رئاسة الجمهورية في مرمى الاحتجاجات.. وعودة الحريري حرَّكت الملف الحكومي

عناصر من الجيش يشرفون على فتح طرقات وعودة حركة السيارات على طريق جل الديب – جونيه(محمود الطويل)

الطرق في لبنان، بين مقفلة ومفتوحة، مع التفاوت في التشدد بين منطقة وأخرى، فمن بيروت الى الجنوب، يجري القطع ظرفيا في الناعمة او الجية تجنبا لاستفزاز حزب الله، ومن بيروت الى الشمال وجد الجيش نفسه ملزما بمعالجة الأمر، بعد سلسلة حوادث تصادم مع سيارات المصرين على العبور ترتب عليها وقوع ضحايا، ويخشى ان تجر الى صدامات مباشرة بين أحزاب هذه المنطقة، خصوصا القوات اللبنانية والتيار الحر، الذي دأب على تسفيه عملية «قطع الطرق من جانب مجموعات حزبية تنفذ أوامر زعمائها».

ويغمز التيار من مواقف قيادة الجيش التي رفضت قمع المواطنين، الذين ينظرون الى الجيش، كآخر المؤسسات التي تذكر بأن لبنان دولة، وخلفية هذه الحملة على الجيش، كما على القوات اللبنانية، شعور رئيس التيار الحر النائب جبران باسيل، بأن إبعاد حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، عن مضمار السباق إلى رئاسة الجمهورية العتيدة، وضعه أمام منافسين آخرين قويين هما: قائد الجيش العماد جوزف عون، ورئيس القوات اللبنانية د.سمير جعجع.

لكن جدلية الصراع السياسي والمالي والاقتصادي، تدور كلها حول رئاسة الجمهورية، وانتخابها المبكر، بعد وضوح عجز الرئيس ميشال عون وصهره جبران باسيل، عن الإمساك بزمام الأمور الوطنية، بمختلف وجوهها السياسية والمالية والأمنية. وما تحريك الدولار الأميركي إلا جزء من اللعبة، فهو لا يتوقف عن القفز، حيث يأخذ المتلاعبون به في السوق السوداء راحتهم في التلاعب بأعصاب اللبنانيين.

ويلفت المتابعون هنا، الى ان المنظومة الحاكمة، سكتت دهرا عن صعود الدولار وهبوط الليرة، لتنطق كفرا، عبر محاولة توريط الجيش في المواجهة مع المحتجين. وطبعا، هذا النطق المتأخر، ليس ناجما عن الإحساس بآلام الناس، إنما تعبير عن القلق من انقلاب ما، استشعره الفريق الرئاسي، بمقياس باسيل، وأكده بيان تكتل لبنان القوي الأخير امس الأول، وفيه أعلن التيار «الرفض القاطع لتحكم مجموعة من المشاغبين بحرية تنقل اللبنانيين مع التنبيه من أي عمل تخريبي تعويضا عن الفشل في محاولة الانقلاب الجارية» وفي وضوح أكثر اعتبر البيان «ان أي تفكير، من جانب اي كان، بإسقاط رئيس الجمهورية، هو وهم ننصح بالإقلاع عنه»، معلنا ان سلوك الرئيس المكلف سعد الحريري وأداءه السياسي غير مقبول».

والسؤال هنا، أين أصبح تشكيل الحكومة، وسط كل هذه المعمعة؟ والجواب يجب ان يأتي اليوم او غدا، او حتى الـ 20 من مارس الجاري، في أبعد تقدير، التزاما ومراعاة لاستحقاقات تبدو حاسمة، وأهمها ان الاحتجاجات في الشوارع لن تتوقف قبل ولادة «حكومة مهمة» ونفاذ الاحتياطي الإلزامي لمصرف لبنان من الدولار، بحيث يكون لبنان أمام العتمة الدامسة، فضلا عن بلوغ الدولار مستويات غير متوقعة.

الرئيس المكلف سعد الحريري، عاد من أبوظبي امس الأول، بعد لقائه وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف، الذي وصفه البيان الصادر عنه برئيس وزراء لبنان وليس الرئيس المكلف، مضيفا بذلك دعم موسكو لحكومة قادرة من التكنوقراط، او بما يصفه الفرنسيون حكومة مهمة. ليجد بانتظاره التحرك المستجد للمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، على قاعدة حكومة اختصاصيين من 18 وزيرا غير السياسيين، لا تتمثل فيها الأحزاب، وهذا ما يرضي الحريري، ويكون فيها 5 وزراء للفريق الرئاسي ووزير للأرمن دون الثلث المعطل، لكن بقيت العقدة في وزارتين: الداخلية والعدل وبتسمية الوزراء.

أوساط التيار الحر تشير الى ان وزارة الداخلية من حصة بعبدا، مبدية بعض المرونة، في طرح منح الثقة من عدمها، ما يعني ان وزارة العدل ستكون من حصة الرئيس المكلف، على ان يتم الاتفاق على اسم الوزير ايضا.

إصرار الفريق الرئاسي على «الداخلية» مع المشاركة باختيار وزير العدل، ينطوي بنظر المصادر المتابعة على أبعاد تتجاوز الانتخابات النيابية المبكرة او العادية، الى ما ينتاب العهد من هواجس اقتراب نهاية الولاية، في ضوء المؤشرات التي حملتها تحركات بكركي. ومن ثم رسالة المفتي عبداللطيف دريان، التي تضمنت ولأول مرة، «الطعن بأهلية متحمل المسؤولية». إضافة الى الموقف الشجاع لقائد الجيش العماد جوزف عون، ما أوحى بخروج وزارة الدفاع من قبضة فريق الحكم. وهذا ما ذكر المصادر بحقبة 1958، حيث اندلعت ثورة شعبية ضد رئيس الجمهورية آنذاك كميل شمعون، بسبب اتجاهه للانضمام الى حلف بغداد، الإيراني – التركي – الأميركي، وقد استعان شمعون بالقوى الأمنية التابعة لوزارة الداخلية في مواجهة الثوار، بعدما اعتذر قائد الجيش في ذلك الوقت اللواء فؤاد شهاب عن وضع الجيش بمواجهة الشعب».

الانباء – عمر حبنجر

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.