«كورونا» ودمار المخ… استبعاد السبب المباشر وترجيح رد الفعل
رغم أن «كوفيد – 19»، هو في الأساس مرض تنفسي، إلا أن المرضى غالبًا ما يعانون من مشاكل عصبية، بما في ذلك الصداع والهذيان والخلل الإدراكي والدوخة والإرهاق وفقدان حاسة الشم، وقد يتسبب المرض في إصابة بالسكتات الدماغية وأمراض الأعصاب الأخرى.
إحدى الدراسات حاولت تفسير ذلك، وقال باحثوها إنهم عثروا على كميات صغيرة من الفيروس في أدمغة بعض المرضى، لكن دراسة أميركية حديثة نشرتها في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، دورية «نيو إنغلاند جورنال أوف ميدسين»، استبعدت تماما ذلك، ورجحت أن المشاكل العصبية سببها ترقق الأوعية الدموية الدماغية، الناتج عن استجابة الجسم الالتهابية للفيروس، وليس بسبب وجود الفيروس نفسه في الدماغ، ما يجعل الدماغ عرضة لتلف الأوعية الدموية الدقيقة.
وخلال الدراسة أجرى الباحثون من المعاهد الوطنية للصحة بأميركا، فحصًا متعمقًا لعينات أنسجة المخ من 19 مريضًا ماتوا بعد إصابتهم بـ«كوفيد – 19» بين مارس (آذار) ويوليو (تموز) 2020، وتم تقديم عينات من 16 مريضًا من قبل مكتب كبير الفاحصين الطبيين في نيويورك بينما تم تقديم الحالات الثلاث الأخرى من قبل قسم علم الأمراض في كلية الطب بجامعة أيوا الأميركية، وكان المرضى يمثلون مجموعة واسعة من الأعمار، من 5 إلى 73 عامًا، وماتوا في غضون ساعات قليلة إلى شهرين بعد الإبلاغ عن الأعراض، وكان لدى العديد منهم واحد أو أكثر من عوامل الخطر، بما في ذلك مرض السكري والسمنة وأمراض القلب والأوعية الدموية، وتم العثور على ثمانية من المرضى موتى في المنزل أو في الأماكن العامة، وانهار ثلاثة مرضى آخرون وماتوا فجأة.
في البداية، استخدم الباحثون ماسحًا خاصًا عالي القوة للتصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) أكثر حساسية من 4 إلى 10 مرات من معظم أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي، لفحص عينات من البصيلات الشمية وجذع الدماغ من كل مريض، ويعتقد أن هذه المناطق معرضة بشدة لـ«كوفيد – 19».
وتتحكم البصيلات الشمية في حاسة الشم لدينا بينما يتحكم جذع الدماغ في تنفسنا ومعدل ضربات القلب، كشفت عمليات المسح أن كلا المنطقتين بهما عدد كبير من البقع المضيئة، التي تسمى فرط الكثافة، والتي تشير غالبًا إلى الالتهاب، والبقع الداكنة، المسماة (فرط الإحساس)، التي تمثل النزيف.
واستخدم الباحثون بعد ذلك عمليات المسح كدليل لفحص البقع عن كثب تحت المجهر، ووجدوا أن البقع المضيئة تحتوي على أوعية دموية أرق من المعتاد وتسرب في بعض الأحيان لبروتينات الدم، مثل الفيبرينوجين، إلى الدماغ، ويبدو أن هذا يؤدي إلى رد فعل مناعي. وكانت البقع محاطة بخلايا تائية من الدم وخلايا مناعية للدماغ تسمى الخلايا الدبقية الصغيرة، وفي المقابل، احتوت البقع الداكنة على أوعية دموية متخثرة ومتسربة ولكن دون استجابة مناعية.
ويقول الدكتور أفيندرا ناث، مدير المعهد الوطني للاضطرابات العصبية والسكتة الدماغية في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للمعاهد الوطنية للصحة بأميركا بالتزامن مع الدراسة: «فوجئنا تمامًا… كنا نتوقع أن نشهد ضررًا ناتجًا عن نقص الأكسجين، وبدلاً من ذلك، رأينا مناطق متعددة البؤر من الضرر الذي يرتبط عادةً بالسكتات الدماغية والأمراض الالتهابية العصبية، ولم نرصد أي علامات للعدوى في عينات أنسجة المخ رغم أننا استخدمنا عدة طرق لاكتشاف المواد الجينية أو البروتينات الخاصة بفيروس كورونا المستجد».
ويضيف «حتى الآن، تشير نتائجنا إلى أن الضرر الذي رأيناه ربما لم يكن بسبب الفيروس الذي أصاب الدماغ بشكل مباشر».
الشرق الأوسط
Comments are closed.