سيدات ينتقلن من سلك المعلمات إلى صناعة الخبز والمناقيش لتخطي الضائقة الاقتصادية في لبنان

سيدات ينتقلن من سلك المعلمات إلى صناعة الخبز والمناقيش لتخطي الضائقة الاقتصادية في لبنان

الأناضول: أجبرت الأزمة الاقتصادية، التي تضرب لبنان منذ أكثر من 3 سنوات، ناريمان الناشف وماري متى على تغيير حياتيهما والعمل في فرن للمناقيش في إحدى بلدات قضاء صيدا جنوبي البلاد لتحسين ظروفهما المعيشية.
وألقى تراجع العملة اللبنانية أمام الدولار الأمريكي وتدني قيمة الرواتب بظلاله على كافة شرائح المجتمع اللبناني ما أجبر بعض المواطنين على تغيير مهنهم سعيا لتحسين وضعهم المعيشي.
ناريمان (28 عاما) ابنة بلدة مغدوشا في قضاء صيدا كانت معلمة لغة عربية في إحدى المدارس الخاصة بالمنطقة وهي من الذين أجبرتهم الأزمة الاقتصادية وتدني قيمة رواتبهم على تغيير مهنتها إلى عاملة في فرن للمناقيش يملكه ابن عمها.
ناريمان أوضحت سبب انتقالها من التعليم إلى العمل في خبز المناقيش والبيتزا قائلة: “المدرسة التي كنت أعمل فيها توقفت منذ سنة عن دفع راتبي الشهري الذي لم يعد له قيمة بعد ارتفاع الأسعار في كل شيء”.
وأضافت: “نحن في هذه الظروف بحاجة إلى أن يكون لنا كل أسبوع راتب بدل كل شهر بسبب ارتفاع الأسعار والدولار وأنا أعمل في هذا الفرن منذ 6 أشهر”.
ولفتت ناريمان، إلى أنها «قامت بالبحث عن عمل جديد كثيرا ولكن دون جدوى بعد ذلك قررت التأقلم مع الواقع والعمل بالفرن من أجل العيش بكرامة”.
وأشارت إلى أنها “بدأت تتعلم صنع العجين خطوة خطوة حتى استكملت كافة الأعمال في الفرن الآن”.
وأوضحت ناريمان، أنها منذ أكثر من خمس سنوات وهي تعمل في تدريس اللغة العربية في العديد من المدارس الخاصة بمنطقتها، مضيفة: “كل ما قمت به لم يوصلني إلى نتيجة في نهاية المطاف”.
ولفتت إلى أن “المردود المادي من خلال عملي في الفرن أفضل بكثير من راتبي عندما كنت معلمة وخاصة في الكثير من الأحيان لا يدفع الراتب بانتظام وتتدنى قيمته مع الارتفاع المستمر للدولار ولم يعد يكفي في هذه الظروف الصعبة”.
وقالت ناريمان: “أعيش مع أهلي في المنزل وأنا وأخي نصرف على البيت، ورواتبنا لا تكفي فكنت دائما بحاجة إلى عمل إضافي أما الآن من خلال عملي في الفرن أصبحت الأمور أفضل”.
وأشارت إلى أنها “لا تريد جميع ثروة من المال وإنما تريد ألا تكون بحاجة لأحد”، لافتة إلى أنها “لا تخجل من العمل بالفرن لأنها بالنهاية مهنة”.
وناريمان، ليست الوحيدة التي تعمل في الفرن، إذ تشاطرها طالبة الأدب الإنكليزي في الجامعة اللبنانية الحكومية ماري متى (20 عاما) التي تقول للأناضول: «أعمل بانتظار أن تعود الجامعة اللبنانية (حكومية) إلى التدريس مجددا»، مشيرة إلى أنه “منذ العام الماضي وهناك إضراب للأساتذة فيها». وقالت: «جراء الأزمة الاقتصادية والسياسية في البلاد نتأخر في التخرج من جامعتنا بسبب التعطيل الدائم”.
وأضافت ماري التي بدأت العمل في الفرن منذ شهرين، إن “هناك الكثير من الزبائن تستغرب من عمل فتاتين في فرن قرب النار والتي تعتبر بالأصل حكرا على الرجال”.
ويطالب المعلمون بزيادة رواتبهم على إثر الغلاء المعيشي الذي تعاني منه البلاد عقب تدهور قيمة العملة الوطنية مقابل الدولار بنسبة نحو 90 في المئة منذ أواخر 2019‎.
وأعلن وزير التربية عباس الحلبي في 26 أغسطس/ آب الماضي تأجيل بدء التدريس للعام الدراسي 2021-2022 في المدارس من 27 سبتمبر/ أيلول الماضي إلى 11 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وذلك «إفساحا في المجال لمتابعة الحوار البناء مع ممثلي المعلمين المضربين» وفق بيان له.
وأعرب صاحب الفرن دونالد الناشف عن “سعادته لأن ابنة عمه ناريمان وافقت على العمل معه ومساعدته هي والطالبة الجامعية ماري لأنهما تتقنان العمل والزبائن يحبونهما”.
وقال إن «الزبائن رحبوا بعمل الفتاتين في الفرن والذي يعتبر كانطلاقة لهما في الحياة وتجربة أولى في سوق العمل”.
وحسب مصدر في وزارة التربية، فإن متوسط رواتب المعلمين مليون و800 ألف ليرة لبنانية بما يعادل 1200 دولار قبل الأزمة في العام 2019، أما الآن من دون الزيادات التي أقرتها الحكومة فإنها لا تتجاوز 40 إلى 50 دولارا شهريا.
ومنذ العام 2019، يعاني لبنان من أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه أدت إلى انهيار قياسي في قيمة العملة المحلية الليرة مقابل الدولار، وشح في الأدوية والوقود وسلع أساسية أخرى، بجانب هبوط حاد في القدرة الشرائية لمواطنيه.

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.