قانون الدولار الطالبي وصرخة الطلاب الجدد الملتحقين بالجامعات الأجنبية

دوما في 8/10/2020

أقرّ مجلس النواب في جلسته المنعقدة بتاريخ 30 ايلول 2020 قانون الدولار الطالبي، الذي ينص على الزام المصارف تحويل مبلغ لا يتجاوز 10000 دولار لكل طالب لبناني يتابع دراسته في الخارج عن العام 2020 – 2021 ، ويصبح القانون نافذاً بعد توقيع رئيس الجمهورية عليه، وصدور تعميم عن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بطلب تحويل الأموال عبر المصارف وليس عبر الصرافين. هذا ونشير الى أن سلامة تعهّد بالتنفيذ أمام نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، موفداً من الرئيس نبيه بري للتأكد من الملاءة المالية.

والجدير ذكره ان هذا المشروع مقدم من النواب إيهاب حمادة علي فياض وحسن فضل الله (كتلة “الوفاء للمقاومة”) والذي حُمل من قبل اللجنة النيابية المصغرة برئاسة النائبة بهية الحريري وتم وضعه في أولويات القضايا على رأس جدول أعمال لجنة التربية في المجلس النيابي.

وقد كان لدولة الرئيس نبيه بري ولرؤساء اللجان النيابية جميعا واللجنة المصغرة المنبثقة عن اللجان النيابية ورئيستها النائبة بهية الحريري والسادة النواب أعضاء هذه اللجنة وللكتل النيابية جميعا ورؤسائها دورا اساسيا في إنجاز هذا القانون، كما ولن ننس دور كل من كتلة “الوفاء للمقاومة” وكتلة “المستقبل” وكتلة “التنمية والتحرير” ونواب تكتل” لبنان القوي” ونواب “اللقاء الديموقراطي” وكتلة “الجمهورية القوية” وباقي النواب الذين تبنوا هذه القضية، أضف الى ذلك مساندة وسائل الاعلام الالكترونية والمرئية والمسموعة التي أوصلت الصوت وحملت هذه القضية بأمانة لتصبح قضية رأي عام، هذا فضلا عن المطالبات والتحركات والاعتصامات منذ أكثر من ثمانية أشهر، التي قامت بها الجمعية اللبنانية لأولياء الطلاب في الجامعات الاجنبية.

بإختصار شديد، ووفق ما تبين، شاركت الدولة اللبنانية مجتمعة وبكل مكوناتها في هذا الإنجاز التاريخي الذي أعاد الى المواطن اللبناني حقه المكتسب في استعمال جزء من أمواله المحجوزة في البنوك لتعليم أولاده في الخارج، بغض النظر عن إمكانية تطبيق هذا القانون في ظل تآكل الإحتياطي المتبقي في المصرف المركزي.

وفي نظرة تحليلية لمندرجات هذا القانون وخاصة فيما يتعلق بالمستفيدين منه من الطلاب، لوجدنا التالي:

يجبر القانون المصارف على السماح لعملائها بتحويل مبلغ 10 الاف دولار الى أبنائهم الطلاب في الخارج على سعر الصرف الرسمي 1515. يستفيد منه كل الطلاب الذين التحقوا بالجامعات الأجنبية في السنوات الماضية.

فور انتهاء الجلسة التشريعية بدأت وسائل الإعلام بالتداول بهذا القرار، بحيث قامت كل وسيلة اعلامية بنقل الخبر بطريقة مغايرة عن الأخرى، فنقلت بعضها أن هذا القرار يطال كل الطلاب الذين في الخارج، ونقلت أُخرى بانه لا يطال إلا الطلاب الجدد الذين التحقوا بجامعاتهم الأجنبية في العام الجامعي الحالي 2020 – 2021، وساد جو من الإرباك الإعلامي ما اضطر عضو كتلة التنمية والتحرير النائب الدكتور قاسم هاشم الى التوضيح عبر حسابه على تويتر وكتب ما حرفيته : تداولت بعض المواقع الإخبارية ان قانون الدولار الطالبي يسري على الطلاب الذين غادروا لبنان سنة 2020- 2021. تصحيحاً نوضح انه أُقر لمن هم قبل هذه السنة ، ولن تشمل 2020 -2021، بل قبل هذه السنة فقط كي لا يلتبس اللأمر على الطلاب وعائلاتهم.

مما لا شك فيه ان مرد هذا الإرباك الإعلامي في نقل محتوى هذا القانون كان ناتجا عن خطئ لا يقبله العقل والمنطق ويدفع القارئ الى سلسلة تساؤلات برسم كل من عمل على انجاز هذا القانون (وما أكثرهم) نورد ابرزها :

أولا : لماذا تم استثناء الملتحقين الجدد بالجامعات الأجنبية ؟ وتحت أي مسوغ قانوني وأخلاقي ؟ اليسوا لبنانيين يحملون الجنسية اللبنانية ؟

ثانيا : ألا يعاني اهل هؤلاء الطلاب اسوة بأهل زملائهم الذين شملهم هذا القانون من فشل هذه السلطة ومن الأعباء الإجتماعية والإقتصادية والمادية والنفسية في هذا الوطن الجريح ؟ ولماذا تتم معاقبتهم بهذه الطريقة ؟ ولماذا تقسّمونهم “ناس بسمنة وناس بزيت” ؟

ثالثا : في هذه النقطة بالذات اوضح أنني شخصيا اتمنى ان يشمل هذا القانون كل الملتحقين بالجامعات الخارجية دون استثناء لأن هذا حق مكتسب ومقدس لكل مواطن، خاصة وأن إقراره يعتبر تهربا فاضحا للدولة من واجباتها ومخالفة قانونية صريحة. ولكن طالما ان الحجة بالحجة تقرع، اود ان أطرح على مهندسي هذا القرار الذي وضُع لسنة واحدة واستثنى الطلاب الجدد ما يلي: برأيكم، من يستحق أن يُشمل به أكثر؟ الطالب الجديد الذي يمر في الخارج بمرحلة التأقلم والتعرف على مجتمع جديد وذهنية جديدة تاركا أهله يتخبطون في بلد مدمر، أم الطالب الذي تأقلم اصلا على ظروف حياته في الخارج. الا تعلمون يا اصحاب الدولة والمعالي والسعادة أن معظم طلاب الدراسات العليا وخاصة طلاب الدكتوراه والطلاب القدامى، وفي سياق متابعتهم الدراسية يحصلون على رواتب من مراكز الأبحاث تسمح لهم بالعيش بكرامة في بلد الإغتراب ؟

رابعاً : بغض النظر عن كل الحجج والحجج المضادة التي رافقت مناقشات هذا القانون حتى اقراره، هل أجريتم دراسة حول أعداد الملتحقين الجدد؟ الا تعلمون أن أعدادهم أقل بكثير من أعداد الطلاب القدامى الذين شملهم القانون ؟ وهل على الطلاب الجدد يتوقف نجاح أو فشل الخطة الإقتصادية إن لم نقل مستقبل لبنان الإقتصادي؟ وهل اصبح شملهم بهذا القانون مصدر الهدر الذي يهدد مستقبل البلد؟

خامسا : ألا تعلمون أن تقديم طلبات الإلتحاق بالجامعات الأجنبية وخاصة الأوروبية بدأت في شهري كانون الثاني وشباط من هذا العام الحالي؟ أي عندما كان الوضع المالي للبلد مقبولا ولم تكن جائحة كورونا قد وصلت بعد الى لبنان؟ ولم يكن أحد يدري بأن الأوضاع ستتدهور الى هذا الحد المخيف؟ وهل تحاسبون الطلاب الجدد لأنهم استكملوا ملفاتهم بالرغم من الأوضاع الإقتصادية الصعبة؟ أم كنتم تريدونهم ان يبقوا في هذا البلد المخلّع؟

أمام هذه الوقائع والتساؤلات، لا يستطيع المرء ان يجد تفسيرا منطقيا لهذا القانون المجحف، فعلى هؤلاء الطلبة كما على زملائهم القدامى نعوّل جميعا لبناء وطن جديد بذهنية جديدة، فلا تبدأوا معهم “بدعسة ناقصة” تبدد آمالهم ببناء وطن جديد يريدونه على قياسهم.

انطلاقا مما ذكر أعلاه، أدعو القيّمين على هذا القانون إعادة النظر به وإضافة الطلاب الملتحقين الجدد بمندرجاته ليشملهم جميعا لأنهم “مستحقون” أيضا، و/او ايجاد طريقة قانونية تسمح بإنصافهم، تاركا لأهل القانون القيام بذلك قبل فوات الأوان، خاصة وان أموالهم وأموال ذويهم هي ملك لهم ويملكون حرية التصرف بها وتحويلها حيثما يشاؤون وعندما يشاؤون دون منة من أحد، وهي مغتصبة ومحجوزة في البنوك اللبنانية.

د. أسد فايز عيسى (طبيب أطفال)

رئيس بلدية دوما

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.