تفاؤل حذر بنتائج لقاء الإثنين.. وتعاظم الشكوك حيال مرحلة ما بعد تشكيل الحكومة

رئيس مجلس النواب نبيه بري مستقبلا وزير الداخلية محمد فهمي في عين التينة (محمود الطويل)

تأليف الحكومة اللبنانية المفترض أن يخرج من دائرة الجدل والمعاندة في اللقاء الثامن عشر المنتظر، بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري يوم الاثنين، وسيواجه «بقواعد التعامل» الجديدة التي حددها الأمين العام ل‍حزب الله في خطابه، والتي تدفع في الاتجاه الذي يرومه الرئيس عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، أي إلى حكومة سياسية، والا تفعيل حكومة حسان دياب المستقيلة، مع التوجيه بسياسات أمنية مغايرة لتلك التي يعتمدها الجيش والقوى الأمنية مع احتجاجات شعبية غاضبة، ومالية، تحمل حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، مسؤولية خراب الليرة اللبنانية.

وبانتظار وضوح الدور الروسي، المرتبط بطبيعة الإحداثيات التي سترسو عليها خرائط المنطقة، يبقى تعويل الحريري ومن يقول قوله، على فرنسا وحلفائها، فيما لوح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون «بتغيير نهج التعامل مع الطبقة السياسية في لبنان»، ما يفسر على أنه تهويل بالعقوبات، تزامن مع تصريحات لرئيس الأركان الإسرائيلي، الموجود في باريس، تضمنت التهديد بضرب البنى التحتية للبنان، حال التعرض لهجمات من الجانب اللبناني للحدود.

وتشير الاتصالات التحضيرية للقاء الإثنين إلى حذر في التفاؤل بولادة قريبة للحكومة، في ضوء غياب الثقة، وتعاظم الشكوك بين أطراف اللعبة الحكومية، حيال مرحلة ما بعد تشكيل الحكومة خصوصا، فبدون «الثلث المعطل»، أو الضامن للفريق الرئاسي، الذي يبدو أن الروس نصحوا حزب الله بإقناع الرئيس عون بتجاوزه.

ويبدو أن في الأمر مخاطرة، من وجهة نظر رئيس التيار الحر جبران باسيل على الأقل والفريق الرئاسي الداعم له، على اعتبار أنه بعد صدور مراسيم تشكيل الحكومة، ستقبض على زمام الأمور، حتى لو لم تنل ثقة مجلس النواب، حيث تتحول إلى حكومة تصريف أعمال، ومثل هذه الحكومة يمكن أن تعيش حتى نهاية ولاية الرئيس عون، وبمعزل عنه، ما لم يكن ممثلا فيها بالحجم المناسب.

ومن هنا، كان طرح حزب الله أن يكون الضمانة لمنع مثل هذا التفرد، عبر من يمون عليهم، ومن خلال الشارع الذي أشار إليه السيد نصر الله، وهو ما توحي به تغريدة النائب باسيل المبتهجة بتصريحات الأخير، ما يعني أنها موضع قبول.

وبالعودة إلى لقاء بعبدا، تقول المصادر إن الرئيس الحريري لم يحمل معه تشكيلة حكومية جديدة، إنما تداول مع الرئيس عون في التشكيلة القديمة التي بين يديه، والتي تضم 18 وزيرا اختصاصيا، موزعين على ثلاث ستات، وليس بينهم من يمثل وجهة نظر حزب الله.

وتقول المصادر إن عون سأل الحريري ما إذا كان حزب الله أبدى رأيه في إسقاطه الاسمين اللذين سماهما في التشكيلة السابقة، أي المعتمدة من الحريري وهما إبراهيم شحرور ومايا كنعان، فأجابه الأخير، لم أتشاور معه.

هنا أصر الرئيس عون على مقاربة مختلفة عن السابق وفق معاييره المعروفة. وكرر سؤاله حول ما إذا كان تم التوافق مع حزب الله على أسماء وزيريه، أجابه الحريري: «منعالجها».. فرد عون: هذا يعني أنك آت بحكومة لست أنا فقط من ليس موافقا عليها، ولن تأخذ ثقة إلا من «أمل» و«المستقبل» و«الاشتراكي».
وأضاف: أريد حكومة متكاملة فيها التوزيع الطائفي للحقائب، وأسماء الوزراء ومرجعياتهم السياسية، أنا رئيس الجمهورية، ومن حقي الاطلاع على كل الأسماء والتوزيع، لا أن تأتي لتناقشني بعدد الوزراء الذين هم لي.

مصادر المعلومات أكدت أن جو اللقاء بقي هادئا، وان تأجيل البت في الأمور لـ 72 ساعة، كما أشارت «الأنباء»، أي الى الإثنين، أخذ باعتباره ما سيقوله، (وقاله) الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، الخميس، والذي قدم فيه عرضا شاملا لمواقف الحزب، ولما يريده، مع ميل واضح إلى وجهة نظر الرئيس عون والنائب جبران باسيل، إذ إنه سحب موافقته على حكومة الـ 18 وزيرا اختصاصيا، مفضلا حكومة سياسية، ليضمن تمثيله فيها كحزب وتيار حليف.

وأرفق هذا التحول بدعوة الحريري إلى تشكيل حكومة على هذه الصورة، والا سيتم تعويم حكومة حسان دياب، الذي وصفه بـ «الرجل الوطني»، وفي حال تعذر التعويم. ذهب باتجاه البحث في اجتهاد دستوري يقود إلى حيث يريد الرئيس عون والوزير باسيل، أي الى سحب التكليف الذي منحه مجلس النواب للحريري كي يؤلف الحكومة.

وفي لهجة تهديدية واضحة، دعا نصرالله المتظاهرين الذين يقطعون الطرق احتجاجا على افتراس الدولار لمقومات الليرة اللبنانية وعلى ما آل إليه حال اللبنانيين مع منظومتهم السياسية الفاسدة والعاجزة بالتوقف عن قطع الطرق، والا سيكون للبحث صلة.

هذه اللهجة المستجدة لم تغب عند تناول السيد نصرالله لدور الجيش والقوى الأمنية في مواجهة المتظاهرين وتحديدا الذين يغلقون الطرق العامة، حيث يلتقي مرة أخرى مع الرئيس عون والنائب باسيل، على أن يكون دور الجيش أفعل في قمع الاحتجاجات القاطعة للطرق، من دون تجاهل الارتياب المتفاقم من جانب حزب الله بالمساعدات الأميركية للجيش اللبناني، معطوفا على القلق المتزايد من جانب رئيس التيار الحر جبران باسيل من تعاظم رهان اللبنانيين على الجيش وقائده العماد جوزف عون في إنقاذ مركب بات عمليا بلا قبطان.

باسيل سارع الى التغريد على حسابه التويتري مرحبا بمواقف السيد نصرالله، وقائلا: «هذا ما ينتظره التيار واللبنانيون. هذا هو المشروع المشترك الذي يمكن أن ينضم إليه الجميع، وهذه هي روحية وثيقة التفاهم «المطورة» التي يمكن لها أن تنقذ البلد وتنهض به إلى الأمام بالأفعال، حماية للبنان».

في حين أن ثمة أوساطا سياسية في بيروت اعتبرت أن السيد نصر الله ألقى خطاب الأزمة التي يعيشها الحزب، في ظل المستجدات الدولية والإقليمية المتسارعة، مع ملاحظة غياب إسرائيل وتهديداتها، بعد زيارة وفد الحزب الى موسكو، فضلا عن الاصطفاف في محور الصين.

رئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط، الذي ساهم مع الرئيس نبيه بري في تشجيع الحريري على الذهاب الى بعبدا مجددا، غرد بدوره قائلا: كل هذا النقاش جميل، لكن لا تصريف له عمليا، في غياب حكومة فيها الحد الأدنى من التضامن وخطة صمود اقتصادية. أما الذين استفادوا من الدعم في شتى المجالات فكفى دموع تماسيح. العودة الى الماضي لا تنفع، لكن مراهنات سياسية واهمة على دول أو محاور. ولنتعلم من دروس التاريخ. أنصح بالتسوية.

بالمقابل، اعتبر رئيس حزب الكتائب سامي الجميل أن ما يعيشه اللبنانيون الى حد كبير سببه حزب الله. وتوجه الى السيد نصر الله بقوله: ما من لبناني يريد حربا أهلية إلا أنت! أنت المسيطر على البلد، وأنت من يرسم الحدود للسياسيين، ناسك جوعى كغيرهم، كل الشعب اللبناني يعاني، وخلص الى المطالبة بتحييد لبنان وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.

وزير العدل السابق أشرف ريفي انتقد زيارة الرئيس الحريري الى بعبدا، وحثه على رمي هذه الحكومة بوجوههم، وقال للحريري: إنهم يتبادلون الأدوار.

أما بالنسبة الى كورونا فقد سجلت أمس 73 وفاة و3757 ، والدولار الأميركي انخفض ارتفاعه في السوق السوداء من 15 الف ليرة للدولار الى 11500 وسطيا، ويتوقع له المزيد من الانخفاض التدريجي بحسب الطقس السياسي السائد.

الانباء – عمر حبنجر

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.