الأزمة تدفع اللبنانيين للهجرة أملا في مستقبل أفضل

حبيب رحال يحمل امتعته اثناء توجهه لاستقلال الطائرة المتجهة إلى ألمانيا في مطار بيروت الدولي يوم 12 فبراير شباط 2020. تصوير: محمد عزاقير-رويترز.

بيروت (رويترز) – كانت فكرة الرحيل تراود خيال حبيب رحال منذ عام 2018 بعد أن سئم من الأوضاع السياسية المضطربة في لبنان. لكن القشة التي قصمت ظهر البعير وضيقت عليه الخناق جاءت في اللحظة التي عجز فيها العام الماضي عن سحب أموال من البنك بسبب أزمة مالية وطنية.

    كثف رحال جهود البحث عن وظيفة في الخارج حتى عثر على عمل في ألمانيا.

غادر مصمم المنتجات الرقمية بيروت متوجها إلى برلين هذا الشهر، مسلحا بالإصرار على بناء حياة جديدة والحلم بمستقبل أفضل لينضم إلى موجة متزايدة من اللبنانيين الذين دفعتهم الأزمة إلى السفر للخارج.

    وقال رحال الشاب البالغ من العمر 27 عاما وهو يحزم حقيبته إن السفر في العادة فكرة مثيرة للانزعاج فيحاول الناس إقناع المسافر بالعدول عن قراره لكن الأمر في لبنان على النقيض من ذلك إذ يبارك الناس للمسافرين هذه الأيام.

وأوضح “نقطة كتير غريبة بالبلد هون (هنا).. إنه عادة إذا حدا فالل (مسافر) بتكون متضايق.. أو عم تجرب تقنعه لا أو كذا.. بلبنان بتصير بالقلب… أول شي بيقولوا لك مبروك إنك فالل من البلد.. حتى لو تارك أصحابك وتارك الناس إللي كل يوم بتكون معن.. حتى بالنسبة للأشخاص إللي انت مرتبط معن بعلاقة.. بتكون نفس الخبرية إنه فل بعدين منرجع منظبطا هونيك.. بس الأولوية فل من هون”.

ويُنظر على نطاق واسع إلى الأزمة الاقتصادية في لبنان على أنها الأشد وطأة والأكثر حدة منذ الاستقلال عن فرنسا وتجاوزت في السوء أي أزمة عانت منها البلاد خلال الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990.

    وظلت نار الأزمة تحت الرماد لفترة طويلة، حتى تفجرت إلى السطح وبلغت ذروتها العام الماضي عندما تباطأ تدفق رأس المال إلى البلاد واندلعت شرارة الاحتجاجات ضد النخبة الحاكمة التي يُنحى عليها باللائمة في الفساد الحكومي وسوء الإدارة على مدار عقود.

وفرضت البنوك قيودا مشددة على السحب والتحويلات للخارج فيما تراجعت الليرة وسرحت شركات موظفين فيها وخفضت الأجور. وتقلص الاقتصاد بنسبة 7 في المئة العام الماضي، وفقا لتقدير وزير الاقتصاد السابق.

    وفي الوقت الذي لا تظهر فيه نقطة ضوء في نهاية النفق، يفكر كثيرون في الأماكن التي يمكنهم الذهاب إليها. ولدى كثير من اللبنانيين، بما في ذلك بعض من ذوي المهارات العالية، جوازات سفر ثانية، مما يسهل عليهم المغادرة.

    كان رحال يحلم بالتغيير، وشارك في الاحتجاجات التي اندلعت في أكتوبر تشرين الأول عندما حاولت الحكومة المثقلة بالديون فرض ضريبة على مكالمات تطبيق واتساب. لكنه لم يضع بين أمتعة السفر الأوشحة التي كان يرتديها في المظاهرات.

    وقال إنه يطوي هذه الصفحة و”بحط كل شي ورا ضهري”.

    ويعيش شقيقه بالفعل في ألمانيا ووالده في نيجيريا. وتتقدم أخته بطلب للهجرة إلى كندا وترغب والدته أيضا في المغادرة.

    وأثناء وداعها له في المطار، قالت صديقة رحال إنها تعتزم اللحاق به في ألمانيا. وقالت دانا نعمة التي تبلغ من العمر 27 سنة “مستقبلنا حيكون برا مش حيكون هون. ما في إلنا شي هون… ماحدا بيترك البلد وبيكون مبسوط.. ما حدا بيترك أهله ورفقاته وبيكون مبسوط إلا إذا هو مضطر”.

    ويشتهر لبنان بالفعل بجاليات الشتات الكبيرة في دول مثل البرازيل وكندا وأستراليا بالإضافة إلى بعض الدول الإفريقية. وينحدر كثيرون من أعضاء هذه الجاليات من نسل لبنانيين فروا من أزمات أو صراعات سابقة في المنطقة.

    وقال نسيب غبريل، وهو كبير الاقتصاديين في بنك بيبلوس، إن الهجرة جزء من تاريخ لبنان مضيفا أنه لا توجد أرقام رسمية عن الهجرة.

    وقال إن مبعث القلق هو أن الشباب أو بعضهم يرون أنه “لا مستقبل لهم في هذا البلد”.

من عصام عبد الله وعلاء كنعان

(شارك في التغطية توم بيري – إعداد أيمن سعد مسلم للنشرة العربية – تحرير ياسمين حسين) swiss info

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.