تضخم جامح في لبنان.. الأسعار قفزت 557 % منذ أكتوبر 2019
حذر خبراء من تضخم جامح في لبنان إذا لم يشكل الساسة المنقسمون بشدة، حكومة قريبا لمعالجة الأزمة المالية التي بدأت في 2019 وتنذر بزعزعة الاستقرار في البلاد التي مزقتها حرب أهلية بين 1975 و1990.
ووفقا لـ”الفرنسية”، يقول برنامج الأغذية العالمي إن التضخم في أسعار المواد الغذائية ارتفع بما يصل إلى 557 في المائة منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2019.
وقالت رشا أبو ضرغام المتحدثة باسم البرنامج “نحن نتحدث عن أسرة من كل خمس أسر تواجه صعوبات في تدبير الطعام”.
ويضطر عدد كبير من الأسر التي تزورها بانتظام إلى عدم تناول بعض الوجبات من أجل توفير الطعام لأطفالها بينما تعتمد أسر أخرى في تدبير قوت يومها على قيام بعض المخابز القريبة بإرسال طعام مجاني بين الحين والآخر.
في ضوء الارتفاع الشديد في تكاليف المعيشة وعدت حكومة تصريف الأعمال العاملين بإعانات مختلفة من بينها زيادة في إعانة المواصلات قيمتها 16 ألف ليرة لبنانية يوميا أي أقل من دولار بسعر الصرف الحالي في السوق.
ويجادل بعض الاقتصاديين بأن ذلك لن يحقق شيئا سوى زيادة الدورة التضخمية ويؤدي في النهاية إلى تضخم جامح إذا لم تنفذ إصلاحات مستديمة.
وقال الاقتصادي البارز ناصر سعيدي الوزير السابق “ما إن تدخل تلك الدورة التي تنفذ فيها تعديلات لتكلفة المعيشة، دون أن تملك أي مصدر آخر للدخل حتى تجد أنك لا تفعل شيئا سوى طباعة النقود وبذلك تشكل دائرة مفرغة”.
ويعيش العاملون في مختلف القطاعات أزمة بطالة تتزايد يوما بعد يوم، إذ تم الاستغناء عن إبراهيم جابر عندما أغلق علي حمودي مطعمه الذي كان يعمل به طاهيا، ولعجزه عن العثور على وظيفة أخرى اضطر لإخراج ابنته من المدرسة لكي يستطيع تدبير الطعام للأسرة.
وجابر واحد من عدد كبير من اللبنانيين الذين وجدوا أنفسهم في مواجهة تضخم مذهل في وقت اضطر فيه أصحاب الأعمال لخفض حجم نشاطهم أو الإغلاق تحت وطأة الأزمة المالية المتصاعدة في البلاد.
ووفقا لـ”الفرنسية”، قال جابر إنه لن يسجل ابنته في المدرسة لعجزه عن تدبير نفقاتها، أصحاب المطعم اعتادوا صرف مبلغ للعاملين للمساهمة في نفقات الدراسة وهذا المصدر توقف الآن.
أما من احتفظوا بوظائفهم فقد شهدوا انخفاض القيمة الحقيقية لمرتباتهم انخفاضا كبيرا إذ فقدت الليرة اللبنانية نحو 90 في المائة من قيمتها مقابل الدولار في العامين الأخيرين.
وقال جابر إنه يفضل العمل في أي مكان في العالم ولو في رفع النفايات إذا اقتضى الأمر على البقاء في لبنان.
ومع تراجع أعداد الزبائن في ضوء ارتفاع الأسعار اضطر حمودي لدفع مبالغ أكبر للحصول على الوقود اللازم لتشغيل مولدات الكهرباء الخاصة في غياب الكهرباء التي توفرها الدولة ولمواصلة تشغيل الدراجات النارية التي يعمل سائقوها في توصيل الطلبات.
والآن يعتزم حمودي نقل نشاطه إلى خارج لبنان ويقول إنه أرجأ القرار رغم تصاعد المشكلات لأنه كان يشعر بالقلق على العاملين لديه البالغ عددهم 230 فردا.
وقال إن ذلك معناه أن 230 أسرة أصبحت الآن بلا دخل، مشيرا إلى أنه يعتقد أن العاملين لن يستطيعوا العثور على وظيفة أخرى.
ويحذر مستوردو الغذاء من أن النقص قد يتفاقم قريبا لعجزهم المتزايد عن توفير النفقات وقد ظهرت بالفعل مساحات كبيرة من الأرفف الخالية في بعض متاجر السوبر ماركت.
وقال هاني بحصلي رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية في لبنان إنه متأكد أن عددا كبيرا من الشركات قلص بالفعل وارداته رغم أن ظهور ذلك في البيانات الرسمية سيستغرق وقتا.
وفي أحد متاجر السوبر ماركت في بيروت يعيد الزبائن الكثير من السلع إلى الأرفف بعد أن تفقد ثمنها. وقال نجا شليطا في أحد المتاجر إن الحقيقة الآن هي أنه لم يعد بإمكان الناس تدبير طعامهم، مضيفا أنه لا يدري إلى أين يتجه لبنان.
إلى ذلك، أطلق رمزي مشرفية وراؤول نعمة وزيرا الشؤون الاجتماعية والاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية أمس، البطاقة التمويلية لدعم الفقراء التي يمنحوا بموجبها 25 دولارا لكل شخص.
وقال راؤول نعمة وزير الاقتصاد، في مؤتمر صحافي مشترك أمس:” سنعطي 25 دولارا لكل شخص والحد الأقصى لكل عائلة 126 دولارا” ، مؤكدا أن “الحل هو في تشكيل حكومة جديدة وكنا نتمنى لو أنها هي من تطلق هذا البرنامج”.
وأضاف “كل خطوة نقوم بها هي بالتعاون مع البنك الدولي وبإشراف التفتيش المركزي لأننا نريد أن نبرهن للمواطنين أننا نعمل لأجلهم ولا نقوم بإطلاق البطاقة التمويلية على أساس أنها بطاقة انتخابية”.
وقال :”نسعى إلى معرفة من هو الغني في لبنان وليس من هو الفقير، لاستثناء من يستطيعون تحمل أعباء المعيشة من دون مساعدة من أجل تأمين الدعم للعائلات الأكثر حاجة”.
بدوره، أعلن الوزير مشرفية أنه “سيتم دفعها بالدولار أو ما يعادله بالليرة اللبنانية في السوق الموازية”. وأوضح أن “مهلة تقديم الطلبات للبطاقة تمتد من 15 أيلول (سبتمبر) الجاري إلى 15 تشرين أول (أكتوبر) المقبل، مشيرا إلى إمكانية رفع المبلغ ضمن هذه البطاقة”.
وقال “قمنا بقدر المستطاع لإقرار البطاقة ومن حق المواطن أن يقول إننا تأخرنا، لكننا عملنا مع وزارة الاقتصاد بالتعاون مع البنك الدولي على إنشاء شبكة دعم لمساعدة الشعب اللبناني في هذه الأيام الصعبة” وأضاف مشرفية “أملنا بخطة اقتصادية متكاملة تخرج الناس من المشكلات وتضعنا على السكة الصحيحة للتقدم”.
وأقر المجلس النيابي البطاقة التمويلية في نهاية حزيران (يونيو) الماضي لدعم الأسر الأكثر تأثرا بالأزمة الاقتصادية والمالية التي يمر بها لبنان، التي أثرت في الاستقرار الصحي والغذائي للبنانيين، وأدت إلى ارتفاع معدلات الفقر إلى 74 في المائة، فيما تم ربط رفع الدعم الذي يؤمنه مصرف لبنان للسلع الأساسية ومن بينها المحروقات بتطبيق فعلي للبطاقة التمويلية.
“الاقتصادية”
Comments are closed.