«خميس الغضب» طلقة «فارغة».. تحذيرات من تحول الاحتجاجات إلى استهداف للانتخابات النيابية

.jpg
عدد من السائقين العموميين خلال إقفال عدد من الطرقات الرئيسية في بيروت (محمود الطويل)

«يوم الغضب» الذي نفذه العاملون في قطاع النقل العام، بناء على دعوة الاتحاد العمالي، لم يكن ساطعا بمستوى التحضيرات له، إلا من حيث إغلاق الطرق والمصارف والمؤسسات بواسطة السيارات والحافلات والشاحنات، فيما اقتصرت المشاركة الشعبية على السائقين وغيرهم من العاملين في هذا القطاع، إثر انطلاق دعوات تحذيرية من ثوار وأحزاب معارضة، تخشى ان يكون غضب اليوم الواحد، من الساعة الخامسة صباحا حتى الخامسة مساء، مقدمة لفوضى أمنية تستهدف تطيير الانتخابات النيابية المقررة في مايو المقبل.

وقد رد المحذرون، تحذيرهم، إلى كون الدعوة لـ «يوم الغضب» صدرت عن الاتحاد العمالي الذي يرأسه بشارة الأسمر، وعن اتحاد النقل برئاسة بسام طليس، وكلاهما يتحرك عادة على إيقاع حركة أمل و«الثنائي الشيعي» بمعزل عن وجاهة الأسباب الدافعة، والتي قابلتها وزارة الطاقة بالمزيد من رفع لأسعار المحروقات، فيما يشبه التحدي المباشر للغاضبين، في تقدير من الوزارة التي يسيطر عليها التيار الحر، بأن الأمر مجرد «تنفيسة» للاحتقان العام، وهذا ما جعل أحد ثوار طرابلس يشبه «يوم الغضب»، بطلقة رصاص فارغة في الرأس.

ولعب الجيش والقوى الأمنية، الدور الملائم في مواجهة إقفال الطرق، دون الاحتكاك بالسائقين الغاضبين، خصوصا على الطرق الدولية الحيوية، وبالذات طريق مطار رفيق الحريري الدولي، الذي تمكن المغادرون من الوصول إليه بقليل من المصاعب.

ولفتت المصادر المتابعة، إلى اقتصار التواجد في الشوارع والطرقات على العاملين في النقل العام والنقابات الحليفة، مع الغياب المباشر لحزب الله، الذي انصرف اهتمامه أمس، الى انفجار أحد مستودعات أسلحته في أراضي بلدتي حومين ورومين الجنوبيتين، الواحدة والنصف من فجر أمس الخميس، فيما كان الطيران الحربي الإسرائيلي يحلق في سماء المنطقة، وفق شهود عيان. ومنعت حواجز للحزب، تدخل سيارات الإسعاف التابعة لجمعية الرسالة (أمل)، كما منعت وسائل الإعلام من الوصول إلى مكان الانفجار.

وإذا صح ان إسرائيل وراء تفجير هذا المركز للحزب، فإن مثل هذا العمل ينطوي على خرق مباشر لقواعد الاشتباك، الذي ساد المنطقة منذ حرب 2006 بين الحزب وإسرائيل.

وذكر متابعون انه سبق ان حصل تفجير لمستودع أسلحة للحزب في بلدة حولا الحدودية منذ بضعة أشهر، ولم تتهم به إسرائيل.

يبقى ان المنظومة السياسية منشغلة عما يجري، بمآل دعوة رئيس الجمهورية ميشال عون المتأخرة للحوار، بعد المشاورات الثنائية التي أجراها مع من حضر من رؤساء الأحزاب والكتل، وجميعهم من العازفين على إيقاع الممانعة.

وقد أعلنت رئاسة الجمهورية أن دعوة عون للحوار ستبقى مفتوحة ولكن دون ان تحدد لها موعدا، داعيا لأن «يغلب الحس الوطني للمقاطعين على أي مصالح أخرى، ووقف المكابرة والنظر الى ما يعانيه الشعب اللبناني والموافقة في أقرب وقت على إجراء حوار صريح لنقرر مستقبلنا بأيدينا استنادا إلى إرادة وطنية ولكي لا يفرض علينا مستقبلا نقيض ما نتمناه لوطننا». وقال البيان ان بين القيادات من تراوحت مواقفهم بين رفض التشاور ورفض الحوار «بما يحملهم مسؤولية ما يترتب على استمرار التعطيل الشامل للسلطات، حكومة وقضاء ومجلسا نيابيا».

وحملت الرئاسة المعطلين للحوار والرافضين له «مسؤولية خسارة الناس أموالهم وخسارة الدولة مواردها، كما يتحملون مسؤولية عجز كل مواطن ومواطنة عن تأمين لقمة العيش».

وأكدت «ان رئيس الجمهورية ماض في دعوته للحوار من دون تردد».

وتبدو بعبدا أكثر استياء، من رئيس القوات اللبنانية د. سمير جعجع، فالمقاطعون الآخرون حضروا او اتصلوا معتذرين، بينما لم يستجب جعجع للدعوة من اجل التشاور، تاركا لنواب القوات التعبير عن رفضهم للحوار عبر التصريحات الإعلامية، ونقل عن مصدر في بعبدا تعقيبه بالقول: «نحن مش بوسطة، وما منتبلغ بالواسطة..»

وحده رئيس التيار الحر جبران باسيل، دعا الرئيس عون الى إجراء الحوار مع من يحضر، على غرار دعوته الى اجتماع مجلس الوزراء بمن حضر، وقد صب جام غضبه على جعجع دون ان يسميه بالقول: هذا الذي يقول «نربح الانتخابات، يهبط سعر الدولار، تبنى رفع سعر الدولار بنفسه!»

واستياء باسيل من حزب الله معلن، بسبب تعطيله اجتماع مجلس الوزراء، وتاليا طاولة الحوار، وعندما قيل له: «الحزب حليفكم ألا تمونون عليه؟ أجاب: لو نمون عليه كان بيتراجع. وأضاف: الحزب مسؤول عن النتائج الحاصلة، هو والثنائي الشيعي ورئيس الحكومة الذي لا يدعوها للاجتماع، وفي هذه الحالة الأفضل ألا يكون لدينا حكومة من ان تكون هناك حكومة لا تعمل.

من جهته، يرى جعجع ان الحوار المطروح مجرد ملهاة، ومأساة ان يضيع رئيس الجمهورية وقتا ثمينا، والشعب في قعر جهنم يكتوي يوميا بنار الأزمات المعيشية، فمن يصدق ان رئيس البلد دعا الى حوار، في وقت يعرف القاصي والداني، انه سيكون حوارا عقيما لا يمت الى الواقع بصلة.

بدوره، رئيس حزب الطاشناق آغوب بقرادونيان رأى ان الحوار أفضل من الاقتتال، لكن رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان، نصح الرئيس عون بالتريث في توجيه الدعوة فوافق على اقتراحه.

المصادر المتابعة، اعتبرت ان بيان التأجيل، سيرد ذلك: الى «عدم تمتع الأفرقاء السياسيين بالحس الوطني»، رغم التدهور الحاصل في البلد، وترد المصادر عينها، بأن المشكلة ليست في الحوار، بل بالقرار الذي لم يصدر يوما عن أي حوار.

الانباء- عمر حبنجر – داود رمال

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.