ريما نصرالله “قسيسة” فى لبنان: الكتاب المقدس لا يعارض رسامة المرأة

ريما نصرالله

دعت الدكتورة ريما نصرالله، آخر امرأة سيمت «عُينت» قسًا فى الكنيسة الإنجيلية الوطنية بلبنان، جميع الكنائس إلى فتح المجال أمام المرأة، حتى تضع مواهبها فى خدمة الكنيسة، رافضة «انغلاق» المجتمعات الشرقية على تفاسير حرفية وجزئية للكتاب المقدس.
وكشفت خلال حوارها مع «الدستور» عن أن الرسامة لم تكن هدفها حين التحقت بكلية اللاهوت للشرق الأدنى لدراسة العلوم اللاهوتية، أو حين التحقت بالخدمة الكنسية منذ أكثر من ١٦ عاما، مشيرة إلى أن تأخر رسامتها سمح لها بالخدمة فى أماكن مختلفة داخل الكنيسة، ما وسع من خبراتها وجعلها مقبولة على نطاق واسع من رعيتها.
■ رُسمت مؤخرا قسيسا فى الكنيسة الإنجيلية بلبنان.. فما أسباب اختيارك؟
– هذه الرسامة لم تكن مفاجئة لى أو لرعيتى أو لأبناء الكنيسة فى لبنان، فخدمتى بها بدأت منذ ١٦ عاما، منذ خدمت شابة فى «مدارس الأحد»، وتنقلت فى جميع مجالات الرعاية ودراسة اللاهوت، كما توليت تنسيق وإدارة دائرة التربية المسيحية، وكنت وما زلت أعظ بانتظام فى الكنيسة.
وعندما حصلت على الدكتوراه فى اللاهوت العملى و«الليتورجيا» بدأت التدريس كأستاذة فى كلية اللاهوت التى أصبحت حقل دراستى، وكانت كل المواد التى أدرسها تختص بالرعاية الكنسية وقيادة العبادة والوعظ.
لذا، فهذا العالم هو اختصاصى، ورسامتى قسيسًا بمثابة خطوة رسمية لتكريس مسار الخدمة المستمرة ووضعها فى إطارها الصحيح.
■ هل كانت هذه الرسامة أحد أهدافك أثناء دراستك العلمية؟
– لا، لم تكن الرسامة هدفى من الدراسة بكلية اللاهوت، بل تعميق مفاهيمى اللاهوتية وتأهيلى كى أخدم بشكل أفضل، خاصة أننى كنت قد تخرجت للتو فى كلية الهندسة بالجامعة الأمريكية. لكن أثناء الدراسة شاركت دراستى مع شباب آخرين كانوا يتجهون نحو الرسامة، وعقب تخرجنا وحصولنا على نفس الشهادة، رُسموا كلهم وأصبحوا رعاة كنائس، بينما لم تكن هناك خطة واضحة بشأنى، لأن رسامة المرأة لم تكن أمرًا مطروحًا بالكنيسة الإنجيلية اللبنانية.
■ كيف أثر ذلك على حياتك؟
– تأخر رسامتى قسًا لم يؤثر سلبيًا على خدمتى لأنها لم تتعثر، بل على العكس فتحت لى دراستى مجالات عدة للخدمة والوعظ والتعليم وقيادة العبادة، لكن بالطبع ظلت هناك أمور لا أستطيع القيام بها، رغم مؤهلاتى، مثل عقد الزواج والأسرار الكنسية، لذا فإن خطوة الرسامة مؤخرا تعنى أن كنيستى تأتمننى على هذه الخدمة المقدسة.
■ ما رد فعل الأسرة حيال سيامتك؟
– أسرتى مشجعة لخدمتى، لأنى أنحدر من عائلة مؤمنة وناشطة فى الكنيسة، وزوجى أيضًا قسيس، لكن كان هناك بعض التردد من العائلة رغم فخرهم وتشجيعهم، خوفًا علىّ من ثقل المسئولية، لأن الرسامة ستضيف مسئوليات جديدة إلىّ، بجانب مسئولياتى العلمية.
■ هل واجهت هذه الخطوة أى عقبات من السنودس الإنجيلى بلبنان؟
– لا أنتمى للسنودس الإنجيلى الوطنى فى لبنان، رغم وجود علاقات الشراكة والصداقة بيننا، بل رسمت فى الكنيسة الإنجيلية الوطنية فى بيروت، وهى كنيسة إنجيلية تتبع اللاهوت الإنجيلى المصلح، وهى عضو فى الاتحاد الإنجيلى بلبنان. وبشكل عام، فإن رسامة المرأة ليست شيئا سهلا فى كنائسنا، لكن الاعتراض بالأساس «اجتماعى» وليس «لاهوتيا».
■ ألا توجد نصوص تمنع رسامة المرأة فى اللاهوت الإنجيلى المصلح؟
– اللاهوت الإنجيلى المصلح يقوم على مبدأ الإصلاح المستمر، ويطلب منا أن ننظر باستمرار إلى عقائدنا وتقاليدنا ونفحصها على ضوء الفهم المتجدد للإنجيل، الذى خاطب المصلحين فى القرن الـ١٦ فتفاعلوا معه، ويخاطبنا نحن اليوم فى ظروفنا ومجتمعنا، ويجب أن نتفاعل معه أيضا.
وفى المعمودية لا يوجد ذكر وأنثى، بل كهنوت يتحد فيه الجميع بالمسيح، وكذلك فإن مواهب الروح والرسامة لا تتعلق بالنوع، بل بهبة الروح القدس التى تعطى لكل شخص.
■ ماذا عن بعض الأصوات اللاهوتية المعارضة لذلك؟
– الأصوات اللاهوتية المعارضة ليست كثيرة، والفضل فى ذلك يعود للتعليم والتوعية التى قام بها بعض القساوسة والقادة فى الماضى، وأعتقد أن كلية اللاهوت للشرق الأدنى قامت بدور جبار فى ذلك، وقدمت دراسات وأعدت خداما يتعاملون مع النصوص الكتابية واللاهوتية بطريقة ناضجة ومشجعة لرسامة المرأة، كما أن رابطة الكنائس الإنجيلية فى الشرق الأوسط مهدت الطريق لهذه الخطوة بعدما قبلت قرار رسامة المرأة منذ ٨ سنوات.
■ بعض الطوائف ترى أن رسامة المرأة مخالفة للعقيدة.. فكيف ترين ذلك؟
– تفسير الكتاب المقدس وآياته بطريقة حرفية أو مجتزأة جعل البعض يصل لهذه النتيجة، لكن القراءة الجيدة للكتاب وفهم خلفية النص ووضعه فى إطاره التاريخى يوضح عكس ذلك، فالكتاب المقدس يفتح المجال أمام الجميع لخدمة الله وشعبه، حسب المواهب التى أعطيت بالروح القدس لكل إنسان، بغض النظر عن جنسه أو عرقه أو نوعه.
■ فى رأيك.. هل يشكل وجود النساء قسيسات فارقا فى العمل الكنسى؟
– أعتقد أن وجود نساء ورجال فى هذه الرتبة أمر مهم للكنيسة، لأنه يحرص على تمثيل جسد المسيح كاملًا ويعطى دورًا ومسئولية للجميع، ويشكل اكتمالا فى القيادة، لذا فهناك كنائس تدعو لانخراط أكبر للمرأة فى العمل الكنسى.
■ هل يعنى ذلك أن رسامتك ستلعب دورًا فى تصحيح النظرة السلبية للمرأة فى المجتمعات العربية؟
– الأمر ليس سهلا، رغم أن بعض المجتمعات الصغيرة داخل مجتمعنا الشرقى الكبير تخطت فكرة التفرقة بين الرجل والمرأة، إلا أن البعض الآخر لا يزال يصارع ذلك ولا يقبل التغيير.
فمثلا نجحت المرأة فى الأوساط المثقفة والمدنية فى لعب أدوار كبيرة فى مجال العمل، وكذلك فى السياسة والقيادة والأكاديمية، وهذه الأوساط منفتحة على تقبل الأدوار الدينية للمرأة، وأعتقد أنهم سيساعدون الآخرين على تغيير نظرتهم وتقبل هذه الخطوة.
وعندما نبدأ من مكانٍ ما، ويطمئن الناس إلى أن رسامة المرأة بركة للكنيسة ويختبرونها فى هذا المركز، فإن هذا سيشجعهم على اتخاذ مزيد من الخطوات فى هذا الاتجاه.
وفى الوقت نفسه لا أظن الأمر سهلا، لأن كل امرأة فى الشرق وفى أماكن أخرى حول العالم تجد نفسها مرغمة على إثبات جدارتها بقوة كى تلقى القبول من الذكور فى المجتمع، بسبب النظرة الدونية لها فى المجتمع.
■ ما أكبر العوائق التى تحول دون تغيير وجهات النظر السلبية نحو المرأة خاصة فى مجال الخدمة الكنسية؟
– نحن فى كنائس الشرق اعتدنا أن ننظر لأنفسنا كحرّاس على التقاليد الكنسية، لذا نحاول الحفاظ على ما ورثناه من الأجداد بدلا من أن نتفاعل مع الرسالة الإنجيلية التى تخاطبنا فى كل مجالات الحياة وعلى كل الأصعدة.
وبدلا من أن نسمح للإنجيل أن يغيرنا، جمّدناه بتفاسير تكون فى بعض الأوقات أبسط وأقل عمقًا من قوّته، لأن الفهم الصحيح للإنجيل يهز الإنسان والمجتمع ويتحدانا فى كل جوانب حياتنا، وليس فقط نظرة المجتمع تجاه المرأة.
وهذا المجتمع الشرقى مبنى على هرمية غير مقبولة عند الله الذى خلق الإنسان ذكرا وأنثى على صورته ومثاله، وائتمن الإنسانية على الخليقة، وهذه الهرمية همّشت المرأة والمريض والمسن والمختلف وحتى الطبيعة وجعلت الكل عبدًا.
وكنائسنا لم تنتبه لهذا الخلل، بل تمسكت بمفاهيم غير مسيحية عن الطهارة والنجاسة رغم تعاليم المسيح العديدة وخدمته وحياته التى تتحدى كل هذه المفاهيم عامة.
■ ما رسالتك للمرأة التى تحلم بحمل رسالة الدعوة للخدمة فى جميع الكنائس المسيحية؟
-رسالتى للكنائس لا المرأة، وصلاتى كى تستطيع هذه الكنائس تمييز دعوة المرأة وفتح المجال أمامها كى تضع مواهبها فى خدمة الكنيسة، لأن رسامة المرأة قسًا ليست تلبية لطلب المرأة فقط، بل هى وصول الكنيسة لكمال الخدمة والدعوة، ولا يمكن لها أن تحقق ذلك إذا كانت تستبعد نصف المجتمع من الخدمة المقدسة.
وكم من امرأة كانت فى نظر المجتمع نجسة ومرفوضة ومستبعدة، لكنها بالنسبة للمسيح كانت مباركة لا مقبولة فقط، ومن المؤسف أن عددا كبيرا من كنائسنا يقرأ هذه المقاطع الكتابية دون فهم حقيقى لجرأة وجذرية الإنجيل.
وأقول لهم، دعوتنا أن نكون نبويين نشير من خلال إيماننا المسيحى الإنجيلى إلى علل وأخطاء المجتمع، بدلا من أن نتبنى الأخطاء ونبررها بتفاسير خاطئة، فلنكن نبويين ولنستمع للإنجيل ولندعه ليكون فاعلًا فى مجتمعاتنا التى هى بأمس الحاجة إلى كلامه.
وعلينا جميعًا إدراك أن كل شخص يستطيع أن يخدم الله، سواء كان رجلا أو امرأة، كهلًا أو ولدا أو شابا، متزوجا أو عازبا، فالله يفتح أبوابه لكل راغب فى خدمته أيا يكن ويعطيه المواهب التى شاء ليخدم بها.

، آخر امرأة سيمت «عُينت» قسًا فى الكنيسة الإنجيلية الوطنية بلبنان، جميع الكنائس إلى فتح المجال أمام المرأة، حتى تضع مواهبها فى خدمة الكنيسة، رافضة «انغلاق» المجتمعات الشرقية على تفاسير حرفية وجزئية للكتاب المقدس.
وكشفت خلال حوارها مع «الدستور» عن أن الرسامة لم تكن هدفها حين التحقت بكلية اللاهوت للشرق الأدنى لدراسة العلوم اللاهوتية، أو حين التحقت بالخدمة الكنسية منذ أكثر من ١٦ عاما، مشيرة إلى أن تأخر رسامتها سمح لها بالخدمة فى أماكن مختلفة داخل الكنيسة، ما وسع من خبراتها وجعلها مقبولة على نطاق واسع من رعيتها.
■ رُسمت مؤخرا قسيسا فى الكنيسة الإنجيلية بلبنان.. فما أسباب اختيارك؟
– هذه الرسامة لم تكن مفاجئة لى أو لرعيتى أو لأبناء الكنيسة فى لبنان، فخدمتى بها بدأت منذ ١٦ عاما، منذ خدمت شابة فى «مدارس الأحد»، وتنقلت فى جميع مجالات الرعاية ودراسة اللاهوت، كما توليت تنسيق وإدارة دائرة التربية المسيحية، وكنت وما زلت أعظ بانتظام فى الكنيسة.
وعندما حصلت على الدكتوراه فى اللاهوت العملى و«الليتورجيا» بدأت التدريس كأستاذة فى كلية اللاهوت التى أصبحت حقل دراستى، وكانت كل المواد التى أدرسها تختص بالرعاية الكنسية وقيادة العبادة والوعظ.
لذا، فهذا العالم هو اختصاصى، ورسامتى قسيسًا بمثابة خطوة رسمية لتكريس مسار الخدمة المستمرة ووضعها فى إطارها الصحيح.
■ هل كانت هذه الرسامة أحد أهدافك أثناء دراستك العلمية؟
– لا، لم تكن الرسامة هدفى من الدراسة بكلية اللاهوت، بل تعميق مفاهيمى اللاهوتية وتأهيلى كى أخدم بشكل أفضل، خاصة أننى كنت قد تخرجت للتو فى كلية الهندسة بالجامعة الأمريكية. لكن أثناء الدراسة شاركت دراستى مع شباب آخرين كانوا يتجهون نحو الرسامة، وعقب تخرجنا وحصولنا على نفس الشهادة، رُسموا كلهم وأصبحوا رعاة كنائس، بينما لم تكن هناك خطة واضحة بشأنى، لأن رسامة المرأة لم تكن أمرًا مطروحًا بالكنيسة الإنجيلية اللبنانية.
■ كيف أثر ذلك على حياتك؟
– تأخر رسامتى قسًا لم يؤثر سلبيًا على خدمتى لأنها لم تتعثر، بل على العكس فتحت لى دراستى مجالات عدة للخدمة والوعظ والتعليم وقيادة العبادة، لكن بالطبع ظلت هناك أمور لا أستطيع القيام بها، رغم مؤهلاتى، مثل عقد الزواج والأسرار الكنسية، لذا فإن خطوة الرسامة مؤخرا تعنى أن كنيستى تأتمننى على هذه الخدمة المقدسة.
■ ما رد فعل الأسرة حيال سيامتك؟
– أسرتى مشجعة لخدمتى، لأنى أنحدر من عائلة مؤمنة وناشطة فى الكنيسة، وزوجى أيضًا قسيس، لكن كان هناك بعض التردد من العائلة رغم فخرهم وتشجيعهم، خوفًا علىّ من ثقل المسئولية، لأن الرسامة ستضيف مسئوليات جديدة إلىّ، بجانب مسئولياتى العلمية.
■ هل واجهت هذه الخطوة أى عقبات من السنودس الإنجيلى بلبنان؟
– لا أنتمى للسنودس الإنجيلى الوطنى فى لبنان، رغم وجود علاقات الشراكة والصداقة بيننا، بل رسمت فى الكنيسة الإنجيلية الوطنية فى بيروت، وهى كنيسة إنجيلية تتبع اللاهوت الإنجيلى المصلح، وهى عضو فى الاتحاد الإنجيلى بلبنان. وبشكل عام، فإن رسامة المرأة ليست شيئا سهلا فى كنائسنا، لكن الاعتراض بالأساس «اجتماعى» وليس «لاهوتيا».
■ ألا توجد نصوص تمنع رسامة المرأة فى اللاهوت الإنجيلى المصلح؟
– اللاهوت الإنجيلى المصلح يقوم على مبدأ الإصلاح المستمر، ويطلب منا أن ننظر باستمرار إلى عقائدنا وتقاليدنا ونفحصها على ضوء الفهم المتجدد للإنجيل، الذى خاطب المصلحين فى القرن الـ١٦ فتفاعلوا معه، ويخاطبنا نحن اليوم فى ظروفنا ومجتمعنا، ويجب أن نتفاعل معه أيضا.
وفى المعمودية لا يوجد ذكر وأنثى، بل كهنوت يتحد فيه الجميع بالمسيح، وكذلك فإن مواهب الروح والرسامة لا تتعلق بالنوع، بل بهبة الروح القدس التى تعطى لكل شخص.
■ ماذا عن بعض الأصوات اللاهوتية المعارضة لذلك؟
– الأصوات اللاهوتية المعارضة ليست كثيرة، والفضل فى ذلك يعود للتعليم والتوعية التى قام بها بعض القساوسة والقادة فى الماضى، وأعتقد أن كلية اللاهوت للشرق الأدنى قامت بدور جبار فى ذلك، وقدمت دراسات وأعدت خداما يتعاملون مع النصوص الكتابية واللاهوتية بطريقة ناضجة ومشجعة لرسامة المرأة، كما أن رابطة الكنائس الإنجيلية فى الشرق الأوسط مهدت الطريق لهذه الخطوة بعدما قبلت قرار رسامة المرأة منذ ٨ سنوات.
■ بعض الطوائف ترى أن رسامة المرأة مخالفة للعقيدة.. فكيف ترين ذلك؟
– تفسير الكتاب المقدس وآياته بطريقة حرفية أو مجتزأة جعل البعض يصل لهذه النتيجة، لكن القراءة الجيدة للكتاب وفهم خلفية النص ووضعه فى إطاره التاريخى يوضح عكس ذلك، فالكتاب المقدس يفتح المجال أمام الجميع لخدمة الله وشعبه، حسب المواهب التى أعطيت بالروح القدس لكل إنسان، بغض النظر عن جنسه أو عرقه أو نوعه.
■ فى رأيك.. هل يشكل وجود النساء قسيسات فارقا فى العمل الكنسى؟
– أعتقد أن وجود نساء ورجال فى هذه الرتبة أمر مهم للكنيسة، لأنه يحرص على تمثيل جسد المسيح كاملًا ويعطى دورًا ومسئولية للجميع، ويشكل اكتمالا فى القيادة، لذا فهناك كنائس تدعو لانخراط أكبر للمرأة فى العمل الكنسى.
■ هل يعنى ذلك أن رسامتك ستلعب دورًا فى تصحيح النظرة السلبية للمرأة فى المجتمعات العربية؟
– الأمر ليس سهلا، رغم أن بعض المجتمعات الصغيرة داخل مجتمعنا الشرقى الكبير تخطت فكرة التفرقة بين الرجل والمرأة، إلا أن البعض الآخر لا يزال يصارع ذلك ولا يقبل التغيير.
فمثلا نجحت المرأة فى الأوساط المثقفة والمدنية فى لعب أدوار كبيرة فى مجال العمل، وكذلك فى السياسة والقيادة والأكاديمية، وهذه الأوساط منفتحة على تقبل الأدوار الدينية للمرأة، وأعتقد أنهم سيساعدون الآخرين على تغيير نظرتهم وتقبل هذه الخطوة.
وعندما نبدأ من مكانٍ ما، ويطمئن الناس إلى أن رسامة المرأة بركة للكنيسة ويختبرونها فى هذا المركز، فإن هذا سيشجعهم على اتخاذ مزيد من الخطوات فى هذا الاتجاه.
وفى الوقت نفسه لا أظن الأمر سهلا، لأن كل امرأة فى الشرق وفى أماكن أخرى حول العالم تجد نفسها مرغمة على إثبات جدارتها بقوة كى تلقى القبول من الذكور فى المجتمع، بسبب النظرة الدونية لها فى المجتمع.
■ ما أكبر العوائق التى تحول دون تغيير وجهات النظر السلبية نحو المرأة خاصة فى مجال الخدمة الكنسية؟
– نحن فى كنائس الشرق اعتدنا أن ننظر لأنفسنا كحرّاس على التقاليد الكنسية، لذا نحاول الحفاظ على ما ورثناه من الأجداد بدلا من أن نتفاعل مع الرسالة الإنجيلية التى تخاطبنا فى كل مجالات الحياة وعلى كل الأصعدة.
وبدلا من أن نسمح للإنجيل أن يغيرنا، جمّدناه بتفاسير تكون فى بعض الأوقات أبسط وأقل عمقًا من قوّته، لأن الفهم الصحيح للإنجيل يهز الإنسان والمجتمع ويتحدانا فى كل جوانب حياتنا، وليس فقط نظرة المجتمع تجاه المرأة.
وهذا المجتمع الشرقى مبنى على هرمية غير مقبولة عند الله الذى خلق الإنسان ذكرا وأنثى على صورته ومثاله، وائتمن الإنسانية على الخليقة، وهذه الهرمية همّشت المرأة والمريض والمسن والمختلف وحتى الطبيعة وجعلت الكل عبدًا.
وكنائسنا لم تنتبه لهذا الخلل، بل تمسكت بمفاهيم غير مسيحية عن الطهارة والنجاسة رغم تعاليم المسيح العديدة وخدمته وحياته التى تتحدى كل هذه المفاهيم عامة.
■ ما رسالتك للمرأة التى تحلم بحمل رسالة الدعوة للخدمة فى جميع الكنائس المسيحية؟
-رسالتى للكنائس لا المرأة، وصلاتى كى تستطيع هذه الكنائس تمييز دعوة المرأة وفتح المجال أمامها كى تضع مواهبها فى خدمة الكنيسة، لأن رسامة المرأة قسًا ليست تلبية لطلب المرأة فقط، بل هى وصول الكنيسة لكمال الخدمة والدعوة، ولا يمكن لها أن تحقق ذلك إذا كانت تستبعد نصف المجتمع من الخدمة المقدسة.
وكم من امرأة كانت فى نظر المجتمع نجسة ومرفوضة ومستبعدة، لكنها بالنسبة للمسيح كانت مباركة لا مقبولة فقط، ومن المؤسف أن عددا كبيرا من كنائسنا يقرأ هذه المقاطع الكتابية دون فهم حقيقى لجرأة وجذرية الإنجيل.
وأقول لهم، دعوتنا أن نكون نبويين نشير من خلال إيماننا المسيحى الإنجيلى إلى علل وأخطاء المجتمع، بدلا من أن نتبنى الأخطاء ونبررها بتفاسير خاطئة، فلنكن نبويين ولنستمع للإنجيل ولندعه ليكون فاعلًا فى مجتمعاتنا التى هى بأمس الحاجة إلى كلامه.
وعلينا جميعًا إدراك أن كل شخص يستطيع أن يخدم الله، سواء كان رجلا أو امرأة، كهلًا أو ولدا أو شابا، متزوجا أو عازبا، فالله يفتح أبوابه لكل راغب فى خدمته أيا يكن ويعطيه المواهب التى شاء ليخدم بها.

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.