واشنطن تُحذر من أن لبنان على شفير الانهيار.. هل أصبح الترسيم شرطاً للبدء بالاستشارات الحكومية؟
رئيس الجمهورية ميشال عون ينتظر وصول الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين، محددا الهدف بإعادة تحريك مفاوضات الترسيم، غير المباشرة، دون السقف الذي يطالب به الوسيط، الذي يريد أجوبة حاسمة وخطية، بخلاف ما أعلنه نائب رئيس مجلس النواب إلياس بوصعب، الذي نقل في تصريح متلفز عن هوكشتاين موافقته على ان يتسلم الجواب المطلوب شفهيا.
أما رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي فقد أكد «الحرص على حل الخلاف عبر الوسيط الأميركي هوكشتاين»، مشيرا إلى «تشديد جميع المعنيين على أولوية الحفاظ على استقرار الأوضاع في لبنان».
وأكد من عمان حيث ألقى محاضرة بدعوة من «معهد السياسة والمجتمع» على ضرورة «أن يختار المجلس النيابي من يراه مناسبا لتشكيل الحكومة الجديدة، وأن يكون التشكيل الحكومي من دون شروط وتعقيدات يضعها أي فريق في وجه الرئيس المكلف»، ولفت إلى «ان الانتخابات الرئاسية قد تتأخر ولكنها ستحصل».
ميقاتي استهل المحاضرة مشخصا للحالة اللبنانية من السياقات التاريخية والسياسية خلال العقود الماضية، وصولا إلى الانتخابات الأخيرة، والسيناريوهات المتوقعة على صعيد تشكيل الحكومة والانتخابات الرئاسية والعلاقات بين القوى السياسية المختلفة.
أما المفاجأة كانت بدخول الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله على الخط، فارضا نفسه وقراره على المفاوضات وعلى المعنيين بها، ورابطا هذا المسار بعجلة الملفات الإقليمية، اذ بينما كان نصرالله يهدد إسرائيل ان تجرأت وباشرت ضخ الغاز، كانت الصواريخ الإسرائيلية تنهمر على المواقع الإيرانية جنوب دمشق.
ففي إطلالته، التي تزامن توقيتها مع لحظة إعلانه الشهير عبر قناة «المنار»، «انظروا اليها تحترق وستغرق»، في اشارة إلى استهداف البارجة الإسرائيلية «ساعر 5» في بداية حرب تموز (يوليو 2006) رسالة واضحة وعلى عناوين عدة، داخلية وإسرائيلية ويونانية وحتى قبرصية، مع التركيز على اليونان، الذي اعتقد انها صاحبة الحافرة الضخمة المستقدمة من أجل شفط الغاز من منطقة التنازع مع لبنان، لكنه في ذات الوقت اعتبر الخط 29 الذي يطالب باعتماده السياديون والعسكريون المعنيون بهذا الملف «غير الواقعي»، وكأنه يعود إلى حضن الرؤساء ميشال عون ونبيه بري ونجيب ميقاتي، الذين يعتبرون هذا الخط تفاوضيا أما الأساس فيبقى الخط 23، وينضم رئيس التيار الحر جبران باسيل إلى هذا المسار أيضا. ويقول النائب السابق لرئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي لموقع «سبوت شو»: «باسيل باع الخط 29، ومهمته تدمير الدور المسيحي في لبنان».
ولم يتأخر الرد الإسرائيلي، إذ اكد وزير المال الإسرائيلي افيغدور ليبرمان ان اسرائيل لن تأخذ أي اعتبار لتهديدات من وصفهم بالارهابيين، او غيرهم، وأضاف: «اقترح ان يستمر نصرالله في الاختباء في القبو حيث يعيش».
من جهته، رفض رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط أي محاولة لإيجاد «شبعا بحرية»، وقال: «نحن بغنى عن عميد حطيط جديد، يتقمصه عام 2022 العميد بسام ياسين (صاحب خريطة الخط 29)»، مشددا لصحيفة «الجمهورية» على اتفاق الإطار الذي انطلق من عند الرئيس نبيه بري، والذي لا يتضمن تحديد خط معين.
ودعا جنبلاط إلى وقف المزايدات، وان اتفاق الإطار هو المرجع المناسب.
وفي الشأن الداخلي، استغرب جنبلاط الإصرار على تكرار بدعة البحث في هوية رئيس الحكومة الجديدة خارج أحكام الدستور.
أما النائب مروان حمادة فقد اعتبر أن اي حرب في المنطقة ستدمر لبنان، ورأى أن كلام الأمين العام لحزب الله وضع مسدسا على الطاولة باتجاه الرؤساء الثلاثة (عون وبري وميقاتي) ومعهم الجيش اللبناني قبل وصول الوسيط الأميركي، وكأنه يذكر من يعنيهم الأمر بأن قرار السلم او الحرب بيده.
وفي حديث لإذاعة «صوت كل لبنان»، قال حمادة عن التأخير في الدعوة للاستشارات النيابية «يبدو ألا مفر من فترة تصريف اعمال حكومية طويلة، اذا ما أرادت بعبدا فرض شروط التشكيل والقرارات على رئيس الحكومة».
من جهته، حدد رئيس حزب القوات اللبنانية د.سمير جعجع مواصفات الرئيس المقبل للحكومة، وأبرزها ان يكون سياديا، ويعيد للحكومة قرارها الاستراتيجي ويحصر القرار العسكري والأمني بالجيش اللبناني، وهو شرط مستحيل في ظروف لبنان الراهنة كما يبدو، ما يوحي بأن القوات اللبنانية ليست في وارد المشاركة بالحكومة المنتظر تشكيلها خارج هذه المفاهيم.
ويخشى ان يكون ترسيم الحدود البحرية بند في جدول الشروط على الحكومة العتيدة، قبل ان تبصر النور، من هنا يبدو ان الجميع بانتظار«غودو» هوكشتاين الشكسبيري غدا الأحد، ومعه خرائط الترسيم الأميركية، ومن دون موقف لبناني حاسم.
وفيما رأت صحيفة «هاآرتس» الاسرائيلية ان مستقبل لبنان في ضاحية اسرائيل الفقيرة! وقالت مساعدة وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الأدنى ان لبنان اليوم على شفير انهيار الدولة والمجتمع، المسؤولون اللبنانيون خارج الوعي لما هم مسؤولون عنه، لذلك يتصرفون وكأن الدنيا من حولهم بردا وسلاما، فلا كأن من طامع يسرق نفطهم وغازهم، ولا فوضى مجتمعية أو امنية تزحف باتجاه مواقعهم، وليس هناك ما يستدعي عقد جلسة استثنائية لحكومة تصريف الاعمال، او على الاقل استعجال الدعوة إلى الاستشارات النيابية الملزمة من اجل اختيار رئيس حكومة لآخر الولاية الرئاسية، وتشكيل هذه الحكومة، تتولى انقاذ ما تبقى من اشلاء البلد.
الانباء ـ عمر حبنجر
Comments are closed.