جبور ردّ على أسود: أسوأ حقبة في تاريخ المسيحيين بعد حقبة المماليك هي الممتدة من العام 1988 إلى العام 1990 والتي كانت بقيادتكم

رد رىيس جهاز الإعلام والتواصل ف بالقوات اللبنانية شارل حبور على الناىب زيا د اسود بقوله له : عزيزي زياد، لقد تجنبت الرد عليك بالوقائع لثلاثة أسباب أساسية: السبب الأول لأنه يفترض ان نكون قد طوينا بمصالحتنا صفحة الماضي بخلافاتها الكبرى وانقساماتها العميقة، وحصر خلافنا المشروع ضمن الملفات المختلف حولها، والسبب الثاني لأن الخلاف جرِّب على مدى أكثر من عقدين ونصف ولم ولن نتمكن من توحيد القراءة التاريخية والحكم يبقى في نهاية المطاف للتاريخ والناس، والسبب الثالث لأن الناس ملّت من العودة إلى الماضي وتريد ان تضمن مستقبلها في هذا البلد في ظل انهيار مالي غير مسبوق وفقر مدقع وبطالة واسعة وهجرة قياسية…

وأما وأنك أردت أجوبة على وقائع تاريخية، ولأن عدم الرد يمكن ان يفسر تسليما بالوقائع التي ذكرتها والتي هي أشبه بالثرثرة لا الوقائع، فإليك الوقائع التالية:
أولا، الحالة الحرة التي تحدثت عنها هي صنيعة المقاومة اللبنانية التي سيجّت المنطقة الحرة بآلاف الشهداء والتضحيات والعرق والإيمان والصلابة والعنفوان والشهادة والنضال على مدى ١٥ عاما متواصلة، ولم تسقط هذه المنطقة إلا مع تسلمكم الحكومة الانتقالية واستدراجكم للعروض الرئاسية التي تحدد وجهة استهدافاتكم السياسية والعسكرية.

ثانيا، أسوأ حقبة في تاريخ المسيحيين بعد حقبة المماليك هي الممتدة من العام 1988 إلى العام 1990 والتي كانت بقيادتكم حيث أعلنتم حرب التحرير على السوريين بعدما اعتبرتم بانهم طعنوكم رئاسيا، ومن ثم أعلنتم حرب الإلغاء بعدما أعتبرتم أنكم يجب ان تكونوا حكاما بأمر الله في الشرقية ومتأملين ان تشكل هذه الحرب مدخلا لتحقيق أطماعكم.

ثالثا، لولا حرب التحرير لما سقطت الجمهورية الأولى، وهذا لا يعني ان الإصلاحات التي حصلت في الطائف لم تكن ضرورية، ولكن ضرورات النقاش تستدعي التذكير بانه في ظل قيادتكم تم العبور إلى الجمهورية الثانية بسبب حروبكم العبثية.

رابعا، لولا حرب الإلغاء لكان اتفاق الطائف طبِّق نصا وروحا، والجيش السوري خرج من لبنان، ولكن هذه الحرب نسفت المومنتم الدولي والعربي فانتقل اهتمام المجموعتين الدولية والعربية الى قضايا أخرى، وفي هذا الوقت بالذات أطيح بالتوازن الإقليمي مع حرب الخليج الثانية التي استفاد منها نظام البعث، فضلا عن ان حرب الإلغاء أطاحت بالتوازن الوطني لمصلحة الفريق الحليف لآل الأسد.

خامسا، كل همّ بكركي كان وقف النزيف والحد من الخسائر قدر الإمكان بعدما رأت ان قيادتكم قضت في سنتين على عقود وعقود من النضال والكفاح والشهادة والحضور والوجود والدور دفاعا عن لبنان السيد الحر المستقل.

سادسا، من المعيب تناول البطريرك صفير بهذه الخفة وهو الذي ذاق الأمرين من ممارساتكم وتخييركم الجميع بين إما تأييدهم لسياساتكم المنفردة والكارثية وإما تخوينهم، فضلا عن ان من قاد معركة الاستقلال الثاني هو البطريرك صفير وليس فريقكم السياسي، فيما الدكتور جعجع قاد هذه المعركة من قلب زنزانته التي أعطت الزخم للمناضلين دفاعا عن الحرية والاستقلال رافضا الهروب ورافضا التسليم بالأمر الواقع فشكل الحالة النضالية الأولى التي دفعت بكركي للانتقال إلى الصف الأول بالمطالبة بخروج الجيش السوري من لبنان.

سابعا، رفع الدكتور سمير جعجع شعارا داخليا رمزيا في العام 1986 عنوانه ان يكون لكل مواطن في المنطقة الحرة “دبابة” كهدف لتعزيز ميزان القوى لهذه المنطقة تمهيدا لأي مفاوضات محتملة في مرحلة من المراحل، وبالتالي كل هدفه تعزيز قوة الشرقية في مواجهة نظام الأسد، ومن كسر قوة الشرقية هو جانبكم في حروبكم المتنقلة من 14 شباط 1989 إلى 14 آذار 1989 وصولا إلى 31 كانون الثاني 1990.

ثامنا، دستور الجمهورية الأولى كان يستدعي التعديل في سبيل الشراكة، ولكن الظروف التي فرض فيها التعديل لم تكن مؤاتية والسبب حرب التحرير التي شنيتموها من أجل ان يتم التفاوض معكم عربيا ودوليا لحسابات رئاسية بعدما اكتشفتم ان النظام السوري كان يناور عليكم.

تاسعا، لقد تسلمتم مقاليد الجمهورية الأولى وسياساتكم هي التي أدت إلى انهيار هذه الجمهورية، فيما مهمتكم كانت السهر على إجراء انتخابات رئاسية، فأطحتم بالرئاسة والجمهورية.

عاشرا، القوات اللبنانية كانت في موقع الحد من الخسائر منذ لحظة رئاسة الحكومة الانتقالية والذي اعتبرته لغما فعلت المستحيل لتجنبه، ولكنكم أصريتم على مواجهة القوات لحسابات رئاسية وبعيدا عن ان اي مصلحة وطنية او مسيحية.

حادي عشر، الحليف الاستراتيجي للنظام السوري هو فريقكم السياسي بدليل ان وصولكم إلى القيادة في العام 1988 شكل مدخلا لإسقاط المنطقة الحرة التي فشل نظام الأسد بإسقاطها بكل جبروته وغطرسته وإرهابه، فقدمتموها له على طبق من فضة في حروب ونزف وهجرة وجوع فضل معها الجميع حكم العثمانيين على بقائكم في السلطة. ومن عاد وتحالف علنا مع هذا النظام هو فريقكم أيضا وبحجج واهية من قبيل ان النظام خرج من لبنان، فيما عدائية آل الأسد حيال القوات لم ولن تتبدل، وبالتالي لا يحق لمن كان حليفا مضمرا ومن ثم معلنا للنظام السوري ان يزايد على القوات اللبنانية.

ثاني عشر، فعلت القوات المستحيل لتجنب الحرب الداخلية، فتماشت مع حربكم التحريرية تجنبا لحرب داخل الشرقية، فيما كانت مدافعكم موجهة في 14 آذار إلى الداخل المسيحي قبل ان تكون إلى الخارج السوري، وبعد ان انتهت حرب التحرير على ما انتهت إليه بسببكم، وتهربا من تطبيق الدستور الجديد انتقلتم إلى حرب الإلغاء عن سابق تصور وتصميم ظنا منكم ان ما تعذر تحقيقه رئاسيا في حرب التحرير يمكنكم تحقيقه في حرب الإلغاء من تفاوض دولي يتيح لكم تسلم مقاليد الرئاسة.

ثالث عشر، لقد سلّمتم لبنان إلى سوريا وذهبتم إلى فندق خمس نجوم في فرنسا تاركين خلفكم الدمار والخراب والهجرة والخسائر البشرية والمادية الهائلة، وأدت حروبكم العبثية إلى كسر التوازن الذي سعت إليه القوات اللبنانية التي وجدت نفسها تصارع في وضع جديد دفاعا عن دولة وجمهورية ودستور وقانون.

رابع عشر، حاولت القوات اللبنانية الدفع باتجاه قيام الدولة اللبنانية، وتعاملت بإيجابية مع التطورات، وعندما لمست ان القرار السياسي في دمشق لا بيروت خرجت وعارضت، فدخل الدكتور سمير جعجع إلى المعتقل على رغم انه كان باستطاعته ان يكون “جاركم” في المنفى في فندق خمس نجوم، ولكنه فضل البقاء في هذه الأرض أسوة بالشهداء وإلى جانب رفاقه وأهله وناسه على رغم معرفته الثابتة والأكيدة ان خروجه من المعتقل إذا حصل يكون نتيجة تطورات سياسية تؤدي إلى رحيل كابوس الأسد عن لبنان، والقائد يا عزيزي هو الذي يلجأ إلى الحرب كخيار أخير وليس كخيار أول مستسهلا التضحية بأرواح الناس.

خامس عشر، حاربتم النظام السوري وانتم اليوم أكبر حليف لهذا النظام الذي لم ولن يبدل نظرته حيال لبنان بانه محافظة سورية، وحاربتم القوات بحجة إلغاء الميليشيات وانتم اليوم أكبر حليف لميليشيا حزب الله وهي ميليشيا إقليمية لا محلية كما كانت سائر الميليشيات بفعل تفكك الدولة وانهيارها، وهي تذكيرا ميليشيا في زمن السلم لا الحرب.

سادس عشر، القوات كانت ضد النظام السوري وما زالت، والقوات كانت ضد اي سلاح خارج الدولة وما زالت، والقوات كانت وما زالت هي هي بثوابتها وقناعاتها ومسلماتها.

سابع عشر، لم أدخل في هذا السجال مقتنعا بل اضطرارا وأنا على قناعة تامة بانه لا يجب العودة إليه وصفحة الماضي يجب إقفالها إلى غير رجعة، فالماضي مضى والمصالحة تحققت واي خلاف وجب تنظيمه وحصر النقاش فيه لا فتح القبور والآلام والجروح، والتركيز يجب ان يكون دائما على المستقبل لا الماضي الذي علينا ان نستقي منه فقط العبر والدروس خلافا لتغريداتك ومواقفك، وبالتالي التركيز يجب ان يكون فقط على مستقبل لبنان واللبنانيين، ولا مصلحة إطلاقا بالعودة في كل محطة إلى ٣٠ سنة خلت فيما حاضرنا أسود ومستقبلنا في ظل الإدارة الحالية السيئة للدولة… أسود أسود أسود.

ثامن عشر، عزيزي زياد، أنصحك بمراجعة ذاتية لدورك ومواقفك التي تنعكس سلبا على تيارك بالدرجة الأولى، وأشفق عليك وعلى تخبطك الدائم نتيجة أزمتك النفسية وحبّك للظهور والاشتباك مع نفسك عندما لا تجد من تشتبك معه، وهذه حالة مرضية خطيرة تتطلب المعالجة السريعة، كما انك من أعداء الحقيقة بعكس التاريخ الذي يعرفها جيدا، وتشويهك للوقائع لن يغيِّر من ذكره لها بشيء، وأنصحك بصدق بان تنكب على معالجة وضعك النفسي قبل اي شيء آخر، وان تركز جهدك على المستقبل لا الماضي على رغم عجزك الواضح عن الانسجام مع متطلبات الحاضر والعصر والمستقبل، ورجاء الكف عن التضليل وبث السموم رأفة بناسنا وأهلنا وشعبنا ومجتمعنا اللبناني الغارق في همومه المعيشية بفعل سياساتكم الفاشلة.

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.