الأمم المتحدة تحذر من “حرب أهلية جديدة” في سوريا، والشرع يتوعد المتورطين في تعذيب المعتقلين

يواصل السوريون حياتهم اليومية في المسجد الأموي وسوق الحميدية، بعد انهيار حكم حزب البعث الذي دام 61 عامًا في دمشق

Getty Images

دعا مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن، الأربعاء، الحكومة الانتقالية إلى “عملية أشمل” تجمع مختلف الأطراف والمجتمعات، لتجنب اندلاع “حرب أهلية جديدة”، بعد سقوط الرئيس بشار الأسد.

وقال بيدرسن لوكالة فرانس برس، “أكبر مخاوفي هو أن تؤدي المرحلة الانتقالية إلى خلق تناقضات جديدة بطريقة يمكن أن تؤدي إلى اضطرابات داخلية جديدة وربما حرب أهلية جديدة”.

يأتي هذا فيما أكد أحمد الشرع، أبو محمد الجولاني، قائد “هيئة تحرير الشام”، على ملاحقة كل من تورط في تعذيب وقتل المعتقلين في السجون السورية، وقال إن هؤلاء “لن ينالوا العفو”.

وأضاف الجولاني، في بيان رسمي نشره التليفزيون الرسمي السوري عبر قناته على تليغرام، “لن نعفو على من تورط بتعذيب المعتقلين وتصفيتهم وكان سببا في ذلك، وسنلاحقهم في بلدنا”.

وطالب الجولاني دول العالم “بتسليم” من فر إليها من هؤلاء “المجرمين لتحقيق العدالة بحقهم”، مؤكدا ملاحقتهم داخل سوريا أيضا.

وأعلنت “هيئة تحرير الشام” في وقت سابق أنها سوف تنشر “قائمة أولية بأسماء كبار المسؤولين في نظام الأسد المتورطين في تعذيب الشعب السوري”.

ورصدت الهيئة مكافآت مالية، لمن يدلي بمعلومات عن كبار ضباط الجيش والأمن المتورطين في جرائم حرب.

رفع حظر التجول

موظف في مطار دمشق

Getty Images
العاملون في مطار دمشق يستعدون لإعادة افتتاحه قريبا

وعلى صعيد الوضع في العاصمة دمشق، أعلنت “إدارة العمليات العسكرية” التي تضم الهيئة والفصائل المسلحة إلغاء حظر التجول في دمشق، وعودة الحياة إلى طبيعتها.

ودعت الإدارة العسكرية في بيان، السكان إلى العودة لأعمالهم من أجل “المساهمة ببناء سوريا الجديدة”.

ومن المتوقع أن يستأنف مطار دمشق المغلق منذ سقوط بشار الأسد، عمله “خلال أيام”، وفق ما أفاد مديره أنيس فلوح،

وأكّد فلوح “إن شاء الله، سيتم افتتاح المطار بأقصى سرعة لأننا نعمل بشكل مستمر”.

وأضاف “يمكن أن نبدأ بشكل سريع (بعملية) مرور الطائرات في الأجواء السورية، بعدما تم إغلاقها”.

وشاهد صحافي في وكالة فرانس برس مسلحين من الفصائل ينتشرون حول المطار، بينما كان موظفون يتابعون عملهم في داخل المطار حيث انتشرت قوات أمن مرتبطة بالسلطة الجديدة.

وغادر الجيش السوري وقوات الأمن السورية المطار فجر الأحد مع تقدّم هيئة تحرير الشام والفصائل المتحالفة معها نحو المدينة.

وبحسب مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن فقد “غادر الأسد سوريا عبر مطار دمشق الدولي، قبل أن تنسحب عناصر الجيش والأمن” من المطار فجر الأحد.

وقال مدير صيانة الطائرات في المطار سامر راضي، إن الخطوط الجوية السورية تضم أسطولا من 12 طائرة، بينها ثمان من طراز إيرباص ايه 320-20.

ويعدّ مطار دمشق الدولي الأكبر في البلاد، وخرج المطار من الخدمة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، جراء قصف إسرائيلي، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان حينها.

وكانت حكومة تصريف الأعمال السورية قد السوريين الذين لجأوا إلى الخارج إلى العودة إلى وطنهم بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، بحسب رئيس الحكومة الانتقالية لإدارة البلاد محمد البشير.

وقال البشير لصحيفة كورييري ديلا سيرا الإيطالية اليومية إن أحد أهدافه الأولى هو “إعادة ملايين اللاجئين السوريين الموجودين في الخارج”.

“ندائي موجه إلى جميع السوريين في الخارج: سوريا الآن دولة حرة اكتسبت فخرها وكرامتها. عودوا. يجب أن نعيد البناء ونولد من جديد، ونحن بحاجة إلى مساعدة الجميع”، بحسب البشير.

وأضاف في مقابلة نشرت الأربعاء أن هدف حكومة تصريف الأعمال سيتركز على إعادة الأمن والاستقرار لكل مدن سوريا، وإعادة ملايين اللاجئين السوريين، مؤكداً سعيهم إلى محاكمة “مجرمي الحرب من نظام بشار وفقاً للقوانين السورية الحالية”.

وأكد البشير أن أعضاء الحكومة الانتقالية سيبقون في السلطة حتى مارس/آذار عام 2025.

من ناحية أخرى قال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري في بيان رسمي إن “دولة قطر ستعيد افتتاح سفارتها في الجمهورية العربية السورية الشقيقة قريبا بعد إكمال الترتيبات اللازمة”، معتبراً أن “هذه الخطوة تأتي تعزيزا للعلاقات الأخوية التاريخية الوثيقة بين البلدين والشعبين الشقيقين”، كما تعكس دعم دولة قطر الثابت للشعب السوري، الذي يتطلع لبناء دولته على أسس العدالة والسلام والاستقرار والازدهار”، على حد قوله.

وقال الأنصاري إن إعادة افتتاح السفارة “ستعزّز التنسيق مع الجهات المعنية لتسهيل تدفق المساعدات الإنسانية التي تقدمها قطر للشعب السوري حالياً عبر الجسر الجوي”.

“الإطاحة بالأسد خطة أمريكية إسرائيلية”

أعلن الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي يوم الأربعاء إن بلاده لديها أدلة على أن الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد كانت نتيجة لخطة وضعتها الولايات المتحدة وإسرائيل وإحدى الدول المجاورة لسوريا لم يذكرها بالاسم.

وقال خامنئي الذي كانت بلاده من أشد الداعمين للرئيس السوري إن سقوط بشار الأسد لن يضعف إيران.

وأضاف في أول خطاب له بعد سقوط الأسد “تصور أنه عندما تضعف المقاومة تضعف إيران الإسلامية أيضا، يعني عدم معرفة معنى المقاومة”.

هذا وقد أعلنت إدارة العمليات العسكرية في المعارضة السورية سيطرة قواتها على “كامل مدينة دير الزور” شرقي سوريا إضافة إلى مطارها العسكري، بحسب ما جاء على لسان الناطق باسمها حسن عبد الغني.

وأضاف عبد الغني أن السيطرة على المدينة تأتي عقب “تحرير ريف دير الزور الشرقي والغربي، وهروب قوات النظام والميليشيات الإيرانية منها” على حد تعبيره.

وأشار إلى أن مقاتلي المعارضة يواصلون التقدم في مناطق وبلدات أخرى في ريف دير الزور.

وفي وقت سابق، قال قائد “هيئة تحرير الشام” أحمد الشرع إن سوريا “ليست جاهزة ولا تنوي الدخول في حروب أخرى”.

وأضاف الشرع في تصريحات لشبكة “سكاي نيوز” أن تخوفات الدول الخارجية بشأن الأوضاع في سوريا لا داعي لها، فالنظام “الذي كان موجوداً قد زال”، مشيراً إلى أن مصدر القلق في سوريا تمثّل في الماضي في وجود ما وصفها بـ “الميليشيات الإيرانية وميليشيات حزب الله” على الأراضي السورية، ووجود النظام الذي “ارتكب المجازر” على حد تعبيره.

ووصف الشرع زوال النظام السابق في سوريا بـ “الحل، ومصدر الاطمئنان لسوريا” على عكس بقائه، مضيفاً أن البلاد ذاهبة باتجاه “البناء والإعمار والاستقرار الطويل”.

كما أعلن قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي الأربعاء التوصل برعاية أمريكية الى اتفاق لوقف إطلاق النار في مدينة منبج في شمال سوريا، حيث أسفرت ثلاثة أيام من الاشتباكات بين قواته وفصائل موالية لأنقرة عن مقتل 218 مقاتلا.

وقال عبدي في منشور على منصة إكس “توصلنا إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في منبج بوساطة أمريكية، حفاظا على أمن وسلامة المدنيين” مشيرا الى أنه “سيتم إخراج مقاتلي مجلس منبج العسكري” الذي يعمل تحت مظلة قواته “في أقرب وقت” من المنطقة ذات الغالبية العربية.

من زعيم جهادي إلى سياسي معارض: كيف أعاد الجولاني تجديد صورته؟

تظهر صورة التقطتها طائرة بدون طيار سيارات تسير في حي باب توما في دمشق، بعد أن أطاحت فصائل معارضة بالرئيس بشار الأسد.

Reuters

الكرملين يقول إنه يريد رؤية سوريا “مستقرة” في أقرب وقت ممكن

قال الكرملين الأربعاء إنه يريد أن “يستقر الوضع في أسرع وقت ممكن” في سوريا بعد سقوط حليفه بشار الأسد، ودان الضربات التي نفذتها إسرائيل في البلاد ودخول قواتها المنطقة العازلة في مرتفعات الجولان.

وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف خلال مؤتمر صحفي “نود أن يستقر الوضع في البلاد في أسرع وقت ممكن، بطريقة أو بأخرى”، مضيفا أن “الضربات والتحركات في مرتفعات الجولان والمنطقة العازلة لا تساهم” في ذلك.

وكان الجيش الإسرائيلي قد اعلن الثلاثاء أنه ضرب معظم مخازن الأسلحة الاستراتيجية في سوريا لـ “منع وقوعها في أيدي عناصر إرهابية”.

وتضمنت عمليات الجيش الإسرائيلي، منشآت بحرية وقواعد جوية ومخازن أسلحة وبطاريات دفاع جوي، في كل من دمشق وحمص وطرطوس واللاذقية ومناطق أخرى.

ومن جانب آخر، قال حزب الله اللبناني إن “احتلال إسرائيل لمزيد من الأراضي السورية” وضرب القدرات العسكرية فيه هو “عدوان خطير ومدان بشدة”.

وحمل الحزب في بيان مجلس الأمن والمجتمع الدولي والدول العربية والإسلامية المسؤولية في “حماية الشعب السوري في مرحلة حساسة ومفصلية من تاريخه”.

مشاورات دبلوماسية لبحث التطورات الراهنة بالمنطقة

ولي عهد الأردن (يميناً) والعاهل الأردني (في المنتصف) ورئيس الوزراء العراقي (يساراً)

الديوان الملكي الأردني
ولي عهد الأردن (يميناً) والعاهل الأردني (في المنتصف) ورئيس الوزراء العراقي (يساراً)

وبحث العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، الأربعاء، ورئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، التطورات الراهنة بالمنطقة.

وجدد الملك عبد الله، التأكيد على وقوف الأردن إلى جانب الأشقاء السوريين واحترام إرادتهم، وضرورة حماية أمن سوريا ومواطنيها.

وأكد رئيس الوزراء العراقي “أهمية الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وسيادة البلاد وتنوعها الإثني والديني والاجتماعي”.

وشدد على دعم خيارات الشعب السوري نحو بناء سوريا مستقرة ومزدهرة تضمن مشاركة جميع مكوناتها في إدارة شؤون البلاد واستمرار التشاور مع جميع الأطراف، وتبادل الرؤى لتقديم مبادرات فعالة تخدم المصالح المشتركة وتعزز الاستقرار في المنطقة.

وفي السياق، اجتمع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع قائد القيادة المركزية الأمريكية مايكل كوريلا وعدد من القيادات العسكرية، وذلك خلال زيارة إلى بغداد قادماً من سوريا حيث التقى القوات الأمريكية وقوات سوريا الديمقراطية.

وقالت القيادة المركزية الأمريكية في بيان أن كوريلا ناقش مع القيادات العراقية تعزيز التعاون الثنائي والأمن الإقليمي والوضع المتغير بسرعة في سوريا.

فيما بحث بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري مع نظيره الأمريكي أنتوني بلينكن، خلال اتصال هاتفي، مساء أمس الثلاثاء، مستجدات الأوضاع على الساحة السورية، وذلك وفقا لبيان أصدرته وزارة الخارجية المصرية.

وبحسب البيان، جدد عبد العاطي رفض بلاده “استيلاء إسرائيل على المنطقة العازلة مع سوريا والمواقع القيادية المجاورة لها”، مشددًا على أن هذه “التحركات تعد انتهاكاً سافراً لسيادة سوريا، وتمثل خرقا للقانون الدولي”.

وأكد الوزير المصري “موقف بلاده الداعم للدولة السورية وسيادتها ووحدة وسلامة أراضيها”.

وأشار البيان المصري إلى توافق الوزيرين على “أهمية تبني عملية سياسية شاملة في سوريا ترتكز على عدم إقصاء أية أطراف ومكونات وطنية سورية، وبما يمهد الطريق لعودة الاستقرار إلى سوريا”.

مسؤول في البيت الأبيض: قواتنا في سوريا ستبقى

وقال نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي جون فاينر إن القوات الأمريكية ستبقى في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، وذلك في إطار مهمة لمكافحة الإرهاب تركز على القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية.

وأضاف فاينر أن القوات الأمريكية موجودة في سوريا “لسبب محدد ومهم”، وأن وجودها ليس “ورقة مساومة”.

وفي سياق متصل، قالت إدارة بايدن إنها ستعترف وتدعم حكومة سورية جديدة “تنبذ الإرهاب وتدمر مخزون الأسلحة الكيميائية وتحمي حقوق الأقليات والنساء”.

وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في بيان إن الولايات المتحدة ستعمل مع الجماعات في سوريا والشركاء الإقليميين لضمان سير عملية انتقال السلطة في سوريا بـ “سلاسة”.

ونقلت وكالة رويترز عن مسؤولين أمريكيين، أن إدارة بايدن حثت المجموعة المعارضة، التي قادت عملية الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، على عدم تولي قيادة البلاد بشكل تلقائي، وإنما إجراء عملية شاملة لتشكيل حكومة انتقالية في البلاد.

Powered by WPeMatico

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.