“العمليات الإنسانية في غزة في خطر” بعد تشريع إسرائيلي يحظر عمل الأونروا
“إذا طبق التشريع ستُدفع العمليات الإنسانية إلى الزاوية وتُهدد ملايين الفلسطينيين المعتمدين على مساعدات وكالة الأونروا” بهذه العبارة تتخوف وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين من كيفية تطبيق إسرائيل لقانونين يحظران أنشطة الأونروا داخل إسرائيل.
ولا تدرك الوكالة مصيرها بعد إقرار التشريعين، ولا تستطيع إخفاء مخاوفها من إنهاء عملها في الأراضي الفلسطينية، في الوقت الذي تتزايد فيه الحاجة للتدخل الإنساني للتخفيف من آثار الحرب في قطاع غزة، وفق قولها.
وأقر الكنيست الإسرائيلي بشكل نهائي، بالقراءتين الثانية والثالثة، مساء الاثنين، قانوناً يحظر نشاط الوكالة داخل إسرائيل، وقالت الأمم المتحدة إن القانون يحظر النشاط أيضاً في المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية.
وتحدثت الأمم المتحدة عن قانون آخر يمنع السلطات الإسرائيلية من إجراء اتصالات بالوكالة.
سيدخل القانونان حيز التنفيذ بعد 90 يوماً من إقرارهما، وفق قرار الكنيست.
وقالت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) إن القانون يلغي اتفاقية تعود لعام 1967 سمحت لـ”أونروا”، بالعمل في إسرائيل، وبالتالي ستتوقف أنشطة الوكالة أيضا في الأرض الفلسطينية المحتلة، وسيحظر أي اتصال بين المسؤولين الإسرائيليين وموظفيها.
وأقرّ النواب القانون الذي يوقف نشاط الوكالة في إسرائيل بغالبيّة 92 صوتا مقابل 10 أصوات معارضة، بحسب فرانس برس.
ويهدف القانون إلى “منع أي نشاط لأونروا في أراضي دولة إسرائيل”، وينصّ القانون على “ألّا تقوم أونروا بتشغيل أي مكتب تمثيليّ، ولن تقدم أيّ خدمة، ولن تقوم بأي نشاط، بشكل مباشر أو غير مباشر، في أراضي دولة إسرائيل”.
وتصاعدت حدة الانتقادات والإجراءات الإسرائيلية للوكالة الأممية بشكل كبير منذ بدء الحرب في قطاع غزة، ووجهت إسرائيل اتهامات لعشرات من موظفي الأونروا في قطاع غزة بضلوعهم في هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ولم تتمكن سلسلة من التحقيقات من العثور على أي دليل يؤكد المزاعم الإسرائيلية، مع إمكانية وجود موظفين “ربما كانوا متورطين” في الهجوم، وفق وكالة فرانس برس التي قالت إن الأونروا تكبدت خسائر فادحة وقُتل ما لا يقل عن 223 شخصاً من موظفيها وتضرر أو دُمر ثلثا مرافقها في قطاع غزة منذ اندلاع الحرب”.
وتحدث المفوّض العام للأونروا فيليب لازاريني عن عقاب جماعي بقوله: “تزيد هذه القوانين من معاناة الفلسطينيين، وهي لا تقل عن كونها عقاباً جماعياً”.
وحذر لازاريني من أن “هذه القوانين ستمنع أكثر من 650 ألف طفل وطفلة من حقهم في التعليم، مما يعرض جيلاً كاملاً من الأطفال للخطر”.
وأكد أن إنهاء الأونروا وخدماتها لن يسلب الفلسطينيين من وضعهم كلاجئين، لأن “هذا الوضع محمي بقرار آخر صادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة حتى يتم إيجاد حل عادل ودائم لمحنة الفلسطيني”.
وتأسست الوكالة بموجب قرار صادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 1949، بهدف تقديم برامج الإغاثة المباشرة والتشغيل للاجئين الفلسطينيين.
وعملت الجمعية العامة وبشكل متكرر على تجديد ولاية الأونروا، وكان آخرها تمديد عملها لغاية 30 يونيو/حزيران 2026.
وتُمول الأونروا بشكل كامل تقريباً من خلال التبرعات الطوعية للدول الأعضاء في الأمم المتحدة.
غموض آلية التطبيق
المستشار الإعلامي للوكالة عدنان أبو حسنة لم يُخفِ غموض المشهد لدى الوكالة، وقال في مقابلة مع بي بي سي، إن “الأمر يعتمد على توقيت التطبيق وكيفية التطبيق وذلك سيحدد ما سيحدث”.
وأضاف: “إذا طبق التشريع ستُدفع العمليات الإنسانية إلى الزاوية، مما يهدد ملايين الفلسطينيين المعتمدين على مساعدات الوكالة”.
وإذا نُفذ القانون، فإنه سيؤثر أيضاً على الضفة الغربية المحتلة لأن القانون يمنع إعطاء تأشيرات دخول لموظفي الأونروا، وهي الآن تمنع المفوض العام من الدخول.
ويوجد 58 مخيماً للاجئين تعترف بها الوكالة الأممية، بينها 19 في الضفة الغربية التي تحتلّها إسرائيل منذ 50 عاماً، بحسب القانون الدولي.
وفي حال التطبيق، تحدث أبو حسنة عن “منع التعامل مع موظفي الأونروا، وتوقف التعاملات البنكية، ووقف الإعفاءات الضريبية”، وتساءل: موظفو الأونروا موجودون عند المعابر، فكيف ستتعامل إسرائيل معهم؟
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو قال إنّ إسرائيل التي تفرض رقابة صارمة على دخول شحنات الإعانات الدولية “مستعدّة” لإيصال مساعدات إنسانية للقطاع. وكتب عبر إكس “نحن مستعدون للعمل مع شركائنا الدوليين لضمان استمرار إسرائيل في تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة بطريقة لا تهدد أمن إسرائيل”.
وترى أم يوسف من قطاع غزة في حديث مع بي بي سي أن القانون الإسرائيلي بشأن أونروا خاطئ، “لأننا نتعالج من خلالهم وأولادنا يتعلمون في مدارسهم، التعليم هو الأهم وأتمنى أن لا يتم تنفيذ هذا القرار لأنه قرار خاطئ”.
أما النازحة في القطاع أم صهيب، تساءلت عبر بي بي سي: “كيف سنعيش بدون الطحين الذي توزعه الوكالة؟”
وأضافت أم صهيب أن الشيء الوحيد المتوفر هو الطحين وسعر الكيس الواحد 200 شيكل ولا نستطيع شرائه وزجاجة الزيت بـ 35 شيكل. ليس لدينا شيء في هذا البلد سوى الطحين من الأونروا”، وعبرت عن أملها في توقف الإجراء الإسرائيلي.
وقال أبو حسنة إن “الوكالة متخوفة من عدم القدرة على تحويل الأموال للأراضي الفلسطينية المحتلة والأمر يعتمد على كيفية تطبيق القانون”، مشيراً إلى أن بنك لئومي الإسرائيلي جمد أموالاً لأونروا وأوقف التعامل مع الوكالة.
وبشأن وضع الموظفين الفلسطينيين في الوكالة، قال أبو حسنة إن الأمر يعتمد على كيفية التطبيق، ولم يستبعد إغلاق إسرائيل للمدارس والعيادات المركزية، مضيفاً “الأونروا متغلغلة في تفاصيل الحياة”.
وسيستهدف التشريع عمليات الوكالات في القدس الشرقية ومن بينها التنظيف والتعليم والرعاية الصحية في أحياء بعينها، وسيحرم أيضاً العاملين في الوكالة من بعض المزايا الممنوحة للموظفين الدبلوماسيين بما في ذلك الإعفاءات الضريبية، وفق وكالة فرانس برس.
وتقدّم “الأونروا” منذ أكثر من سبعة عقود مساعدة حيوية للاجئين الفلسطينيين في خمس مناطق وهي قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة (تشمل القدس الشرقية المحتلة) ولبنان وسوريا والأردن.
وحالياً تقدم الوكالة خدمات التعليم والرعاية الصحية والإغاثة والبنية التحتية وتحسين المخيمات والدعم المجتمعي والإقراض الصغير والاستجابة الطارئة، بما في ذلك في أوقات النزاع المسلح، لقرابة 5.9 ملايين لاجئ.
ولن يتأثر عمل الوكالة في سوريا ولبنان والأردن بالتشريع الإسرائيلي، بحسب أبو حسنة.
“التشريعات الوطنية لا تُغير تلك الالتزامات الدولية”
وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن القلق البالغ إزاء اعتماد الكنيست الإسرائيلي القانونين.
“إذا طُبق القانونان من المرجح أن يمنعا الوكالة من مواصلة عملها الضروري” في الأرض الفلسطينية المحتلة- بما فيها القدس الشرقية- وفق تفويض الجمعية العامة للأمم المتحدة، بحسب بيان أممي.
وأكد غوتيريش عدم وجود بديل عن الأونروا، مضيفاً: “تطبيق القانونين قد يكون له عواقب مدمرة على لاجئي فلسطين في الأرض الفلسطينية المحتلة “وهو أمر غير مقبول”.
ودعا غوتيريش إسرائيل إلى العمل بشكل يتوافق مع التزاماتها بموجب مـيثاق الأمم المتحدة، والقانون الدولي بما في ذلك القانون الدولي الإنساني وما يرتبط بامتيازات وحصانات الأمم المتحدة. وقال إن التشريعات الوطنية لا يمكن أن تُغير تلك الالتزامات.
وذكر غوتيريش، في بيانه، أن تطبيق هذين القانونين سيضر بحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والسلام والأمن في المنطقة بأسرها. وشدد على أن الأونروا لا غنى عنها.
https://twitter.com/UNNewsArabic/status/1851077772384288961
“فجوة كبيرة”
وقال الأمين العام للأمم المتحدة إنه سيعرض هذا الأمر على الجمعية العامة و”سيبقيها على علم بشكل وثيق بشأن تطور الوضع”.
وقال النائب في الكنيست الإسرائيلي بوعز بيسموت: “هناك فجوة كبيرة بين نظرة البعض في المجتمع الدولي إلى الأونروا ونظرة الناس في إسرائيل للوكالة”.
وعبّرت الولايات المتحدة الاثنين عن “قلق عميق” بشأن التشريع. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر “أوضحنا لحكومة إسرائيل أننا نشعر بقلق عميق إزاء هذا التشريع”، مشددا على الدور “الحاسم” الذي تضطلع به الوكالة في توزيع المساعدات في غزة.
بحسب بيانات الأمم المتحدة الصادرة في آب/أغسطس الماضي، فإنّ 63 في المئة من سكّان القطاع يعانون انعدام الأمن الغذائي ويعتمدون على المساعدات الدولية. ويعيش أكثر من 80 في المئة من السكان تحت خطّ الفقر.
ويضم القطاع ثمانية مخيّمات وحوالى 1.7 مليون نازح، ومن بين موظفي الوكالة البالغ عددهم 30 ألفاً، يعمل 13 ألف شخص في قطاع غزة، موزّعين على أكثر من 300 منشأة موجودة على مساحة 365 كيلومتراً مربّعاً، وفق الوكالة.
- من سيغيث الفلسطينيين بعد تصنيف إسرائيل للأونروا “منظمة إرهابية”؟
- الأونروا في حياة اللاجئين الفلسطينيين: الوالد والراعي والشاهد
- الأونروا: إسرائيل أجبرت موظفين في الوكالة على الاعتراف كذبا بصلتها بحماس
Powered by WPeMatico
Comments are closed.