سعر الدولار اليوم في لبنان الجمعة 17 حزيران 2022.. الوضع يتأزّم
سعر الدولار اليوم في لبنان الجمعة 17 حزيران 2022، لدى السوق الموازية (السوداء) الغير رسمية.
سعر الدولار اليوم في لبنان
سجل سعر الدولار مساء الجمعة 17-6-2022 لدى السوق (السوداء) بين 28.350 ألف ليرة و28.450 ألف ليرة للدولار الواحد.
سجل سعر الدولار عصر اليوم الجمعة لدى السوق (السوداء) بين 28.350 ألف ليرة و28.450 ألف ليرة للدولار الواحد.
سجل سعر الدولار ظهر اليوم الجمعة لدى السوق (السوداء) بين 28.300 ألف ليرة و28.400 ألف ليرة للدولار الواحد.
سجل سعر الدولار صباح اليوم الجمعة في لبنان لدى السوق الموازية غير الرسمية (السوداء) ، بين 28.175 ألف ليرة و28.275 ألف ليرة للدولار الواحد.
أقفل سعر الدولار امس الخميس في لبنان لدى السوق الموازية غير الرسمية (السوداء) ، بين 28.450 ألف ليرة و28.500 ألف ليرة للدولار الواحد.
لبنان في تضخّم مفرط والوضع يتأزّم
وماً بعد يوم تشتدّ الازمة الاقتصادية على لبنان، والبلاد تتّجه نحو انفجار اجتماعيّ كبير بسبب سوء الأوضاع المعيشية الخانقة، جرّاء ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية. وفي المقابل، شهد لبنان في الآونة الأخيرة ارتفاعاً هستيريّاً بأسعار السلع الاستهلاكية والمحروقات ونفاذ مادة الطحين، علاوةً على ذلك احتل لبنان المرتبة الأولى في التضخّم الماليّ. وبحسب الخبراء الاقتصاديين ” إنّ لبنان انتقل من مرحلة تضخّم سريع إلى مرحلة تضخّم مفرط”.
فالتضخّم المفرط هو أخطر أنواع التضخّم الذي يحدث نتيجة زيادة عرض النقد في السوق، ما يؤدّي إلى انخفاض قيمتها الشرائية، وكما يرى الاقتصاديّون أنّ هذا النوع من التضخّم يظهر في البلدان التي تعاني من خلل في هياكلها الإنتاجية، وغالباً يصيب الدول النامية كما الحال في لبنان، بسبب ضعف الجهاز الإنتاجيّ وتنامي الإصدار النقدي بكميات تتجاوز معدّلات نمو الإنتاج. تدهورت القدرة الشرائية بشكل كبير حتى أصبح في المئة من سكان لبنان تحت خطّ الفقر، فأوضحت إدارة الإحصاء المركزي أنّ مؤشر الأسعار شهد ارتفاعاً كبيراً أواخر عام 2021، وارتفع نحو 19 في المئة خلال الربع الأوّل من عام 2022، وبات لبنان في الصدارة عالميّاً بمعدّلات التضخّم، فقد تفوّق على فنزويلا وزيمبابوي.
وأشار الخبير الاقتصادي ستيف هانكي أنّ السياسات النقدية الخاطئة والتوتر السياسي أدّت الى تحويل الودائع الى الخارج وازدياد الطلب على الدولار فتدهور الليرة اللبنانية وارتفعت أسعار السلع بشكل جنونيّ حتّى دخل لبنان في حالة التضخّم المفرط، الأمر الذي بات يهدّد لبنان بكارثة اقتصادية واجتماعية كبيرة، وهذا يتطلّب تشكيل حكومة إنقاذيّة في أسرع وقت ممكن، لوضع سياسات فعّالة للحدّ من هذا التضخّم ووقف الانهيار السائد، وإنقاذ لبنان من حفرته الجهنّميّة.
أزمة التضخم العالمية
في بداية عام 1986، سافرت مع زملاء من المستثمرين الكويتيين إلى البرازيل حتى يسحبوا استثماراتهم من ذلك البلد الذي كان اقتصاده يُعاني معاناة شديدة من التضخّم والبطالة. وقد تخيلت التضخّم رجلاً غامضاً يسير معي في الأسواق، حين كنت أبدأ صباحي بوجبة إفطار في مطعم قريب من الفندق الذي كنا جميعاً ننزل فيه في ريو دي جانيرو، ثاني أكبر مدن البرازيل من حيث عدد السكان بعد مدينة ساو باولو، وقد كنت أرى صاحب الفندق يغيّر لوحة الأسعار في اليوم نفسه مرتين أو ثلاثا، لأن الكلف تتغير عليه، فيرفع الأسعار. ويطلق الاقتصاديون على هذا التضخّم اسم “Galloping Inflation”، أو التضخّم المتسارع، وإنْ كنت أفضّل شخصياً أن أسمّيه “التضخم الرمّاح” أو المنفلت.
وقد شهد العالم هذه الحالة في بعض الدول مطلع القرن العشرين. وروى لي والدي أنه وجد مَرّة حقيبة من الماركات الألمانية، فقيل له إن قيمتها الشرائية لا تغطّي ثمن الورق الذي طبعت عليه. وقد طالعتنا وكالات الأنباء ووسائل الإعلام خلال الفترة الماضية بأن التضخم في شهر إبريل/ نيسان الماضي قد ارتفع في الولايات المتحدة بنسبة تقارب 9%، محسوبة على أساس سنوي. وهذا يجعلها أعلى نسبة ارتفاع في تكاليف المعيشة منذ 40 عاماً، أو منذ عام 1982. كما بلغ التضخم 8.6% في شهر مايو الماضي وهو أعلى معدل منذ 41 عاما.
والسبب أن الدولار أصبح حينها العملة المسيطرة على أسواق النقد العالمية، بعدما شهد خلال فترة الستينيات والسبعينيات حالة نسبية من تراجع سعر صرف الدولار الذي خفّض مرتين إبّان عهد الرئيس ريتشارد نيكسون. ومع بداية حكم الرئيس رونالد ريغان، تحسَّن الوضع الأميركي سياسياً، وبدأ التصدّع في الاتحاد السوفييتي، وكانت الصين قد دخلت في بدايات التصنيع والتحوّل إلى اقتصاد شبه رأسمالي، وأوروبا عانت من الارتفاع في أسعار الطاقة. وباستقرار سعر صرف الدولار مقابل العملات الرئيسية، والهجوم الدولي على اقتنائه عملة تداول واحتياط لدى البنوك المركزية العالمية، ولكونه الأكثر استثماراً في الأوراق المالية بمختلف أنواعها، استقرّت الأسعار في أميركا، وخفَّضت إدارة الرئيس رونالد ريغان الضرائب، وثبتت أسعار الفائدة، فكثر الاستهلاك والإنفاق الاستثماري داخل الولايات المتحدة وخارجها.
التضخم الأميركي عند أعلى مستوى منذ 41 عاماً
واستمرت أميركا على هذا المنوال نحو ثلاثين عاماً. ولمّا جاءت أزمة أسواق المال والرهونات العقارية، أو ما يعرف باسم الأزمة المالية العالمية، في عام 2008، تأثر العالم كله بها. ورُئي أن الخروج من الأزمة المالية يعني ضخّ مزيد من الدولارات عن طريق الاقتراض الرخيص (شبه المجاني). واستمرّ الأمر إلى أن جاءت إدارة الرئيس باراك أوباما، حيث بدأت الولايات المتحدة تبدو أقل قوة وتفوقاً. ولمّا جاء دونالد ترامب، بأسلوبه الاستعراضي، ليعيد إلى أميركا هيبتها لم يتمكّن من ذلك. بل وفشل مع الصين، وروسيا، وكوريا الشمالية. وحتى مشروعه للسلام في المنطقة (صفقة القرن) لم يقبل به إلا الفرقاء غير المباشرين. أما من كان يُتَوقع منهم القبول، بوصفهم أطرافا مباشرة في العملية السلمية فعلاً، فرفضوها.
ولكن الخشية كانت، طوال الوقت، من التراجع الاقتصادي، حيث هبطت معدّلات النمو. وبرزت في العالم ظاهرة التكتلات والحركات الوطنية، وهيمنة “الأنا” على “النحن”، وتراجُع أهمية منظمة التجارة العالمية. واستولت أفكار الحصار والمقاطعة والعقوبات الاقتصادية على المشهد العالمي، وبرزت تحدّيات لهيمنة الدولار على أسواق النقد العالمية.
وجاءت جائحة كورونا، ثم الحرب على أوكرانيا، وبدا ظاهراً أن العالم انقسم إلى تكتلاتٍ عدّة، أهمها حلف الناتو، خصوصا في ضوء خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، وتعثر دخول تركيا إليها. ومن بعد ذلك روسيا وحلفاؤها المحدودون، ثم الصين، فالهند، ومجموعة الآسيان.
ومن هنا، حصلت البعثرة وظهرت في أسواق العالم عملة البيتكوين وغيرها من العملات الرقمية أو المشفرة التي على شاكلتها، والتلاعب بالتكنولوجيا وشركاتها وأسهمها، وبدأ الصراع يظهر في حلبة الساحة الدولية من دون أن يظهر فائز يمكنه أن يحوز الحزام الذهبي. وتضافرت كل هذه الظواهر، لتترجم نفسها إلى خلل واضح في سلسلة التزويد الدولية، ومجاعات وحروب إقليمية، يُخشى أن تُصاب بعدوى الدومينو، فتتحوّل إلى حربٍ شاملة. وصارت شرعية الحكومات في ظل التراجع المناخي وشحّ الأمطار وسوء توزيعها موسمياً وجغرافياً مرتكزةً على قدرة المسؤولين على توفير الغذاء والدواء لمواطنيهم. وازدادت أعداد الجوعى، والفقراء فقراً مدقعاً، وارتفعت أسعار معظم، إن لم يكن، جميع السلع الأساسية، خصوصا النفط والغاز الطبيعي والقمح والحبوب، وصار التضخم هو العنوان.
ولو نظرنا إلى الدول التي تعاني حتى مطلع 2022 من التضخّم، لرأينا أن أكثرها غلاء هي فنزويلا، ليقارب 1200%، ثم السودان (340%، تراجع إلى 192% في شهر مايو/أيار الماضي)، فلبنان (210%)، فسورية (139%). ومن بين الدول الأخرى الأكثر غلاء الأرجنتين، وتركيا، وإيران، وإثيوبيا.
والعجيب في المقابل أن دولاً، مثل رواندا وتشاد، تعاني من تراجع الأسعار بمعدل سالب (2%) في الأولى وسالب (5%) في الثانية. أما الدول الأخرى الأقل ارتفاعاً في الأسعار في العالم فهي المالديف، والغابون، واليابان وفيجي وفانواتو، وبوليفيا، والسعودية. ومعظم الدول التي تعاني من هبوط مستوى الأسعار صغيرة، وبعضها جزر محدودة السكان والمساحة، باستثناء السعودية واليابان.
التضخّم مرشّح للارتفاع في الفترة المقبلة. وأسعار الفوائد على العملات سوف ترتفع معه في دول كثيرة، خصوصا الولايات المتحدة. ولكن في ضوء تراجع تقديرات النمو العالمي، حسب البنك الدولي، فإن دولا كثيرة سوف تعطي البطالة أولوية على ارتفاع الأسعار.
إلى أين يسير الاقتصاد العالمي؟ سؤال هام ومفتوح، وبحاجة إلى تأمل عميق.
Comments are closed.