أضواء احتفالية بيروت حجبتْ ضوضاء السياسة وأزماتها «حراسة» أمنية استثنائية لليلة رأس السنة في لبنان

 غابت «عيديةُ» الحكومة الجديدة، لكن بيروت «لم تفوّت» العيد ولا احتفالاته التي جاءت صاخبةً احتفاءً بحلول الـ 2019 التي لم يكن صعباً على «العرّافين» ولا العارفين القراءة «في فنجانها» ولا تقليب صفحاتها و… مصاعبها.
تحت شعار «2019… ضوّي يا بيروت»، انفجرتْ العاصمة اللبنانية فرَحاً مع الليل الذي سهِر حتى الصباح في قلبها الذي احتضن عشرات الآلاف في كرنفالِ أضواء وألوان وألعاب نارية ارتسمتْ كـ «قوس القزح» في ما بدا استراحةً من عواصف السياسة و… ألاعيبها.


واختارتْ بيروت في ليلة «التسليم والتسلم» بين الـ 2018 والـ 2019 أن «تدير ظهرها» لـ «رزمة الأزمات» السياسية والمالية والاقتصادية «الموروثة» من روزنامة العام «الراحِل»، وأن تبهر لبنان والمنطقة في احتفاليةٍ كان «عرّابها» الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري وتحوّلت معها «ساحة النجمة» واحدة من مسارح العيد العالمية.
وبدا «طوفان الفرح» في «نجمة العواصم» التي رقصتْ مع كوكبة واسعة من الفنانين والموسيقيين، وكأنّه «وقتٌ مستقطعٌ» بين مآزق أقفلتْ عليها الـ 2018 وأبرزها الفشل المتمادي في تأليف الحكومة الجديدة وما ظهّره من صراعات وكأنها دارتْ على «رأس النظام» السياسي، وبين سلّة تحديات تطلّ برأسها مع السنة الجديدة وليس أقلّها استمرار الفراغ الحكومي وما يرتّبه من مخاطر على الواقع الاقتصادي والمالي والحياة الوطنية برمّتها.
أمس، توقّف «عدّاد» الأزمات لتتسمّر العيون على العدّ التنازلي (Countdown) الذي مهّد لولادة الـ 2019 والذي أقيم بمفهوم جديد في وسط بيروت لم تشهده العواصم الكبرى من قبل… وفي أحضان المسرح الدائري العملاق الذي تصميمه في شكل هندسي ريادي (360 درجة) وأنواره المتلألئة، لم يكن من مكان لـ «سواد» الأزمات الذي تَراجَع الى المَقاعد الخلفية أمام مشهدية العيد الذي اكتمل «نصابه» مع الثلج الذي حوّل لبنان «جمهورية بيضاء» ومع حركةٍ سياحيةٍ ناشطة «استعادت» معها «بلاد الأرز» سياحاً خليجيين استبقوا الإنهاء «الموعود» لحظْر السفر الى لبنان أو التحذيرات منه (فور تشكيل الحكومة الجديدة)، فساهموا في «تبييض وجه» آخر أيام 2018 التي كانت بالغة القسوة على القطاع السياحي الذي «انتفض» بملاقاة رأس السنة.
 وعَكَست الإجراءاتُ الأمنيةُ الاستثنائيةُ التي واكبتْ اليومَ الأخير من 2018 الأهميةَ التي علّقتْها السلطات اللبنانية على ألا يتمّ تعكير صفو «بقعة الضوء» شبه الوحيدة للمواطنين والوافدين الذين ودّعوا العام بـ «حراسةِ» نحو 13 الف عنصر من قوى الأمن الداخلي عدا وحدات الجيش والدفاع المدني والصليب الأحمر الذين «سهروا» على توفير «مظلّة حماية» لـ «عرسِ كل سنة مرّة».
وقبل هبوط ليل الاحتفالات، كانت كل الأنظار على اليوم التالي لحلول الـ 2019 وسط رهاناتٍ على أن تشهد انطلاقة السنة الجديدة تزخيماً للاتصالات الرامية إلى تذليل ما يفترض أنه آخر العقد في طريق ولادة الحكومة والمتمثلة في «المرجعية السياسية» للشخصية التي ستتولى تمثيل النواب السنّة الستة الموالين لـ «حزب الله»، وهي العقدة التي توقفت عندها المبادرة التي كان أطلقها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قبل نحو أسبوعين.
وفيما اختار الرئيس الحريري خلال تفقُّده التحضيرات لـ «السهرة» في وسط بيروت كسْر الصمت الذي اعتمده منذ تَداعي مبادرة عون مبدياً أسفه لتأخير تشكيل الحكومة بهذا الشكل، ومعرباً عن ثقته بأن ‏كل الأفرقاء السياسيين يريدون حلاً، ومشيراً إلى «ان رئيس الجمهورية صبر كثيراً وأنا صبرتُ كثيراً وكذلك ‏الشعب اللبناني ولا بد ان تشكّل حكومة مع بداية السنة الجديدة»، بدا أن إطار الحلّ الذي بدأ العمل عليه وسيصار الى تفعيله ابتداءً من يوم غد، يراوح بين حدّيْن:
* الأوّل يبدو الأكثر واقعية وقابلية للحياة ويقوم على الانطلاق من حيث انتهتْ مبادرة عون في جولتها الأولى، أي قبول «مجموعة الستة» بأن تتمثّل في الحكومة بشخصية من خارجها، وموافقة الحريري على مبدأ تمثيلهم وعون على أن يكون هذا الوزير من حصته، على أن يجري «تدوير زوايا» حيال «الإمرة السياسية» التي يلتزم بها ممثّل سنّة 8 مارس بحيث يظْهر شكلياً جزءاً من التكتل المحسوب على رئيس الجمهورية ويكون فعلياً ومن باب التمثيل الحصري لـ «اللقاء التشاوري» (النواب السنّة الستة) «منتسباً» الى الأخير في الخيارات والتصويت، بما يعني عملياً عدم نجاح «حزب الله» في انتزاع الثلث المعطّل من فريق عون.
* أما الثاني فيقوم على تعويم صيغة توسيع الحكومة الى 32 وزيراً لتضمّ وزيرين إضافيين (علوي وسرياني). ولا تتوانى أوساط سياسية عن اعتبار هذا الطرح القديم – الجديد بمثابة خطوة «تكتيكية» في ظلّ عدم تسليم رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل بعد باستحالة نيْل فريق رئيس الجمهورية على الثلث المعطل.
وترى هذه الأوساط أن الهدف الرئيسي من اقتراح حكومة الـ 32 حرْف الأنظار عما تسبّب به الخلاف على المرجعية السياسية لممثّل سنّة 8 مارس من تصدُّع في العلاقة بين «التيار» و«حزب الله» بدأ العمل على ترميمه، وذلك عبر محاولة إحراج الحريري في علاقته مع عون باعتبار ان الرئيس المكلف سبق أن رسم خطاً أحمر نهائياً أمام صيغة الـ 32 التي سبق أن سوّق لها باسيل.

الراي

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.