الحريري يستفتي جمهوره للاستمرار أو الاعتذار

خرجت في اليومين الماضيين الكثير من الأخبار فيما خص تشكيل الحكومة في لبنان، وتزامنت مع حركة لافتة قام بها الرئيس المكلف، سعد الحريري، تحديداً زيارته لدار الفتوى ومشاركته في اجتماع المجلس الشرعي الأعلى بعد خلوة مع المفتي، عبد اللطيف دريان، فيما كانت الأنظار تتجه إلى احتمال اعتذار الحريري ليتبين أنه الاعتذار غير وارد، الآن.

سبق الاجتماع تواصل حصل بين الرئيس المكلف ونادي رؤساء الحكومة السابقين. هذا التواصل لم ينقطع إطلاقاً، إلا أن الحريري أراد أن يقف عن رأي الرؤساء السابقين من موضوع الاعتذار أو عدمه، فسمع ما يُشبه إجماعاً بأهمية عدم الاعتذار والتمسك بالتكليف الدستوري، توازياً مع فتح قنوات مع السياسيين السنة المعارضين له ليسمع من بعضهم دعمه لعدم الاعتذار والتمسّك بالصلاحيات.

لم يقل الحريري إنه يريد الاعتذار أو الاستمرار، وتقول مصادر قيادية في “المستقبل” لموقع “الحرة”: “هذا الأسبوع سيكون حاسماً لناحية خيار الاستمرار أو الاعتذار. في انتظار ما سيكون عليه الحال مع مبادرة الرئيس نبيه بري، وموقف حزب الله من كُل ما يحصل، خاصة من تعنّت حليفهم الأول الوزير السابق جبران باسيل”.

اللافت أن الحريري وللمرة الأولى، يُحاول إشراك جمهوره في القرار الذي سيتخذه، محاولة تبدو للحفاظ على مكاسبه عند جمهوره في المرحلة الماضية. إذ تقول المصادر: “أسهم الحريري عالية لدى السنّة اليوم وجمهوره ملتف حوله أكثر من أي وقت، وهذا ما لن يُفرط به الرئيس الحريري ومن هنا كان قرار إشراكهم من خلال الاستفتاء الداخلي الذي نُجريه”.

توازياً، ظهر رئيس مجلس النواب نبيه بري، في مقابلة مع قناة “الميادين”، ليعيد تأكيده على الاستمرار بمبادرته التي تحظى بدعم غالبية الأطراف، وقال: “مبادرتي في نسختها الثالثة للحل والخروج من المأزق الحالي تحظى بموافقة عربية وإقليمية ودولية وفرنسية”.

ولم يُعرف ما يقصده بالنسخة الثالثة، وهل ما إذا كان هناك من تعديل مطروح على المبادرة لا سيما فيما خص حصة باسيل وتسمية الوزيرين المسيحيين وإعطاء الثقة، وقالت أوساط مقربة من عين التينة لموقع “الحرة”: “الأمور مقفلة ووصلنا إلى حائط مسدود ولا نعلم ما إذا كان هناك من إمكانية للخروج من هذا النفق في وقت قريب”.

ويدرس الحريري أيضاً كل خياراته، وتقول أوساط مقربة منه: “إضافة إلى الاستفتاء، يقوم الرئيس الحريري بدرس كُل المعطيات التي أمامه، محلياً وإقليمياً ودولياً، استناداً على ما سمعه في لقاءاته مع الروس والفرنسيين والمصريين وسيُفعل من مشاوراته أيضاً مع الأطراف المحليين ليأخذ قراره في الأيام المقبلة، بالاعتذار أو الاستمرار”.

وكان لافتاً في الفترة الماضية دعم حزب الله لتكليف الحريري، والتواصل المستمر فيما بين الطرفين في هذا الخصوص وبمواضيع أخرى، وهذا ما انعكس نوع من الهدوء والوئام بين الحزبين الخصمين مع معطيات توحي بأن الحزب يعتمد على الرئيس المكلف وجدي بدعم بقائه رئيساً للحكومة في الفترة المقبلة.

وعلى هذا الأساس أتت مبادرة بري، إذ فوض الحزب لحليفه رئيس مجلس النواب تقريب وجهات النظر مع إشارة واضحة بأنه يدعم خطواته للوصول إلى حكومة، وهذا أيضاً ما انعكس على الأرض مع حركة رئيس المكتب السياسي في حزب الله حسين خليل والمعاون السياسي لبري علي حسن خليل مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل لإقناعه بتليين موقفه دون الوصول إلى نتيجة.

لكن الأمور لم تتغيّر، ليبدو أن باسيل لا يستمع إلى أحد. هنا، تتوقف مصادر قيادية في “المستقبل” أمام هذا الواقع وتقول: “بعد كل هذا الوقت وبالنظر لما يحصل فيما يخص التشكيل وتحديداً تعنّت الوزير باسيل، يظهر من الواضح أن الأخير يُنفذ أجندة الحزب، لأنه لا يُقنعنا أخد بأن باسيل يستطيع أن يكسر كلام الحزب وأن يتحداه بهذا الشكل”.

وتضيف: “هناك تناغم بدأ يتضح أكثر، رئيس الجمهورية ميشال عون وباسيل من جهة، وحزب الله من جهة أخرى. والحزب اليوم يريد أن ينتظر نتائج الانتخابات الإيرانية واجتماعات فيينا قبل أن يقوم بأي مبادرة لتسهيل تشكيل الحكومة، حساباته ليست محلية بالرغم من الواقع المأساوي الذي نمر به”.

في المقابل، يرد قيادي في التيار الوطني الحر على هذا الكلام، بالقول في حديث لموقع “الحرة”، “طالما المقاربة لديهم صارت هكذا، أي الوزير باسيل واجهة حزب الله للتعطيل، بالتالي نحن نقول إن الرئيس المكلف هو واجهة الرئيس بري في عملية التعطيل”.

ويُضيف القيادي، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إن “الأمور معقدة وليست كما تبدر في الظاهر، ولكن الأكيد أننا لا نعطل التأليف لحساب أيٍّ كان ومنفتحون على أي مبادرة أو مسعى للخروج من المراوحة على أن تكون ضمن المعقول”.

وكان زعيم حزب الله حسن نصرالله قد رفض الأسبوع الماضي طرح حليفه باسيل بالذهاب إلى انتخابات نيابية مبكرة مشيرًا إلى أن “أغلب الذين يدعون إليها يفعلون ذلك لحساباتٍ حزبية فئوية لا علاقة لها بالوطن والشعب وخطوات المعالجة، بل تهدف إلى زيادة عدد نوابهم مقابل تقلّص كتلة آخرين النيابية”.

اللافت في كلام نصرالله آنذاك أيضاً كان رسالته المباشرة إلى بري من دون أن يسميه، حين دعا إلى “عدم وضع تواريخ لتشكيل الحكومة ومواصلة السعي وبذل الجهود لحلّ الأزمة”، وهو ما تعتبره المصادر “إمعاناً في كسب الوقت ريثما يتضح المشهد الإقليمي”.

وفي انتظار الأيام المقبلة وقرار الحريري، تقول أوساط متابعة لعملية التشكيل: “سيكون هناك محاولات مستمرة، لكن النتيجة واضحة، الحكومة لن تتشكل الآن. حزب الله لم يعط الإشارة الخضراء لذلك، وسنرى في الأيام المقبلة إعادة تدوير للمبادرات، وكُل ذلك بلا نتيجة فعلية”.

الحرة

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.