تشاؤم من احتمال الانهيار المالي وخسارة السنة الدراسية

للمرة الأولى في تاريخ دولة لبنان منذ الاستقلال، يشعر أولياء التلامذة بإمكانية خسارة العام الدراسي بأكمله، الأمر الذي لم يحصل حتى في عز الحرب الأهلية (1975-1990)، إذ اقتصر الأمر وقتذاك على إلغاء الامتحانات الرسمية للشهادتين المتوسطة والثانوية، وترفيع التلامذة بإفادات مدرسية.

يتعامل اللبنانيون بكثير من الواقعية مع ما تشهده عاصمتهم وبقية المحافظات من احتجاجات.

تعامل يقوم على طريقة: كل يوم بيومه، من دون التخطيط للغد. وينظرون بحذر الى اليوم التالي. حذر يقوم على القلق من إمكان إحجام المؤسسات التي تتولى تحصيل عائداتها من الداخل اللبناني عن تسديد رواتب موظفيها.

قطاعات تعاني قبل التظاهرات الأخيرة تعثرا ماليا ترجم تأخيرا في تسديد رواتب الموظفين.

مؤسسة إعلامية عريقة دخلت العقد التاسع من عمرها، أبلغت الى العاملين فيها إمكانية منحهم سلفة مالية بقيمة 200 ألف ليرة لبنانية (40 دينارا كويتيا)، ما يعني عدم تسديد رواتب لشهر أكتوبر، علما ان للزملاء متأخرات في ذمة المؤسسة المعنية تصل الى 22 شهرا.

محطة تلفزيونية تعتبر حاليا «مهد الثورة»، ألمحت للعاملين لديها لتأخير محتمل في تسديد الرواتب، «ليس على الأقل قبل العاشر من نوفمبر المقبل».

المصارف بدورها تحاذر فتح أبوابها، ليس فقط خشية ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي في أسواق بيروت، بل تحسبا لإقبال الزبائن على سحب ودائعهم ما يسبب بانهيار الكتلة النقدية، الأمر الذي لم يحصل ايضا في عز الحرب الأهلية.

غابت الرسائل النصية الشهرية التي يتلقاها الزبائن من المصارف، والمتعلقة بتسديد القروض الخاصة بالبطاقات الائتمانية. واقتصرت العمليات على تأمين مصروف الجيب من ماكينات الصراف الآلي، بعد تقليص حجم السحوبات وتحديد سقف أسبوعي لها، وحصر القسم الأكبر منها بالعملة الوطنية.

وتيرة اعتراضية تتسارع في ضوء انسداد آفاق الحلول، وخصوصا الاقتصادية منها، مع إجماع القسم الأكبر على تقريب موعد الانهيار

المالي الشامل الذي كان متوقعا بعد سنتين كحد أقصى، الى المقبل القريب من الأيام.

الشأن الاقتصادي تقدم على الشق السياسي من الأزمة في الساعات القليلة الماضية.

أحد كبار المقاولين قال لـ «الأنباء»: «سأسدد رواتب الموظفين عن الشهر المنتهي، باعتباري أقوم بتمرير مرحلة، لكني سأصارحهم اعتبارا من بداية نوفمبر، بأن الأمر سيختلف بشكل جذري اذ استمرت الأمور على ما عليه».

وحدها لقمة العيش توحد اللبنانيين في هذه الفترة، خلافا لاختلافهم الكبير في مقاربة الأزمة السياسية.

وتبقى الخشية الأكبر من انقطاع «جرعة الماء» المتمثلة بالرواتب، وكأن البلد لا تكفيه البطالة التي أصابت قسما كبيرا من أبنائه.

أزمة تبدو مختلفة عن سابقاتها التي كانت تنفرج بعد اشتدادها، مع جرعة إحباط بأن الأزمة طويلة، وان البلاد دخلت في نفق لا يلوح مخرج له في المدى المنظور.

الانباء – جويل رياشي

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.