ما حقيقة “التزييف” الذي خضع له فيديو للرئيس الأمريكي جو بايدن حقق رواجا كبيرا؟
يزعم أشخاص، بالخطأ، أن مقطع فيديو للرئيس الأمريكي جو بايدن كان الحزب الديمقراطي قد نشره هو نتاج عملية تزييف تقني عميق.
والتزييف العميق هو عملية يتم خلالها استخدام الذكاء الاصطناعي لإنتاج فيديو يظهر فيه شخص يقول أشياء أو يقوم بها دون أن يكون قد فعل في الحقيقة أيًا من ذلك.
وقد فحصنا الفيديو الذي نشره الحزب الديمقراطي للرئيس بايدن.
ما هي المزاعم؟
يزعم ناشطون عبر وسائل التواصل الاجتماعي أن الفيديو خضع لتقنية الذكاء الاصطناعي حيث تم تركيب وجه الرئيس بايدن على جسد ممثل.
وفي غضون 17 ثانية هي مدة الفيديو، يتحدث بايدن عن أحداث شغب يوم السادس من يناير/كانون الثاني والتي شهدت اقتحام المتظاهرين مبنى الكابيتول الأمريكي. ويجري الآن في الكونغرس تحقيق في تلك الوقائع.
ونشر الديمقراطيون على حسابهم الرسمي عبر تويتر يوم الأربعاء الفيديو المشار إليه وسرعان ما أصبح جزءا من نظرية مؤامرة أوسع نطاقا.
وشكّك البعض في كون الفيديو حقيقيا، وتمّت مشاركة منشورات هؤلاء المشككين آلاف المرات. وكان ممّن شاركوها ناقدون بارزون في اليمين المتطرف بموقع “نيوزماكس” وعلى شاشة “وان أمريكا نيوز”.
كيف نعرف أن الفيديو ليس مزيفا؟
أحد المبررات التي ساقها المشككون في حقيقة الفيديو هو أن مظهر الرئيس بايدن، حسبما يقولون، يبدو مختلفا في فيديو آخر نُشر له في اليوم نفسه – وهذا الفيديو الآخَر أيضا يشكك البعض في كونه حقيقيا.
لكن من الواضح أن الاختلافات في مظهر الرئيس تعود إلى الإضاءة المستخدمة أثناء التصوير.
ويبرهن البعض على تزييف الفيديو بأن الرئيس بايدن لا يطرف – لكن هذا ليس دليلا.
ويقول منشور، تمت مشاركته حوالي 40 ألف مرة عبر تويتر، إن “أي شخص طبيعي يطرف بعينه بمعدّل 15 إلى 20 مرة في الدقيقة”.
ويطرف الإنسان بالفعل حوالي 12 مرة في الدقيقة، لكن من الممكن جدًا ألا يطرف الشخص لأكثر من 17 ثانية – مدة الفيديو المشار إليه.
علاوة على ذلك، هناك قطْع في الفيديو، مما يشير إلى أن بايدن لم يمسك عن الإطراف بعينيه مدة الـ 17 ثانية كاملة.
وقد نشر البيت الأبيض مقطعا أطول من الفيديو ذاته، حيث ظهر بايدن وهو يطرف مرّات عديدة.
أضِف إلى ذلك معلومة أن تقنية التزييف العميق قادرة على عمل الإطراف بالعين.
يقول سام غريغوري، الخبير في تقنية التزييف العميق، إن “كثيرين يظنون أن عدم الإطراف بالعين يُعدّ دليلا على أن الفيديو خضع لتقنية التزييف العميق، وهذا غير صحيح فقد تطورت التقنية حتى أمكن عمل ذلك”.
هل شاهدنا مزاعم شبيهة في السابق؟
ليست جديدة تلك المزاعم التي لا أساس لها من الصحة بخصوص تزييف شخصية الرئيس بايدن عبر استخدام تقنيات عديدة مثل التجسيم ثلاثي الأبعاد أو ارتداء الأقنعة، أو الاستنساخ، أو التسجيل أمام شاشة خضراء، أو التزييف العميق، أو غير ذلك.
لقد وجدت المزاعم طريقها منذ وقت طويل عبر الإنترنت حيث حققت انتشارا واسعا. وليست هذه المزاعم حصرية على الرئيس بايدن؛ فقد أشيعت حول زعماء آخرين، بينهم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
وفي مارس/آذار من العام الماضي، ظهر بايدن في مقطع فيديو وهو يجيب عن أسئلة صحفيين من أمام البيت الأبيض. ولاقى الفيديو انتشارا واسعا بعد ما أشيع من مزاعم بأنه تم تصويره أمام شاشة خضراء.
ويعتقد أصحاب تلك المزاعم أن البيت الأبيض إنما يلجأ لتلك التقنيات والحيَل لحماية الرئيس من العامّة لأسباب تتعلق بالتقدم في السن والصحة الجسدية، فضلا عن وقوع زلّات قد تكون محرجة في بعض الأحيان.
ويذهب بعض المتطرفين إلى ما هو أبعد من ذلك، فيقولون إن الرئيس بايدن ربما احتُجز أو حتى أُعدِم، أو أن الرئيس جزء من مؤامرة شريرة وأنه دُمية يحرّكها ثُلة من الأشرار تقف في الظلّ من حيث تدير العالم.
ورغم أن هذه المزاعم مخطئة تماما، هناك مجال لشيوع أمثال تلك المؤامرات عبر فضاء الإنترنت حول العالم، والدليل على ذلك شيوع تلك المزاعم الأخيرة.
لكن، رغم أن مقاطع الفيديو الأخيرة هذه لم تخضع للتزييف العميق، إلا أنه يمكن استخدام التقنية في التلاعب بكلمات وأفعال شخصيات عامة.
وفي وقت سابق من العام الجاري، انتشر عبر الإنترنت فيديو خضع لتقنية التزييف العميق ظهر فيه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي متحدثًا عن الاستسلام لروسيا.
يقول الخبير سام غريغوري إنه “في أغلب المزاعم التي نشهدها حول العالم ليس ثمة تزييف عميق بقدْر ما أنّ هناك أشخاصا ترغب في تصديق شيء ما، وهناك أيضا أشخاص لا تعرف ماهية التزييف العميق”.
Comments are closed.