عودة: أين مجلس النواب من كل ما يجري؟ أليس من واجبه القيام بما يلجم التجاوزات؟

ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة، قداس أحد الشعانين في كاتدرائية القديس جاورجيوس بحضور مؤمنين.

وبعد قراءة الإنجيل المقدس ألقى المطران عودة عظة قال فيها: “ندخل اليوم إلى أورشليم مع الرب يسوع، الذي يدخلها عالما بما سيؤول إليه الأمر، ومع ذلك لم يثنه خوف بشري، أو أية مشاعر أخرى. كان يمكنه ألا يتجسد، ويأتي إلى الآلام، كونه ابن الله، والبشر لا يستحقون الخلاص لأنهم لم يقدروا ما فعله الله من أجلهم. لكن رحمة الرب واسعة كالسماء (مز 36: 5)، ومحبته لا حدود لها، لذلك يدخل اليوم إلى أورشليم الأرضية لكي يخلصنا ويدخلنا معه إلى أورشليم السماوية”.

أضاف: “نصرخ اليوم هوشعنا، أي خلصنا، وما أحوجنا إلى الخلاص، خاصة في الفترة الصعبة التي يعيشها العالم أجمع عموما، وبلدنا الحبيب خصوصا. لقد انتظر اليهود خلاصا من مسيح يأتي بالسيف لينقذهم من الحكم الروماني، فجاء المسيح الرب، ابن داود، وديعا، راكبا على جحش، على حسب ما قال النبي زكريا: إبتهجي جدا يا ابنة صهيون، إهتفي يا بنت أورشليم. هوذا ملكك يأتي إليك، هو عادل ومنصور، وديع وراكب على حمار وعلى جحش ابن أتان، ويتكلم بالسلام للأمم، وسلطانه من البحر إلى البحر، ومن النهر إلى أقاصي الأرض (زك 9: 9-10). عادة الملوك كانت ألا يركبوا الأحصنة إلا في زمن الحرب، أما في زمن السلم فيركبون على حمار ويتجولون بين رعاياهم بجولات تفقدية. أراد المسيح أن يفهم اليهود أنه لا يبتغي الحرب، وأن الخلاص لا يأتي عن طريق السلاح والقتال الدموي، بل إن السلام يعم عن طريق المحبة والتضحية التي يجب أن يقدمها متقدمو الشعب والمسؤولون عنه”.

وتابع عودة: “دخول المسيح سلاميا إلى أورشليم التي سيمات فيها، يجعلنا نفهم أن التهديد بالموت يجب ألا يثني المسؤول عن القيام بما تمليه عليه مسؤوليته. فماذا كان سيحدث لو أن المسيح تراجع عن خلاص شعبه بحجة أنه سيكابد الموت من أجل أناس جاحدين وبسببهم؟ أيضا، يعلمنا هذا الدخول أن التواضع والتنازل اللذين يظهرهما المسؤول يؤديان إلى خلاص البشر، حتى ولو كان سيتألم ويموت. ومن أعظم من ملك الملوك ورب الأرباب الذي بذل نفسه من أجل العالم الذي أنكره؟ حبذا لو يتمثل به القادة، والمسيحيين منهم بشكل خاص، لكان العالم، وبلدنا بألف خير، وفي سلام ووئام”.

وأردف: “اليوم تبدأ الرحلة نحو القيامة، فينقلب ليلنا نهارا، ونهارنا ليلا، خلال الأسبوع العظيم المقدس، وهذا يعكسه ترتيب الصلوات الليتورجية، إذ تصبح صلاة السحر مسائية، وصلاة الغروب صباحية، فنخرج من الزمن الأرضي لنحيا زمنا خلاصيا تتكثف فيه الصلوات ويصبح الصوم أشد. فلنصل من أجل قيامة العالم أجمع من موت الخطايا، ومن أجل خلاصنا من الأزمة الصحية والسياسية والإقتصادية والإجتماعية، عل الحياة تعود إلى طبيعتها مجددا. ومتى عادت، علينا ألا ننسى أن من نصرخ إليه “هوشعنا” هو الذي أعادها، وأن علينا أن نحياها شاكرين إياه دوما على نعمه العظيمة”.

وقال: “دخول المسيح إلى أورشليم على جحش، كان دخول ملك منتصر، لأن الرب سبق فانتصر على الموت بإقامته لعازر الرباعي الأيام من القبر وقد بدأ ينتن. بقيامة لعازر بدأت الحرب العلنية بين الرب وسلطات الجحيم، التي سينحدر إليها، كما سنسمع في صلوات سبت النور، وسيكسر شوكة الموت إلى الأبد بانتشاله جميع المائتين من القبور. يصور القديس إبيفانيوس القبرصي هذا الأمر بقوله: “من الآن فصاعدا لن تكونوا رؤساء متسلطين على أحد، مع أنكم حتى الآن سدتم باطلا على الراقدين. لن تسودوا بعد عليهم ولا على غيرهم، ولا حتى على أنفسكم. إرفعوا الأبواب لأن المسيح أتى وهو الباب السماوي. إفتحوا الطريق أمامه فقد داس بقدمه معقل الجحيم. إسمه رب، والرب له الحق والقدرة أن يخترق أبواب الموت، لأن مدخل الموت قد صنعتموه أنتم وهو آت لكي يعبره. إذا، لا نخافن الموت من بعد، لأن قوته اضمحلت أمام قدرة السيد، رب السماء والأرض. فلنستقبل المسيح، الملك المنتصر، المخلص نفوسنا وأجسادنا، ولنكن أمينين له وحده، لأن الخلاص لا يأتي إلا به، لا عبر سلاح أو ميليشيات، ولا عبر قادة أحزاب ذوي مصالح وطموحات، ولا عبر خطابات رنانة، فارغة المضمون، هدفها حشد المناصرين وتجييشهم من أجل المصلحة الخاصة”.

وختم عودة: “معيب ومخز ما نعيشه في لبنان، وما يكابده المواطنون الذين لا ذنب لهم سوى أنهم وثقوا بزعماء وتبعوهم، لكن هؤلاء خانوا ثقة الشعب، وعملوا لمصالحهم، ولو على حساب المصلحة العامة. فبعد تدمير سمعة لبنان المالية والسياسية والإجتماعية، ها نحن نشهد تدمير المؤسسات والقضاء عليها، وآخرها السلطة القضائية التي هي حصن لبنان الأخير مع الجيش. هل يجوز أن يتمرد قاض على القانون وهو مؤتمن على تطبيقه؟ هل يجوز أن يقتحم قاض أملاكا خاصة دون مسوغ قانوني؟ وهل يجوز الإعتداء على الإعلاميين الذين يؤدون واجبهم؟ مهما كانت القضية التي يحملها هذا القاضي محقة، ومهما كان من يشن عليهم حربه مخطئين ومتجاوزين للقوانين، هل يجوز أن يخرج القاضي على القانون؟ وإذا كان المؤتمنون على إحقاق العدل غير عادلين، فأي عدل نبتغي، وأي حكم وأي ملك، بما أن العدل أساس الملك؟”، سائلا “أين مجلس النواب من كل ما يجري؟ أليس من واجبه القيام بما يلجم هذه التجاوزات؟”.

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.