الكورة ودعت مكاري بمأتم مهيب..  كرياكوس: نفتقد مثالا يقتدى في هذه الايام المصيرية  

اقيمت اليوم، مراسم دفن نائب رئيس مجلس النواب السابق فريد مكاري في كنيسة سيدة البلمند البطريركية، وترأس الصلاة لراحة نفسه متروبوليت طرابلس والكورة وتوابعهما للروم الارثوذكس المطران افرام كيرياكوس، متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عوده ومتروبوليت زحلة والبقاع وتوابعهما للروم الارثوذكس المطران انطونيوس الصوري ولفيف من الكهنة.

وحضر الرئيس فؤاد السنيورة، نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الاعمال وليد فياض، النواب: فادي كرم، جورج عطالله، أديب عبد المسيح، طوني فرنجيه، ميشال معوض، جهاد الصمد، أشرف ريفي، الان عون وغسان السكاف، النائب السابق نهاد المشنوق، المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان، قائمقام الكورة كاترين الكفوري، مدير جامعة البلمند الدكتور الياس الوراق وشخصيات وحشود غصت بها طرقات كنيسة البلمند.

كرياكوس

سجي الجثمان في الكنيسة، وبعد قراءة الانجيل المقدس تقدم  كيرياكوس بالتعزية باسم بطريرك انطاكيه وسائر المشرق للروم الارثوذكس يوحنا العاشر يازجي، وقال: “ايها الاحباء، من أراد فيكم ان يكون اولا فليكن فيكم خادما. لم أر افضل من هذه الاية لألخص فيها سيرة هذا الانسان الحبيب الذي نودعه اليوم، فقد كان اولا بكل شيء، رئيسا بعلومه واعماله وحياته. برز اولا كمهندس في المشاريع في الوطن وبلاد الانتشار، وفي ممارسة السياسة العامة سنين طويلة”.

أضاف: “كان فريد رجل ثقة للجميع وخادما لشعبه الذي احبه وخدمهم بوفاء كنائب ووزير ونائب رئيس مجلس النواب، هو رجل سياسة يحسن تدبير شؤون الناس ناظرا الى مصلحة الآخر  لا الى نفسه، كل ذلك اتى نتيجة تواضعه وصدقه ومحبته  لشعبه وعائلته وبلدته ووطنه. هذا ما يخص الشأن العام،  اما علاقاته الخاصة في بلدته والكنيسة فهنا كانت تبرز شخصيته  واحساسه مع الآخر وتفهمه لمشاكله. لقد عرفته ولمست ذلك بشكل واضح عند مشاركته في مجلس امناء جامعة البلمند  حيث كان يدافع عن حقوق الطلاب والاساتذة ويشاركهم معاناتهم، اضافة الى كرمه وعطاءاته التي تطول”.

وختم: “نفتقد اليوم مثالا حيا يقتدى به خاصة في هذه الايام المصيرية”.

عوده

بدوره، قال عوده: “أحــبــائــي، نــقــرأ فــي الــكــتــاب الــمــقــدس: «أنــتــم تــعــلــمــون أن رؤســاء الأمــم يــســودونــهــم، والــعــظــمــاء يــتــســلــطــون عــلــيــهــم… أمــا أنــتــم فـــلا يــكـــن هــذا فــيــكــم، بـــل مـــن أراد أن يــكــون فــيــكــم عــظــيــمــا فــلــيــكــن لــكــم خــادمـــا، ومـــن أراد أن يـــكــون فــيــكــم أولا فــلــيــكــن لــكــم عــبــدا» (مت 25: 20-27)”.

أضاف: “إن غـــالــبـــيــة الــبــشــر يـــفـــتـــشـــون دائــمــا عـــن الأولـــيـــة، ويـــســـعـــون لـــيــجـــلــســوا فـــي أول الـــمـــتــكـــآت حـــتــى يــكـــرمــهـــم الــنــاس، ظـــاهـــريــن كـــأنــهـــم مـــن عـــلــيــاء الــقـــوم وأن لــهـــم ســلــطـــانـــا عـــلــى مـــن هـــم أدنـــى. هـــؤلاء، بـــأفــعـــالــهـــم تـــلـــك، يـــضـــادون وصـــايـــا الـــرب يــســـوع، الـــذي أوصـــى مـــن يـــحـــبـــونـــه بـــأن يـــكـــرهـــوا الــكــراســي الأولــى، وأن يــخــدمـــوا الآخـــريــن، لأن الــجــمــيـع هـــم مــخــلــوقــون عــلــى صــورة الله ومــثــالــه، ويــجــب ألا يــتــعـــالـــى أحـــد عـــلــى الآخـــريـــن لأن مـــن كـــان حـــريـــا بـــه أن يــســتــكــبــر ويــســتــقــوي كــونـــه الإلــه، لــم يــفــعـــل ذلـــك، بـــل انــحـــدر مــتـــواضــعــا وتــجـــســد وتـــألـــم وصــلـــب مــن أجـــل خــلاص الــبــشــر. الـــكــبـــريـــاء هـــي صــفــة الــشــيــطــان، إذ بــســبـــبــهــا ســقــط مــن الــســمــاء كــالــبــرق”.

وتابع: “يـــقـــول الــقــديــس بــورفــيــريــوس الـــرائــي: «إن كــبــريــاء الــبــعــيــديــن عـــن الــمــســيــح لا تـــزول»، لأن مـــن يــجــاهـــد لـــيـــكــون مـــع الــمــســيــح يــحــاول أن

يـــتــعــلــم الــتــواضـــع الــحــقــيــقــي. الــمــتــواضــع يــعـــرف أن الــخــلاص هـــو مـــن الله لا مــن ذاتـــه، لـــذلـــك يـــتــكــل عــلــى الـــرب فــي كـــل خــطــاه، ولا يــفــرض نــفــســه كــمــخـــلـــص لــلــنــاس، إنــمــا يــعـــمــل عــلــى الــتــخــلــص مـــن خــطــايــاه بــصــمــت وخــفــر. عـــادة، عــنــدمــا تــمــدح غــيـــر الــمــؤمــنــيــن أو ضــعــفــاء الإيــمــان، فـــإنــهـــم يـــفـــرحـــون حــتــى ولـــو أدركـــوا أن مـــدحـــك إيـــاهـــم هـــو تـــمـــلـــق ومـــداهـــنــة، وعـــنــدمــا تـــوبــخــهـــم يـــتــجــهــمــون ويــغـــضــــبـــون حــتــى لـــو كـــشـــف الــتـــوبــيــخ حـــقـــيــقـــتــهــم. إن الــنــعـــمــة الإلــهــيــة تــأتــي إلــى الإنــســان عـــبـــر الــتــواضــع، والــمــتــواضـــع الــحـــقــيــقــي يــمــاثـــل ربـــه الـــذي «أخــلــى ذاتـــه آخـــذا صـــورة عـــبـــد، صـــائـــرا فــي شــبــه الــنــاس، ووضـــع نــفــســه وأطـــاع حـــتــى الـــمـــوت، مـــوت الــصــلــيــب» (في 2: 7-8)”.

وقال: “عـــنـــدمــا يــتــواضــع الإنــســان، يــصــبــح مــحــبــا لــلــجــمــيـع بــلا اســتـــثــنـاء أو انــتـــقـائــيـة، لأن تــواضــعــه يــظــهـــره عـلـى حــقــيــقــتــه أمـام ذاتــه، فــلا يـعــود يــنــظــر إلـى هــفــوات الــبـشــر، فـــيــحـــبــهــم كــمـا أحــــبــهــــم الــرب ومــات مــن أجــلــهـم. ومــن ســكـــنــت الـمــحــبــة قــلــبــه وروحــه، لا بــد مــن أن يــنــعــكــس ذلـك عــلـى وجـهـه، فـــيــشــرق بـابــتــسامــة دائــمـة لا تــذبــل، حــتـى فـي أحــلــك الـظــروف، وفي أسـوأ الآلام والأمــراض والــضــيــقـات”.

أضاف: “لــمــاذا ذكـــرت الــتــواضــع والــمــحــبــة والإبــتــســامـــة؟ لأن حــبــيــبــنــا فــريــد، الــذي عـــرفـــتــه مــنـــذ أن كــان صــبـــيــا صــغــيــرا، لــم تــفــارق تــلـــك الــفـــضــائـــل الــثــلاث كــيـانــه. إبـــن الــكــورة كـــان مــثـــل زيـــتــهــا، يـــبــلــســـم جـــراح الــمـــتـــألـــمــيــن، ويـــبــهــجــهـــم بـــابــتــســامــتــه الــتــي تــنــســكــب عــلــى روح الــذيـــن حـــولــه، فـــتـــبـــعـــد الأحـــزان والــهــمــوم. كـــان يــشــبــه مـــلــح مـــلاحـــاتــهـــا الأبــيــض الــنـــقــي الـــذي يـــمـــلـــح ولا يـــفـــســد. فـــريـــد، كـــان بـــالــفـــعـــل فـــريـــدا، فـــلــم يـــمــاثـــل الـــســيــاســيــيــن الـــشـــكـــلــيـــيــن، الـــذيـــن يـــعـــدون ولا يـــفـــون، ويـــبــتــســمـــون ولا يـــعـــنــون، ويـــتـــكـــلــمـــون ولا يـــفــهـــمــون. تــجـــنـــب الــجـــلــوس فـــي مـــقـــدم الــمـــتـــكـــآت، لأنـــه أدرك أنـــه مـــن الــشـــعـــب، وأن مـــكـــانـــه الــطــبــيــعـــي هـــو بــيــن الــشــعــب الـــذي انـــتــخـــبــه لـــيــحــمــل هـــمــومـــه بــحـــثـــا عــــن الــحـــلــول. جــــديــتـــه فـــي عـــمـــلـــه جـــعـــلــتــه قـــريــبـــا مـــن الــجـــمــيــع، لـــذلـــك لـــم يـــكـــن لـــه عــــدو حـــتــى بـــيــن خـــصـــومـــه فـــي الــســيــاســة، وهـــذا كـــان واضــحـــا مـــن خـــلال كـــل مـــا كــتـــب عـــنـه بـــعـــد إعــلان خــبــر رحــيــلــه، حـــيــث أجـــمـــعـــت كـــل الأطــــراف عــلــى فـــرادتــه ووطـــنـــيـــتــه. كـــان دائـــم الـــتــفــاؤل بــلــبــنــان، واثـــقـــا بــقـــدرات شــبــابــه، مـــتـــأمـــلا نــهـــضــة تـــنــتــشــل لــبــنــان مـــن جــمــيــع مــحـــنــه. حـــتــى فـــي آلامـــه، لـــم تـــفــارق وجــهــه عـــلامــات الــتـــفــاؤل وابـــتــســامـــة الأمـــل بـــغـــد أفـــضـــل، وهـــذا مـــن صـــفـــات الــمـــســيــحــي الــقــيــامـــي.
مـــا يـــفـــرحـــنــي فــي ألـــمــي لــفــراقــه، ذاك الــعـــطــاء الــخــفــي فــي احـــتــضــان الــعــائـــلات الـــفــقــيــرة ومــســاعـــدتــهــا فــي تــعــلــيــم أولادهـــا، كــمــا أنــه لــم يــهـــمــل مــحـــتــاجـــا وفـــقــيـــرا”.

وتابع: “كـــان حـــبــيــبــنــا فـــريـــد ثـــابـــت الــعـــزم والــخـــطـــى، ثـــائـــرا قــبـــل الــثـــوار، خـــصــوصـــا عـــلــى الــفــســاد والـــمــحـــاصـــصــة والابـــتـــداع الــســيــاســي. هـــذا مــا جــعـــلــه يـــقـــود عـــدة اعـــتــصــامـــات وتـــحــــركـــات مـــن أجـــل إحــقــاق الــحـــق، ورغـــم ذلـــك، كــمــا ذكـــرت، لـــم يـــرب لــه عـــدوا قـــط، عـــلــى عـــكــس مــســؤولــي الـــيــوم، الــذيـــن يـــعــادون الــكــل، حـــتــى الــشــعـــب، مــن أجــل مـــصـالـــحـهــم الــشـــخــصــيــة وأنــانـــيــاتــهـــم. حــارب فـــريــد الـطــائــفـــيـة الــســيــاســيــة الــتــي يـــتــمــســك بــهــا كــثــيــرون حـــالــيــا، كــمــا أنـــه حـــارب الـــتـــوريـــث الــســـيــاســي، فـــابــتـــدأ بــتــطــبــيــقــه عـــلـى نــفــســه مــبــعـــدا عـــائـــلـــتــه عـــن هـــذه الأجـــواء. كـــل هـــذا يــظــهـــر كـــم كـــان وفـــيـــا لـــوطـــنــه، مــخــلــصــا لـــشــعـــبــه، شــجــاعـــا ومــقـــدامــا فــي الـــدفـــاع عـــلـى كـــل ذرة مـــن تـــراب أرضـــه”.

وأردف: “بــعــيــدا عـــن الـحــيــاة الــســيــاســيــة، كــان فـــريـــد مــثــالا لـــلــكـــرم ومــحـــبــة الآخـــر، إلا أنـــه كـــان

وكـــأنـــه يـــطـــبـــق وصـــيـــة الـــرب الـــقـــائـــل: «أمـــا أنـــت فـــمـــتــى صــنــعـــت صـــدقـــة، فـلا تـــعـــرف شــمــالـــك مـــا تـــفــعـــلـــه يــمــيــنــك» (مت 6: 3)، عـــلــى عـــكــس كــثــيــريـــن مــمــن لا يـــقـــبــلــون الــمــســاعـــدة إلا والإعـــلام مـــوجـــود لـــيـــوثـــق دمـــوع الــمــســاكــيــن. لـــقــد حــافـــظ فــريـــد عــلــى كـــرامـــة الإنــســان، كـــل إنــســان قــصــده طـــلـــبــا لــلــمــســاعـــدة”.

وختم: “أخــيــرا، لا يــســعـــنــا إلا أن نــصــلـــي أولا مـــن أجـــل راحـــة نــفــس حــبــيــب لــنـا انــتـــقـــل مـــن الــمـــوت إلــى الــحــيــاة الأبـــديــة، وأن نـــأمـــل أن تـــكــون حــيــاتـــه الــتــي عـــاشــهـــا عـــلــى الأرض مـــدرســة لـــكــل مـــن أراد تــعـــاطــي الــشــأن الــعــام والــســيــاســة. دعـــاؤنـــا أن يـــكــون قـــد حــمــل مـــعـــه آهـــات الـــلــبــنــانــيــيــن لــيــقـــدمــهــا أمـــام الـــعـــرش الإلــهـــي. وفـــي الــنــهــايــة، عـــلـــيــنــا ألا نــنــســى أن رجـــاء الــمــســيــحــيـــيــن هــو الــقــيــامــة، وعـــلــى هـــذا الـــرجــاء (أنــقــل إلــيــكــم تــعــازي غـــبــطــة أبــيــنــا الــبــطـــريــرك يــوحــنــا، بــطــريــرك أنــطــاكــيــا وســـائـــر الــمــشــرق الـــكــلــي الــطــوبــى) كــمــا أنــي بــاســمــي واســم إخـــوتــي رؤســـاء الــكــهــنــة والـــكــهــنــة، أتـــقـــدم بـــالـــتـــعــازي الــقــلــبــيـــة إلــى الــعـــزيــزة مـهــى والــحــبــيــب نــبــيــل، وعـــائــلــة شـــقــيــقــه الــمــرحـــوم الــيــاس وشـــقــيــقــه مـــكــارم وعـــائــلـــتــه، وشـــقــيــقـــتــه ســامــيـا وعـــائــلــتــهــا. ألا حـــل حــبــيــبــنــا فـــريـــد فـــي مــلــكـــوت الــســمـاوات، بـــيــن الــصــديــقـــيــن والأبـــرار”.

سيرافيم 

ثم شكر  سيرافيم باسم العائلة، رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس حكومة تصريف الاعمال وكل من شارك بالتعزية والجناز لراحة نفس الراحل.

الدفن 
وبعد تقبل التعازي في باحة الكنيسة، نقل الجثمان بموكب  مهيب الى بلدته أنفه، حيث استقبله عند مدخلها الاهالي الذين حملوا النعش على الاكتاف وصولا الى الكنيسة حيث اقيمت  صلاة عن روحه، ثم دفن في مدافن العائلة.

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.