مارك ضو: أحداث الجاهلية خير دليل انه علينا ترك هؤلاء السياسيين خلفنا

مارك ضو

** مارك ضو
ما قاله الوزير السابق وهاب عن رئيس حكومة سابق وحالي وعن عائلتهم، لا عذر له ولا يمت للاخلاق بصلة. نوعية التخاطب الساقطة هذه هي احد أسباب تدهور الوضع السياسي في لبنان، وفقدان الثقة بكامل الطبقة السياسية. يضاف الى ذلك، زيادة التوتر عبر مواكب سيارة وكذلك قطع طرقات مقابل قطع طرقات. ورغم انه اعتذر مرات عدة عن كلامه البذيء، وكذلك عن الموكب، لكنه عاد وضاعف الضرر عندما حول مسألة الجاهلية وكأنها حرب طائفية، وحرض على السلم الأهلي، واذكى الفتنة ما بين المواطنين، وتحدى المؤسسات الشرعية، وحاول ان يشعر فئة من المواطنين انهم كمجموعة طائفية مستهدفة.

ما قام به الرئيس سعد الحريري بدأ بتحرك قانوني، كان ممكن ان يستمر حتى مثول وهاب امام القضاء والاعتذار عن باب المحكمة كما فعل من الجاهلية مرارا، وكان قد عوقب بمبلغ مالي، وانتهت القصة هناك من دون تفاعلات تودي بحياة محمد بو ذياب وأمن المواطنين. لكن لا يمكن ان نستبعد ان التنسيق مع الوزير السابق وليد جنبلاط، أضاف الى الامر اجندة سياسية واهداف مصالح.
فتم توقيف الموكب السيار الذي انطلق من عند الوزير السابق وهاب، وتطويقه على الطريق بأسلوب ميليشياوي، وكأن الطرقات العامة هي ملك فريق في منطقة الشوف دون أخر. هذا خطأء وعمل بلطجة. وقد يدعي البعض ان الموكب هو ثاني خطوة استفزازية قام بها الوزير وهاب، تنفيذا لاوامر من حزب الله او البعث في دمشق، وهذا وارد، لكن لا يمنع ان مواجهة الموكب جعلت منه حدث، وعملية حصاره هي بلطجة.
خطأء الكلام، ومحاولات الاستفزاز، أودت الى بلطجة على الطرقات، وصولا الى سلاح في الجاهلية. كان ممكن ارسال دورية من مخفر قوى امن داخلي في الشوف الى منزل الوزير وئام وهاب في الجاهلية، ويكون ذلك مبررا كون الوزير السابق كان اقام عرض عسكري في ذات يوم، متوعدا بجهوزية قتالية. لكن ان يتم ارسال رتل من الآليات العسكرية من فرع المعلومات (يضم عسكر من كل الطوائف) بالذات، وهي فرع من قوى امن الداخلي برئاسة اللواء عثمان، وتحركت بأوامر من القاضي سمير حمود، وكلهم من لون واحد طائفي وسياسي فهو سقوط هائل او سذاجة مطلقة في بلد تسيطر عليه الطائفية. رغم ان كل هؤلاء من رئيس الحكومة، واللواء، والقاضي وفرع المعلومات ضمن اطر الدولة ولهم كامل الحق بالقيام بما قاموا به، لكن تجاهل تركيبة السياسة في البلد او التحدي بقوة طائفية لا بد وان يستدرج ردة فعل طائفية، كما حصل الاف المرات في لبنان.
قتل محمد بو ذياب، ولن يذكر اسمه احد بعد احياء ذكراه لعام او عامين، او ربما في خطاب تحريضي من هنا او هناك، لكن ما صدر عن لسان الوزير وهاب بعد صعود فرع المعلومات الى الجاهلية والمواجهة التي حصلت (او لم تحصل حسب بيان قوى الامن الداخلي)، فهو فاضح ويستدعي تحرك قضائي ابعد من الشتائم التي تلفظ بها. فهو حاول تصوير الحادثة وكأنها هجوم على الدروز، وكان قوى الامن هي احتلال خارجي، وحرض دون هوادة على مؤسسات الدولة والمسؤولين فيها، وحتى على سياسيين. ولم يكن انتهى دفن الضحية، حتى اعلن عن اجندة سياسية، تضم تحالف عدد اسمائه من النائب طلال أرسلان، والنائب السابق فيصل الداوود، والنائب السابق فادي الأعور، والحزب القومي السوري الاجتماعي، واعلن مبايعة الشيخ ناصرالدين الغريب. فتحولت حادثة الجاهلية من هجوم رمزيته سنية الى معركة ما بين الزعامات الدرزية. ولم يتأخر كل أعضاء الحلف القديم الجديد (دروز 8 اذار سابقا) من صب الزيت على النار وتبني لغة “استباحة الجبل” والهجوم على الطائفة، و”غزوة مناطقنا” وكلها تحليل للتعرض للدولة. كل هذا لا ينذر الا بتسعير الاشتباك في الشوف فوق غليان شويفات، وتمدده على مساحة الوطن. دم محمد بو ذياب، قد لا تكون الأخيرة في هذه المعركة، اذا لم يتدارك الجميع ان المسار الذي ينجرفون اليه هو درب دم وقتل.
الخلاص، هو برفض كل الكلام التحريضي الذي يصدره كل هؤلاء الأشخاص، لأن سياسيتهم لا تبني دولة ولكنها تقتل وتحرض وتدمر. يجب ان يذهب الوزير السابق وهاب الى المحكمة، ويعتذر ويحاكم. ويجب توقيف من قام بقطع الطرقات في الشوف، والحكم عليهم. وكذلك التحقيق الدقيق بمن قتل محمد بو ذياب والحكم عليه وعلى من أمره. وكان الاجدى من مقاطعة كل المعنيين بهذه الاحداث إعلاميا، واغلاق الهواء عليهم كاشخاص حتى صدور الاحكام القضائية.
لبنان، دولة تستحق الحياة، وعلينا ان لا ننجرف خلف هؤلاء السياسيين الذين لا يجيدون سوى التحريض والقتل والعنف والشتيمة والبلطجة. نحن مواطنين، لنا حرية ان نختار من يمثلنا، وما اللغة السياسية التي تشبهنا، وكيف نحسم تأييدنا لصالح مؤسسات الدولة ونحميها من كل تدخل سياسي فئوي طائفي. الدولة المدنية هي الخلاص، وما حصل من احداث قبل وبعد الجاهلية، خير دليل ان علينا ان نترك هؤلاء خلفنا، ونذهب لنبني وطن حسب طموحنا.
** ناشط سياسي وإجتماعي وبيئي

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.