قصة وزارة الاستخبارات الإيرانية التي صعدت حربها ضد الموساد وأجهزة مخابرات إسرائيلية
لا تدور الحرب بين إيران وإسرائيل بالصواريخ والطائرات والمسيرات والوكلاء فحسب، فهناك حرب خفية تدور رحاها بين أجهزة مخابرات البلدين. ففي الفترة الأخيرة لا يكاد يمر أسبوع حتى تعلن السلطات الإسرائيلية عن سقوط شبكة تجسس إيرانية جديدة وذلك في مؤشر على تصعيد وزارة الاستخبارات الإيرانية لمواجهتها مع أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد والشين بيت- الشاباك والمخابرات العسكرية).
فقد قالت الشرطة الإسرائيلية وجهاز الأمن الداخلي (شين بيت) في 31 أكتوبر/ تشرين أول الماضي إن قوات الأمن الإسرائيلية نجحت في تفكيك شبكة تجسس مشتبه بها داخل إسرائيل كانت تعمل لصالح المخابرات الإيرانية، وهي أحدث مجموعة تجسس من هذا النوع يتم الإعلان عنها خلال أسابيع.
وأوضح شين بيت والشرطة أنه في الواقعة الجديدة، اعتقل زوجين إسرائيليين من بلدة اللد قرب تل أبيب بتهمة جمع معلومات استخباراتية عن البنية التحتية الوطنية والمواقع الأمنية بما في ذلك مقر جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد)، إضافة إلى مراقبة باحثة أكاديمية.
- انتصارات الموساد وإخفاقاته: أبرز عشر عمليات في تاريخه
- ما الذي كشف عنه مقتل إسماعيل هنية في طهران حول الوضع الأمني والاستخباراتي الإيراني؟
وأضافوا أن الخلية كانت جزءاً من جهود إيران لتجنيد أشخاص ينحدرون من منطقة القوقاز.
وقال مصدر في شين بيت إن “هذه الحوادث تُضاف إلى سلسلة من المحاولات الفاشلة التي كُشف عنها في الأسابيع الأخيرة، والتي تم فيها اعتقال مواطنين إسرائيليين بتهمة العمل لصالح عملاء للمخابرات الإيرانية وتنفيذ مهام محددة نيابة عنهم”.
وكانت قوات الأمن الإسرائيلية قد قالت في وقت سابق من أكتوبر/ تشرين أول الماضي إنها نجحت في تفكيك شبكتي تجسس منفصلتين لصالح إيران في القدس وشمال إسرائيل.
فما هي قصة وزارة الاستخبارات الإيرانية التي تقف وراء هذه العمليات في إسرائيل؟
التأسيس
في كتابه “وزارة الاستخبارات الإيرانية: تاريخ موجز”، يقول ستيفن آروارد إن أغلب الناس سمع عن الحرس الثوري الإسلامي في إيران، ولكن هناك جهاز آخر أقل شهرة في الغرب وهو وزارة الاستخبارات الإيرانية، وهي الجهاز السري للنظام، الذي ينافس الحرس الثوري الإسلامي على السلطة.
وعلى النقيض من نظيرتها العسكرية، لا يرتدي أعضاء هذه المنظمة الغامضة زيا عسكريا ولا يقاتلون في ساحة المعركة بل إن أنشطتهم تتعلق بالتجسس في الخارج ومكافحة التجسس في الداخل.
وشملت العمليات الإيرانية على مدى العقود الأربعة الماضية اغتيالات واختطافات وتفجيرات عشوائية وعمليات مراقبة، وقد شاركت وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية في جميع هذه العمليات.
وفي الواقع كان في إيران قبل الثورة الإسلامية جهاز الاستخبارات السافاك الذي تأسس تحت حكم الشاه محمد رضا بهلوي عام 1957 بدعم من الولايات المتحدة وإسرائيل. وقد اكتسب سمعة سيئة بسبب قمعه للمعارضين السياسيين، وأصبح أداة أساسية للشاه للحفاظ على السيطرة، حيث أصبح مرتبطا بالتعذيب والمراقبة والقتل خارج نطاق القانون، خاصة ضد الشيوعيين واليساريين وجماعات المعارضة الأخرى.
ومع الإطاحة بالشاه في ثورة 1979 الإسلامية، حُلّ السافاك حيث سعى النظام الثوري الجديد إلى القضاء على كل ما يمت للنظام السابق بصلة. ومع ذلك، فإن الاضطرابات الناتجة عن الثورة، إلى جانب التحديات المتزايدة للحكم، جعلت الحكومة تدرك بسرعة حاجتها إلى جهاز استخباراتي منظم للحفاظ على الأمن وحماية الجمهورية الإسلامية من التدخلات الأجنبية.
وفي السنوات الأولى للجمهورية الإسلامية، تم تنفيذ عمليات استخباراتية من قبل مجموعات ومنظمات ثورية متعددة، غالبًا ما كانت تعمل بشكل مستقل، وأدت هذه اللامركزية إلى عدم كفاءة وفي بعض الأحيان إلى صراعات بين الفصائل داخل الحكومة. ومع تصاعد التوترات مع الغرب، وحرب العراق وإيران، وانتشار الأنشطة المناهضة للحكومة، أصبح من الواضح ضرورة وجود جهاز استخباراتي مركزي.
وحول تأسيس وزارة الاستخبارات الإيرانية، نشر سعيد جولكار، الأستاذ المساعد في قسم العلوم السياسية والخدمة العامة في جامعة تينيسي تشاتانوغا، دراسة في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، يقول فيها إن وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية تأسست في عام 1983 كوسيلة لتوحيد بعض وحدات الاستخبارات في عصر الثورة.
وفي عام 1989، أصبحت الوزارة مسؤولة عن تنسيق مجتمع الاستخبارات بأكمله، الذي يتألف من 16 جهازاً للاستخبارات ومكافحة التجسس.
وتخضع وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية اسمياً لسيطرة الرئيس، ولكن الوزير الذي يشرف على الوكالة لابد وأن يتم اختياره بموافقة المرشد الأعلى. وبموجب القانون، لابد وأن يكون الوزير مجتهداً ( رجل دين قادرعلى التفسير).
وتعتمد وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية في تجنيد عناصرها في المقام الأول على طلاب المدارس الدينية. وقد درس العديد من كبار أفرادها في مدرسة حقاني، وهي مدرسة دينية في قم ارتبط اسمها بالتيار المتشدد.
وفي عام 1984، أنشأت وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية جامعة الإمام محمد باقر لتدريب عملاء الأمن والمحللين، وتستند عملية الاختيار الصارمة إلى المؤهلات الدينية والإيديولوجية.
اغتيال المعارضين والخطف
في البداية، وتحت إشراف وزير الاستخبارات محمد ريشهري في الثمانينيات من القرن الماضي، ركزت وزارة الاستخبارات والأمن على القضاء على عناصر المعارضة الإيرانية، وخاصة منتسبي حركة مجاهدي خلق، وهي المجموعة التي كانت نشطة في الداخل والخارج.
وبعد عام 1989، حولت وزارة الاستخبارات والأمن تحت إدارة علي فلاحيان، وهو خريج آخر من شبكة حقاني، انتباهها إلى اغتيال المعارضين الإيرانيين.
وقد وقعت أولى الحوادث البارزة في يوليو/تموز 1989، عندما قُتِل عبد الرحمن قاسملو في العاصمة النمساوية فيينا. وفي أغسطس/آب 1991، قُتِل رئيس وزراء الشاه السابق شاهبور بختيار في العاصمة الفرنسية باريس.
ووقعت واحدة من أكثر الحوادث شهرة بعد عام واحد في برلين، حيث اغتال عملاء وزارة المخابرات منشقين أكراد إيرانيين في مطعم ميكونوس.
وفي عام 1994، ورد أن وزارة المخابرات تعاونت مع قوة القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني في تفجير مركز مجتمعي لجمعية التعاون الأرجنتينية الإسرائيلية في بوينس آيرس، مما أسفر عن مقتل 85 شخصاً وإصابة 300 آخرين. واستمرت هذه الموجة من العنف المستهدف حتى نهاية رئاسة علي أكبر هاشمي رفسنجاني في عام 1997.
وخلال نفس الفترة، اعتقلت وزارة المخابرات أيضًا وقتلت العديد من الناشطين والكتاب داخل البلاد، بما في ذلك وزير الصحة السابق كاظم سامي، والكاتب سعيدي سرجاني.
وفي حادثة سيئة السمعة في عام 1996، حاولت الوزارة التخلص من حافلة كان على متنها 21 مثقفًا إيرانيًا في طريقهم إلى مؤتمر شعري في أرمينيا من خلال دفعهم من على جرف، ولحسن الحظ، نجوا.
وقد برر النظام الإيراني هذه الإجراءات بوصفها جزءاً من مكافحة “الغزو الثقافي”. ومن وجهة نظر النظام، كانت الدول الغربية عازمة على تقويض الثقافة الإسلامية وإفساد الأخلاق الإيرانية من خلال الترويج لثقافتها وأساليب حياتها المادية.
وفي نفس العام، حاول أحد عملاء وزارة المخابرات والأمن زرع قنبلة في تجمع لمجاهدي خلق في باريس.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2019، قتلت وزارة المخابرات والأمن مسعود مولوي فاردانجاني، وهو مسؤول سابق في الوزارة انشق وفر إلى تركيا.
وكانت عمليات الاختطاف متفشية أيضًا ففي يوليو/تموز من عام 2020، اختطفت وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية المعارض جمشيد شارمهد في دبي، وبعد 3 أشهر، اختطفت حبيب شعب، وهو زعيم انفصالي عربي إيراني في تركيا.
ورغم أن أجهزة الاستخبارات الإيرانية طورت درجة من التطور والكفاءة من خلال أربعة عقود من الخبرة، فإن مستوى نجاحها كان متفاوتاً.
وبشكل عام، كانت عملياتها ضد المعارضين أكثر نجاحاً في البلدان التي تعاني من فساد أكبر، أو حيث تمتلك إيران المزيد من الحلفاء والموارد.
ففي يونيو/حزيران 2020، على سبيل المثال، قتلت وزارة الاستخبارات والأمن القاضي الهارب غلام رضا منصوري في المجر بعد إغرائه بالخروج من ألمانيا. ومع ذلك، فإن سجل الوزارة ضعيف في أمريكا الشمالية وأوروبا بفضل الأجهزة الأمنية الكفؤة وسيادة القانون في هذه الدول. وذلك بحسب دراسة سعيد جولكار، الأستاذ المساعد في قسم العلوم السياسية والخدمة العامة في جامعة تينيسي تشاتانوغا، والمنشورة في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى.
الغطاء الدبلوماسي
في كتابه “وزارة الاستخبارات الإيرانية: تاريخ موجز”، يقول ستيفن آروارد إن ضباط وزارة الاستخبارات يعملون في الخارج انطلاقاً من منشآت دبلوماسية إيرانية وغيرها من الجبهات. وعادة ما يخدم الضباط المعينون في سفارة إيرانية لمدة تتراوح بين 3 و5 سنوات، وهو ما يسمح لهم باكتساب خبرة محلية كبيرة ويوفر الوقت اللازم لتجنيد وتطوير الجواسيس.
وكشف تحقيق أوروبي أجري في عام 2018 أنه في إحدى الحالات، عمل ضابط من وزارة الاستخبارات والأمن الداخلي انطلاقاً من سفارة إيران في فيينا لأكثر من عقد من الزمان.
وقد كشفت التحقيقات المختلفة في الأنشطة الإيرانية أن الوزارة استخدمت على مر السنين أشكالاً متعددة من الغطاء غير الرسمي، وفي بعض الحالات، أنشأت وزارة الاستخبارات والأمن قواعد استخباراتية في المنظمات الثقافية والخيرية والمساجد.
وبالإضافة إلى ذلك، يُعتقد أن ضباط وزارة الاستخبارات والأمن عملوا كصحفيين وطلاب وموظفين طبيين، فضلاً عن عملهم كموظفين في شركات خاصة، وفروع البنوك الإيرانية في الخارج، وشركة الخطوط الجوية الإيرانية المملوكة للدولة.
تجنيد الجواسيس
تقوم وزارة الاستخبارات والأمن بتجنيد الجواسيس من خلال الحوافز المادية، كما يستخدم ضباط وزارة الاستخبارات الجواسيس للمساعدة في تجنيد آخرين.
وتتضمن أساليب التجنيد استخدام الإنترنت وتطوير قصص تغطية مفصلة، وكشف تحقيق إسرائيلي أسفر عن اعتقال 5 مهاجرين يهود من إيران في أوائل عام 2022، وأن ضباط الاستخبارات الإيرانية استخدموا حوافز مالية لتجنيدهم حيث تم الاتصال بهم في البداية ثم توجيههم عبر الإنترنت. وأفاد الإسرائيليون أن الضباط الإيرانيين استخدموا أفراد عائلات العملاء في إيران لنقل الأموال إليهم في إسرائيل.
وفي عام 2012، جندت وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية غونين سيغيف، وهو وزير سابق في الحكومة الإسرائيلية يعيش في أفريقيا وكان قد سُجن في التسعينيات بتهمة المخدرات.
وبعد أن ألقت الموساد القبض عليه، حُكم عليه بالسجن بتهمة تقديم معلومات لإيران تتعلق بمسؤولين سياسيين وأمنيين إسرائيليين ومواقع أمنية وقطاع الطاقة في البلاد.
وكشفت القضية أمام المحكمة أن عملاء وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية أحضروا سيغيف مرتين إلى إيران لحضور اجتماعات وأعطوه نظام اتصال للرسائل المشفرة.
وفي عام 2018، ألقى مكتب التحقيقات الفيدرالي القبض على مواطنين أمريكيين من أصل إيراني تابعين لوزارة الاستخبارات واتهمهما بالعمل كعملاء لإيران.
وكان الثنائي يقومان بمراقبة المراكز اليهودية وأعضاء المعارضة الإيرانية سراً في الولايات المتحدة.
وفي عام 2019، لجأت وزارة الاستخبارات والأمن إلى الإنترنت والعمليات السيبرانية لاختراق الهاتف المحمول لرئيس أركان القوات المسلحة الإسرائيلية السابق بيني غانتس، الذي كان وزيراً للدفاع الإسرائيلي من عام 2020 إلى عام 2022.
وزعم غانتس أنه لم يتم المساس بأي معلومات سرية، لكن المعارضين السياسيين تساءلوا عما إذا كانت معلوماته الشخصية المفقودة تجعله عرضة للابتزاز.
وفي يناير/ كانون الثاني من عام 2022 اعتقل جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي 4 نساء إسرائيليات يهوديات من أصل إيراني، قال جهاز الأمن “الشين بيت”، إنه تم تجنيدهن من خلال فيسبوك بواسطة عميل ادعى أنه يهودي يعيش في إيران.
وأضاف الجهاز أن النساء حصلن على آلاف الدولارات من أجل التقاط صور لمواقع حساسة ومراقبة إجراءات أمنية وخلق صلات مع سياسيين.
وفي أوائل ديسمبر/كانون الأول من عام 2023، أدرجت الولايات المتحدة اثنين من ضباط وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية في القائمة السوداء لقيامهما بتجنيد أفراد لعمليات مراقبة وعمليات قتل في مختلف أنحاء الولايات المتحدة، بما في ذلك استهداف مسؤولين حاليين وسابقين في الحكومة الأمريكية للانتقام لمقتل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، الذي قُتل في غارة أمريكية بطائرة مُسيرة في عام 2020.
التعاون مع منظمات إجرامية
في كتابه “وزارة الاستخبارات الإيرانية: تاريخ موجز”، يقول ستيفن آروارد إن وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية والحرس الثوري الإيراني نشروا في مختلف أنحاء العالم عملاء غير إيرانيين وحاملي جنسيات مزدوجة يسافرون بجوازات سفرهم الخاصة أو المزيفة، بما في ذلك الجوازات الإسرائيلية المزورة.
كما أسندت إيران بعض الأنشطة العملياتية إلى منظمات إجرامية، مثل عملية قتل المعارض محمد رضا كلاحي صمدي عام 2015، والذي كان يعيش تحت اسم مستعار في هولندا.
واستخدمت إيران مجرمين هولنديين في جريمة قتل أحمد مولا نيسي، وهو زعيم انفصالي عربي، خارج منزله في لاهاي أواخر عام 2017.
وعلى نحو مماثل، كان عضو في تنظيم إجرامي تركي المشتبه به الرئيسي في عملية قتل نفذتها وزارة المخابرات والأمن في اسطنبول في أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين ضد منتقد النظام سعيد كريميان، الذي اتُهم بنشر الثقافة الغربية والقيم المناهضة للإسلام من خلال بث برامج أجنبية مدبلجة إلى الفارسية على شبكته التلفزيونية جيم تي في.
وقد أظهرت مؤامرة اغتيال أخرى رفيعة المستوى نفذتها وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية في أوروبا في عام 2018 مهارة الوزارة حيث قام أسد الله أسدي، وهو ضابط في وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية يعمل تحت غطاء دبلوماسي بصفته السكرتير الثالث للسفارة الإيرانية في فيينا، بتجنيد زوجين بلجيكيين من أصل إيراني لزرع قنبلة تستهدف مريم رجوي، زعيمة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، وهي جماعة معارضة.
وكان من الممكن أن تقتل القنبلة شخصيات أخرى، بما في ذلك المحامي الشخصي للرئيس ترامب، رودي جولياني، الذي كان من المقرر أن يتحدث في التجمع الذي كانت ستحضره رجوي بالقرب من باريس.
وفي النهاية، سمح خلل أمني عملياتي في وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية للمخابرات الإسرائيلية باكتشاف المؤامرة، وبناءً على معلوماتها اعترض ضباط المخابرات البلجيكية الزوجين.
مكافحة التجسس
كما تتحمل وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية مسؤولية عمليات مكافحة التجسس على الأراضي الإيرانية، وقد أعلنت مراراً وتكراراً أنها تمكنت من اختراق شبكات التجسس التابعة لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية الموجهة ضد إيران وتفكيكها.
وتستخدم وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية هذه الإنجازات المزعومة في مجال مكافحة التجسس للتفاخر بقدراتها التشغيلية والتحليلية الفعّالة، وزرع الشكوك حول صحة المعلومات التي تجمعها شبكات الاستخبارات الأجنبية، وتشويه قدرات أجهزة الاستخبارات الأجنبية.
وعلى مر السنين، زعمت وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية تعطيل شبكات مختلفة للموساد، على الرغم من أن هذه الإجراءات كانت تأتي عادة بعد وقوع عمليات إسرائيلية مدمرة بالفعل.
وفي عام 2012، أعلنت وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية اكتشاف شبكة إسرائيلية مزعومة تستهدف الأنشطة النووية الإيرانية، فضلاً عن اعتقال العملاء المتورطين في اغتيال العلماء النوويين الإيرانيين.
واعترف أحد المتآمرين، ماجد جمالي فاشي، على شاشة التلفزيون بتلقيه تدريبًا ومبلغ 120 ألف دولار من الموساد. ومع ذلك، عانت نجاحات مكافحة التجسس المزعومة من مشاكل المصداقية الناجمة عن تكتيكات الاستجواب القاسية التي تنتهجها الوزارة.
وفي عام 2019، اعترفت وزارة الاستخبارات بأن بعض اعترافات المتآمرين تم الحصول عليها تحت التعذيب.
وفي أواخر يوليو/تموز من عام 2021، ادعت الوزارة أنها ألقت القبض على أعضاء مزعومين في شبكة استخبارات إسرائيلية على الحدود الغربية لإيران، واستولت على أسلحة كانت تهدف إلى دعم أعمال الشغب في المدن الإيرانية، وعرقلت خطة لتنفيذ “أعمال تخريبية” خلال الانتخابات الرئاسية الإيرانية في يونيو/حزيران من ذلك العام.
وفي أوائل عام 2023، كشفت إيران عن نجاح آخر مهم لوزارة المخابرات والأمن في مكافحة التجسس.
فقبل 4 سنوات، ألقت وزارة المخابرات والأمن القبض على المواطن البريطاني المزدوج الجنسية علي رضا أكبري، نائب وزير الدفاع الإيراني السابق الذي كان مساعدًا لأمين المجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني، بتهمة التجسس لصالح لندن منذ عام 2004، واحتجزته وزارة المخابرات والأمن سراً لمدة 3 سنوات.
وخلال هذا الوقت، جعلوا أكبري يستخدم بانتظام جهاز كمبيوتر قدمته بريطانيا للتواصل مع مشغليه لتضليلهم. وفي يناير/ كانون الثاني من عام 2023، كشفت إدارة رئيسي عن اعتقال أكبري وإدانته وحكم عليه بالإعدام.
وفي أواخر عام 2020، أشاد زعماء النظام بوزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية بمنعها “تقريبًا” لواحدة من سلسلة اغتيالات رفيعة المستوى لعلماء نوويين إيرانيين امتدت لأكثر من عقد من الزمان ونسبت إلى إسرائيل وعملاء جندهم الموساد.
ويعتقد النظام أن الاغتيالات ربما بدأت في عام 2007 عندما توفي عالم نووي في مصنع لليورانيوم في أصفهان في تسرب غاز غامض.
وقد قُتل محسن فخري زاده، الذي كان بمثابة الأب للبرنامج النووي الإيراني، في نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2020 في كمين لموكبه المكون من 4 سيارات على طريق ريفي على بعد 40 ميلاً شرق طهران.
ونفذ فريق الموساد، الذي ضم أكثر من 20 إسرائيليًا وإيرانيًا، عملية الاغتيال عالية التقنية بعد أشهر من المراقبة المضنية. وكشفت اللجنة المشتركة في ذلك الوقت أن الكمين استخدم مدفع رشاش يزن طنًا واحدًا يتم التحكم فيه عن بعد تم تهريبه قطعة قطعة إلى إيران وسيارة مفخخة وقناصين.
وقال المتحدث باسم الحكومة ونائب وزير الاستخبارات السابق علي ربيعي إن وزارة الاستخبارات حددت هوية الأشخاص الذين أحضروا “الأجهزة والتقنيات” المستخدمة في عملية القتل.
وكرر أمين المجلس الأعلى للأمن القومي شمخاني، وهو ضابط كبير سابق في الحرس الثوري الإيراني، أن أجهزة الاستخبارات الإيرانية كانت لديها معلومات عن المؤامرة، لكنه ألقى باللوم في انهيار الحماية على الفشل والتهاون في مراعاة الاحتياطات بعد سنوات من التحذيرات المتكررة.
ومن بين حالات الفشل الأخرى في الحماية التي حدثت في الفترة المحيطة بوفاة فخري زاده اغتيال الرجل الثاني في تنظيم القاعدة، أبو محمد المصري، في أغسطس/آب من عام 2020، والذي كان محتجزًا في طهران من عام 2003 إلى عام 2015 ، والانفجارات التي وقعت في يوليو/تموز 2020 وأبريل/نيسان 2021 في منشأة نووية في نطنز.
وقد تم تعقب الانفجار الذي وقع في نطنز عام 2020 إلى متفجرات مختومة داخل مكتب ثقيل تم وضعه في المنشأة قبل أشهر.
وأثار هجوم نطنز عام 2021 انتقادات رسمية للمجتمع الاستخباراتي والأمني بشأن “إسرائيل من الداخل”، في إشارة إلى اختراقات الموساد المزعومة للمنشآت والمنظمات الإيرانية.
وفي عام 2018، نفذ عملاء إسرائيليون غارة ليلية جريئة لسرقة نصف طن من أرشيفات البرنامج النووي السرية من مستودع في طهران.
وفي يوليو/ تموز الماضي، تم اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في أحد بيوت الضيافة الحكومية بطهران. وقال وزير الاستخبارات الإيراني إسماعيل خطيب إن “اغتيال هنية نفّذته إسرائيل بضوء أخضر من الولايات المتحدة”
وقد جاء اغتيال هنية بعد أيام معدودة من تصريح خطيب بأن “جميع أذرع الموساد الموجودة داخل إيران تمّ قطعها”.
وذكرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، أن إسرائيل أبلغت الولايات المتحدة بعد العملية أنها المسؤولة عن اغتيال هنية.
وقالت الصحيفة نقلاً عن مصادر مطلعة قولها إنه رغم أن إسرائيل لم تعلق على مقتل هنية، فقد أبلغت المسؤولين الأمريكيين على الفور بأنها مسؤولة عن العملية.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن ثلاثة مسؤولين إيرانيين قولهم إن هذا الاختراق يمثل “فشلاً كارثياً على الصعيدين الاستخباراتي والأمني الإيراني، كما يضع الحرس الثوري الإيراني في حرج شديد”.
وقد كشفت هذه العمليات عن عجز وزارة الاستخبارات والأمن عن منع الاستخبارات الإسرائيلية من إنشاء شبكات فعالة من المتعاونين داخل إيران والوصول بشكل متكرر إلى مواقع حساسة.
- إسرائيل تفكك “شبكة تجسس إيرانية جندت نساء”
- هل اخترق الموساد أجهزة الأمن الإيرانية على أرفع المستويات؟
- إيران تعدم 4 أشخاص متهمين بالعمل “لصالح الاستخبارات الإسرائيلية”
Powered by WPeMatico
Comments are closed.