توقعات متشائمة.. أمريكا مقبلة على ركود اقتصادي في 2023
سيتجه الاقتصاد الأمريكي إلى الركود العام المقبل، وفقا لنحو 70 في المائة من اقتصاديين أكاديميين شملهم استطلاع الذي أجرته “فاينانشيال تايمز”.
الاستطلاع الأخير، الذي تم إجراؤه بالشراكة مع مبادرة “الأسواق العالمية” في كلية بوث للأعمال في جامعة شيكاغو، يشير إلى رياح معاكسة متزايدة لأكبر اقتصاد في العالم بعد واحدة من أسرع حالات الانتعاش في التاريخ، حيث يكثف الاحتياطي الفيدرالي جهوده لاحتواء أعلى معدل تضخم في 40 عاما.
وقد شرع البنك المركزي الأمريكي بالفعل فيما سيصبح واحدة من أسرع دورات التشديد في عقود. فمنذ آذار (مارس) رفع سعر الفائدة المعياري 0.75 نقطة مئوية من مستويات قريبة من الصفر.
يتوقع نحو 40 في المائة من المستجيبين البالغ عددهم 49 أن المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية – الوسيط الذي يحدد وقت بدء فترات الركود وانتهائها – سيعلن عن واحدة من حالات الركود في الربع الأول أو الثاني من عام 2023. ويعتقد الثلث أن الإعلان سيتأخر حتى النصف الثاني العام المقبل.
يصف المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية الركود بأنه “تراجع كبير في النشاط الاقتصادي ينتشر في الاقتصاد ويدوم لأكثر من بضعة أشهر”.
وضع خبير اقتصادي واحد تاريخا مبدئيا لحدوث ركود في عام 2022، وتوقعت أغلبية من الخبراء أن يراوح معدل نمو الوظائف الشهرية بين 200 ألف و300 ألف في الفترة المتبقية من العام. ومن المتوقع أن يستقر معدل البطالة عند 3.7 في المائة، وفقا لمتوسط التقديرات لكانون الأول (ديسمبر).
تتعارض نتائج الاستطلاع التي تم جمعها في الفترة بين السادس والتاسع من حزيران (يونيو)، مع موقف الاحتياطي الفيدرالي الذي يرى أنه قادر على تثبيط الطلب دون التسبب في معاناة اقتصادية كبيرة. يتوقع البنك المركزي أنه في الوقت الذي يرفع فيه أسعار الفائدة، سيختار أصحاب العمل في سوق العمل الأمريكية الواسعة تقليص فرص العمل المرتفعة تاريخيا، بدلا من تسريح الموظفين، ما يؤدي بدوره إلى خفض نمو الأجور.
اعترف جاي باول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي، بأن جهود البنك المركزي لتعديل التضخم قد تسبب “بعض المعاناة”، ما يؤدي إلى هبوط “ناعم” مصحوبا بارتفاع “بضع نقاط” في معدل البطالة.
لكن كثيرا من الاقتصاديين الذين شملهم الاستطلاع يشعرون بالقلق من نتيجة أكثر سلبية بالنظر إلى حدة وضع التضخم وحقيقة أن السياسة النقدية تحتاج للتحول نحو أوضاع أكثر شدة في وقت قصير لمعالجتها.
قالت تارا سنكلير، الخبيرة الاقتصادية في جامعة جورج واشنطن: “لا يشبه الأمر هبوط طائرة على مدرج عادي. هذا هبوط بطائرة على حبل مشدود والرياح تهب. فكرة أننا سنخفض الدخل بما يكفي والإنفاق بما يكفي فقط لإعادة الأسعار إلى هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المائة هي فكرة غير واقعية”.
بالمقارنة مع استطلاع شباط (فبراير)، يرى مزيد من الاقتصاديين الآن أن التضخم الأساسي، وفقا لمؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي، سيتجاوز 3 في المائة بحلول نهاية عام 2023. من بين المستجيبين في حزيران (يونيو)، اعتقد 12 في المائة أن النتيجة كانت “مرجحة جدا”، ارتفاعا من 4 في المائة فقط في وقت سابق من هذا العام. وانخفض عدد الاقتصاديين الذين اعتقدوا أن هذا المستوى “غير مرجح” خلال الفترة الزمنية نفسها إلى النصف تقريبا منذ ذلك الحين.
التوترات الجيوسياسية والزيادة في تكاليف الطاقة التي من المرجح أن تصاحب ذلك، تم الاستشهاد بها بأغلبية ساحقة كعامل يحتمل أن يحافظ على الضغط التصاعدي على التضخم خلال الـ12 شهرا المقبلة، تليها اضطرابات طويلة في سلسلة التوريد. وبحلول نهاية العام، بلغ متوسط التقدير للتضخم الأساسي 4.3 في المائة.
قال جوناثان رايت، الخبير الاقتصادي في جامعة جونز هوبكنز، الذي ساعد في تصميم الاستطلاع، إن التشاؤم الملحوظ حول كل من التضخم والنمو له نغمات تضخمية مصحوبة بركود تضخمي، على الرغم من أنه أشار إلى أن الظروف مختلفة كثيرا عن السبعينيات، عندما كان المصطلح يجسد “مزيجا أكثر سوءا من ارتفاع معدلات التضخم والركود”.
وحذر نحو 40 في المائة من الاقتصاديين من أن الاحتياطي الفيدرالي قد يفشل في السيطرة على التضخم إذا رفع سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية فقط إلى 2.8 في المائة بحلول نهاية العام. وسيتطلب هذا رفعا لمعدل الفائدة بواقع نصف نقطة في كل من الاجتماعات الثلاثة المقبلة للبنك المركزي في حزيران (يونيو) وتموز (يوليو) وأيلول (سبتمبر) قبل تقليص الزيادة إلى إيقاع ربع النقطة النموذجي للاجتماعين الأخيرين لعام 2022.
قلة من المستجيبين يتوقعون أن يلجأ الاحتياطي الفيدرالي إلى زيادة 0.75 نقطة مئوية.
قالت كريستيان بوميستر، الأستاذة في جامعة نوتردام، التي تعتقد أن الاحتياطي الفيدرالي يمكن أن يرفع سعر الفائدة المعياري إلى 4 في المائة في عام 2023، من المرجح أيضا أن يكون هناك مزيد من الزيادات في أسعار الفائدة في العام المقبل. وتعد هذه الزيادات أكثر بقليل مما تعتقد أغلبية الاقتصاديين الذين شملهم الاستطلاع أنها ستكون ذروة دورة التشديد.
حذر دين كروشور، الذي عمل خبيرا اقتصادي فاي فرع الاحتياطي الفيدرالي في فيلادلفيا لمدة 14 عاما، من أن البنك المركزي قد يحتاج في النهاية إلى رفع أسعار الفائدة إلى نحو 5 في المائة لاحتواء مشكلة يعتقد أن سببها إلى حد كبير انتظار الاحتياطي الفيدرالي “لفترة طويلة جدا” لاتخاذ إجراء.
قال كروشور، الذي يدرس الآن في جامعة ريتشموند: “من الصعب دائما خفض التضخم بمجرد أن تخرجه من الزجاجة. إذا قاموا فقط بتسريع معدل الزيادات أكثر قليلا، فقد يتسبب ذلك في قليل من التقلبات المالية على المدى القصير لكن قد يكونون أفضل حالا عبر عدم الاضطرار إلى القيام بذلك في وقت لاحق”.
Comments are closed.