التقى عون عشية تَوَجُّهه إلى واشنطن في زيارةٍ بالغة الأهمية.. الحريري المتفائل بفكّ أسْر الحكومة وَعَدَ بـ «خبرٍ سارٍ» قريباً

هل تُفْضي الحاجة الملحّة التي باتت تَضْغَطُ على لبنان إلى تَفاهُمٍ «موْضعي» على عقد جلسة لمجلس الوزراء توقف مسلسل تعطيل الحكومة الذي بدأ مع «حادثة البساتين» (عاليه 30 يونيو)؟ وهل يَعْني إعلانُ رئيس الجمهورية ميشال عون أخيراً، أن صهره رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل كان هو المُسْتهْدَف بهذه الحادثة السقوطَ العمليّ لـ«ورقة» النائب طلال ارسلان (حليف التيار وحزب الله) ومعها مسارُ المطالبة «الشَرْطيّة» بإحالة الملف على المجلس العدلي الذي تَصَدَّره لأسابيع تحت شعار أن وزيره صالح الغريب «تعرّض لمحاولة اغتيال» (من مناصرين للحزب التقدمي الاشتراكي بزعامة وليد جنبلاط)؟ وهل يمكن في ضوء ذلك تَصَوُّر احتمال «انتزاع» فصْلٍ بين عمل الحكومة واجتماعاتها وبين السياق القضائي للحادثة الذي صار هو «لبّ المعركة» منذ أن أصبح في عهدة المحكمة العسكرية كأنها بديل عن «العدلي»؟

cهذه الأسئلةُ تَزاحمتْ في بيروت مع الحركة الكثيفة التي قام بها رئيس الحكومة سعد الحريري أمس غداة عودته إلى لبنان، وتوّجها عصراً بزيارة عون في إطار مسعى للإفراج عن جلسات الحكومة ووقْف تعليقها على «الحبل المشدود» لحادثة البساتين وتداعياتها المتدحرجة داخلياً وخارجياً، وذلك على قاعدة أن يأخذ المسار القضائي مجراه ويقتصر حضور الحادثة على طاولة مجلس الوزراء، إذا كان لا بد من ذلك، على مناقشتها من خارج جدول الأعمال دون أن تكون بندا ومادة للتصويت الذي يرفضه الحريري وجنبلاط ورئيس البرلمان نبيه بري وحزب «القوات اللبنانية».
وبَدَتْ «الأسبابُ الموجِبةُ» لمسعى الحريري الذي أبدى تفاؤلاً بعد لقاء عون بإعلانه «الحلول في نهاياتها وعلينا الانتظار قليلاً وإن شاء الله تسمعون الخبر السار»، متمحورةً حول النقاط الآتية:
• الضرورة القصوى لجلسةٍ حكومية تُفَرْمِل ما وصفه بري بأنه «حال هلع» في لبنان، وتُوَجِّه «رسالةَ تهدئةٍ» إلى الأسواق والمؤسسات المالية الدولية ووكالات التصنيف وبينها «ستاندر اند بورز» التي تستعدّ لإصدار تقريرها في 23 الجاري وسط خشيةٍ من خفض تصنيف لبنان الائتماني للبنان إلى «CCC» بناء على الواقع السياسي كما المالي.
• حرْص الحريري على أن يضع في جيْبه إشارة طمْأنة إلى أن الواقع اللبناني «تحت السيطرة» يحْملها إلى واشنطن التي يستعدّ للسفر إليها في زيارةٍ مفاجئة يلتقي خلالها عدداً من كبار المسؤولين تَرَدَّدَ أن بينهم نائب الرئيس مايك بنس ووزير الخارجية مايك بومبيو.
ومن الواضح، بحسب أوساط مطلعة في بيروت، أن أجندة بحث الحريري تتضمّن عناوين عدة بينها مسار العقوبات الأميركية على «حزب الله» والذي كان أخذ قبل شهر منحى جديداً مع توسُّعها، في عزّ انفلاش المواجهة بين واشنطن وطهران في المنطقة، باتجاه «الذراع السياسية» للحزب، مع دعوةٍ لـ«الحكومة لقطع اتصالاتها بأعضاء (حزب الله) المدرَجين على العقوبات» وتلويح «بأننا لن نغلق عيوننا عن أعضاء الحزب في الحكومة»، وهو ما أعقبتْه تلميحاتً إلى اتجاه لإدراج حلفاء لبنانيين للحزب على القوائم السود.
وفيما اعتبرت الأوساط أن رئيس الحكومة سيحاول في واشنطن «شراء المزيد من الوقت» وتأكيد التزام حكومته النأي بالنفس ومضيّها بالمسار الإصلاحي الذي أسستْ له موازنة 2019، نقلتْ «وكالة الأنباء المركزية» أن الحريري «سيحاول ثني واشنطن عن أي اجراءات قاسية عقابية تجاه لبنان، أكانت على شكل إدراج شخصيات سياسية إضافية على لوائحها (السوداء)، أو عبر إعادة النظر في مساعداتها المخصصة للبنان في مؤتمر(سيدر)، أو تلك التي ترسلها إلى الأجهزة العسكرية والأمنية».
• استشعارُ الحريري بفداحة المأزق السياسي الداخلي الذي يترتّب على إبقاء لبنان رهينة «حادثة البساتين» والأثمان التي قد يدفعها مالياً واقتصادياً وفي علاقاته الخارجية، ولا سيما بعد «جرس الإنذار» الذي شكّله البيان غيرالمألوف للسفارة الأميركية في بيروت والذي حذّر من استغلال الحادثة لأهداف سياسية في إشارة ضمنيةٍ إلى وقوف واشنطن ضدّ أي استهداف لجنبلاط انطلاقاً من هذه القضية وفق ما كان الأخير عبّر مراراً بحديثه عن «مؤامرة تُعدّ له عبر التدخل في فبركة ملفٍ سياسي من خلال المحكمة العسكرية».
وفيما عكس هذا البيان خشيةً متعاظمة من أن يكون له «تأثير الدومينو» على صعيد انضمام دول أخرى إلى اندفاعة واشنطن، التي تُعتبر «رافعة دولية» لمؤتمر «سيدر»، برز ردٌّ هادئ وغير مباشر من «حزب الله» الذي اعتبرت كتلته البرلمانية «أن كل التدخلات الأجنبية مدانة أياً كان مصدرها»، فيما غابت المواقف اللبنانية الرسمية رداً على بيان «السفارة» باستثناء مصادر في الخارجية اللبنانية اعتبرت «انه من المهم أيضاً ألا تقحم السفارات نفسها في ما لا يعنيها، اي في شؤون لبنان الداخلية وتحديداً عمل القضاء».
وكان باسيل غمز في كلمة له مساء الأربعاء من قناة هذا البيان، اذ اعتبر في معرض تصويبه على جنبلاط و«قصْفه» جبهة رئيس «القوات» سمير جعجع «ان الميليشيات دائماً مرتبطة بالخارج وهي تتجمّع وتتحالف ضدّ الدولة ودائما تلجأ لوكالات الاستخبارات والسفارات».
وإذ أكد أن «قطع الطريق والاعتداء ‏في قبرشمون – البساتين حصل على وزراء ونواب يزورون مناطقهم وناسهم، والوقائع واضحة ولن يستطيع أن يتهرب منها أي ‏قضاء عسكري أو عدلي أو جنائي‎، ولن نستأذن أحدا لندخل إلى بيوتنا في الجبل».‎ ‎
وفيما اتهم جعجع «بشن الحملات ‏الكاذبة علينا»، معلناً «سياسة السكوت وتحمل الظلم انتهت، ونعطي جعجع ‏فرصة أخيرة للعودة إلى روحية اتفاق معراب وتطبيقه»،‎ ‎تطرق إلى معركة تطبيق اتفاق الطائف، مؤكداً ان «المادة 95 من الدستور (وجّه عون رسالة الى البرلمان لتفسيرها) واضحة ولا نريد ‏تعديلها، لكننا لا نقبل الانتقال من المناصفة إلا إلى دولة مدنية مع مجلس شيوخ ومركزية إدارية موسعة، لأن إلغاء ‏الطائفية السياسية وحده لا يكفي».‎ ‎

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.