خيرالله في قداس الفصح: لندحرج الحجر عن الدولة المنهوبة والسياسة الفاسدة
احتفلت الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الغربي بعيد الفصح في البترون، وعمت القداديس الرعايا، وألقيت العظات التي تضمنت كل التمنيات بقيامة لبنان.

وترأس راعي أبرشية البترون المارونية المطران منير خيرالله قداس منتصف الليل، في كاتدرائية مار اسطفان في البترون، عاونه فيه خادما الرعية الخوري بيار صعب والخوري فرانسوا حرب. وترأس قداس أحد القيامة في المطرانية في دير مار يوحنا مارون في كفرحي في حضور عدد من المؤمنين.
بعد الإنجيل، ألقى عظة بعنوان “تعالوا ندحرج الحجر عن القبور المكلسة والدولة المنهوبة والسياسة الفاسدة” وقال فيها: “كانت البداية مع النسوة حاملات الطيب! بعد أن الحكم قد صدر والصلب قد تم وظن الناس أن كل شيء انتهى بموت يسوع الناصري ودفنه، واستسلموا لليأس وغرقوا في صمت الأموات، جاءت النسوة حاملات الطيب إلى القبر فتفاجأن بالقبر الفارغ. فقال لهن الملاك: ” لماذا تبحثن عن الحي بين الأموات ؟ إنه ليس ههنا، بل قام “. ” ورجعن من القبر، فأخبرن الأحد عشر والآخرين جميعا بهذه الأمور كلها”. (لوقا 24/1-9). وكانت البشارة الأولى بالقيامة ! لكن الخوف بقي مسيطرا عليهن وعلى الرسل والتلاميذ، إلى أن أتى الروح القدس الذي وعد به يسوع الابن من عند الله الآب، وحررهم من خوفهم. فانطلقوا في العالم كله يحملون بشارة الخلاص ويتلمذون جميع الأمم، ويعمدونهم باسم الآب والابن والروح القدس ويعلمونهم أن يحفظوا كل ما أوصاهم به الرب يسوع الذي وعدهم بأنه باق معهم طوال الأيام وإلى نهاية العالم. (متى 28/19-20). وهكذا كان ! حملت كنيسة المسيح، على مدى ألفي سنة، البشارة، وعاش أبناؤها وبناتها المحبة في ما بينهم ونشروها في العالم بقوة الروح فواجهوا اضطهادات وحروبا واحتلالات من شتى أنواع الامبراطوريات والسلطنات. وصمدت لأنها كنيسة المسيح وأبواب الجحيم لن تقوى عليها!”
أضاف: “ها هي اليوم كنيسة المسيح على أرض المسيح، وفي لبنان، تمر في أوضاع صعبة محكومة بالخيبة واليأس والقلق على المصير، وكأن كل شيء قد انتهى بالنسبة إلى حضورها وشهادتها ورسالتها في هذا الشرق. جئنا اليوم للاحتفال بقيامة الرب يسوع حاملين كل همومنا ومآسينا، منها الوجودي والحياتي المعيشي والاقتصادس الاجتماعي والسياسي الأمني، ما يجعل عائلاتنا تعاني من وزرها فقرا وجوعا وعدم قدرة على استشفاء وطبابة وتعليم، وهجرة، خصوصا هجرة شبابنا طلبا لعيش كريم وبناء مستقبل لهم ولأولادهم. قالوا لنا: الدولة مفلسة، والمصرف المركزي مفلس، واللبنانيون أفلسوا، وانتهى كل شيء!”
وتابع:” جئنا يا يسوع نبحث عنك بين الأموات، بينما أنت قائم بيننا وتسير معنا وتسمع لنا نندب حظنا ونعبر عن يأسنا وقد وصلنا إلى طريق مسدود، كما تلميذي عماوس ! لكنك تقول لنا: ما بالكم خائفين يا قليلي الإيمان ؟ لبنانكم، وطن الرسالة، لم يفلس ولم يمت ! واللبنانيون ما زالوا حاملي رسالة فريدة ببعديها الحضاري والإنساني !
وقداسة البابا فرنسيس، الآتي إلينا عما قريب، يذكرنا بذلك قائلا: ” أشارككم كل خيبة وأشعر بهول خسارتكم، خصوصا عندما أفكر بالكثير من الشباب الذين انتزع منهم كل رجاء بمستقبل أفضل… لبنان، هذا البلد الحبيب، هو كنز الحضارة والحياة الروحية، الذي شع الحكمة والثقافة عبر القرون، والذي يشهد على خبرة فريدة من العيش معا بسلام. لبنان بلد صغير كبير، وهو رسالة عالمية، رسالة سلام وأخوة ترتفع من الشرق الأوسط. لبنان هو، ويجب أن يبقى، مشروع سلام. لا تيأسوا، ولا تفقدوا روحكم. إبحثوا في جذور تاريخكم وأرزكم عن الرجاء”.
وختم: “تعالوا نتعلم، في يوم القيامة، قراءة علامات الأزمنة وعلامات حضور الرب في ما بيننا. تعالوا نقلع عن التعاطي مع عالم الأموات، عالم الفساد والإفلاس. نحن أبناء القيامة. تعالوا ننتصر على حراس القبر ومن وراءهم. فالقبر فارغ والحراس أصيبوا بالصدمة! تعالوا نخرج من أنانياتنا ومصالحنا الضيقة. تعالوا نخرج من التبعية والزبائنية في استجداء حقوقنا واستعطاء الرغيف ولقمة العيش والحياة الكريمة. تعالوا نوحد قوانا ونتعاون على إعادة بناء ما تهدم من المجتمع والدولة والوطن. تعالوا نحتفل بالقيامة، قيامة كل واحد منا مع المسيح، فندحرج الحجر عن القبور المكلسة والدولة المنهوبة والسياسة الفاسدة. تعالوا نعبر من حراسة القبر إلى الحرية، فنبني معا عالما جديدا بالمحبة والمصالحة والغفران والأخوة الحقيقية. ونحن قادرون على ذلك! المسيح قام ! حقا قام !”
بعد القداس تقبل خيرالله التهاني بالعيد.
Comments are closed.