أزمة الطاقة في لبنان فرصة للمحتالين.. مع استيراد الألواح المعيبة أو القديمة

أزمة الطاقة في لبنان فرصة للمحتالين

وزارة الطاقة تحاول حل المشكلة من خلال تقديم إرشادات لمشتري الطاقة الشمسية وعمليات التفتيش من المهندسين المؤهلين.

تحولت أزمة انقطاع الكهرباء التي يعيشها لبنان منذ سنوات وتزايدت حدتها في السنوات الأخيرة، إلى فرصة لتمرير ألواح للطاقة الشمسية عاطلة أو ذات جودة رديئة.

فعندما عرض بائع متجول على مازن كنعان فرصة للتخلص من انقطاع الكهرباء المنتظم وارتفاع فواتير الكهرباء عن طريق تركيب لوحة شمسية رخيصة في منزله في العاصمة بيروت، قرر انتهاز الفرصة.

وتعطّلت اللوحة في غضون أسبوعين وتوقف البائع عن الرد على مكالماته.

وفحص خبير الطاقة من معهد البحوث الصناعية عماد حاج شحادة النظام في وقت لاحق، وخلص إلى أن اللوحة بالية أخذت من عقار في إيطاليا وتم بيعها على أنها جديدة.

وقال كنعان، وهو محاسب يبلغ من العمر 39 عاما، “كان من المفترض أن تستمر في العمل لمدة 10 سنوات لكنها بالكاد استمرت 10 أيام. ادخرت لأكثر من ثلاثة أشهر لأشتريها… وكان كل هذا مجرد عملية احتيال”.

وكنعان واحد من بين عدد متزايد من الأشخاص الذين وقعوا ضحايا لمنشآت الطاقة الشمسية الرديئة والمحتالين في بيروت، حيث أدى نقص الطاقة إلى اندفاع نحو الطاقة الخضراء حسب الخبراء.

وقال كنعان إنه أبلغ الشرطة بالحادثة، لكن “لم يؤخذ الأمر على محمل الجد، حيث قال ضابط الشرطة إن هناك قضايا أكبر في الوقت الحالي”.

عدد متزايد من اللبنانيين يتطلعون إلى الطاقة الشمسية، لكن الافتقار إلى بنية تحتية متطورة يجعلهم ضحايا للاحتيال

وتحصل معظم المنازل على ساعات قليلة من الكهرباء كل يوم، بينما تعتمد العائلات والشركات الأكثر ثراء على مولدات ديزل باهظة الثمن والملوثة للبيئة.

ويشهد لبنان 300 يوم مشمس في السنة، لكن أقل من 1 في المئة من الطاقة التي توفرها الدولة يأتي من الطاقة الشمسية، مقابل توليد 95 في المئة من النفط.

وأخفق لبنان في تحقيق هدف توليد 12 في المئة من احتياجاته من الكهرباء من مصادر متجددة بحلول 2020.

ويتطلع عدد متزايد من المواطنين إلى الطاقة الشمسية كحل ميسور التكلفة وموثوق لمشاكل الطاقة التي يواجهونها يوميا، لكن الافتقار إلى بنية تحتية متطورة قادرة على توفيرها يعني أنهم يواجهون تكاليف تركيب عالية ونقصا في التنظيم وعمليات احتيال.

وقال شحادة، مدير التكنولوجيا في معهد البحوث الصناعية التابع لوزارة الصناعة، إن “الناس في لبنان بحاجة ماسة إلى الكهرباء مما يجعلهم لا يفكرون أحيانا في التدقيق في المبيعات المضللة لهذه المنتجات. ويقع الكثيرون في هذا الفخ… وهذا ما يُصعّب على الناس أن يثقوا بالفعل في الإمكانات الخضراء الجديدة”.

ويؤكد شحادة وخبراء آخرون في مجال الطاقة الشمسية إنهم رأوا عددا متزايدا من حالات الاحتيال، مع استيراد الألواح المعيبة أو القديمة من الدول الغنية وتمريرها على أنها جديدة في لبنان.

وتابع شحادة “للأسف، عمليات الاحتيال في مجال الطاقة الخضراء في لبنان مستمرة”.

وقالت الشرطة الإيطالية في 2020 إنها تحقق في محطة لمعالجة النفايات في صقلية للاشتباه في تهريب الألواح الشمسية القديمة إلى أفريقيا والشرق الأوسط لإعادة بيعها، وفقا لمجلة “بي في” التي تغطي قطاع الطاقة الشمسية.

عدد متزايد من حالات الاحتيال، مع استيراد الألواح المعيبة أو القديمة من الدول الغنية وتمريرها على أنها جديدة في لبنان

وقال شحادة إن معظم هذه اللوحات ما زالت تحمل أختاما من التركيب الأصلي توضح من أي دولة أتت.

وذكر أن معهد البحوث الصناعية حدد في العام الماضي مجموعة أخرى من الألواح أعيد توجيهها على ما يبدو من منشآت إعادة التدوير في دبي، مؤكدا إبلاغ وزارة الطاقة والمياه.

وقال بيار الخوري، رئيس المركز اللبناني لحفظ الطاقة، وهو جزء من وزارة الطاقة المكلّفة بدعم تطوير الطاقة المتجددة، إنه يحقق في القضية.

وأضاف شحادة أن “عمليات الاحتيال ليست مصدر القلق الوحيد، حيث أن وجود أجزاء وتركيبات الطاقة الشمسية ذات الجودة الرديئة يعدّ أمرا شائعا أيضا. وهو ما يعكس الحاجة إلى زيادة التدريب والمعايير الخاصة بالصناعة في لبنان”.

وقدمت الشركات أسعارا تتراوح بين 4 و5 آلاف دولار لتركيب لوحة شمسية سكنية يمكنها تزويد منزل من ست إلى 15 ساعة في اليوم. وهذا ما يعادل 30 ضعف متوسط الراتب الشهري.

وتحاول وزارة الطاقة حل المشكلة من خلال تقديم إرشادات لمشتري الطاقة الشمسية وعمليات التفتيش من المهندسين المؤهلين، وأعلنت في أكتوبر عن خطة مجانية لإصدار الشهادات لأنظمة الطاقة الشمسية المحلية.

وقال الخوري إن الكثيرين ليسوا على علم بالشهادات التي تؤكد تركيب الأنظمة واختبارها بشكل صحيح.

واضاف أن “شركات الطاقة الشمسية أو البائعين لا يبلغون المشترين بهذا الإجراء، ربما لأنهم يريدون بيع الألواح المعطلة”.

لبنان يشهد 300 يوم مشمس في السنة، لكن أقل من 1 في المئة من الطاقة التي توفرها الدولة يأتي من الطاقة الشمسية، مقابل توليد 95 في المئة من النفط

وبدأ معهد البحوث الصناعية في تنظيم التدريب للعاملين في صناعة الطاقة الشمسية، وهو يتضمن معلومات حول كيفية تثبيت الأنظمة بشكل صحيح والمتطلبات القانونية والسلامة في العمل.

وقال الباحث في مجال الطاقة في معهد عصام فارس في الجامعة الأميركية في بيروت مارك أيوبإن هناك حاجة إلى المزيد من العمل لتطوير سوق طاقة متجددة متكاملة على الصعيد الوطني.

وأكد أنه ينبغي تشديد نظام اعتماد الطاقة الشمسية المدعوم من الدولة لتقديم ضمانات حول كمية الطاقة التي ستنتجها الألواح ومدة صلاحيتها، كما يجب توسيعه ليشمل المعروضات التجارية واسعة النطاق.

وقال إن “هذا ضروري لجذب الممولين الخواص والأجانب للمشاريع التي يمكن تمويلها. وسيؤدي هذا في النهاية إلى المزيد من الوظائف الخضراء في قطاع الطاقة المتجددة، مما سيساعد الاقتصاد على النمو”.

وأضاف أن هناك حاجة إلى المزيد من العمل لإعلام المجتمعات بإمكانيات أنظمة الطاقة الشمسية ونقائصها.

وقال كنعان إنه تخلى عن حلمه في التحول إلى الطاقة الخضراء.

وأضاف “كانت الألواح الشمسية التي اشتريتها غير قابلة للإصلاح. أهدرت المال والوقت وإمكانات الطاقة الشمسية”. ولم يعد الآن قادرا حتى على شراء الطاقة من مولد.

وتابع “أنا أعمل على نشر ما حدث لي لتحذير الآخرين بشأن عملية الاحتيال حتى يحتاطوا إذا قرروا الشراء”.

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.