المخاوف الامنية جدية ومؤسسات الدولة تتهاوى… حل مؤقت للمحروقات يبدأ ‏اليوم؟

كتبت صحيفة ” الديار ” تقول : لم يعد احد مقتنعا ان ما يجري في البلاد مجرد “حماقة” او “سوء تدبير”، الفوضى الممنهجة التي يدفع ‏اليها اللبنانيون، ليست بريئة، والانهيار المتمادي في كل القطاعات يبدو دون “كوابح”، وما يحصل من ‏تفلت لسعر الدولار، والاجراءات الترقيعية والمربكة التي سببت “طوابير اذلال” غير مسبوقة على ‏محطات الوقود بالامس، تعكس العجز الفاضح، وربما “التآمر” على دولة لم تعد موجودة، وقد اقر رئيس ‏حكومة تصريف الاعمال حسان دياب بان منصات تسعير الدولار اقوى من الجميع، وتحدث عن “مؤامرة” ‏لضرب الموسم السياحي الموعود عبر التحركات في “الشارع”، لكنه لم يخبر اللبنانيين من هم المتخاذلون ‏والمتآمرون، ونسي انه مسؤول ولا يكفي اخبارنا بما نعرفه… في هذا الوقت يترقب الوسط السياسي رد ‏فعل “الشارع” على بدء رفع الدعم بتحرير أسعار المحروقات بدءا من اليوم على وقع تحرك ‏‏”الشوارع”حيث سيكون هذا القرار “بروفة” لقرارات لاحقة في سياق الرفع غير المعلن للدعم، وسط ‏تحذيرات امنية من “فوضى” اجتماعية عنفية غير محدودة. واذا كانت نقطة التحول في الازمة المالية ‏تمثلت بالامس بنجاح اعضاء جمعية “بنين” في اجبار البنك اللبناني السويسري على تحويل اموال الجمعية ‏بالقوة الى تركيا بعد اقتحام نحو مئة من اعضائها لفرعها الرئيسي، فان نقطة التحول الخارجية لاجبار ‏السياسيين في لبنان على تحمل مسؤولياتهم وتشكيل الحكومة لم تكتمل بعد، فوسط انسداد الافق حكوميا ‏على المستوى الداخلي، لم تبد الولايات المتحدة الاميركية اي رغبة جدية بمساعدة فرنسا في مسعاها ‏الجديد لتشكيل حكومة انتخابات، وارجأت الحديث عن “تسوية” الى نهاية الصيف، تزامنا مع تفاهمات ‏اميركية – اسرائيلية على توسيع استراتيجية “المعركة بين الحروب”، لتشمل حزب الله مباشرة ضمن ما ‏يعرف بالعمليات “الجراحية” الدقيقة وسط مخاوف جدية من توسيع رقعة الاشتباك الذي بدأت ملامحه ‏بالامس في العراق!‏

لا تسوية قبل نهاية الصيف؟
وفي هذا السياق، لم يترجم اللقاء الفرنسي – الاميركي الاخير الى اي شيء جدي وملموس، ولم تتجاوز ‏النقاشات بين وزير خارجية فرنسا جان ايف لودريان ونظيره الاميركي انطوني بلينكن الاسبوع الماضي ‏الخطوط العريضة دون الولوج الى التفاصيل، اما الحديث العلني عن وجود تقييم واحد للوضع بشأن ‏الانهيار في لبنان، فكان كلاما دبلوماسيا، بحسب اوساط دبلوماسية غربية كشفت ان الجانب الاميركي ‏رفض الدخول في تفاصيل محددة حيال كيفية اخراج لبنان من ازمته، وتم الاتفاق على تاجيل البحث الى ‏الشهر المقبل حيث يتحضّر لودريان للقيام بزيارة رسمية الى واشنطن منتصف تموز، لكن التفاهمات على ‏كيفية مقاربة الوقائع لن تكون متاحة قبل نهاية الصيف عند زيارة الرئيس افرنسي ايمانويل ماكرون الى ‏العاصمة الاميركية حيث سيكون الملف اللبناني على “طاولة” البحث مع الرئيس الاميركي جو بايدن.‏

‏”اخفاق” لودريان
ووفقا للمعلومات، اخفق لودريان في اقناع بلينكن بدعم جهود بلاده في الانتقال الى “الخطة باء”، بعدما ‏باتت باريس مقتنعة بان المبادرة الفرنسية فشلت ولا وجود لاي امكانية للخروج راهنا من الحلقة المفرغة ‏الا بتبني الذهاب الى تشكيل حكومة انتخابات نيابية تدير الازمة بأقل الخسائر الممكنة دون ان يكون ‏مطلوبا منها الذهاب الى اصلاحات، لكن وزير الخارجية الاميركية لم يكن متحمسا للفكرة طالبا المزيد من ‏الوقت لدراستها، لكنه شجع الادارة الفرنسية على الدفع قدما بتحويل العقوبات الاوروبية الى امر واقع ‏على المعرقلين في لبنان.‏

استياء فرنسي
وفي اشارة الى “الاستياء” الفرنسي من عدم تقديم واشنطن الدعم المطلوب لتحركاتها لبنانيا، نقل زوار ‏السفارة الفرنسية في بيروت عن السفيرة آن غريو تاكديها ان الدعم الأميركي للمبادرة الفرنسية يبقى ‏كلاما في “الهواء” وقالت “لم نلمس شيئاً من هذا القبيل على ارض الواقع، وشددت على ان بلادها لا ‏تعرف حقا ما يريده الاميركيون”.‏

‏”جس نبض” حكومي
وكان الفرنسيون قد بدؤوا عملية “جس نبض” لاحتمال تنحي الرئيس الحريري مقابل ان يشارك في تسمية ‏المرشح البديل لادارة حكومة الانتخابات، تحظى في المقابل بموافقة رئيس الجمهورية ميشال عون وتياره ‏السياسي، لكن حتى الان لا يزال التردد هو سيد الموقف في “بيت الوسط”، وقد فسرت مصادر مطلعة هذه ‏‏”المراوغة” برغبة الحريري “شراء الوقت” كي يتمكن من تسييل اعتذاره في الانتخابات المقبلة، وفي ‏الوقت نفسه استنزاف العهد حتى آخر” رمق”. في المقابل لم تبد اوساط بعبدا انفتاحا على نقاش مماثل ‏وطلبت اولا موافقة الحريري على التخلي عن احتجاز “ورقة التكليف” في “جيبه” وإذّاك “يبنى على ‏الشيء مقتضاه”.

اسرائيل “واليوم التالي”؟
في هذا الوقت، ما لم يفهمه الفرنسيون من الاميركيين، جاءت الاجابة عليه من اسرائيل التي تريد الاستفادة ‏من الفوضى اللبنانية لاضعاف حزب الله، واللافت بالامس، توقعات الصحيفة الناطقة باسم رئيس الحكومة ‏السابق بنيامين نتانياهو “اسرائيل اليوم” حصول الانهيار الكبير في لبنان، وتساءلت عما اذا كانت الحكومة ‏الاسرائيلية مستعدة لمواجهة “اليوم التالي” لهذا الانهيار. ولم تخف الصحيفة فرحتها لان الخطاب الأخير ‏للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، لم يكد يذكر فيه إسرائيل، اوالكفاح في سبيل القدس. ولم يكن ‏مهتما بالنووي او بالصواريخ، بل “بقسائم الغذاء”، وباستئناف تيار الكهرباء وبتوريد المياه وتخصيص ‏الوقود والمازوت، التي يصعب على الدولة اللبنانية توفيرها لمواطنيها…!‏

انهيار لبنان تحد لحزب الله!‏
وحسب زعم الصحيفة فان انهيار الدولة اللبنانية، يطرح تحدياً حقيقياً أمام السيد نصر الله، وبرايها فان هذا ‏الامر يقيد قدرة حزب الله على المناورة وهو بات ملتزما بمواصلة الحفاظ على الهدوء على طول الحدود ‏في الجنوب، لكن برأيها ثمة تهديد مركزي على إسرائيل، يتعلق باستمرار العمل على تطوير الوصاريخ ‏الدقيقة، والامل هو باستمرار 15 سنة من الهدوء على الحدود الشمالية، وأن تصدأ صواريخ حزب الله. ‏ولكن، يجب التحضير لليوم التالي للانهيار في لبنان، وبذل كل الجهد للتخريب على هذا المشروع ‏وعرقلته.‏

تطور خطر
هذه الحملة الاسرائيلية الممنهجة لتقليص قدرات حزب الله الصاروخية تزامنت مع الهجوم الاميركي ‏الجوي على مواقع الحشد الشعبي العراقي على الحدود العراقية- السورية، ووصفت مصادر مطلعة ‏تعليقات وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن على “الاعتداء” بالقول إن الهجمات كانت “ضرورية ‏ومدروسة لتوجيه رسالة ردع واضحة لا لبس فيها”، في إشارة منه إلى إيران، الى انها بداية مسار خطر ‏في المنطقة، خصوصا ان هذه الهجمات جاءت عقب “صمت” الولايات المتحدة على هجوم طائرات ‏‏”مسيرة” من نوع “كودكوفتر” على مشروع لانتاج اجهزة الطرد المركزي في ايران وهو اعتداء يشبه ‏الهجوم الفاشل الذي نفذ بواسطة طائرات صغيرة مشابهة في منطقة معوض في ضاحية بيروت الجنوبية ‏في آب 2019‏

تخطيط طويل الامد.‏
وفي هذا السياق، اكدت صحيفة “يديعوت احرنوت” الاسرائيلية أن عملية من هذا النوع هي نتيجة تخطيط ‏امتد لأشهر وسنوات طويلة، لكن بنيامين نتانياهو اوقف تنفيذها واختار نفتالي بينيت تنفيذها بهذا التوقيت، ‏ومثل هذه العملية التي قد يكون لها تداعيات عسكرية ودولية واسعة، تستوجب إقراراً مبدئياً للتنفيذ من ‏رئيس الوزراء، وإقراراً قبل التنفيذ، لفحص ما إذا كانت الظروف قد تغيرت، والموقع الذي تعرض ‏للهجوم يندرج في قائمة المواقع التي عرضتها إسرائيل في بداية 2020 على قادة كبار في إدارة ترامب، ‏بمن فيهم وزير الخارجية مايك بومبيو، ورئيسة السي.اي.ايه جينا هسبل.‏

استهداف حزب الله؟
ووفقا لمصادر دبلوماسية، ليس واضحاً بعد كم من الضرر لحق بمصنع إنتاج أجهزة الطرد المركزي. ‏ولكن الواضح أن أمر بينيت بتنفيذ الهجوم يعبرعن نهج حازم جديد في اسرائيل بالاتفاق مع الاميركيين ‏لان الحكومة الاسرائيلية ليست في صدد المخاطرة إذا ما فسرت العملية بانها احرج كبير للاميركيين في ‏ذروة المفاوضات الجارية مع إيران في فيينا، خصوصا ان ثمة معلومات جدية عن وجود تفاهمات ‏اميركية- اسرائيلية حصلت في واشنطن خلال زيارة رئيس الاركان الاسرائيلي افيف كوخافي على القيام ‏بعمليات عسكرية محدودة لا تتسبب بمواجهات واسعة في المنطقة، ويبدو ان حزب الله لن يكون بعيدا عن ‏هذا الاستهداف بعمليات “جراحية” منتقاة لا تسبب حربا واسعة، وبحسب تلك المصادر ثمة خشية ان يكون ‏بينيت معنيا باثبات نفسه كقائد صارم وحاسم ضد “اعداء اسرائيل”، وهذا ما يثير القلق من توسيع ‏استراتيجية “المعركة” بين الحروب لتشمل مواقع حساسة للحزب، في ظل قناعة “خاطئة” داخل اسرائيل ‏بان حزب الله في موقع ضعيف بعد الانهيار الاقتصادي في لبنان…!‏

مخاوف امنية
وامام هذه التحديات الخارجية، وفي ظل غياب الحلول الجذرية للازمات المتفاقمة داخليا ، فان ما حصل ‏ويحصل في اكثر من منطقة، وتحديداً في طرابلس، يؤشر ايضا بحسب مصادر سياسية مطلعة إلى خطورة ‏الاوضاع، لان القوى الامنية قد تصبح عاجزة عن مواجهة انتفاضة وأعمال شغب واسعة خصوصا اذا ‏كانت تحمل عناوين معيشية ومطلبية، ولفتت تلك الاوساط الى ان تحذيرات رئيس حكومة تصريف ‏الاعمال من فوضى مقصودة على ابواب الصيف “الواعد”، ليست تحليلا بل مخاوف مستقاة من تقارير ‏امنية وضعت على مكتبه خلال الساعات القليلة الماضية تشير الى ان التحركات ليست وليدة الصدفة، ولا ‏تحمل خلفيات معيشية.‏

بلبلة وفوضى المحروقات؟
في غضون ذلك، تسببت “البلبلة” في تطبيق الاتفاق على تسعيرة جديدة لاستيراد المحروقات بفوضى ‏عارمة امام محطات الوقود، فيما ادى الشح في المحروقات الى تعطيل الكثير من المؤسسات الامنية ‏والادارية والصحية… ففيما استمرت الطوابير امام المحطات، وأقفل جزء كبير منها “أبوابه”، اعلن ‏مصرف لبنان أنه “ابتداءً من 28 حزيران 2021 سيقوم ببيع الدولار الأميركي للمصارف التي تتقدّم بفتح ‏اعتمادات لاستيراد كل أنواع المحروقات بعد أن تكون قد استحصلت على موافقة مسبقة لهذه الاعتمادات ‏على سعر 3900 ليرة للدولار الواحد. على أن تسدّد هذه المصارف قيمة الاعتمادات مئة في المئة بالليرة ‏اللبنانية”. وهكذا ستبدأ البواخر المحمّلة بالبنزين والمازوت الراسية قبالة الشاطئ بتفريغ حمولتها في ‏الساعات القليلة المقبلة بعد جهوز الملفات المطلوبة وفتح الاعتمادات المصرفية. وبعد بيان المصرف ‏المركزي، اعلنت المديرية العامة للنفط عن صدور جدول اسعار المحروقات اليوم.‏

تهاوي مؤسسات الدولة
وبدات “الفضيحة” مع ساعات الصباح الاولى حين توقفت كلّ المعاملات في مركز الأمن العام في ‏السوديكو بسبب انقطاع التيار الكهربائي وحصول عطل في المولدات الكهربائية. كما توقفت أنطمة أجهزة ‏الكمبيوتر التابعة لوزارة المالية في قصر عدل بيروت ما تسبّب بوقف كل معاملات استيفاء الرسوم. وفي ‏المطار توقفت صناديق الجمارك عن قبض الرسوم بسبب عدم توافر الاوراق والمحابر، ما سيؤدي الى ‏مشكلة في حركة الشحن.‏

‏”جهنم” استشفائي
اما مدير مستشفى الحريري د. فراس ابيض فأعلن أن وضع تغذية الكهرباء للمستشفى غير مقبول. وقال ‏‏”انقطاع لاكثر من ?? ساعة في اليوم. الفيول غير متوافر، واذا توافر، نعاني مشاكل سيولة. المرضى لا ‏يستطيعون تغطية الفروقات. اخذنا قرارا بايقاف اجهزة التكييف الا في الاقسام الطبية رغم موجة الحر. لا ‏داعي لاستعمال المخيلة او للتهويل، نحن في جهنم حقا. من جهة اخرى، طلب رئيس الجمهورية من حاكم ‏مصرف لبنان رياض سلامة، حث المجلس المركزي على اتخاذ القرار المسؤول والمناسب المتعلق ‏باستمرار دعم الدواء، لأن هذا الامر يتعلق مباشرة بحياة المواطنين وسلامتهم ولا يمكن التساهل به.‏

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.