إقتصادلبنانيات

الدولار يحلّق.. الليرة خسرت 50% من قيمتها

الدولار يحلّق.. الليرة خسرت 50% من قيمتها

المشهدية الاقتصادية الكارثيّة في لبنان تُنذر بانفجار اجتماعي قد يسبق «الفَرَج الحكومي»، ففاتورة المماطلة السياسية التي يدفعها الاقتصاد، مرتفعة جداً ومُكلفة على القطاعات التي تداعت إلى الإضراب العام اعتباراً من اليوم وحتى يوم السبت قبل أن يصبح مفتوحاً إذا لم تتشكّل الحكومة الإنقاذية.

 

في غضون ذلك، تواصل الضغط على الدولار في السوق السوداء امس، الأمر الذي رفع سعره لدى الصيارفة الى 2250 ليرة للدولار الواحد (السعر الرسمي 1500 ليرة، ما يعني ان الليرة خسرت %50 من قيمتها) وهو رقم قياسي جديد يسجّله سعر الدولار بسبب ازدياد الطلب عليه، واستمرار الشح في توافره لدى الصيارفة. وذكرت صحيفة الجمهورية انّ عمليات الشحن للعملة الصعبة من الخارج تراجعت، وباتَ الصيارفة يعتمدون على شراء الدولار من مواطنين يبيعونه للافادة من سعره المرتفع، ومن النازحين السوريين الذين يتقاضون مساعدات من الامم المتحدة بالدولار، ويقومون ببيعه الى الصيارفة مقابل الليرة اللبنانية او الليرة السورية.

 

قلق المودعين وتغذي قيود تفرضها البنوك على السيولة بواعث قلق لدى المودعين الذين يخشون على مدخراتهم، رغم تأكيدات الحكومة بأنها آمنة من أسوأ أزمة مالية تشهدها البلاد منذ الحرب الأهلية بين 1975 و1990 وسط مخاوف متزايدة من حدوث انهيار مالي. والاجراءات التقشفية التي تعتمدها المصارف تزداد صرامة يوماً بعد يوم. وفي الموازاة، يتهافت غالبية المودعين لسحب ودائعهم وتخبئتها في المنازل. ليدخل النظام المصرفي في دوامة يصعب الخروج منها.

والتهافت على السحب بالليرة وبالدولار لحاجة او غير حاجة، دفع غالبية المصارف الى خفض سقف السحوبات فيها، فبعدما حددت جمعية المصارف سقف السحوبات بـ1000 دولار اسبوعياً، ورغم ان غالبيتها لم تلتزم بهذا السقف، عاودت المصارف أمس لتخفّض السقف مجدداً ووصل في بعضها الى 200 دولار اسبوعياً. وقال متقاعد (66 عاما) -ومدخراته بالعملة الأجنبية هي ثمرة عمله بالخارج 17 عاما- «يوجد قلق، قلق كبير؛ إذا كنت ادخرت طوال حياتي لجمع مبلغ ووضعته هنا، فأين سيذهب؟»، وأضاف «نحن في أزمة كبيرة، وأنا قلق جدا على مدخراتي».

ووصف رئيس جمعية مصارف لبنان -في مقابلة مع رويترز الأسبوع الماضي- القيود بأنها «حاجز لحماية النظام» حتى تعود الأمور إلى طبيعتها. وقال مصرف لبنان المركزي إن الودائع آمنة. لكن القلق يتنامى، وخفض بنك بلوم (أحد أكبر البنوك في لبنان) تدريجيا الحد الأقصى الأسبوعي للسحب من 2500 دولار إلى خمسمئة دولار هذا الأسبوع للمودعين الذين تقل حساباتهم عن مئة ألف دولار. وفي بنك عودة، يبلغ الحد الأقصى ثلاثمئة دولار. وقال مودع آخر «لا أثق بالحكومة عندما تقول إن أموالي آمنة في البنوك؛ نظرا لعدم مصداقيتها؛ هذا ما اكتشفناه». وقال مدير البحوث لدى بنك «بلوم إنفست» مروان ميخائيل «يسحب الناس المال كل أسبوع، بالقدر الذي يسمح لهم به البنك. المشكلة أن البنوك لا تعرف إلى متى ستستمر هذه الأزمة؛ لذا يأخذون في الحسبان الرغبة في الاستمرار لأقصى وقت ممكن». حيرة تامة وقال بعض المودعين إنهم سيسحبون بقية مدخراتهم إذا استطاعوا، مبدين ندمهم على أنهم لم يفعلوا ذلك مسبقا. وقال أحد المودعين «نحن في حيرة تامة؛ لا أعرف ما هو آمن وما هو ليس بآمن»، مضيفا أن الحد الأقصى للسحب الأسبوعي البالغ خمسمئة دولار لا يكاد يغطي احتياجاته.

وقال مودع آخر كان عليه أن يُثبت أنه في حاجة لشراء دواء لوالدته ليتمكن من سحب ألف دولار «البنك يجعلك تشعر بأنك تتسول للحصول على مالك؛ أشك أن يعود اللبنانيون إلى وضع أموالهم في البنوك». الانزلاق نحو الهاوية وتسببت الاحتجاجات التي أطلقها الغضب من طبقة حاكمة يراها المحتجون تنهب لبنان؛ في إبطاء اقتصاد ضعيف بالفعل، وقامت شركات عديدة بتسريح عاملين أو خفض الأجور وتشغيل العمال بدوام جزئي. نائب رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان محمد لمع أسف عبر وكالة الانباء «المركزية»، «لكوننا نقف اليوم على حافة الهاوية في ظل الوضع الاقتصادي العام الصعب والخطير»، لافتاً إلى أن «كلّ يوم مماطلة مع استمرار الأوضاع على حالها، سيؤدي بنا إلى الانزلاق نحو الهاوية، حيث تزداد الأمور صعوبة وتعقيداً».

ورأى في «تشكيل حكومة قادرة على اتخاذ التدابير الاقتصادية اللازمة والإجراءات الإنقاذية المطلوبة، الخطوة الأولى نحو الحلحلة». حركة الفنادق «لم يشهد لبنان في تاريخه المعاصر وضعاً بهذه الدرجة من التدهور…» هكذا لخّص نقيب أصحاب الفنادق بيار الأشقر الوضع الاقتصادي عموماً وحركة حجوزات الفنادق خصوصاً، وأكد لـ«المركزية» أن لا حجوزات فندقية حتى الآن لتمضية عيديّ الميلاد ورأس السنة، ولا بوادر أمل لذلك باستثناء اللبنانيين المغتربين الذين يملكون منازل في لبنان، كاشفاً أن «حركة الحجوزات في فنادق العاصمة تقتصر على 10 في المئة فقط، أما خارج بيروت فمعدومة حيث وضع الفنادق تحت الصفر». من جهته، كشف نقيب أصحاب مكاتب السياحة والسفر جان عبود عن تراجع حركة حجوزات تذاكر السفر %65 في المئة، إن في السوق المحلية أو الصادرة أو الواردة. القطاع الصحي الازمة تضرب ايضا القطاع الصحي، حيث يتّجه مستوردو المُستلزمات والأجهزة الطبية إلى فرض فواتيرهم بالدولار، بعدما رفض مصرف لبنان شمولهم بتعميم «الأدوية»، وتأمين %85 من الاعتمادات بالدولار. ويعني ذلك، عملياً، إمّا مزيداً من غلاء الأسعار أو تفاقم أزمة تقنين المستلزمات.

ومنذ أيام، بدأت مستشفيات بحسب صحيفة «الأخبار» تقنين جلسات غسل الكلى لمرضاها عبر خفض عددها من ثلاث جلسات إلى اثنتين أسبوعياً بسبب محدودية الفلاتر المُستخدمة لأجهزة الغسل، فيما بدأ مخزون أكياس الدم في غالبية المُستشفيات ينفد تدريجياً، بسبب تفاقم تداعيات الأزمة المالية والنقدية على قطاع المستلزمات والأجهزة الطبية. ورفضت نحو 147 شركة معنية باستيراد الأجهزة والمُستلزمات الطبية قرار المصرف المركزي الذي يقضي بتحويل %50 من اعتماداتها بالليرة إلى الدولار بسعر الصرف الرسمي، على أن تؤمّن الشركات بقية الدولارات من السوق.

القبس


🛈 تنويه: موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً أو مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

زر الذهاب إلى الأعلى