الحكومة الجديد وُلدت «عشرينيةً».. باسيل أراد التمهّل لتحويل الحريري «كيس رمل» في وسط بيروت

هل يشكّل تصاعُد «الدخان الأبيض» ليل أمس، من القصر الجمهوري مع صدور مراسيم تشكيل حكومة الرئيس حسان دياب مدخلاً لوضْع لبنان على سكة الخروج من الأزمة غير المسبوقة السياسية – المالية – الاقتصادية التي «تقبض» عليه منذ أشهر والتي اتخذت «أعتى» مظاهرها مع اندلاع «ثورة 17 أكتوبر» التي أطاحت بالحكومة السابقة عبر استقالة رئيسها سعد الحريري؟


سؤالٌ ضجّتْ به بيروت حتى قبل أن يجفّ حبْر مراسيم الحكومة 20 اختصاصياً الذين يتقاسمهم الائتلاف الحاكم المتمثل بـ «التيار الوطني الحر» (حزب الرئيس ميشال عون) و«حزب الله» وحركة «أمل» وتيار «المردة» وحزب النائب طلال أرسلان، وسط رصْد «سريع» لردّ فعل الانتفاضة على «المولود» الحكومي الذي جاء بعد 33 يوماً من تكليف دياب ومن خارج مطلبها الرئيسي بـ «حكومة اختصاصيين مستقلين تمهد لانتخابات نيابية مبكّرة».
وفي حين برزت في أولى ساعات الليل دعوات لتظاهرات رفضاً للحكومة التي كان الشارع سحب سلفاً «الثقة» منها في الأيام الماضية، شخصت الأنظار أيضاً سريعاً على مسألتيْن: الأولى إذا كانت «حكومة نصف لبنان» ستنجح في توفير الدفْع السياسي اللازم لإنجاز مهمتها «الإنقاذية» المصيرية في ظلّ وجود أطراف وازنة خارجها وفي مقدّمهم «تيار المستقبل» (بقيادة الحريري) وحزب «القوات اللبنانية» والحزب التقدمي الاشتراكي بزعامة وليد جنبلاط وحزب «الكتائب اللبنانية»، والثانية كيفية تلقُّف المجتمع الدولي لحكومةٍ وُلدت على «خط الزلزال» الأميركي – الإيراني، رغم الإشارات التي كانت أوحت بأن أولوية الخارج هي تشكيل الحكومة والانكباب على التصدي للانهيار المالي – الاقتصادي الذي بدأ بوتيرة متسارعة.
ولم تحجب مناخات الترقب لـ «حقل الألغام» الداخلي والخارجي الذي ستسلكه حكومة دياب، الملابسات التي أفضت ليل أمس إلى ولادتها شبه «القيصرية» بعدما رفع «حزب الله» ما يشبه بطاقة «الإنذار» بوجه حلفائه بعدما غرِقوا في لعبة تَقاسُم «كعكة» الحكومة العتيدة التي تكاد أن تكون الأداة التنفيذية لإدارة دولةٍ صارت أشبه بـ «هيكلٍ عظمي»، وذلك بمعزل عن الأولوية القصوى التي يوليها لقفل هذا «الدفرسوار» والتفرغ للمواجهة الكبرى في المنطقة.
واستقرّت بورصة التشكيلة التي أعلنت مساء :
رئيس الحكومة: حسان دياب
نائب رئيس الحكومة وزيرة الدفاع: زينة عكر
وزير الداخلية والبلديات: اللواء محمد فهمي
وزير المال: غازي وزني
وزير الخارجية: ناصيف حتي
وزير الاتصالات: طلال حواط
وزيرة العدل: ماري كلود نجم
وزير الأشغال العامة والنقل: ميشال نجار
وزيرة العمل: لميا يمين
وزير الطاقة والمياه: ريمون غجر
وزير السياحة والشؤون الاجتماعية: رمزي مشرفية
وزير الشباب والرياضة: فارتي اوهانيان
وزير التربية: طارق المجذوب
وزير الاقتصاد والتجارة: راوول نعمة
وزير البيئة وشؤون التنمية الاداريّة: دميانوس قطار
وزير الصحة: حمد حسن
وزير الزراعة: عباس مرتضى
وزير الصناعة: عماد حبّ الله
وزيرة المهجّرين: غادة شريم
وزيرة الاعلام: منال عبد الصمد.
وحملتْ ساعاتُ بعض الظهر أول إشارات المناخات الإيجابية مع تعميم أجواء حلحلةٍ على قاعدة التشكيلة العشرينية وإعطاء زعيم «تيار المردة» سليمان فرنجية وزيريْن بحقيبتين وازنتين وانسحاب الحزب السوري القومي الاجتماعي من التشكيلة لعدم رغبته بالتمثل بدرزي ما فتح الباب أمام حلحلة التعقيدات.
وفي بعض جوانب «الربح والخسارة» في عملية التشكيل، توقفت أوساط سياسية عند ما سبق التأليف من هجوم عنيف شنّه فرنجية على باسيل نهاراً حيث اتهمه بأن «جشعه وطمعه هما مَن يعرقلان الحكومة، فباسيل«بدو يفوّتنا بالحيط، ويريد أخْذنا معه إلى المهوار»، مكرراً رفْضه حصول باسيل على الثلث المعطّل في الحكومة ومطالبته بوزيرين ماروني وأرثوذكسي لحقيبتين وازنتين وإلا «لا نشارك فكرامتنا أهمّ وإن كنا سنعطي الثقة».
وكشفتْ أوساطٌ واسعة الإطلاع لـ «الراي» عن أن باسيل، «العَرّاب المسيحي» للحكومة العتيدة، بدا قبل ضغوط التأليف غير مستعجل لتسهيل ولادتها، وهو سعى لإقناع حلفائه بضرورة التمهل انطلاقاً من «مقاربة خاصة» لِما يجري في البلاد مع بلوغ الاحتجاجات الشعبية في مواجهة السلطة مستويات عنيفة، وخصوصاً في «الويك أند» الماضي.
وتحدّثت عن أن باسيل حاول التعمية، من دون أن يلقى آذاناً صاغية، على دوره في عرقلة تشكيل الحكومة لإصراره على الإمساك بالثلث المعطل فيها، عبر إغراء حلفائه بأن ثمة مصلحة بتحويل رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري وفريقه «كيس رمل» في المواجهة المستعرة في الشارع واستنزاف رصيده الشعبي.
ولفتت إلى أن مقاربة باسيل، الذي يَعتقد أن ثمة أطرافاً إقليمية ترغب في تصفية الحساب مع الحريري، قامت على أن ما من حاجة ملحّة لتشكيل الحكومة، ومن الأفضل ترْك الحريري يدفع الثمن عبر المواجهة بين جمهوره «السنّي» مع القوى الأمنية المحسوبة عليه وفي وسط بيروت (سوليدير) المنطقة التي تتمتع بخاصية بالنسبة إليه.
وتابعت الأوساط أن باسيل كان يعتقد أن تشكيل الحكومة سيريح الحريري ويجعله في موقع يسمح له بـ «فتْح النار» على التركيبة الجديدة، وتالياً من المهم بقاء الفريق المحسوب على تيار المستقبل في الواجهة كوزيرة الداخلية ريا الحسن التي عبّرت أكثر من مرّة عن رغبةٍ جامحة بالتخلص من المسؤولية الملقاة عليها.
ورأتْ دوائر سياسية أن ما عزّز هذا المناخ المواقف المتوالية للحريري منذ انفجار التوتر في الشارع والداعية للإسراع بتأليف الحكومة، وصولاً إلى إعلانه أمس أن «التحليلات التي تتحدث عن سيناريوهات تربط عرقلة تأليف الحكومة بترتيب عودتي إلى رئاسة الحكومة مجرد أوهام ومحاولات مكشوفة لتحميلي مسؤولية العرقلة وخلافات أهل الفريق السياسي الواحد»، مؤكداً «اتخذتُ قراري ومفتاح القرار بيدي.. فتشوا عمن سرق مفاتيح التأليف وأقفل الأبواب على ولادة الحكومة».

الراي – ليندا عازار – وسام أبو حرفوش

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.