لبنان قبل الانتخابات.. سباق بين التسوية والانهيار

وسط انقسام سياسي آخذ بالتوسّع في الفترة التحضيريّة للاستحقاق الانتخابي في 15 مايو المقبل، يبدو الواقع الحكومي في لبنان محكوماً بمحدوديّة العمل في هذه الفترة، ودورانه في دائرة تقطيع الوقت بالحدود الضيّقة لتصريف الأعمال، من دون خطوات يُعوّل عليها لفتح ثغرة في جدار الأزمة.

وما بين المشهديْن، ثمّة خشية من دخول البلد في بازار مفتوح على كلّ التشنّجات، وتحت عناوين وشعارات المعركة الانتخابيّة، والتي تؤشّر كلّ الوقائع المرتبطة بها إلى أنّها ستكون الأكثر احتداماً من كلّ العمليات الانتخابيّة السابقة.

مصادر سياسيّة واسعة الاطلاع رسمت صورة قاتمة حيال الوضع اللبناني بقولها لـ«البيان» إنّ لبنان اليوم ليس موجوداً لا على الخريطة العربية ولا على الخريطة الدوليّة إلا من باب الانتخابات النيابية وضرورة إجرائها في موعدها.

فالمناخ الصاخب والمضطرب في كواليس الحسابات السياسيّة – الانتخابية لم يعد يسمح لمجلس 2018، الذي يُفترض أن يُستبدل به مجلس 2022 بعد أقلّ من 3 أشهر، بأن يفسح المجال حتى النهاية للتشريع واستثمار الوقت في بلد يعاني الانهيار، ويحتاج إلى إنجاز قوانين إصلاحية، ولا سيّما استقلاليّة القضاء، الذي أعيد إدراجه، أوّل من أمس، إلى لجنة الإدارة والعدل النيابيّة.

مشهديّة لافتة

وكانت مشهديّة الأيام القليلة الماضية، وفق تأكيد مصادر متابعة لـ«البيان»، بالغة الدلالة في تظهير هذه الخلاصة، بين من يركز على مطاردة قوى الشرعيّة ومحاولة إيقاع الصدام بين أجهزة الدولة، وبين مجاهرة حزب الله بالتطوّر النوعي لسلاحه خارج إطار الدولة، وصولاً إلى إعلانه الاكتفاء الذاتي في «تصنيع المسيرات الحربية»، لدرجة إبداء الاستعداد للاتجار بها وعرضها للبيع، مشيرة إلى أنّ التكامل كان واضحاً بين الصورتيْن، فمن جهة يتولّى فريق رئاسة الجمهورية مهمة هدم ما تبقّى من أعمدة المؤسسات الشرعية، ليواصل «حزب الله» عملية ترسيخ «أعمدة» مشروعه فوق أنقاض الدولة.

وما بين الصورتيْن، ووفق المصادر نفسها، فإنّ المنزلق أصبح جاهزاً لانفجار غير واضح المعالم، مع ما يعنيه الأمر من كوْن البلد يعيش في سِباق مع الوقت، بين نضوج تسوية تنعكس داخلياً تسويات متعدّدة أو مرحليّة، أو الانحدار نحو انهيار شامل.

معركة مرتقبة

وفيما يزداد اهتمام اللبنانيين يوماً بعد يوم بالانتخابات النيابية المقبلة، فإنّ كل الوقائع المرتبطة بتاريخ 15 مايو تؤشّر إلى معركة حتمية، تحضر لها الأطراف الداخلية على اختلافها، وتحت عناوين متصادمة، بين قوى تخوضها معركة مصيرية، وقوى تسعى إلى الحفاظ على أحجامها أو إلى تكبيرها، وقوى تسعى إلى كسْر أكثريات معينة للتربع في موقع الأكثر تمثيلاً في الطائفة، وقوى تذهب بعيداً في وضع عنوان عريض لمعركتها، فحواه إحداث انقلاب جذري في الخريطة النيابية القائمة حالياً، وبلورة خريطة جديدة بموازين جديدة تعبّر عن تطلّعات الشعب اللبناني، أما العامل الوحيد الذي يدفع نحو حصول الانتخابات، فلن يكون حب السلطة بالديمقراطية والتغيير، إنّما الخوف من العقوبات.

وفاء عواد – البيان

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.