لقاء باريس بين الحريري وباسيل كان مطروحاً لكن الفريق الرئاسي لم يلتزم بالشروط
معيار جديد للخروج من النفق، طرحه البطريرك الماروني بشارة الراعي في عظة الأحد من بكركي أمس، وفحواه أنه «لا تدقيق جنائيا قبل تشكيل الحكومة»، محذرا من جعل الشعب اللبناني «كبش محرقة».
ومعنى ذلك من وجهة نظر البطريرك، الذي بات ضمن المراجع اللبنانية، المعتمدة الرأي على المستوى العربي، ان على المنادين بـ«التدقيق الجنائي» في حسابات مصرف لبنان وغير مصرف، ان يدققوا اولا بحسابات تعطيل تشكيل الحكومة، لأن تشكيلها هذا هو الأساس الدستوري.
وقال: لقد خيب المسؤولون المعنيون آمال اللبنانيين بالحكومة، وبينوا للجميع أنهم لا يريدون تشكيل حكومة، لغايات خاصة في نفوسهم ولدى كل واحد منهم.
واعتبر ان تشكيل الحكومة هو اولوية الأولويات كونها مفتاح الحل، لباقي القضايا الأساسية. الفعل الايجابي يكون بتأليف حكومة للشعب من دون لف ودوران».
وعمليا، لا جديد على صعيد تشكيل الحكومة، سوى السجال المتواصل بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر. فبعد ان اتهمت الهيئة السياسية في التيار الحريري بتعمد تأخير تشكيل الحكومة، رد تيار المستقبل بالقول، ان قيادة التيار الوطني الحر تعاني من التخبط والانكار السياسي في أسوأ مراحلهما، وتقدم الدليل تلو الآخر على التصرف كحزب حاكم يستولي على توقيع رئاسة الجمهورية بشأن تأليف الحكومة.
واعتبر تيار المستقبل ان الحديث عن نية الرئيس المكلف العمل للحصول على النصف زائدا واحدا في الحكومة، هو محاولة مكررة للهروب الى الامام لتبرير التمسك بالثلث المعطل.
وختم بالقول: «هذا الامر لن يمر، وتجربة الرئيس الاصيل والرئيس غير الاصيل لن تتكرر».
ودخلت القوات اللبنانية على خط السجال، متهمة النائب جبران باسيل بالهروب الى الامام، مذكرة اياه بأن من ضرب صلاحيات رئاسة الجمهورية هو من دمر المنطقة الحرة (الشرقية) منذ اللحظة الاولى التي تسلم فيها رئاسة الحكومة الانتقالية واشعل حروبه العبثية تارة بحجة التحرير وطورا من اجل الالغاء، وفي الحالتين سعيا منه الى رئاسة الجمهورية التي كانت كلفتها اسقاط الجمهورية ورئاسة الجمهورية وتهجير عشرات الآلاف. والمقصود هنا الرئيس عون.
ولم يتأخر رد التيار الحر ببيان صدر عن اللجنة المركزية للاعلام وقال فيه إن «من مارس الاجرام أيام الحرب والاغتيال السياسي أيام السلم لا يحق له الكلام بالأخلاق السياسية، ومن يمارس أعلى درجات الفساد السياسي بأخذ المال من الخارج لصرفه انتخابيا، وبذخ ما جباه من اللبنانيين على قصوره ورفاهيات حاشيته لا يحق له الوعظ بالفساد. ما أقبح المجرم عندما يتكلم بالعفة!
وفي هذا المجال، كشفت مصادر متابعة لـ «الأنباء» ان لقاء باريس بين الرئيس المكلف سعد الحريري ورئيس التيار الحر باسيل، كان مطروحا بصورة جدية، لكن الفريق الرئاسي الممثل بباسيل أخل بالشروط التي وافق عليها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون شخصيا.
وهذه الشروط بحسب المصدر، تحددت بأن يوقع الرئيس عون مراسيم الحكومة مسبقا، على أن يبقى ذلك طي الكتمان، ريثما يأتي الحريري وباسيل الى باريس، ويلتقيان عند الرئيس ماكرون، ثم يعودان الى بيروت للإعلان عن ولادة الحكومة في بعبدا، وبذلك يضمن ماكرون والحريري التزام الفريق الآخر بما اتفق عليه، تجنبا للمراوغة بعد لقاء باريس.
ووافق الطرفان على هذه الصيغة المخرج، وثم الاتفاق على أن يأتي جواب الرئيس عون يوم الأربعاء الفائت بتحديد منهم، وعندما لم يصل الجواب بالإيجاب «فرطت المسبحة».
المصدر رد الأسباب، الى عدم توصل لقاء فيينا بين الأوروبيين والايرانيين، الى ما تريده طهران، ما يظهر حقيقة الأسباب المعرقلة لتشكيل الحكومة.
وكيل وزارة الخارجية الأميركي ديفيد هيل، سيكون في بيروت هذا الأسبوع، متفقدا أوضاع التفاوض حول ترسيم الحدود البحرية للبنان جنوبا، مع استطلاع مآلات تأليف الحكومة.
وهنا أبدى رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، تخوفه من ان تتحول قضية ترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل، الى مزارع شبعا أخرى، وقال: في تصريح له أمس: في حال لم تكن المطالب اللبنانية الجديدة مثبتة فعليا فإن المفاوضات قد تمتد لسنوات، ونتأخر في استثمار ثرواتنا، وحث السنيورة على عدم معالجة الأمور المتصلة بالنزاع البحري بطريقة شعبوية.
في غضون ذلك، استنكرت عائلات ضحايا تفجير مرفأ بيروت، الكتاب الذي وجهه وزير الاقتصاد راوول نعمة، المحسوب على الفريق الرئاسي في الحكومة، الى القاضي طارق بيطار، طالبا فيه استبعاد فرضية العمل الإرهابي في تفجير المرفأ، من أجل الإفراج عن التعويضات للمتضررين من شركات التأمين، معلنين انهم سيتقدمون بدعوى قضائية بحق الوزير.
وبرر وزير الاقتصاد كتابه بمسؤوليته عن شركات الضمان، وهو يحث بشكل متواصل هذه الشركات على التعويض على المتضررين من انفجار المرفأ، لانه لا يمكنهم على التعويض، من دون تقرير رسمي يبين اسباب الانفجار، نافيا تدخله في توصيف الجريمة، الذي هو شأن القضاء.
الانباء – عمر حبنجر
Comments are closed.