بالصور: خيرالله في قداس البحر السنوي في البترون: يا ربّ نجّنا فقد هلكنا

أحيت مدينة البترون ذكرى شهدائها الذين قضوا في البحر من صيادي سمك وإسفنج. وترأس راعي أبرشية البترون المارونية المطران منير خيرالله القداس السنوي لراحة أنفسهم في مركب بحري في ميناء الصيادين وعاونه في الذبيحة الإلهية خادما الرعية الخوري بيار صعب والخوري فرانسوا حرب في حضور الخوري مرسيلينو عسال.

وحضر القداس وزير السياحة في حكومة تصريف الأعمال وليد نصار، النائب جبران باسيل، رئيس تعاونية صيادي الاسماك والسياحة والتراث جورج مبارك وحشد من المؤمنين.

العظة

وبعد تلاوة الإنجيل المقدس ألقى المطران خيرالله عظة قال فيها:

“نحتفل اليوم بقداس البحر السنوي على نية شهدائنا البحّارة وجميع الذين قضوا في البحر مجدّدين إيماننا ورجاءنا بالمسيح قبطان السفينة، بينما نحن نُبحر مغامرين في بحر هائج وسط عواصف شديدة تهبّ على وطننا لبنان، وعلى دولتنا المسرعة في الإنهيار، وعلى شعبنا الذي يعاني من أزمات اقتصادية واجتماعية ومعيشية وسياسية، وحتى من أزمة الطحين والرغيف، أوصلته إلى حالة ذلٍّ وفقر وبطالة وعوز لم يشهدها من قبل، وأجبرت الكثير من عائلاتنا وشبابنا ونخبة مجتمعنا على الهجرة.وهي ظاهرة تشكّل خطراً داهماً على هوية لبنان ومستقبله ودوره ورسالته.

ونلاحظ أننا لسنا لوحدنا مبحرين في البحر الهائج، بل نرى في العالم دولاً كثيرة، وقريبةً منا، غارقة هي أيضًا في أزمات إقتصادية وإجتماعية وسياسية وتعاني من حروب بالواسطة أو بالتقسيط، فقط من أجل مصالحها وحساباتها بالربح والخسارة، ولا يهمّها لبنان ولا أي بلدٍ آخر إلا بقدر ما يخدم مصالحها. ونحن لا زلنا نتلهى في صراعاتنا الضيّقة وغارقين في متاهاتنا الفارغة ومهاتراتنا الكلامية.”

وسأل:” لكن هل نحن واعون أننا مبحرون في السفينة نفسها، كما يقول قداسة البابا فرنسيس، وأننا نواجه معًا الخطر نفسه ؟

هل نحن واعون أننا متساوون في هذه السفينة ؟ فلا كبير فيها ولا صغير؛ ولا غنيّ ولا فقير، ولا زعيم ولا متزلّم ؟ جميعنا مهدّدون بالغرق والموت على السواء !

أرى أن وضعنا اليوم يشبه وضع بولس الرسول ورفاقه عندما كانوا مبحرين في طريقهم إلى روما « وهبّت عليهم ريح عاصفة واندفعت السفينة ولم تقوَ على مغالبة الريح، فاستسلموا إليها يُساقون على غير هدىً؛ وكانت العاصفة تهزّهم هزًّا شديدًا ». فاضطرّوا إلى أن يرموا الحمولة في البحر، وقال لهم بولس: « إني أدعوكم الآن إلى الاطمئنان، فلن يفقد أحد منكم حياته؛ إطمئنّوا، إني واثق بالله؛ فلا يفقد أحد منكم شعرةً من رأسه!». (أعمال 27/9-37).”

وتوجه إلى” أبناء وبنات البترون ولبنان، وبخاصة الشباب والصبايا منكم، قائلاً:

“بالرغم من كل ما تعانون، وبالرغم من الرياح والعواصف والأمواج التي تضرب سفينتنا، كنيسة المسيح، وتضرب المجتمع والدولة والوطن، إني أدعوكم إلى الاطمئنان على مصيركم ومصير كنيستكم ووطنكم.

إني واثق بالله وبالرب يسوع المسيح، فهو القبطان، وهو سيد البحر « يأمر الرياح والعواصف فتطيعه، ويحدث هدوء تام »؛ تمامًا كما وثق به الرسل عندما « ركبوا السفينة واضطرب البحر اضطرابًا شديدًا حتى كادت الأمواج تغمر السفينة ». يكفي أن نفعل مثلهم ونلجأ إليه وهو في مؤخر السفينة، ونقول له: « يا ربّ نجنا، ألا ترى أننا نهلك ».

فيقوم ويزجر الرياح والبحر ويحدث هدوء تام ». (متى 8/23-27).

إنه يبحر معنا، ويعيش معاناتنا، ويزجرنا قائلاً: « ما بالكم خائفين يا قليلي الإيمان ؟». « ثقوا أنا هو لا تخافوا !».

تعالوا نستعيد الثقة بالقبطان يسوع المسيح.

تعالوا نرمي في البحر كل حمولتنا الزائدة، وأثقالنا، ومصالحنا الخاصة ومهاتراتنا وحروبنا الكلامية. وليكن عندنا الجرأة الكافية لنطلب المغفرة من الله ومن بعضنا البعض. فنتصالح ونتوحّد ونكتف الأيدي لنعمل معًا للخير العام وفي سبيل خلاصنا وخلاص وطننا والحفاظ على رسالة كنيستنا في المحبة والانفتاح واحترام التعددية.”

وختم:”العواصف لن تستمرّ إلى ما لا نهاية. فهي عابرة. والخلاص قريب ! نحن في مسيرة سينودسية نمشي فيها معًا في اللقاء والإصغاء والتمييز، لنسمع صوت الله ونصغي إلى بعضنا البعض. نريد، في إبحارنا اليوم من على هذه السفينة، أن نبتعد قليلاً عن الشاطئ، عن عالمنا اليومي وهمومنا وانشغالاتنا، وأن نُفرغ أنفسنا من كل حمولتها الدنيوية، لنختلي مع يسوع للصلاة ولنسمعه يلقي علينا كلمة الله. نحن نسير معًا بهدي الروح القدس الذي يملأنا بأنّاتٍ لا توصف. نسير معًا لتكون كنيستنا كنيسةَ المسيح في البترون، كنيسة القرب من الناس، كنيسةً تصغي إلى صوت الله وإلى صوت شعب الله،

كنيسةً تصلي وتشهد للرجاء، وكنيسةً تسير نحو القداسة ! إنها دعوتنا المميزة.

إخوتنا الشباب والصبايا،

آمنوا بقدراتكم على رفض الواقع الشاذ وعلى بناء مستقبل لكم في دولة حديثة، دولة المواطنة والقانون. المهم أن نثبت ونبقى صامدين إلى أن تهدأ العاصفة.

وعندما يعود الهدوء التام، تكونون أنتم أبطال العهد الجديد، وأنبياء الحق، ورسل المحبة والسلام.

فتبنّون معًا، كمواطنين متساوين، لبنان الجديد، بشفاعة العذراء مريم سيدة لبنان وسيدة البحار ومار اسطفان وجميع قديسينا.آمين.”

وبعد القداس أبحر المركب وعلى متنه المطران خيرالله والكهنة ورموا إكليلا من الزهر في المياه تكريما لشهداء البحر.

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.