صوتها من أجل السلام. لن ترانا أبدا في صفوف الحرب.”

فهل يمكن أن تكون الزيارة الأمريكية (لفنزويلا) لأمور أكثر من النفط؟ وهل تكون محاولة لتغيير الولاءات السياسية لفنزويلا، ربما؟

يقول فارنسورث: “لا أرى كيف سيدرك مادورو أن من مصلحته أن يدير ظهره للروس لصالح إدارة أمريكية تضعه تحت لائحة اتهام وزارة العدل الأمريكية”. “ما أعتقد أنه سيحدث- وربما بدأ يحدث- هو أن الفنزويليين سيخففون من حدة الخطاب قليلا (ضد أمريكا).”

هل تتحول العلاقة (بين فنزويلا والولايات المتحدة) من عدو إلى خصم؟ إنه احتمال معقول، ومرحب به. ولكنه ليس مقنعا للجميع.

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.