الانتخابات اللبنانية.. «القوات» أكبر الرابحين.. «الثنائي» ربح مقاعده وخسر حلفاءه

لافتات رفعتها «القوات اللبنانية» في بيروت تشكر فيها أنصارها ومن صوتوا لها (أ.ف.پ)

انقشع غبار الانتخابات النيابية اللبنانية وبدأت القوى السياسية الاستعداد لمرحلة ما بعدها بكل ما سجلته مفاجآت وانتكاسات وانتصارات، فالانتخابات ربح وخسارة، وأحيانا تلتقي النتيجتان في حالة واحدة، الرابح يكون بالنهاية خاسرا، وكذا الخاسر يكون رابحا، وفي الانتخابات النيابية اللبنانية، كان هناك رابح بالشكل وخاسر في المضمون، فقد كسب فريق الممانعة ممثلا بثنائي «أمل» وحزب الله نجاح مرشحيه في مواقعه الانتخابية، لكنه خسر معظم حلفائه في المواقع الأخرى وفي طليعتهم التيار الحر، الذي هبط تمثيله في مجلس النواب من 27 نائبا في المجلس الحالي إلى 14 في المجلس الجديد المنتخب، بينما ارتفع تمثيل القوات اللبنانية من 15 إلى 22 نائبا، لتشكل أكبر كتلة نيابية في المجلس الجديد.

وتتضاعف الخسارة، عندما يكون بين الخاسرين رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني طلال أرسلان وحليفه رئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب، معتمدا دمشق وفريق الممانعة، في المواجهة مع أحادية زعامة وليد جنبلاط لطائفة الموحدين الدروز.

وقال وهاب في تغريدة «آسف لعملية الغدر التي تعرضنا لها ممن صدقوا الأكاذيب واختاروا الذل على الحرية.. مبروك عليكم الطوق حول رقابكم وأشكركم على تحريري».

وشملت الخسائر رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي السابق أسعد حردان، الذي يعد وديعة حكومة دمشق في حزبه، وفي البرلمان الذي فقد الآن مقعده فيه، وبالنسبة عينها سقوط نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي.

مقابل هذه الخسارات الجسيمة هناك ظاهرة فوز أعتى مناهضي حزب الله وهيمنته على عهد ميشال عون، كفوز اللواء أشرف ريفي ومن معه في طرابلس، الذي شكل تحديا لكل فرقاء الممانعة، بما أعاد إلى طرابلس من وهج وطني وقومي عربي سليم، لطالما افتقدته، ومثله فوز مرشح القوات اللبنانية في دائرة بعلبك ـ الهرمل أنطوان حبشي، رغم التضييق على مندوبيه إلى حد إخراجهم عنوة من بعض مراكز الاقتراع، وكان ذلك بمنزلة رد فعل من الناخبين الشيعة وأبناء العشائر الذين فرض حزب الله على مرشحيهم الانسحاب قسرا لحساب مرشحي الثنائي.

ويقع فوز أسامة سعد في صيدا ضمن خانة التحدي هذه، ما يكشف عن تبلور أجواء سياسية وشعبية رافضة للمناخ الإقليمي الممانع والمتسيد على المنظومة الحاكمة في لبنان.

في المحصلة النهائية، يعتقد البعض ان اللبنانيين صوتوا بوجه الأصبع الذي لطالما اهتز بوجوههم، والذي استطاع ان يمنع تشكيل لوائح منافسة له في مناطق نفوذه تحديدا، لكنه لم يتوصل إلى حمل الناخب الشيعي على منحه شرعية تمثيله، بدليل فوز مرشح القوات أنطوان حبشي في دائرة بعلبك ـ الهرمل، حيث عقر داره بعد إجبار المرشح رفعت المصري على سحب ترشيحه مع آخرين من العشائر القوية.

الرئيس سعد الحريري غرد عبر تويتر معلقا: «انتهت الانتخابات ولبنان أمام منعطف جديد الانتصار الحقيقي لدخول دم جديد إلى الحياة السياسية.. قرارنا بالانسحاب كان صائبا هز هياكل الخلل السياسي، وهو لا يعني التخلي عن مسؤولياتنا، سنبقى حيث نحن نحمل حلم رفيق الحريري ونفتح قلوبنا وبيوتنا للناس. نسأل الله ان يحمي لبنان».

وأبدى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ارتياحه إلى مسار اليوم الانتخابي الطويل، وقال: «لقد نجحت الحكومة في إنجاز هذا الاستحقاق بجدارة رغم حدة الانقسام السياسي الحاد والتشنج الذي كان سائدا».

وشدد على ان بعض الشوائب والتجاوزات التي حصلت خلال اليوم الانتخابي أمكن معالجتها بالقانون وبالسياسة أيضا.

رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، المنتصر الأكبر في هذه الانتخابات إلى جانب الحراكيين والتغيريين، وجه تحية شكر للشعب اللبناني، مؤكدا ـ في تصريح أدلى به عند الفجر ـ بداية الإنقاذ الوطني.

وعن انتخاب رئيس الجمهورية المقبل، قال: أولا نريد انتخاب رئيس لمجلس النواب يكون رئيسا لمجلس النواب، ويسعى لإعادة القرار الاستراتيجي الأمني والعسكري للدولة، ولإعادة دور الدولة للدولة، لا ان يكون متواطئا على الدولة، وان يتعهد بتطبيق الدستور، والنظام الداخلي لمجلس النواب وبعده يتم تشكيل الحكومة، وقال انه لن يصوت لبري كرئيس للمجلس.

وردا على قول السيد حسن نصرالله ان هناك حربا سياسية تشن على حزب الله، قال: الحزب أوصل البلد إلى ما وصل إليه، وبكل صراحة يقول نصرالله انه ضد الفساد، ثم عاد وتحالف مع جبران باسيل وغيره، لقد جمع كل الفاسدين وتحالف معهم ولايزال يقول انه مقاومة.

وأبلغ جعجع إذاعة «لبنان الحر» انه لا أنصاف حلول بعد اليوم، وسنبدأ المعركة الكبرى بممارسة جديدة بتنفيذ كل كلمة قلتها قبل الانتخابات.

وكان جبران باسيل استبق النتائج الرسمية للانتخابات بالإعلان عن ان التيار لم يكن في معركة انتخابية مع «القوات» و«الاشتراكي» و«الكتائب» و«أمل»، انما كان في معركة بدأت في الحد الأدنى في 17 أكتوبر مع أميركا وإسرائيل!

والحاصل أن الانتخابات النيابية صارت وراء اللبنانيين وبدأ مسار آخر يبدأ انطلاقا من 22 الجاري بالتحضير لانتخاب رئيس مجلس النواب الجديد وأول حرف من اسمه نبيه بري ونائبه وهيئة مكتب المجلس، تعقبها دعوة رئيس الجمهورية للاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس للحكومة تشكيل الحكومة مع ترجيحات ببقاء الرئيس نجيب ميقاتي على رأس الحكومة التي ستكون مهمتها مع المجلس النيابي الجديد إقرار القوانين تنفيذا لإلتزمات لبنان مع صندوق النقد الدولي وتهيئة الأجواء للانتخابات الرئاسية التي تبدأ مهلتها الدستورية في 31 أغسطس، والتي يؤمل ان تجرى في مواعيدها وعدم الدخول في فراغ رئاسي سيكون الثالث في ظل دستور الطائف.

الانباء ـ عمر حبنجر

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.