هل اقترب موعد «الانفجار الكبير» في لبنان؟

هل اقترب موعد «الانفجار الكبير» في لبنان؟
سؤال أطل برأسه مع إشارات متزايدة إلى أن «طنجرة الضغط» الشعبية تزداد حماوة في ظل تشابُك واقعيْن تسببا في الساعات الماضية بتحركات غاضبة وقطْع طرق في مناطق واسعة، وسط توقعات بأن تتمدد هذه «الغضبة» عل وقع الأفق السياسي المسدود.

الأوّل التدهور المتسارع في الوضع الاجتماعي مع «مناطحة» الدولار الأميركي سعراً قياسياً جديداً هو 20 ألف ليرة في السوق الموازية، بالتوازي مع توالي تداعي بقايا «شبكة الأمان» المعيشية وفق ما عبّر عنه الجمعة سقوط لبنان برمّته في قبضة العتمة الشاملة التي عُزيت هذه المرة إلى تأخُّر مزدوج، من مصرف لبنان بفتح اعتمادات لشحنتين من الغاز اويل (لمعملي دير عمار والزهراني) ثم من المصارف المراسلة في تأكيد هذه الاعتمادات.

ورغم «الانفراج» الموقت الذي شكّله بدء عودة التيار أمس وتحسنه اليوم ولكن ليس لأكثر من 6 ساعات تغذية في الـ 24، فإن أي ضمانات لا تتوافر لجهة عدم الوقوع مجدداً في «شِباك» الظلام القاتِل في ظلّ عدم قدرة مولدات الأحياء على توفير التغذية البديلة كاملةَ واعتمادها تقنيناً يفرضه أيضاً عدم تأمين الكميات الكافية من المازوت. والأخطر صرخات الاستغاثة التي أطلقتْها مستشفيات من مغبة تكرار «الجمعة الأسود» وما يحمله من مخاطر على حياة المرضى، ناهيك عن ارتدادات انقطاع الكهرباء على توزيع المياه الى المنازل وعلى الانترنت وهو ما أدى مثلاً إلى إعلان وزارة الصحة تأجيل ماراتون فايزر واسترازنيكا الذي كان مقرراً أمس نتيجة «إنقطاع شبكة الإنترنت والتيار الكهربائي عن غالبية المراكز».

والثاني الخشية من «الانقضاض» السياسي على مهمة المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار الذي وجّه كتباً وفق الأصول إلى البرلمان طالباً رفع الحصانة عن النواب علي حسن خليل وغازي زعيتر ونهاد المشنوق (هم وزراء سابقون للمال والنقل والداخلية) تمهيداً للادعاء عليهم والشروع بملاحقتهم بـ «جناية القصد الاحتمالي لجريمة القتل»، إضافة «إلى جنحة الإهمال والتقصير» من باب علمهم بوجود نيترات الأمونيوم في المرفأ وعدم اتخاذ إجراءات حالت دون وقوع الانفجار. وهي الطلبات التي شملت أيضاً الحصول على أذونات للادعاء على قادة أجهزة أمنية بينهم المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابرهيم والمدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا.

فبعد تأجيل البرلمان (هيئة مكتب المجلس ولجنة الإدارة والعدل) البتّ في طلب المحقق العدلي رفْع الحصانات عن النواب الثلاثة على خلفية عملهم الوزاري السابق طالباً خلاصة عن الأدلة من البيطار، فإن إشاراتٍ صدرت وعكست مخاوف من الإطاحة باندفاعة القضاء بذرائع مثل أن المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء هو المرجع الصالح في هذا الإطار أو أن المحقق العدلي اعتمد استنسابية في الملاحقة لوزراء أو رؤساء حكومة أو قادة أجهزة دون آخرين.

وجاء الكشف أيضاً عن أن وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي رفض طلب الاذن بملاحقة اللواء ابراهيم ليعزز الشكوك بإمكان أن يصل البيطار لأبعد مما بلغه سلفه القاضي فادي صوان (تمت تنحيته في فبراير الماضي)، وخصوصاً بعدما كان الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله أطلق «أول رصاصة» في إطلالته الأخيرة برسْم التحقيق الذي يُجريه البيطار «والتوظيف السياسي له».

وغداة مسيرة غاضبة (الجمعة) من ذوي ضحايا «بيروتشيما» باتجاه مقر رئيس البرلمان نبيه بري في عين التينة تخللها صِدام مع القوى الأمنية، عاود الأهالي أمس تحركهم من محيط البرلمان في اتجاه مقر «الداخلية»، قبل أن تتوجّه المسيرة نحو منزل المشنوق وبعدها المبنى الذي يقطن فيه الوزير فهمي رفضاً لامتناعه عن إعطاء الإذن لملاحقة اللواء ابرهيم.

وسُجل توتر أمام منزل فهمي، حيث نجح الأهالي بداية بتخطي البوابة الحديدية للمبنى ما تسبب بإشكال مع الحرس واستدعى طلب تعزيزات أمنية.

وبعدما طلب المتحدّث باسم الاهالي ابراهيم حطيط من وزير الداخلية النزول للتحدث إليهم مهددين باقتحام المبنى، تم تشكيل وفد منهم للقاء فهمي وإبلاغه مطلبهم و«ليسمعوا صرختنا في قلب بيته»، مؤكدين «لن يرتاح المتلكئون عن رفع الحصانات في بيوتهم بعد اليوم، وكل يوم سيكون موعد أحدهم مع أصواتنا».

وكان ذوو الضحايا انطلقوا في مسيرتهم من أمام مسجد محمد الأمين في ساحة الشهداء، وعند وصولهم الى أحد مداخل مجلس النواب في شارع بلدية بيروت، رفع المعتصمون صور أبنائهم الشهداء، كما أطلقوا الصرخات التي دعت النواب الى «رفع كامل الحصانات عن أنفسهم وتحديد المسؤولين عن انفجار بيروت ومحاسبتهم»، معتبرين أن «البريء الذي لم يرتكب شيئاً لا يخاف من رفع الحصانة عن نفسه بعكس المتورطين، وأن كل من يرفض رفع الحصانة عن نفسه مشارك في الجريمة وفي هدر دماء أبنائهم»، مشددين على «ضرورة أن يكون جميع المسؤولين تحت سقف القانون»، معاهدين «دماء أبنائهم أنهم لن يكلوا قبل إظهار حقيقة من تسبب بانفجار المرفأ ومحاكمة كل المسؤولين والمتورطين».

وتحدث حطيط باسم المعتصمين، فاعتبر أنه «أمس ضُرب القانون والانسانية وذبحت الوطنية، وأن السلطة ساهمت في الجريمة»، معتبراً أن «القاضي فادي البيطار يقوم بواجبه على أكمل وجه وأنه أربك السلطة». وسأل: «بأي قانون أُدخلت وخُزّنت وسرقت وحميت نيترات الامونيوم؟».

وأشار الى أن «أحداً لم يعتذر من أهالي الضحايا ولم يقدموا لهم التعازي لان هناك استقالة كاملة من المسؤوليات ومن الأمور الانسانية، وكأن شيئا لم يحصل في لبنان».

وأعلن أنه «في البداية كانت قضية ضحايانا وشهدائنا، أما اليوم فأصبحت قضية وطن»، داعيا الى «الثورة والتضحية، وأن أهالي الشهداء سيكونون قادة ثورة الوطن، والشعب اللبناني مطالَب بدعم أهالي الضحايا في هذه الثورة، رفضاً لكل ما يعانيه اللبناني من ذل على الصعد كافة».

وأشار الى أن «الجرحى متروكون، وبعد جهد جهيد قبلت الدولة بمعالجتهم، من دون تخصيص مخصصات للمتضررين من الانفجار».

وأعلن حطيط أن «الأهالي من اليوم فصاعداً سيستهدفون بالاحتجاجات كل مَن يتخلف عن المثول أمام التحقيق، وستكون تحركاتنا مفاجئة».

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.