النهار: “المئة متر الأخيرة”: الحريري وحده متفائل!

 كتبت صحيفة “النهار” تقول: سواء كان مستنداً الى تمسكه بمناخ تفاؤلي أم كانت معطياته العميقة غير الظاهرة تعكس مناخات مرنة، بدا الرئيس المكلف سعد الحريري أمس كأنه يعاكس من لندن رياح بيروت، مضفياً نسائم ملطفة ومتفائلة على أزمة تأليف الحكومة. فلم يكن خافياً على مختلف الأوساط السياسية ان الأيام الأربعة الأخيرة منذ اطلاق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تحركه السياسي في مسعى متقدم لإيجاد حل للعقدة المستعصية المتمثلة بتمثيل سنّة 8 آذار، لم تشهد واقعياً أي تقدم حقيقي نحو تسوية لهذه العقدة التي، كما أفادت “النهار” أمس، تحولت نقطة تحد لرئيس الجمهورية بعد الرئيس المكلف ولو زعم الافرقاء المعنيون باشتراط تمثيل سنة 8 آذار كلامياً تأييدهم لمبادرة الرئيس. فباستثناء ما قاله الرئيس أمس أمام السفير الاميركي السابق رايان كروكر، مع وفد من مؤسسة “راند” الاميركية الاستشارية، من أنه يسعى جاهداّ لوضع حد للاختلافات بين الأطراف السياسيين، في شأن الملف الحكومي، على أن يتخذ بعدها القرار المناسب، لم يفصح بعد عن القرار الذي ينوي اتخاذه، وهو ينتظر لقاءه نهاية هذا الاسبوع الرئيس الحريري ليغربل معه حصيلة المواقف التي ما زالت على حالها. 

ومشروع الحلّ الذي يطرحه رئيس الجمهورية، كما تجمع عليه مختلف المصادر، يبدأ باستقبال الرئيس الحريري نواب “اللقاء التشاوري” الستة معترفاً بهم، على أن يلاقيه هؤلاء بقبولهم بأن يتمثلوا بوزير من خارجهم، وهذا الوزير يختاره الرئيس عون، وأي خلال بهذه القاعدة الثلاثية قد يسقط مشروع التسوية. 

وأكدت مصادر “حزب الله” أن المواقف على حالها، وليس من اقتراحات جديدة في البلد. وأشارت الى ان الرئيس المكلف ما زال يرفض الاعتراف بـ”اللقاء التشاوري” ويرفض استقبال أعضاءه أو تمثيلهم، كما يرفض اعطاء وزير الخارجية جبران باسيل الوزراء الـ11 الذين يعتبرهم باسيل وتكتله حقاً لهم. أما “حزب الله” فموقفه واضح بأنه يقبل بما يرضى به حلفاؤه النواب السنة الستة. 

وفِي آخر المعطيات، كانت مصادر الرئيس الحريري تقول إنه لم يوضع على جدول أعمال الرئيس المكلف حتى الآن أي لقاء مع نواب سنة الثامن من آذار، لكنها أوضحت أن الامور رهن باطلاعه على نتائج المشاورات الرئاسية بعد عودته من لندن ليبنى على الشيء مقتضاه. 

ولا توحي نبرة نواب سنّة 8 آذار بانهم تلقوا كلمة السر الضرورية لإبداء المرونة حيال تسوية لا تحمل أحدهم الى المقاعد الوزارية بدليل “تكبير الحجر” في التهجم على الرئيس الحريري. فالنائب الوليد سكرية قال أمس “إن العقدة تكمن في رفض المملكة العربية السعودية لوجود سني حليف للمقاومة وسوريا وإيران في الحكومة وان رفض الحريري ليس ذاتياً”. أما النائب فيصل كرامي فقال: “ان لا جديد في المعطيات الحكومية”، الا انه رأى في كلام الحريري عن ان الحكومة أصبحت في المئة متر الاخيرة، “كلاماً مشجعاً يوحي بالتفاؤل، فحينما يقول الرئيس المكلف ذلك إنما يبني على معطيات جدية خصوصاً أن مفتاح الحل بيده ورئيس الجمهورية دستورياً وسياسياً”. وتمنى كرامي “ان تكون المئة متر الأخيرة ركضاً سريعاً وليست مشياً بطيئاً”. 

الحريري في لندن
في غضون ذلك، بدا الرئيس الحريري متفائلاً ولو بحذر بامكانات تأليف الحكومة قبل نهاية السنة الجارية، معتبراً ان عملية التأليف صارت في المئة متر الاخيرة. وفي حوار أجراه بعد ظهر امس في مركز “شاتام هاوس” في لندن أمل الرئيس المكلّف “ان يتم تشكيل الحكومة قبل نهاية السنة الجارية”، مشيراً الى “ان معظم العقد التي كانت تؤخر التشكيل قد ذللت باستثناء عقدة واحدة نعمل على حلها”. وأعرب عن “أمله في تحسن الوضع الاقتصادي في لبنان بعد تشكيل الحكومة وتسريع الخطى لتنفيذ مقررات مؤتمر سيدر والبدء بورشة النهوض الاقتصادي وتطوير البنى التحتية وإيجاد فرص عمل للشباب والاستعداد للمرحلة المقبلة في المنطقة”. وأكد تمسك لبنان بتنفيذ القرار 1701 بحذافيره، مستبعداً حصول أي تصعيد في الوضع في جنوب لبنان، لافتاً الى ان الجيش اللبناني يتعامل مع ما أثير في موضوع الانفاق على الحدود الجنوبية، وشددا على استمرار الخروقات الاسرائيلية للقرار باستباحة الأجواء والمياه الاقليمية اللبنانية. وتوقع ان “نشكل الحكومة قريباً جداً”، قائلاً أن “تشكيل الحكومة سيمثل دفعاً مهماً جداً إلى الأمام، وأظن أن الأمر بات قريباً، وقد وصلنا إلى المئة متر الأخيرة قبل تشكيل الحكومة”. وأضاف: “أعددنا عدداً من الاتفاقات التي سوف نوقعها مع المملكة العربية السعودية ما إن تتشكل الحكومة اللبنانية، وسترون خطوات جدية من المملكة لمساعدة لبنان اقتصاديا. ففي مؤتمر “سيدر” خصصت المملكة مليارا من أجل لبنان، ولا أعتقد أن العلاقة يمكن أن تكون أفضل مما هي اليوم”. وعن علاقته بـ”حزب الله” قال الحريري: “بعد انتخاب الرئيس عون، قررنا جميعاً أن نضع خلافاتنا جانباً، خصوصاً في ما يتعلق بالمسائل الإقليمية. “حزب الله” لم يغير رأيي بإيران، وأنا لم أغير رأيه بالمملكة العربية السعودية أو دول الخليج وأهمية علاقاتنا مع بريطانيا أو الولايات المتحدة وكل هذه الدول، وأنا لم أغير رأيي في شأن طريقة “حزب الله” بالتعامل مع الأمور في المنطقة، لذلك قررنا أن نضع الخلافات الإقليمية جانبا وأن نركز على ما هو مفيد للبلد”. 

جنبلاط
وسط هذه الاجواء، تحدث رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط مساء أمس عبر برنامج “صار الوقت” من محطة “ام تي في” عن الأحداث الأخيرة في الجبل، فقال انه لم يفهم أهداف “الغارة على المختارة (لأنصار وئام وهاب) وليس سوى النظام السوري من يقوم بغارات كهذه، ربما يخطط لاختراق الساحة الدرزية أو التهديد بالقتل لأن لا اختصاص لبشار ووالده الا القتل”. وكرر انه لم يكن يعلم سلفاً بالعملية في الجاهلية وحين علم بها اتصل بالرئيس الحريري وقال له انه لا يريد دماً في الجبل فأجابه انها ستكون محصورة بإبلاغ وئام وهاب فقط، لكن الابلاغ لم يكن في حاجة إلّا الى دورية صغيرة. وأكد جنبلاط ان القنوات لم تقفل مع “حزب الله” وان وفد الحزب نقل اليه سلاماً من الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله وتمنيه عليه الا يأتي على ذكر ايران. وقال: “أفهمه لأن هناك شريحة كبيرة من اللبنانيين يدعمها الحزب تشعر بأنك تشتمهم اذا شتمت ايران وأفهمهم لأن هناك تهديداً في الجنوب وهذا السلاح هو دفاع عنهم والاسترسال في مهاجمة ايران لا معنى له ونحن بغنى عن عداوات اضافية”. وفي الملف الحكومي قال جنبلاط إنه لا يمكن كسر الرئيس الحريري وفي الوقت نفسه ليسمح لي الرئيس الحريري ما دام يعتبر نفسه أبا السنة فليبدأ باستقبالهم (النواب السنة الستة)، كما أن هناك حصة سنية للعماد عون فلينظروا الى عداد الدين وليتنازلوا. السياسة مرونة وتأقلم وأنا لم أحتكر التمثيل الدرزي”. 

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.