المنتدى الاقتصادي الاجتماعي: لماذا يتهرب حاكم البنك المركزي من المثول امام مجلس النواب؟
صدر عن “المنتدى الاقتصادي الاجتماعي”، بيان سأل فيه عن اسباب عدم مثول حاكم مصرف لبنان امام مجلس النواب، لافتا الى انه “منذ مدة تقدم تكتل التغيير والإصلاح باقتراح الى الهيئة العامة لمجلس النواب يرمي الى تأليف لجنة تحقيق برلمانية في “الجرائم” التي ارتكبها رياض سلامة خاصة في ظل التحقيقات التي يتعرض لها في لبنان ودول أجنبية وتتعلق بالاحتيال واختلاس المال وتبيض الأموال والاثراء غير المشروع وهي نفس التهم التي ذكر قضاة أوروبيون بأنهم سيحققون بشأنها بالتعاون مع القضاء اللبناني . كما تضمن الاقتراح البحث في التحويلات المالية الى خارج لبنان التي نفذتها مصارف بالتواطؤ مع حاكم مصرف لبنان حيث حظيت قلة بهذا الامتياز في حين حرمت الأكثرية الساحقة من المودعين من حق السحب والتحويل”.
وسأل البيان: “ماذا حصل لهذا الاقتراح الذي طرح في مجلس النواب وما مصيره ، وهل تم عرضه للنقاش ام انه مجمد في انتظار انعقاد الهيئة العامة للمجلس كي يطرح عليها وتقرر في شأنه” .
أضاف البيان :”مهما كان الجواب، فإن تشكيل لجنة تحقيق برلمانية ليس أمرا عاديا يحصل كل يوم او كل فترة تحت سقف مجلس النواب المؤتمن على الدستور والقوانين ومتابعة اعمال الدولة ومراقبة الإدارات والمؤسسات والأشخاص الذين يتقلدون مناصب عليا في الدولة بمن فيهم الوزراء والمديرون العامون ورؤساء المؤسسات والصناديق والشركات المختلطة، وكل ذلك بغية التأكد من حسن سير العمل ، وضمان مصلحة المواطنين والجمهورية”.
وتابع :”فمجلس النواب في حقيقة الأمر هو الهيئة العليا للرقابة، وقد منحه الدستور صلاحيات واسعة للقيام في هذه المهمات التي تبرز ضرورتها حين تتقاعس المؤسسات الأخرى عن القيام بواجباتها، أو في أثناء إصابتها بالانقسام والشلل التام مما يسيء إساءة بالغة للانتظام العام ويهدد مسيرة الدولة بالصميم . وتلك الصلاحيات أوجدها الدستور للاستعمال وليس للتمتع بقراءتها، ولذلك شهدنا في العديد من المناسبات إعداد استجوابات لوزراء ومديرين عامين من أجل معرفة الحقيقة وتصويب المسار بما يحقق مصالح لبنان العليا التي هي بعهدة مجلس النواب، كما هي في عهدة رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء”.
واستطرد البيان :”وقد جرت العادة لدى وجود التباس أو مخالفة تتعلق بالأرقام أو الاداء أو الجدوى أن يستدعى المسؤول ذو الصلة الى المجلس لمساءلته والاستفسار منه عن الأمر. فإن حضر اتخذت العملية النيابية مسارها الطبيعي، وإن لم يحضر المسؤول لمرتين متتاليتين يصبح الأمر تلقائيا في عهدة رئيس مجلس النواب الذي يوجه دعوة يصعب رفضها إلا باستقالة المعني من الموقع الذي يشغله أو توقع نزع الثقة منه في ما لو عاند وكابر وخالف إرادة مجلس النواب .
وفي العمل النيابي سواء في لبنان أو سواه من البلدان يعتبر هذا التقليد ، المنصوص عنه في النظام الداخلي لمجلس النواب – المادة 31 والمادة 32 – أمرا طبيعيا، إذ من حق اللجان النيابية ممارسة صلاحياتها في هذا المجال لمعرفة مجريات الأمور وسلامة القرارات المتخذة وجدواها . ومن هنا نشهد جلسات متعددة يمثل فيها وزير أو مدير أو رئيس مجلس أو رئيس صندوق أمام اللجنة النيابية المختصة أو اللجان النيابية المشتركة.
وحيث ان هذا التقليد هو في صميم الحياة البرلمانية الديموقراطية، فمن الطبيعي أن يسأل الرأي العام عن تصرف حاكم البنك المركزي تجاه الدعوات التي وجهت إليه مرارا وتكرارا للمثول امام لجنة المال والموازنة ، كما أمام اللجان المشتركة، تلك الدعوات التي رفضها رغم انه يتحمل مسؤولية خطيرة في هذه المرحلة تتعلق بالسياسة النقدية حيث يصدر التعميمات الملتبسة ويطبع العملة بإسراف من خارج الاطار القانوني، وحيث يتخذ القرارات المالية لمصلحة الطبقة الحاكمة والفئات المتمولة في البلد مهملاً مصالح المودعين الذين يتعرضون لاقتطاعات ورسوم هائلة من قبل المصارف أو لضرائب ورسوم مماثلة تفرضها الحكومة الغائبة عن وعي الحقائق وأحوال الناس” .
واضاف البيان :”والذي يثير القلق الشديد لدى الرأي العام أن الحاكم الذي يتولى منصبا رفيعا وحساسا في الدولة والذي يملك الأرقام والمعطيات التي تنير الطريق أمام مجلس النواب والحكومة كي يتخذوا القرارات المناسبة في كل الاتجاهات، بحجب هذه المعلومات عن هذه المرجعيات، أو يقدمها بشكل غامض ومرتبك مما ينصب الكثير من العوائق أمام مهمة اتخاذ القرارات الصحيحة.
ولما تتزامن هذه الممارسة السلبية مع امتناع صريح عن تلبية دعوات مجلس النواب تزداد التساؤلات ويجد الرأي العام نفسه مستنكرا هذا الموقف الذي يفتقر لأي تبرير، إذ أن حضور جلسات اللجان أمر ملزم ويندرج تحت أبسط الاعتبارات التي يجب التمسك بها بالنسبة لموظفي الدولة مهما كانت صفتهم ومهما علت درجتهم .
أما التغيب المتكرر فلا يعني التمادي في الخطأ فحسب وانما يعني أيضا مخالفة القوانين وروح الشرائع لأن السكوت عن هذا التصرف يعني منح الموظف المتغيب دونما عذر شرعي أمتيازا لا يقبل به الدستور اللبناني ويرفضه كل وزير ونائب أو مسؤول حريص على سلامة العملية الديموقراطية وانتظام المؤسسات، سيما مجلس النواب الذي يعتبر “أم السلطات” الذي من رحابه تنبثق الحكومة، وفي رحابه ينتخب رئيس الجمهورية”.
وختم البيان :”إن المنتدى الاقتصادي الاجتماعي الحريص على سلامة وفعالية النظام الديموقراطي وآلياته يدين تمنع أي موظف عن تلبية دعوة المجلس النيابي للمثول أمام لجانه . وإذ يعتبر المنتدى إن هذا التغيب يعطل مسيرة العمل الرسمي ويلقي ظلال الشك والغموض حولها، فأنه يتوقع معالجتها في أسرع وقت ممكن ضمانا لمصلحة البلاد وتعبيرا عن إرادة الإصلاح التي تكمن في صدور اللبنانيين الرافضين لكل أشكال الاستغلال والاذلال والاحتكار”.
Comments are closed.