سيناريوهات متعددة لجلسة مجلس النواب حول تأخر تشكيل الحكومة

تعدّدت السيناريوهات المطروحة في لبنان حول المسار الذي ستسلكه جلسة مجلس النواب، يوم الجمعة، المخصصة لتلاوة رسالة الرئيس اللبناني ميشال عون، لكن الثابت الوحيد يبقى أنّ “القرار بيد سعد الحريري، الذي لا يمكن سحب التكليف منه، ويعود له فقط تقرير مصيره بالبقاء ومتابعة مهمة التأليف أو الاعتذار”.

ودعا رئيس البرلمان نبيه بري إلى جلسة بعدما وجه إليه الرئيس عون رسالة حول التأخير في تشكيل الحكومة، طالباً مناقشتها في الهيئة العامة للمجلس النيابي وفق الأصول، واتخاذ الموقف أو الإجراء أو القرار المناسب بشأنها، محمّلاً الحريري مسؤولية التعطيل واحتجاز التشكيلة الوزارية وتبعات ممارساته.

ومن الاحتمالات التي وضعت للجلسة، أن تقتصر على تلاوة الرسالة وربما تحديد جلسة ثانية في وقتٍ لاحق لمناقشتها، أو أن تستكمل بفتح باب النقاش، علماً أنّ الرئيس بري كثف من اتصالاته مع الكتل النيابية، التي تجتمع اليوم لاتخاذ موقف لها من الجلسة ومسارها، وهو يسعى إلى أن تنحصر المسألة في تلاوة الرسالة فقط.

ويقول مصدرٌ مقرَّبٌ من الرئيس بري لـ”العربي الجديد”، إن “رئيس مجلس النواب يدرك دقة المرحلة التي يمرّ بها لبنان وحجم الخلاف بين الرئيسين عون والحريري وصعوبة ترميم العلاقة، لكنه لن يتوقف عن بذل جهودٍ لكسر الجمود وتشكيل الحكومة المنتظرة، ولا يريد أن تحدث أي خطوة، خصوصاً في مجلسه، من شأنها أن تزيد الشرخ بين الرئيسَيْن”.

الغموض ينسحب أيضاً على موقف “تيار المستقبل” (يرأسه الحريري)، الذي يتكتّم كثيراً حول مشاركة الرئيس المكلف في الجلسة وما إذا كان قد عاد إلى بيروت من الخارج أم لا.

وتكتفي أوساط “المستقبل” بنشر أجواء بأنّ الكتلة ستحضر وسيكون لها، أو للحريري إذا شارك، الموقف المناسب في حال فتح باب مناقشة الرسالة، وسيشمل الردّ الوقائع مع تفنيد العراقيل التي تحول دون تشكيل الحكومة وتحديد المعطّلين.

وتصبّ الترجيحات في أنّ الحريري لن يحضر من الأساس إذا كان يعلم مسبقاً أن الجلسة ستقتصر على تلاوة الرسالة، أما لو اتخذ القرار بمناقشتها فعندها يتوقع حضور الحريري وطلبه الكلام، خصوصاً أن الرئيس المكلف لم يردّ بعد على خطوة عون في المضمون واكتفى بوضعها في خانة “الإمعان في سياسة قلب الحقائق والهروب إلى الإمام”، مؤكداً أنّ “للحديث صلة في البرلمان”.

من جهته، يقول النائب هادي أبو الحسن، المنتمي إلى الحزب التقدمي الاشتراكي برئاسة وليد جنبلاط، لـ”العربي الجديد”، إنه “يعود للرئيس نبيه بري تقدير الموقف، ولكن من الخيارات المطروحة أن تُتلى الرسالة ومن ثم تُرفَع الجلسة، وبالتالي تفادي الدخول في نقاشٍ من شأنه أن يزيدَ الأمور تعقيداً وتأزيماً، وكنا بغنى عنه، ولو أن الرسالة قد تكون دستورية من حيث الشكل، لكنها في المضمون حتماً لا تخدم الاستقرار السياسي المطلوب في البلد”.

ويلفت أبو الحسن إلى أن “مسار الجلسة يتصل بما ستؤول إليه على صعيد تلاوة الرسالة فقط أو مناقشتها، وعندها لكل كتلة أو نائب أن يلقي كلمة حول الملف الحكومي”.

ويشدد على أن “خطوة رئيس الجمهورية لا يمكن وضعها في إطار خرق الجمود، فهذا الأمر لا يحصل بافتعال أزماتٍ، بل بتذليل الصعوبات وإيجاد مناخٍ إيجابي يقوم على التسوية لتشكيل حكومة، خصوصاً أنّ هناك حقيقتين ثابتتين اليوم، أن رئيس الجمهورية موجود حتى نهاية عهده أي عام 2022، والرئيس المكلف، وفق الدستور، لا يمكن سحب التكليف منه على الإطلاق ويعود له وحده فقط قرار البقاء أو الاعتذار، وهو غير مقيّد بأي فترة زمنية للتأليف، لذلك يبقى أمامنا التوافق والتقارب وخفض سقف المطالب لحل الأزمة”.

ويشرح المحامي سعيد مالك، لـ”العربي الجديد”، أن “رسالة الرئيس عون دستورية في الشكل، والنظام الداخلي لمجلس النواب يفرض على بري الدعوة إلى جلسة خلال 3 أيام من تلقيه الرسالة، لكن يجب التفريق بين ما تضمّنته من وصف وكذلك من مطالب، إذ إن الوصف لا خلاف عليه، كونه تحدث عن تداعيات التأخير على السلطة، أو انسحابه على الأزمات التي تفاقمت بفعل عدم تشكيل حكومة، وعدم جواز أن يبقى التأليف رهينة بينما هو عملٌ وجوبي، لكن في المقابل، ما ورد لناحية البت والفصل وبأن الرئيس المكلف أصبح عاجزاً عن التأليف ويأسر بإرادته التشكيل، فهو أمرٌ يشكل خلافاً بين القوى السياسية وفيه اتهام صريح للحريري بالتعطيل”.

ويقول مالك إن “الدستور لم يحدد مهلة للتأليف أو الاعتذار، ولا يجيز لمجلس النواب سحب التكليف، لذلك تتعذر المطالبة باتخاذ قرار أو موقف أو إجراء، كما أن مجرد طرح موضوع تجديد الثقة بالرئيس المكلف من عدمه ذلك يعني منح صلاحية للمجلس بسحب الثقة والتكليف من الرئيس الحريري، وهذا يشكل تعدياً على أحكام الدستور ويحتاج إلى تعديل دستوري لتحقيقه”.

ويشير إلى أن “الجلسة تبدأ بتلاوة الرسالة ومن ثم مناقشتها، إذ يحق لكل نائب إبداء الرأي حتى الوصول في الختام إلى قرار ضمن الهيئة العامة بأي اتجاه سيصار إلى الردّ على الرسالة، وربما الذهاب إلى التصويت”، لكن في المقابل، يرى أن “مجلس النواب عاجز عن اتخاذ أي موقف أو إجراء أو قرار نظراً للانقسام العمودي داخل الكتل النيابية، لكن ربما في حال فتح باب النقاش، تخلصَ الجلسة إلى إصدار توصية توجه إلى كل من الرئيسين عون والحريري لتعجيل تشكيل الحكومة وحل الخلافات”.

ويعتبر الخبير الدستوري أن “رسالة عون لن تثمر كونها تخلص فقط إلى خلط الأوراق ولن تؤدي إلّا إلى المزيد من الانقسامات والشرذمة”.

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.