صعوبة في التعرف على الجثث التي خلفتها الكارثة في مدينة درنة
تحذير: هذه القصة تحتوي على تفاصيل قد يجدها بعض القراء مؤلمة.
ينحني طبيب ملثم داخل كيس بلاستيكي أسود ويتفحص بلطف ساق الرجل بداخله، ويوضح قائلاً: “أولاً نحدد العمر والجنس والطول،إنه الآن في مرحلة التعفن بسبب بقاءه في الماء.”
في مرآب للسيارات بأحد مستشفى مدينة درنة شرقي ليبيا، يتم بعناية فحص وتسجيل تفاصيل الجثة التي عُثر عليها من بين جثث أخرى.
هذه الآن واحدة من أكثر الوظائف حيوية هنا، وواحدة من أكثر الوظائف المحزنة، إذ لم يعد من الممكن التعرف على الجثة بعد سقوطها في البحر لأكثر من أسبوع.
يقوم المتخصصون بفحص الجثة بعناية، لأخذ مسحة من الحمض النووي، الذي بات ضرورة في حالة وجود عائلة لا تزال على قيد الحياة تبحث عن أقاربها.
لا يزال أكثر من 10 آلاف شخص في عداد المفقودين رسمياً، وفقاً للأرقام الصادرة عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فيما يصدر الهلال الأحمر أرقامه الخاصة.
وتقول الأمم المتحدة إن عدد القتلى حتى الآن يصل إلى حوالي 11300 شخص، ولا يزال العدد الإجمالي النهائي غير واضح على الرغم من أن الأمر الوحيد المؤكد هو الحجم الهائل لهذه الكارثة.
محمد مفتاح يقول إنه متأكد من أن عائلته من بين الضحايا التي قضت في الفيضانات، وعندما ذهب ليتفقد أخته وزوجها في منزلهما بعد الفيضانات، كان المنزل قد جرفته المياه، ولم يسمع عنهما شيئاً منذ ذلك الحين.
أراني مقطع فيديو التقطه لحظة ارتفاع السيل، والمياه البنية تتدفق عبر باب منزله الأمامي، الذي أُغلق بسبب السيارات التي جرفتها المياه.
يتذكر قائلاً: “رأيت سيارات تنجرف باتجاهي فخرجت مسرعاً، اعتقدت أن الأمر قد انتهى، وأنني سأموت. وكنا نرى جيراننا يلوحون بمصابيحهم الكهربائية، وفي غضون لحظات قليلة، انطفأت الأضواء واختفت، كان هذا موقفا صعبا للغاية.”
مع بدء وصول المساعدات الدولية، أعلن وزير الصحة في حكومة شرق ليبيا أن أربعة من عمال الإنقاذ اليونانيين قتلوا في حادث على الطريق المؤدي إلى درنة.
وأصيب خمسة عشر آخرون، وكانوا في طريقهم للانضمام إلى الفرق الموجودة على الأرض من فرنسا وإيطاليا.
كما قامت الكويت والمملكة العربية السعودية بنقل أطنان من الإمدادات الإضافية، والخطوة التالية هي التأكد من استخدامها بشكل صحيح وعادل.
وقال عبد الله باثيلي، رئيس بعثة الدعم الدولية التابعة للأمم المتحدة في ليبيا، لبي بي سي عربي إن البلاد بحاجة الآن إلى إنشاء آلية شفافة لإدارة جميع التبرعات الدولية.
وهناك قلق إزاء التحديات التي تواجه التنسيق بين الحكومة في طرابلس المعترف بها دوليا، وحكومة شرق ليبيا.
بالعودة إلى وسط مدينة درنة، هناك بعض نقاط الضوء وسط الطين والحطام الذي يلف هذه المدينة.
وفي زاوية أحد الشوارع، تتناثر مئات الملابس الملونة في أكوام.
وعلى الجانب الآخر من الطريق، يتشكل طابور ضخم أثناء توزيع الوقود على الناجين.
ومع استمرار وصول التبرعات، يصل رجل ويضع صندوقاً من الأوشحة الدافئة عند قدمي امرأة مسنة، يقبل رأسها بحنان وهي تبتسم وتبدأ في اختيار واحدة.
هؤلاء هم الليبيون الذين يساعدون بعضهم البعض في واحدة من أسوأ لحظات الأزمة.
Comments are closed.