الانتخابات الأمريكية 2024: ما الذي يحتاجه مايك بنس للتفوق على دونالد ترامب في السباق الرئاسي؟
في عالم سياسي أمريكي تقليدي، يبدو أن هناك الكثير من العمل أمام حملة مايك بنس الرئاسية لعام 2024 من أجل تحقيق الفوز.
ويعد مايك بنس سياسيا محنكا، إذ يمتلك الخبرة في كل من الكونغرس وفي حكم الولايات، فقد سبق وأن شغل منصب حاكم ولاية إنديانا. وهو نائب الرئيس السابق الذي شغل عدة مناصب إدارية رفيعة المستوى وأمضى أربع سنوات لبناء علاقات مع القواعد الشعبية لحزبه. وبنس أيضا متحدث مفوه ومنهجي، ويتمتع بشخصية جذابة ولديه سجل حافل من العروض الحوارية القوية، إلى جانب عمله لفترة كمقدم لبرنامج إذاعي شهير في إحدى الإذاعات التي تنتمي للتيار المحافظ.
لكن وعلى الرغم من ذلك فإنه لا بد من الإقرار بأن العالم الذي نعيش فيه لم يعد عالما سياسيا عاديا أو تقليديا بعد الآن – فقد تغير منذ أن شق دونالد ترامب طريقه نحو الترشيح الجمهوري للرئاسة والبيت الأبيض في عام 2016.
إضافة إلى ذلك سيكون عام 2024 لحظة أخرى مماثلة في خلق سابقة في السياسة الأمريكية الحديثة – إذ إنها المرة الأولى التي يتنافس فيها نائب رئيس سابق ورئيسه السابق على ترشيح حزبهما للرئاسة.
يقول ديفيد أومان، الرئيس السابق للحزب الجمهوري في ولاية أيوا: “بنس محافظ تقليدي…لكنه ليس من أولئك ذوي الأصوات العالية”.
في الوقت الحالي، يتمتع دونالد ترامب بجميع المزايا تقريبا، إذ لديه صندوق تمويل ضخم، ونسب قبول عالية بين الناخبين الجمهوريين، ودعم ثابت من قبل حوالي 30 في المئة من ناخبي حزبه.
وبطبيعة الحال ليس خفيا أن القاعدة الشعبية الموالية لترامب تنظر إلى نائبه السابق بنس، بنوع من الشك والريبة التي قد تصل حد العداء. إنهم يعتبرون قراره عدم دعم محاولة الرئيس السابق لقلب نتائج الهزيمة الانتخابية لعام 2020، خطأ في أحسن الأحوال، وفي كثير من الأحيان يعتبرون الأمر خيانة.
في الشهر الماضي، أُجبر بنس على الإدلاء بشهادته أمام هيئة محلفين فيدرالية كبرى تحقق في دور الرئيس السابق في هجوم 6 يناير/ كانون الثاني على مبنى الكابيتول الأمريكي، والجهود المبذولة لعكس نتائج الانتخابات الرئاسية عام 2020.
وفي مارس/ آذار الماضي، قال بنس إن “كلام ترامب المتهور” عرض عائلته للخطر في ذلك اليوم، مضيفا أن “التاريخ سيحاسب دونالد ترامب”.
لكن في الوقت الحالي، يبدو أن أنصار ترامب هم من يقررون مصير نائبه السابق مايك بنس.
طريق بنس الضيق نحو البيت الأبيض
للنجاح في محاولته للوصول إلى السباق الرئاسي، سيحتاج بنس إلى تعثر الرئيس السابق دونالد ترامب. ولكن إذا حدث ذلك، فمن الأرجح أن تذهب أصوات أنصار ترامب إلى شخص مثل حاكم فلوريدا رون ديسانتيس.
ولكن على الرغم من ذلك فإن بنس توجد لديه ميزة قد تجعله يتفوق على رئيسه السابق ترامب.
كمسيحي متدين يتمتع بنس، السياسي القادم من ولاية إنديانا، بتاريخ طويل من العلاقات الوثيقة مع المجتمع الإنجيلي في الولايات المتحدة. وقد كان أحد أسباب اختيار ترامب لمايك بنس ليكون شريكه في انتخابات عام 2016، هو أن مستشاري ترامب في حملته الانتخابية كانوا يعتقدون أن بنس سيخفف من حدة مخاوف الناخبين المسيحيين، الذين قد يترددون في دعم ترامب القادم من نيويورك والمتزوج ثلاث مرات ولديه قضايا شخصية وإشكالات كثيرة.
وقد كان بنس فعليا سفير إدارة ترامب إلى اليمين المسيحي، حيث كان يروج للرئيس السابق في القضايا الثقافية البارزة مثل الإجهاض والحرية الدينية، بهدف تحقيق الفوز.
وهو يأمل الآن في الاستفادة من ذلك التاريخ لاستقطاب الناخبين الإنجيليين للرئيس السابق لصالحه. وهو أمر مهم بشكل خاص في ولاية أيوا، الولاية التي تجري أول مسابقة ترشيح رئاسية للجمهوريين والتي يتمتع فيها المسيحيون المحافظون بنفوذ كبير.
يقول أومان: “إنها كتلة جيدة تضم ما يزيد عن 30 في المئة من الناخبين الجمهوريين الذين سيحضرون ليلة التجمع الحزبي في أوائل عام 2024”. ويضيف “لذا فهي كتلة يجب أن يأخذها المرشحون على محمل الجد”.
لكن التحدي الذي يواجهه نائب الرئيس السابق مايك بنس هو أنه سيكون هناك مرشحون آخرون يتنافسون أيضا على الأصوات المسيحية الإنجيلية. ومن بين هؤلاء رون ديسانتس الذي دافع عن القضايا الثقافية المحافظة في فلوريدا – وعضو مجلس الشيوخ عن ولاية كارولينا الجنوبية تيم سكوت. لكن بطبيعة الحال فإنه كلما ازداد الانقسام والتنافس على تلك الأصوات، ازدادت الاحتمالات في عدم تمكن أي شخص من هزيمة ترامب.
يقول أومان: “يخوض بنس هذا السباق ببداية ليست بالسهلة، إذ توجد قاعدة جمهورية، لا يستهان بها، لن تقدم له الدعم”. ويمضي للقول “عليه أن يتحدث عن نوع الحاكم الذي كان عليه، وأن يكون في صفوف أولئك الذين يتحدثون عن أفكار وخطط للمستقبل، عليه أن يكون شخصا يمكنه إظهار بعض الحس السليم ومنح الجماهير بديلا موثوقا به عن شريكه السابق، دونالد ترامب”.
كان بنس يناور من أجل الترشح للرئاسة منذ أكثر من عام – قبل أن يفصح ترامب عن طموحاته في الوصول مجددا إلى البيت الأبيض بوقت طويل. وبالنظر إلى أن نائب رئيس سابق آخر يجلس حاليا في المكتب البيضاوي، فإنه بإمكاننا تخيل أحلام بنس في الوصول إلى سدة الرئاسة – حتى لو كان الطريق الذي كان عليه أن يسلكه للوصول إلى البيت الأبيض يشكل سابقة غير معهودة.
هل يمكن لخلفية مايك بنس الدينية المحافظة أن تساعده في التفوق على رئيسه السابق دونالد ترامب؟
Comments are closed.