الأخبار: جنبلاط أعدّ كميناً لباسيل… فأصاب.. ارسلان: فتنة الزعامة المأزومة
على المقلب الآخر، يلاقي التوتر الباسيلي مثيله الجنبلاطي. التزاماً منه بالمسار الذي اختطّه لنفسه في السنوات الماضية، يستمر باسيل بخوض المعارك، أيّ معارك. صار رئيس التيار الوطني الحر معركة متنقلة. يزور المناطق كمن يقول “أنا فاتحها” لا مسؤولاً في الدولة المسؤولة عنها، ولا رئيس حزب يريد توسيع قاعدة انتشاره. يخوض المعارك تعويضاً عمّا فاته في حرب أهلية لم يشهدها. يريد تثبيت زعامته بين “أعضاء نادٍ” بنوا “شرعياتهم” إما على القتل أو القتال أو الدم. لا يريد باسيل القتل، ولم يأتِ على دم. فلا بد من القتال الدائم. وقوده شحن طائفي لا حدّ له. منذ لحظة دخوله السلطة عام 2008، حتى اليوم، لم يكفّ عن خوض المعارك. معركة في الحكومة، معركة في الوزارة، معركة في الإدارة، معركة في البلدية، معركة في العائلة، معركة في الحزب، معركة في الإعلام، معركة في مجلس النواب، معركة “لاستعادة الحقوق”، ثم أخرى لتثبيتها… معركته في “حراس الأحراج” كمعركته الرئاسية. الادوات نفسها، والحشد الطائفيّ نفسه، والخطط هي هي. لا يكل ولا يملّ. لا يعني ما تقدّم أنه مقاتل في مقابل جيش من السلميين، ولا أنه طائفي يواجه علمانيين. على العكس من ذلك. أقصى ما يبتغيه هو تثبيت نفسه واحداً “منهم”، قبل الانتقال إلى معركة الفوز بالمركز الاول بينهم. وفي سياق الوصول إلى ذلك، لا بد من يأخذ الشحن الطائفي مداه. في الكحالة أمس، ذكّر بمعارك سوق الغرب وضهر الوحش والكحالة. هو من الذين لا يكفون عن التبشير بضرورة “طيّ صفحة الماضي”، لكن من دون الكف في الوقت عينه عن استحضار ذلك الماضي، ولو في غير سياقه المناسب. يذكّر بصفحات دامية فيما هو يتحدّث عن التفاهم. بالتأكيد، ليس كلام باسيل هو ما استفزّ جنبلاط. لكن أداء وزير الخارجية يساعد زعيم المختارة على الزعم أمام الدروز أنه يحمي مصالحهم المهدّدة منذ ما قبل أيام بشير الشهابي، تماماً كما أن العراضة الأمنية الجنبلاطية والجريمة الناتجة عنها تفيدان باسيل في بناء سرديته كزعيم مسيحي مستهدف، وخاصة من قبل “العدو التاريخي للمسيحيين” في الجبل.
ما جرى أمس لم يكن حدثاً أمنياً عابراً. ثمة زعامة تتراجع، وأخرى صاعدة. الاولى يمثلها جنبلاط، المستعد للتضحية بأيّ شي وأيٍّ كان لاستدراج الحماية، أما الثانية، فلم يعد مؤمّلاً منها وقف مسار الانحدار نحو قاع طائفي لا قعر له. جل ما في الأمر هو تمنّي تحقيق أهدافها بسلام. فالرؤوس الحامية لا تلد غير الفتن.
Comments are closed.