من وفاء الكلاب الى الانتخابات في لبنان…
أعيد نشر هذه المقالة بناء على طلب بعض الأصدقاء
سيدر نيوز – ميشال الزبيدي
اقتناء كلب هو دائماً لهدف معيّن، ففي القرى النائية حيث البيوت المنعزلة، لا بدّ من كلب يحمي أهل البيت ويجعلهم يرقدون في نوم عميق فيلعب الكلب دور الحارس، كذلك رعاة الأغنام لا بدّ لهم من كلب يبعد الذئاب وأبناء آوى، وكلبٌ هو حاجة لصيّاد محترف لجلب الطريدة من الأرض الوعرة، رجال البوليس يستعملون أنوف الكلاب لاكتشاف الأسلحة والمخدّرات، في بعض مدن وقرى الشمال الأوروبي يستعملون الكلاب لجرّ عربات الثلج ، والكثير من العَجائز الذين ربّوا أبناءهم تربية فاسدة، فتركوهم لوحدتهم، يربّون الكلاب لمشاهدة بعض الحركة وشيئ من الحياة في بيوتهم الخالية، وبعض النساء يربيّن الكلاب لأنّها وفيّة، فهي تعوّضهن عن خيانة رجالهن، كلٌ له سببه لتربية كلب، أمّا أنا وقد قررت شراء كلب مطلع الاسبوع ليس للحراسة، ولا للمرافقة، أو لشم رائحة الأعداء انما لأنني اكتشفت بعد خبرة، أن الطريقة الوحيدة لبناء علاقات اجتماعيّة هي تربية كلب…! والسير معه جنباً الى جنب…! ونصيحتي لكل مهاجر شرعي وغير شرعي أن يقتني كلباً اذا أراد بناء صداقات وعلاقات متينة مع الجيران وغير الجيران. لي قصصٌ كثيرةٌ مع الكلاب، كنت مرة، بعد أن هجّرني حافظ الأسد من بلدي، أفتّش عن بيت أستأجره في منطقة “Park Slope” الغنيّة بالكلاب، وقد اتفقت مع صاحبة المنزل على عقد ايجار لوحدة سكنيّة في المبنى الذي تسكنه وحيدة بعد رحيل زوجها وشريك عمرها الى ولاية أخرى بسبب ازعاج كلبها له وهي كانت قد فضّلت هذا الحيوان عليه، واذ بي في اليوم التالي أتلقّى اتصالاً هاتفياً منها تناشدني فيه عدم القدوم الى المبنى مرة أخرى، لأنّ كلبها تغيّر مزاجه بعد زيارتي، فتفهّمتها، لكن المسكينة لم تعلم بتلك اللطمة التى تلقاها ذلك الكلب من رجلي من خلف ظهرها، عندما كان يلحسني بلسانه الذي لا يهدئ. ومرة تعرفت الى سيّدة في حديقة “Prospect Park”” كان تجرجر خلفها ثلاثة كلاب واحد يشبه قطّة وواحد يشبه الدببة والآخر أعجز عن وصف بشاعة وجهه فهو قريب من وحيد القرن وكانت نظرته اليّ كنظرة رستم غزالة الى الأرزة على علم لبنان، المهم في الخبر أن تلك السيّدة أتصلت بي يوماً لدعوتي الى عيد مولد واحد من افراد عائلتها، وكم كانت صدمتي كبيرة عندما علمت أن هذا الشخص هو الكلب الذي لم أرقى له، وأضافت بأن الحفلة خاصة، لم تدع اليها أحد سوى أصحاب كلابها وأنا، وطبعاً ” أصحاب كلابها هم كلاب”، فشكرتها على هذا التكريم، جاء يوم السبت “وراحت السَكرة واجت الفَكرة”، المشكلة هي نوع الهديّة، ماذا علي أن أهدي هذا الكلب في عيد ميلاده؟
وبعد الاستنجاد بالأصحاب قررت شراء قطعة عظم من محل يبيع الدمى والحلى وكل ما لذّ وطاب للكلاب، ذهبت وكانت أصعب ليلة تمرّ عليّ ، ليلةٌ أنتقلت فيها من عصر خيانة البشر الى عصر وفاء الكلاب. منذ نعومة أظافري وأنا معجب بهذا الوفاء ، أعرف أحدهم توفي سنة 1975 فلحقه كلبه الى باب قبره حيث مكث ثلاثة أيام، مات الكلب بعدها حزناً على صاحبه، ولكن يرجى الانتباه واليكم القصّة، كان عمري 10 سنوات عندما طلبت من أبي كلباً، نمت تلك الليلة حالماً بكلبي الجديد الذي سيرافقني في رحلات الصيف ومشاوير الصّيد، كان قلبي يرقص فرحاً الا ان تلك الفرحة لم تكتمل اذ ان ذلك الكلب الكبير عضّني في فخذي عضة لا تزال آثارها حتى اليوم، فأعاده أبي من حيث أتى به، لم أحقد على الكلاب، خصوصاً عندما أدركت أن الكلب لا يعَّض صاحبه وأنا لست صاحبه الذي أطعمه وسقاه صغيراً، على سيرة الكلاب تذكّرت بعض رجال السياسة وبعض أشباه الرجال المرتدّين والمبتعدين عن أصحابهم، وكم يجب الاحتراس منهم، فهم لن يخونوا أصحابهم وأولياء نعمتهم. نحن على أبواب انتخابات، والله يستر من المفاجآت، فالكلب لا ولن يعضّ أخيه، ومهما كان الواحد منهم وفيّا فهو لن يكون أوفى من كلب ابن كلب.
Comments are closed.