مقدمة نشرة أخبار تلفزيون “المستقبل”
من يسمع موجات الردح والقدح والسجال السياسي التي تطرق آذان اللبنانيين، يتأكد له أن العصفورية السياسية اللبنانية في أسوأ تجلياتها.
ومن يعتقد أن استحضار خطاب الإنقسام والعصبيات وفرز المكونات اللبنانية بين مكون آدمي وبين مكون أزعر، يستحق وسام الجنون السياسي عن جدارة واستحقاق.
بدل التداعي لوقف مسلسل التصعيد الكلامي والعمل على توسيع رقعة التهدئة وضبط الفلتان السياسي، شهدت الساعات الماضية مباراة عنيفة بالمصارعة الخطابية، من شأنها أن تضع أكثر من علامة استفهام على نوايا الكثيرين تجاه معالجة الأحداث الأمنية الأخيرة وتداعياتها السياسية.
فهل المقصود هو استدراج البلاد إلى مأزق أمني، يعيدنا إلى مناخات الانقسام الأهلي والتقاتل الداخلي؟، أم المقصود هو شل العمل الحكومي وتعطيل انطلاقة الدولة نحو البرنامج الموعود للاستثمار الاقتصادي والانمائي؟، أم أن هناك من يجد الفرصة سانحة للانقضاض على التسوية السياسية، وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء؟.
الشيء المؤكد في ضوء هذه الأسئلة، أن الناس في واد وبعض القيادات السياسية في واد آخر، وأن الكلام العالي الذي يصم الآذان، يحجب عن اللبنانيين صوت العقل والحكمة، لتحل مكانه أبواق الاحتقان وتأليب النفوس على تعميم الكراهية بين أبناء الشعب الواحد والملة الواحدة.
في هذا الوقت، بقي الرئيس سعد الحريري يعزف على أوتار التهدئة، دون أن يخفي انزعاجه الشديد من مواصلة الشحن بكل الاتجاهات، وتحذيره من مخاطر الاستمرار في الخطاب السياسي العشوائي وارتداداته الخطيرة على الشأن الاقتصادي.
واذا كان الرئيس الحريري قد غادر اليوم في زيارة عائلية لمدة 48 ساعة، وابتعد عن ضجيج الكلام وقعقعة مكبرات الصوت في غير مكان، فإنه اعتبارا من الأسبوع المقبل يفترض أن يحدد التوجهات المطلوبة على صعيد انعقاد مجلس الوزراء، الذي لم يعد من الممكن تركه أسيرا لاعتبارات سياسية من هنا وهناك.
Comments are closed.