المواجهة القضائية.. هل يستجيب حاكم المصرف لدعوة القاضية عون بعد توقيف شقيقه؟

 رجا سلامة

ليس من يظن لبرهة ان المواجهة المتصاعدة بين «قضاء العهد» وبين القطاع المصرفي في لبنان قانونية صرفة، او يقظة قضائية متأخرة على حقوق المودعين في هذه المصارف، انما الانطباعات العامة، تذهب مباشرة الى الملف الانتخابي، من باب الصراع المزمن، بين رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه السياسي، وبين حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ودعاماته السياسية، حول مسؤولية كل منهم عن بلوغ لبنان هذا المنحدر الجهنمي المدمر.

إنها الانهيارات التي تسابق الانتخابات، بحسب صحيفة «اللواء»، وهو قرار جبران باسيل، حتى لا يخسر التيار، تطيير انتخابات مايو.

رجا سلامة أصبح موقوفا لدى النائبة العامة في جبل لبنان غادة عون بجرم تبييض الأموال والإثراء غير المشروع وتبديد المال العام، وسط اخبارات استندت الى صحف فرنسية، وضمن أوراق هذه الصحف ان الحاكم رياض سلامة وقع عقد وساطة (سمسرة) مع شركة فوري المملوكة من شقيقه رجا، وتمخض هذا العقد عن قبض ما يزيد على 330 مليون دولار أميركي، وبيع أوراق مالية مستحقة لمصرف لبنان. وهذه العمليات مشروعة في النظم المصرفية، لكنها مرذولة في الاعتبارات الأخلاقية، وقالت القاضية عون ان الحاكم استخدم اسم أخيه وشركات وهمية أنشأها رجا قاربت قيمتها 12 مليون دولار، وأكدت لقناة «الجديد» انها استدعت رياض سلامة للمثول أمامها يوم الاثنين المقبل، وانها لا تدري اذا كان سيحضر هذه المرة.

وبحسب كتاب الدائرة القانونية لمجموعة «رواد العدالة» تدخل أوكرانيا في المواجهة مع المصارف، عبر مواطنة أوكرانية تدعى آنا كوزا كوفا طلب الاستماع إليها كشاهدة، يضاف إلى ذلك مقاربة قضائية من إمارة موناكو ضد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي شخصيا، والذي أعلن امس انه ليس ضد الملاحقات القضائية الأصولية.

من جهته، اعتبر رئيس الجمهورية ميشال عون ان الحملات الإعلامية التي ارتفعت وتيرتها خلال اليومين الماضيين والتي حاولت الربط بين دور لرئاسة الجمهورية والإجراءات القضائية التي اتخذت في حق عدد من المصارف، هي قمة في التزوير والافتراء والتضليل وهي نتيجة، مؤكدة لحال الفلتان التي يعيشها لبنان على مختلف المستويات، والإمعان في ضرب مؤسسات الدولة والقوانين المرعية الإجراء.

وأكد الرئيس عون خلال استقباله في قصر بعبدا، في حضور وزير الداخلية والبلديات بسام المولوي، رئيس هيئة الإشراف على الانتخابات القاضي نديم عبد الملك والعضوين الجديدين في الهيئة القاضي أحمد حمدان والإعلامي خليل الخوري اللذين أقسما اليمين تمهيدا لمباشرة مهامهما في الهيئة، ان كل ما نشر في بعض الصحف وفي وسائل إعلامية مرئية ومسموعة ومواقع التواصل الاجتماعي عن «مواجهات» بين رئاسة الجمهورية ومسؤولين مصرفيين هو من نسج الخيال ويهدف الى تسييس هذا الملف القضائي الصرف واختراع معارك وهمية وربطها زورا بالاستحقاق الانتخابي النيابي المرتقب في 15 مايو المقبل.

واجتمع ميقاتي امس، مع وزير العدل هنري خوري في السراي الحكومي، وجرى البحث في عدد من الملفات المتصلة بالوزارة. وفي خلال الاجتماع أكد الرئيس ميقاتي «أن الحرص على استقلالية القضاء وعدم التدخل في الشؤون القضائية، يوازيه الحرص على استقرار الأوضاع في البلد من النواحي كافة، لاسيما المالية».

وقال: «من حق القضاء أن يحقق في أي ملف مالي ومصرفي، خصوصا أن استعادة المودعين في المصارف حقوقهم هي الأولوية والثابتة الأساسية في كل المفاوضات التي نجريها مع صندوق النقد الدولي وكل الهيئات المعنية، إلا أن استخدام الأساليب الشعبوية والبوليسية في مسار التحقيقات أساء ويسيء الى القضاء أولا والى النظام المصرفي ككل».

وأضاف: «من الواضح أن مسار الأمور لدى بعض القضاء، يدفع باتجاه افتعال توترات لا تحمد عقباها، وثمة محاولات لتوظيف هذا التوتر في الحملات الانتخابية، وهذا أمر خطير سبق وحذرنا منه».

وقال: «من هذا المنطلق فإننا نجدد مطالبة السلطات القضائية المعنية بأخذ المبادرة في تصويب ما يحصل، وفق الأصول المعروفة، والدفع باتجاه العودة الى مبدأ التحفظ، وعدم ترك الأمور على هذا النحو الذي يترك انعكاسات مدمرة على القضاء اولا، وعلى إحدى الدعائم الاقتصادية في لبنان، والتي سيكون لها دور أساسي في عملية النهوض والتعافي».

وتم في خلاصة البحث الاتفاق على الطلب من مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات اتخاذ الإجراءات المناسبة في هذا الملف.

ومن القصر الجمهوري أعلن ميقاتي عن عقد جلسة استثنائية لمجلس الوزراء صباح اليوم لمعالجة قضية المصارف.

وتقول قناة «ام تي في» ان الفريق الرئاسي فعل كل ما باستطاعته لتطيير الانتخابات، بالطعن في قانونها أمام المجلس الدستوري أولا، ثم بإثارة موضوع الدائرة الاغترابية 16 وصولا الى طرح مشروع الميغاسنتر، وها هو اليوم يستعين «بسلاح» غادة عون، التي تنظر الى الأمور بعين واحدة.

وكان الرئيس عون دعا الاثنين الماضي، النائب العام التمييزي غسان عويدات الى القصر الجمهوري والتقاه بحضور مستشاره القضائي سليم جريصاتي، وتقول وسائل التواصل انه تم تحييد القاضي عويدات عن الحملة التي قادتها القاضية عون ضد رجال المصارف، بهدف دفع المصارف للإقفال، مما يعرقل الحركة المصرفية ومن ثم الانتخابية لجهة الإنفاق الانتخابي ودفع رواتب الموظفين، وصولا الى الفراغ الذي وعد عون بأنه لن يسلم البلد إليه.

وغادر رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط ورئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية الى العاصمة الفرنسية باريس، وذلك لعقد لقاءات مع مسؤولين فرنسيين وعرب للبحث في الملف الانتخابي.

وفي بيروت يتنافس 118 مرشحا على 11 مقعدا نيابيا، أبرزهم النائب فؤاد مخزومي في دائرة بيروت الثانية، الوزير السابق خالد قباني، ورئيس نادي الأنصار نبيل بدر والنائب السابق عماد الحوت، فالنائب عدنان طرابلسي، مرشح جمعية المشاريع الخيرية (الأحباش) وعبدالله مطرجي المقرب من هذه الجمعية والمرشح على لائحة ثنائي أمل وحزب الله.

أما المجتمع المدني المنقسم على نفسه، فقد شكل لائحتين في بيروت، الأولى برئاسة النائبة المستقيلة بولا يعقوبيان والثانية برئاسة إبراهيم منيمنة.

ويحاول رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة تقريب المسافات بين المرشحين الأقرب الى خيارات أبناء العاصمة، من دون الدخول المباشر في الشوارع الضيقة، إلا انه يواجه بعقبات كيدية، من جانب بعض العائلات البيروتية المتأثرة بأجواء تيار المستقبل، الملتزم بقرار رئيسه سعد الحريري، بتعليق نشاطه الانتخابي، لكن بات ظاهرا للعيان دعم السنيورة لمرشح الحزب التقدمي الاشتراكي عن المقعد الدرزي الوحيد في بيروت النائب فيصل الصايغ، بمواجهة نسيب الجوهري مرشح طلال أرسلان المدعوم من الثنائي الشيعي والتيار الحر.

وفي الشمال 292 مرشحا، و269 في جبل لبنان، حيث تتنافس الأحزاب مع الحراك المدني على المقاعد المخصصة للمسيحيين، في حين لم يتجاوز عدد المرشحين في الجنوب 105 مرشحين، حيث السيطرة للثنائي. باستثناء بعض المرشحين المستقلين.

وفي البقاع يتنافس 43 مرشحا شيعيا على 4 مقاعد و21 سنيا على مقعدين و7 موارنة على مقعد واحد و10 كاثوليك على مقعدين.

من جهته، الوزير السابق اللواء اشرف ريفي قال انه يخوض الانتخابات في طرابلس ليس حبا بالموقع انما لرفع اليد الإيرانية عن لبنان، فأهدافنا واضحة والأيام المقبلة ستبلور تحالفنا.

وكشف ريفي عن «هروب قياديين بارزين من حزب الله الى إسرائيل وقادة الحزب غارقون في جمع الثروات، ولم تستطع قيادة الحزب ضبط الاختراقات»، وتوقع مفاجأة في البيئة الشيعية لا تقل عن خسارة مقاعد نيابية هذه الدورة.

الانباء – عمر حبنجر

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.