أزمة تشكيل الحكومة اللبنانية تُسابِق القمة التنموية العربية في بيروت.. مساعي نزْع «الشوكة» الأخيرة من طريقها تحوطها الشكوك

الثلوج قطعت العديد من الطرقات الجبلية في لبنان

لم يحْجب الأبيض المترامي على القمم اللبنانية الواقعَ المأسوي الذي يعكس الانزلاقَ المتمادي في قعْرٍ مفتوح، فالمآزقُ المتوالية على المستويات السياسية والدستورية والمالية والاقتصادية، تجعل لبنان الذي ينْتقل من عامٍ يشدّ الرحيل إلى سنةٍ تهمّ بالهبوط، كأنه على موعدِ تَسَلُّمٍ وتسليم بين ما هو سيئ وما هو أسوأ، رغم محاولاتٍ متجدّدة لنفْخ أجواء تفاؤلٍ في سيناريواتٍ حول إمكان إحداث صدمة إيجابية في مستهلّ الـ2019 عبر الإفراجِ عن الحكومة العالقة في أَسْر الصراع على التوازنات في السلطة والإمساك بها منذ نحو 7 أشهرٍ ملأَها الصراخُ التحذيري بأن انهياراً مالياً يلوح في الأفق وبأن الرافعة الدولية للاقتصاد اللبناني آخذة في التلاشي وأن فقدان المناعة الداخلية من شأنه تدفيع البلاد أثماناً باهظة في لحظةِ المقايضات الكبرى في المنطقة.


ورغم إحباط عملية تشكيل الحكومة قبل الإعلان عن مراسيم تأليفها مرّتين متتاليتين لأسباب تتصل بأجندةِ «حزب الله» وسعيه إلى ضبْط إيقاع التوازنات عبر إضعاف الرئيس المكلف سعد الحريري وحرمان فريق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من الإمساك بالثلث المعطل في الحكومة، فإن مرحلة ما بين العيدين (الميلاد ورأس السنة) انطوتْ على الترويج لاتصالات تجري في الكواليس هدفها صوغ مَخارج جديدة بين فريق عون و«حزب الله» لحلّ عقدة تمثيل النواب السنّة الستة الموالين للأخير، والإفراج تالياً عن الحكومة، تَدارُكاً لاستحقاقات يصعب ملاقاتها من دون سلطة لبنانية فعلية، كالقمة العربية التنموية الاقتصادية التي تستضيفها بيروت في عزّ التحولات في سورية والمنطقة والزيارة التي يعتزم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون القيام بها للبنان في فبراير.
وكان معبّراً تكرار السفير الإماراتي لدى لبنان حمد سعيد الشامسي أهمية تشكيل الحكومة في ملاقاة القمة التنموية في يناير، معلناً «تفاءلوا بالخير تجدوه»، وذلك بعدما كان رَبَط ضمناً قبل فترة مستوى الحضور الرفيع فيها بتأليف الحكومة الجديدة، وسط تقارير عن أن هذه القمة قد تكون أمام قرارات مهمة تلاقي التحولات في سورية والانفتاح العربي عليها، وبينها إنشاء صندوق عربي لإعادة إعمار سورية، بما يشكّل توطئة على الأرجح لعودة دمشق إلى الجامعة العربية من بوابة القمة العربية في مارس.
وفيما تشكّل زيارة ماكرون المفترضة لبيروت والتحذيرات الفرنسية المتكررة للبنان من «هجرة» أموال مؤتمر «سيدر 1» المخصصة للنهوض بالواقع الاقتصادي – المالي في «بلاد الأرز» إلى وجهات أخرى عامل ضغط إضافياً لوقف «الرقص اللبناني على حافة الهاوية»، فإنّ المحاولات المتجدّدة لنزْع الألغام من أمام ولادة الحكومة تبدو محاطة بالشكوك في ضوء عدم بروز مَلامح تراجعاتٍ عن «الأهداف الاستراتيجية» التي تتحكّم بآخر «سبحة العقد» والتي يشكّل المقعد السني المتنازَع عليه بين «حزب الله» وفريق عون حجر الزاوية فيها.
وفي هذا السياق تشير أوساطٌ سياسية إلى أن «حزب الله» ثبّت عملياً الخطّ الأحمر حول وجوب أن يكون أي اسم يمثّل السنّة الموالين له في الحكومة جزءاً لا يتجزأ من «كتلتهم» حصراً، في حين لم تبرز إشارات إلى أن رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل تخلّى عن مطلب أن يكون هذا الاسم منضوياً في تكتله المحسوب على رئيس الجمهورية، بما يعني واقعياً حصول فريق عون على الثلث المعطّل منفرداً الأمر الذي يشكّل سابقةً في تاريخ الحكومات اللبنانية. 
وفيما نُقل عن مصادر «التيار الحر» دعوته البعض إلى وجوب «ألا يظن أن استعجال تشكيل الحكومة هو عبارة عن ضعف يمكن البناء عليه لفرض الشروط»، تعتبر الأوساط نفسها أن المبادرة التي كان أطلقها عون لحلّ عقدة تمثيل «مجموعة الستة» والتي يحاول المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم تعويمها في موازاة معاودة فتْح قنوات التواصل «التبريدية» بين «حزب الله» و«التيار الحر» تبدو على محكّ «التنازلات المتوازية» بما يجعل «الوزير الملك» جزءاً من سلّة ضمانات متبادَلة (بين الحزب والتيار) تتناول وظيفته و«موانع» تحوّله ورقة «قالِبة للتوازنات» في استحقاقٍ أو آخر.
وتعتبر هذه الأوساط أن ما تشهده الكواليس من إثارة مسألة معاودة النظر في مجمل «البازل الحكومي»، كأحد الخيارات في سياق معالجة عقدة النواب السنّة الستة، يبدو أقرب إلى «حرب السقوف التفاوضية» منه إلى أمر قابِل للتحقق نظراً إلى ما يعنيه ذلك من عودة عجلة التأليف إلى «نقطة الصفر» عوض حصْرها في «المربّع الأخير». الراي

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.