شاطئ صيدا يخوض معركة الحرية والقمع
كتب محمد دهشة في “نداء الوطن”: “الشاطئ للجميع، صيدا بلبنان… ولبنان بلد الحريات، لبنان دولة مدنية وحرية المرأة مطلقة”، شعارات رفعها العشرات من الذين احتشدوا مقابل مسبح صيدا الشعبي، احتجاجاً على منع رجل دين الناشطة الاجتماعية ميساء حانوني يعفوري، من السباحة بـ”المايوه” الأسبوع الماضي.
وفق هؤلاء، إن قرار المنع، هو تعدٍّ على الحريات العامة والشخصية في بلد تختلف فيه الثقافات ولا يمكن لأحد أن يسقط خياره على الآخر، وهو يأتي ضمن سلسلة من القرارات التي تعتبرها النساء تعدّياً على حريتهنّ بحيث يتركن فريسة لممارسات اجتماعية قاهرة، وفق ما تقول الناشطة حياة مرشال حيث لم تكن حادثة صيدا معزولة عن سلسلة محاولات مصادرة الفضاءات العامة وفي قمع النساء وترهيبهنّ، في ظل غياب تام لأجهزة الدولة عن حمايتهنّ وحرياتهنّ وحقهنّ في مشاركتهنّ المساحات الخاصة والعامة مع الآخرين.
في لبنان ثمة ثقافات مختلفة، تتراوح بين الإلتزام بالدين والقانون والعرف، فالقانون لا يمنع ارتداء البكيني أو البوركيني، ويترك للإنسان حرية الإختيار بما يراه مناسباً ضمن مجتمع يسعى إلى المساواة والتسامح، بينما هناك من يعتبر أنّ الأعراف التي تنادي بالمحافظة على العادات والتقاليد، هي التي يجب أن تسود، وصيدا نموذج، ولو أنّها تحترم العيش المشترك والتلاقي والانفتاح.
ومن هذه الخلفية، تبدو الإشكالية في حسم الجدل حول المسموح والممنوع في ملابس البحر، ما دفع الآخرين إلى اعتبار المنع تعدّياً على الحرية العامة والشخصية كما تقول الناشطة ميساء حانوني يعفوري لـ”نداء الوطن”، وهي ترفع يافطة “لكم حريتكم ولي حريتي”، وتضيف “لقد اعتدت السباحة بالمايوه منذ سنوات ولم أتعرض لأي موقف، الشاطئ ملك عام وممنوع على أحد فرض إرادته على ارتداء ما نريد”، داعيةً “إلى احترام الحريات والرأي الآخر، نحن مواطنون متساوون، لنا حقنا ولهم حقهم”.
في وقفة الاحتجاج التي استمرّت نحو ساعة ونصف، وسط إجراءات أمنية مشددة لمنع التصادم مع الطرف الداعم لقرار المنع، قالت الناشطة النسوية جوزفين زغيب باسم المؤيدين، “إننا ندعو السلطات الأمنية والقضائية إلى إجراء تحقيق شامل في هذا الهجوم ومحاسبة المعتدين وتقديم الدعم للمعتدى عليهن”، معتبرة “أن تحركنا اليوم هو لإعلاء الصوت وللقول إننا سنواصل تحركنا ومطالبة كل المعنيين بكف يد السلطات الأبوية الدينية التي لا تنفك عن التدخل بالحقوق المدنية من بينها حرية المرأة في ارتداء ما تريد”، مؤكدة أن “شواطئ لبنان هي مساحات عامة وسنواصل التحرك لتأكيد حقنا في ارتيادها ونؤكد على الحرية الكاملة للمرأة في اللباس والتصرف والتعبير والتمتع بحقوقها كاملة كمواطنة لبنانية بكل ما للكلمة من معنى”.
وشارك في الوقفة النائب مارك ضو الذي أعلن تأييده المبدأ الدستوري الذي ينصّ على “أن الأماكن العامّة وحرية التعبير وحرية المعتقد حق لكل الناس”، قائلاً “المواطنون اللبنانيون يحقّ لهم ارتياد الأماكن العامة بالطريقة التي يجدونها مناسبة”.
في المقابل، أوضح المسؤول الإعلامي لـ”هيئة العلماء المسلمين” في لبنان الشيخ أحمد عمورة بإسم الرافضين، “أن صيدا مدينة محافظة ونرفض تحدي أبنائها”، مشيراً إلى “أننا لم نكن نريد أن يتم افتتاح موسم الصيف بهذا الشكل المسيء للمدينة وأخلاقها وقيمها وضيافتها لكل أبنائها وزوّارها”، مؤكداً أن “صيدا تحافظ على قيمها وأخلاقها، والمسبح الشعبي هو عائلي”.
بينما نوّه رئيس البلدية محمد السعودي بالجهود الأمنية وشرطة البلدية ونجاحها في احتواء ما حصل والفصل بين أصحاب وجهات النظر المتباينة حول لباس الشاطئ. لقد تم اليوم احتواء تداعيات كان يمكن أن تكون أكبر لولا تواجد هذه القوى، وهذا ما كنا نتخوّف من حصوله وكان وراء قرارنا بمنع أي مؤتمر صحافي أو نشاط أو تجمعات على شاطئ المسبح الشعبي ويهمنا التأكيد على رواد المسبح الشعبي وتذكيرهم بضرورة التقيّد التام بالضوابط العامة المعتمدة سنوياً عند افتتاح المسبح الشعبي رسمياً.
Comments are closed.