الأزمة في تونس: حركة النهضة تدعو إلى عودة البلاد إلى الوضع “الدستوري الطبيعي” رغم الخلافات داخلها
دعت حركة النهضة الإسلامية إلى العودة السريعة لما وصفته بالوضع الدستوري الطبيعي، ورفع التجميد الذي شمل اختصاصات البرلمان التونسي.
وقال مجلس شورى الحركة، عقب أكثر من عشر ساعات من المداولات، إنه من الضروري إطلاق حوار وطني للمضي في إصلاحات سياسية واقتصادية، معبّرة عن تفهّمها للغضب الشعبي.
وأضاف البيان أن على الحركة أن تبدأ نقدا ذاتيا عميقا لسياساتها.
وشهد الاجتماع انسحاب ثلاث من قياديات الحركة، قلن في منشورات منفصلة على موقع فيسبوك إن أي موقف يصدر عن مجلس شورى النهضة لا يلزمهن.
ماذا جاء في بيان الحركة؟
قال أحدث بيان نشرته الحركة على صفحتها على فيسبوك إن مجلس شورى الحركة ناقش في جلسة استثنائية “الوضع العام في البلاد، في ظل الظروف الاستثنائية، عقب القرارات الرئاسية”.
وتوصل المجلس بعد مناقشاته إلى نقاط أهمها:
- تفهّم الغضب الشعبي المتنامي، خاصة في أوساط الشباب، بسبب الإخفاق الاقتصادي والاجتماعي بعد عشر سنوات من الثورة.
- ضرورة التسريع بعرض الحكومة الجديدة على البرلمان لنيل ثقته، والانكباب في أقرب وقت على تقوية نسق مقاومة الوباء
- ضرورة العودة السريعة إلى الوضع الدستوري الطبيعي ورفع التعليق الذي شمل اختصاصات البرلمان
- التأكيد على أنه لا يمكن التخلي عن المسار الديمقراطي واحترام الحريات وحقوق الإنسان والخشية من استغلال الإجراءات الاستثنائية لتوظيف القضاء في تصفية حسابات سياسية
- الدعوة الى إطلاق حوار وطني للمضي في إصلاحات سياسية واقتصادية تحتاجها بلادنا في هذه المرحلة للخروج من أزمتها
- ضرورة بدء حركة النهضة بنقد ذاتي معمق لسياساتها خلال المرحلة الماضية ومراجعات ضرورية وتجديد برامجها
- التشديد على الانخراط حركة النهضة في محاربة الفساد وملاحقة المورّطين فيه مهما كانت مواقعهم وانتماءاتهم
- الدعوة إلى مواصلة اليقظة والنضال السلمي من أجل تونس ديمقراطية
ما الذي أظهرته الجلسة؟
برزت خلافات شديدة في الاجتماع الاستثنائي الذي عقده مجلس شورى حركة النهضة في تونس الأربعاء، عقب الدعوة التي نسبت إلى راشد الغنوشي زعيم الحركة إلى تحويل إجراءات الرئاسة التونسية في 25 يوليو/تموز إلى فرصة للإصلاح، ومرحلة من مراحل المسار الديمقراطي.
واحتدم النقاش بين فريق يطالب بتصحيح المسار داخل الحركة، وفريق يؤيد الحفاظ على الموقف الأصلي الذي يرى فيما حدث “انقلابا”.
وانتهى الاجتماع بانسحاب بعض الأعضاء منه حتى قبل إعلان البيان الختامي.
وكانت يمينة الزغلامي وجميلة كسكيسي العضوتان البارزتان في حركة النهضة من بين من أعلنوا انسحابهم من الدورة الاستثنائية لمجلس الشورى.
وقالت يمينة إنها لا تتحمل “مسؤولية أي قرار يصدر عنها”، نتيجة ما وصفته بـ”سياسة الهروب إلى الأمام وعدم الانتباه لخطورة اللحظة التي تمر بها الحركة والبلاد”.
وقالت جميلة إن “أي قرار يصدر عن الدورة لا يلزمني”.
- راشد الغنوشي: من الناصرية إلى الحركة الإسلامية ورئاسة البرلمان التونسي
- قيس سعيد: لماذا اختار التونسيون رئيسا من خارج الأحزاب السياسية؟
- “ربيع تونس يتحول إلى شتاء” – الغارديان
تضارب بشأن ما نسب للغنوشي
وتداولت وسائل إعلام تقارير تفيد بأن حزب النهضة الإسلامي أبدت مرونة خلال الأزمة السياسية في البلاد، بعد أن نسبت إلى زعيمه، راشد الغنوشي، القول إن استيلاء الرئيس على السلطات الحاكمة يجب أن يتحول إلى “مرحلة انتقال ديمقراطي”.
وكان راشد الغنوشي، رئيس البرلمان، قد قاد في السابق المعارضة لإجراءات الرئيس قيس سعيد التي جمد فيها البرلمان وأقال رئيس الوزراء، والتي وصفها مرارا بأنها انقلاب.
وخففت الحركة لهجتها في بيان نشرته على فيسبوك الأربعاء، قائلة إن تدخل سعيد يجب أن يكون فرصة للإصلاح.
ثم عادت الحركة وحذفت التدوينة التي نشرت فيها البيان على صفحتها على فيسبوك.
وكان سامي الطريقي عضو المكتب السياسي ولجنة السياسات في حركة النهضة هو من نشر تدوينة على صفحة الحركة على فيسبوك وهي التي تداولتها وسائل الإعلام، ونسب فيها إلى الغنوشي قوله إن ما اتخذه الرئيس سعيد من إجراءات يجب أن يصبح مرحلة من مراحل المسار الديمقراطي.
ثم عاد الطريقي وأوضح ذلك بقوله: “لم يذكر رئيس الحركة أن ما وقع هو تحول ديمقراطي، إنما قلت يجب أن تصبح تلك الإجراءات من ضمن المسار الديمقراطي وألا يخرج عنه”.
وأضاف: “أي أن تكون تلك التدابير الاستثنائية المعلنة في حدود ما أعلنته وضمن سياقها الزمني، وأن تكون فعلا فرصة للإصلاح كذلك بالعودة إلى السياق الدستوري واسترجاع المؤسسات الدستورية”.
وجاء توضيح الطريقي بعد انتقاد رفيق عبد السلام، عضو المكتب التنفيذي للحركة وصهر الغنوشي، لتصريحاته الأولى.
وقال عبد السلام: “التصريح الذي نقله سامي الطريقي لا علاقة له بما ورد من مداولات في مجلس الشورى، وهو رأي شخصي لا يلزمه إلا هو”.
وأضاف عبد السلام أن “الجميع متفق على أن ما وقع يوم 25 يوليو هو انقلاب مكتمل الأركان ولا يوجد له أي وصف آخر. نحن حريصون على وحدة النسيج المجتمعي وعلى أمن البلاد واستقرارها، مع تشبثنا بالدفاع عن رصيد الحرية ومكتسب الديمقراطبة الى جانب غيرنا من القوى السياسية والاجتماعية النزيهة”.
Comments are closed.