عودة يوسف بطرس غالي وزير مالية “مبارك” إلى المشهد الاقتصادي المصري بعد سنوات من الغياب وتهم الفساد

يوسف بطرس غالي وزير المالية المصري السابق متحدثا خلال أحد الفعاليات الاقتصادية

Getty Images
يوسف بطرس غالي وزير المالية المصري السابق

أثارت عودة وزير المالية المصري السابق يوسف بطرس غالي إلى المشهد السياسي المصري بعد سنوات من الغياب جدلا واسعا على منصات التواصل الاجتماعي.

وقد تم إدراج اسم يوسف بطرس غالي، ضمن التشكيل الجديد للمجلس التخصصي للتنمية الاقتصادية، وفق قرار رئاسي صادر في أغسطس/آب الماضي كشفت عنه وسائل إعلام محلية خلال اليومين الماضيين.

ويعد هذا في أول منصب رسمي لغالي في البلاد منذ الإطاحة بنظام حسني مبارك عام 2011.

والمجلس التخصصي للتنمية الاقتصادية هو مجلس استشاري يتبع رئاسة الجمهورية المصرية مباشرة، ويختص بدراسة حسن استخدام موارد الدولة واقتراح السياسات الاقتصادية، وذلك بحسب قرار انشائه عام 2015 .

و تباينت ردود فعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي ما بين مؤيد لعودة أحد أبرز وجوه نظام حكم الرئيس المصري السابق، باعتباره ترك البلاد بمعدل نمو يزيد على 7 %، وقدرته في الحفاظ على مؤشرات جيدة للاقتصاد المصري مع حفظ قيمة العملة المحلية الجنيه، وبين معارض لعودة الرجل الذي اتُهِمَ سابقًا في عدد من قضايا الفساد.

تبرئة من قضايا فساد

يوسف بطرس غالي كان من أبرز وزراء المجموعة الاقتصادية المقربة من الرئيس حسني مبارك ونجله جمال، حيث كان وزيرا للمالية قبل اندلاع الثورة الشعبية التي أطاحت بنظام حكم مبارك بعد نحو 30 عاما على رأس السلطة في مصر.

وقضى الرجل سنوات في أضابير المحاكم والقضاء، حيث وُجهت لغالي العديد من الاتهامات بالفساد المالي، وحُكِمَ عليه بالسجن في بعضها، بعد قيام ثورة يناير/كانون الثاني 2011 قبل أن تبرئه المحاكم المصرية من كافة الاتهامات.

ففي يوليو/تموز 2023، قضت محكمة جنايات شمال القاهرة ببراءة يوسف بطرس غالي، في القضية المعروفة إعلاميا بـ “فساد الجمارك”، والتي كان يواجه فيها اتهامات بالتربح واستغلال سلطته.

وقبلها في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، قضت محكمة الجنايات، ببراءة غالي من قضية “اللوحات المعدنية”، واستغرقت المحاكمة فيها 11 عاما كاملة، وبدأت بإدانته بالسجن 10 سنوات قبل أن تنظر محكمة النقض في القضية، وتُعَادُ مُحَاكَمته من جديد.

إعادة تدوير مخلفات مبارك

في تعليقها على خبر عودة يوسف بطرس غالي مجددا إلى مصر في منصبه الجديد تقول إسراء الحكيم عبر حسابها على موقع X إن عودة غالي تعني “إعادة تدوير مخلفات نظام مبارك” موجهة سؤلا إلى ضياء رشوان المنسق العام للحوار الوطني والرئيس السابق للهيئة العامة للاستعلامات إن كان يجرؤ على معارضة قرار الرئيس السيسي بتعيين “الجاسوس ، الفاسد ، الحرامي يوسف بطرس غالي بالمجلس التخصصي للتنمية الاقتصادية !؟” كما جاء في تدوينتها التي أرفقت بها مقطع مصور من برنامج حواري شارك فيه بعد الثورة مع الإعلامية المصرية هالة سرحان اتهمه فيه العمالة لصالح المخابرات المركزية الأمريكية.

وقد حظيت هذه التدوينة بإعادة نشر كبيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي المصرية.

https://twitter.com/israaalhakeem2/status/1838689203409785058?s=48&t=H7_Xw1CGfaj3CkKvd5Zi0Q

وتباينت ردود المتابعين لهذ الخبر ،حيث يقول حساب باسم “أخبار الأقباط” إن هذا القرار صائب مُعلقًا “يا ريت – ليت – ده واحد محترم ميقبلش – لا يقبل – بهذا الوضع السيء، ويا ريت يرجع كان مخلى – محافظ – على الدولار بخمسة جنيهات مصرية”.

مصطفى الحفناوي يقول أيضا في هذا الإطار “والله افضل واحد يمسك وزارة المالية ورجل اقتصادي مُحتَرِف وأيامه كلها كانت كل حاجه ببلاش” أي بمقابل زهيد على حد وصفه

أما مصطفى صابر خليفة، فيقول مُعلقًا على نفس الخبر “لزوم تطبيق الخطة القديمة لتدمير ما تبقى” في إشارة إلى التوسع في برنامج بيع أصول الدولة إلى المستثمرين المحليين والأجانب أو ما يعرف بالخصخصة.

https://www.facebook.com/RassdNewsN/posts/pfbid03882Tk9t2vv3Ws7QEUr1a8g835EMU5oCPUuVEe5nWEUKe1MjtgjGiFjdn43ReXJ1ul?rdid=JVeZV28XVyzGHC6M

أضاع أموال التأمينات

ياسر شلبي أحد المؤثرين المصريين عبر مواقع التواصل الاجتماعي نشر تدوينة عبر حسابه الموثق على موقع X يقول فيها إن غالي أضاع 500 مليون جنيه من أموال التأمينات و المعاشات، خلال فترة وجوده في حكومة الرئيس السابق حسني مبارك.

وأرفق شلبي الذي يعيش في الولايات المتحدة الأمريكية مقطعًا مُصورًا لحوار سابق مع الوزيرة المصرية السابق ميرفت التلاوي تتحدث عن خلاف سابق لها مع يوسف بطرس غالي الذي استحوذ على نحو نصف مليار جنيه مصري من أموال التأمينات والمعاشات لاستثمارها عبر أحد البنوك الأمريكية، حيث ضاعت على البلاد بسب خسارتها في بورصة نيويورك.

https://twitter.com/yassershalaby30/status/1838644566263550174

عبد الحميد قطب الذي يعرف نفسه عبر حسابه الموثق على موقع X بأنه صحفي استقصائي مصري نشر تدوينة طويلة مدعمة باستشهادات من قيادات رفيعة المستوى بالمخابرات العامة ورئاسة الجمهورية المصرية قال فيها إن هذه القيادات كشفت له أن غالي “جاسوس” لـوكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIA ولجهاز الموسـاد الإسرائيلي، مشيرا إلى أن نائب الرئيس المصري ورئيس المخابرات العامة المصرية السابق اللواء عمر سليمان رفض تعيينه وزيراً في الحكومة المصرية لأول مرة عام 1993 وهدد بالاستقالة، لكن الرئيس السابق مبارك أصر على تعيينه وأقنع عمر سليمان بأنه تحت السيطرة ولا قلق منه.

https://twitter.com/AbdAlhamed_kotb/status/1838651343747072379

وتم تداول مقطع قديم من إحدى حلقات برنامج التوك شو الرئيسي لقناة روتانا مصرية السابقة أذيع عقب ثورة يناير منتصف عام 2011، لحوار أجرته المذيعة المصرية هالة سرحان مع صحفيين مصريين أحدهما هو ضياء رشوان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات سابقا، تم التطرق خلاله إلى أحد مانشيتات الصحف المصرية الذي يتحدث عن أن الوزير السابق يوسف بطرس غالي كان عميلا للمخابرات المركزية المصرية

https://twitter.com/ghost_girl2023/status/1838643793018458136

إنجازاته واضحة بالأرقام

وتحت وسم “الفيلسوف الاقتصادي”، نشر الباحث الاقتصادي مصطفى عادل عبر حسابه على موقع فيسبوك الذي يتابعه أكثر من 57 ألف شخص أن قرار عودة غالي إلى المشهد الاقتصادي هو قرار صائب جدا، مستشهدًا ببعض الأدلة التي ساقها خلال تدوينة طويلة تحدث خلالها بمنطق الأرقام عن الإنجازات التي حققها الوزير المصري السابق خلال وجوده في حكومات مبارك المُتعاقِبة.

وتساءل مصطفى عادل “هل تعلم لماذا يوسف بطرس غالي يحصد اجماع كبير من الاقتصاديين وبعيداً عن اي خلفية سياسية او حتى ادانته او براءته من قضايا الفساد .. ولكن سيظل السؤال لماذا هو الافضل “فنياً وعملياً” في هذا المنصب في العصر الحديث ؟!”

https://www.facebook.com/most.adel.ahmed/posts/pfbid02qgQM6TXzQcR6kqv3kGagHL9oruyEKxzrs5DG67gnVeeA1HjuFDaafQZD4PNy5sS9l?rdid=cNVrwODg1EmJk16a

نشر حساب تحت اسم “مصرنا الجميلة” خبرا يقول ” قرار جمهوري عودة يوسف بطرس غالي .. مفاجأة من العيار الثقيل .. بطرس غالي وزير مالية مصر سابقا، وواحد من الكوادر الاقتصادية العالمية وخبرة لا تُقَدَر بثمن”

https://www.facebook.com/Mesronaalgamila/posts/pfbid0Ewuyv2xHJ5mco2sKLJcUnqGVDfEWpNHFMKn6scGdQLhC3So5FJAwexz3XR34cm3Kl?rdid=nUpXlUPZ3N3bCkNR

وتساءل حساب باسم أيمن فتحي حسين عن كيفية تعويض الوزير السابق يوسف بطرس غالي عما تعرض له من إهانات واتهامات طالته وأثرت على حياته في السابق ونشر يقول ” سنه 2012 واحد شاف يوسف بطرس غالي في الشارع في لندن و ضربه و شتمه و قاله يا حرامي و بعدها بكام سنه توفت مراته و معرفش – لم يستطع – يدفنها في بلده وحاجات كتير تانية …. العدل المتأخر ظلم في حد ذاته”

https://www.facebook.com/gcmadmin.gezira.3/posts/pfbid0LhfHCd4eEQdF5r4SnBMDQTxnq9NCW9T4EnsTv3SuGCcy58C9A9fWCbxKdRRZCbhGl?rdid=9FAMF7T1MkyawbQc

أما جوزيف صبحي فكتب عبر صفحته على فيسبوك إن “عودة و تعيين يوسف بطرس غالي بقرار جمهوري عضوًا بالمجلس التخصصي للتنمية الاقتصادية، هو خبر هام وسوف يفرق في الاقتصاد المصري”

https://www.facebook.com/joseph.sobhy/posts/pfbid0ziWAeHQb5yYn8uHShSbhtspCPRmSFJb76yiS82vbJg4NWsXR91qNg5rJFd6Uiuhgl?rdid=u1ff9Ld1Izi6aGci

الأوضاع الاقتصادية مختلفة

وخلال حديثه إلى بي بي سي نيوز عربي ، يقول الدكتور مدحت نافع أستاذ الاقتصاد والتمويل ومستشار وزير التموين والتجارة المصري السابق إن العصر الذي عمل فيه بطرس غالي في حكومات الرئيس مبارك يختلف تماما عن الأوضاع الاقتصادية الحالية، سواءا حجم الديون الخارجية والداخلية، أو الظروف الدولية، أو حجم الالتزامات الدولارية بسبب الأنشطة والمشروعات الحالية، فضلا عن الأزمات الدولية والتحديات التي تواجه الاقتصاد … لكن الرجل – والحديث مازال للدكتور مدحت نافع – مشهود له بالكفاءة في جميع المناصب السابقة التي شغلها، وهو دُعِيَ للمُشاركَة في مجلس استشاري، وليس في منصب تنفيذي، خاصةً بعد تبرئة ساحتهِ من جميع التهم التي تم توجيهها إليه في السابق.

ويرى خبير الاقتصاد المصري أن المشكلة الحقيقية تكمن في مدى فاعلية هذا النوع من المجالس الاستشارية التي غالبا ما يتم تجاهل آراءها، وأن المِحَك الرئيس هو في تفعيل دور هذه المجالس والأخذ بآرائها، خاصة واناه تضم كفاءات اقتصادية كبيرة من الممكن أن تسم في طرح بعض الحلول للأزمات التي تواجه الاقتصاد المصري حاليا.

أصدر السيسي قرارا في أغسطس/آب الماضي بتعيين يوسف بطرس غالي عضوا في  المجلس التخصصي للتنمية الاقتصادية، وهو مجلس استشاري يتبع رئاسة الجمهورية المصرية مباشرة

Getty Images
يوسف بطرس غالي عضو المجلس التخصصي للتنمية الاقتصادية التابع لرئاسة الجمهورية المصرية

ويبلغ الاحتياطي المصري من النقد الأجنبي 46.6 مليار دولار، وفقا لآخر بيانات صادرة عن المركزي المصري في يوليو/تموز الماضي.

وأبرمت مصر اتفاقا مع صندوق النقد الدولي يرفع قيمة التمويل الممنوح للبلاد من 3 إلى 8 مليارات دولار حصلت منه على ثلاث شرائح حتى الآن، فضلا عن تمويلات إضافية من مؤسسات تمويل أخرى، كما وقعت الحكومة المصرية في فبراير/ شباط الماضي، مع صندوق الاستثمار السيادي لدولة الإمارات، صفقة تقدر قيمتها بنحو 35 مليار دولار للاستثمار في منطقة رأس الحكمة الواقعة على الساحل الشمالي الغربي في مصر.

وتشير بيانات البنك المركزي المصري إلى انخفاض معدل التضخم السنوي العام إلى 25.7% في يوليو/تموز الماضي للشهر الخامس على التوالي.

يذكر أن المعدل السنوي لتضخم السلع الغذائية سجل 29.7% في يوليو/تموز، وهو أدنى معدل له منذ ما يقرب من عامين.

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.