عصابة مكسيكية تعتذر عن عمليات اختطاف وتسلم بعض مسلحيها للشرطة، فما السبب؟
اختطف أربعة أمريكيين من قبل عصابة مخدرات، وقتل اثنان منهم، أثناء زيارتهم لبلدة ماتاموروس بالمكسيك. فلماذا اعتذرت العصابة عن الحادث وسلمت مسلحيها للشرطة؟
تركت العصابة رسالة مع مسلحيها، الذين قُيدوا وتركوا على جانب الطريق، واتهمتهم بالتصرف “بموجب قراراتهم الخاصة وانعدام الانضباط”، بالإضافة إلى انتهاك قواعد العصابة المزعومة بشأن “حماية أرواح الأبرياء”.
ووقعت الرسالة “مجموعة العقارب”، وهي فصيل منشق عن عصابة الخليج القوية.
وتشير الرسالة إلى الإحساس الغريب والخاطئ بالواجب المدني الذي يزعم العديد من العصابات المكسيكية امتلاكه. وعلى الرغم من الخوف واسع النطاق الذي تبثه هذه العصابات من خلال الابتزاز والقتل والاختطاف، فإن مجموعات مثل عصابة الخليج ومنافستها، عصابة سينالو، لديها لائحة أخلاقية ملتوية تعتقد بموجبها أنها تناصر أكثر الفئات ضعفاً في المجتمع المكسيكي.
وهذا الفهم المشوه للرحمة والإيثار لا يمتد ليشمل المهاجرين غير المسجلين، الذين يتعرضون بشكل روتيني للخطف والاغتصاب والقتل. ولا تُعفى العصابات المحال والأعمال المحلية من دفع رسوم، وهي إتوات لمجرد العمل على أراضيها، وتجبى من الجميع، بدءا من الشركات متعددة الجنسيات إلى المتاجر الصغيرة التي تديرها العائلات.
وعلى الرغم من ذلك، هناك منطق في لائحة سلوك العصابات، لا سيما في المناطق النائية والريفية من المكسيك والمجتمعات الجبلية الفقيرة، حيث غالبًا ما تلعب عصابات الجريمة المنظمة الدور الذي تتركه الدولة.
ويحتاج المرء فقط إلى إلقاء نظرة على ما تفعله هذه العصابات بعد الكوارث الطبيعية. فعندما ضربت الأعاصير أو الزلازل ولاية غيريرو الغربية، وزعت العصابات المسلحة إمدادات الطوارئ وأكياس الطعام، ووضعت الأحرف الأولى من اسمها على صناديق وأكياس المعونات. ومدت العصابات يد العون للمحتاجين أثناء فترات الإغلاق بسبب تفشي فيروس كورونا .
وتعتبر العصابات نفسها حامية للنظام المجتمعي، حيث تقتص بوحشية من مغتصبي الأطفال أو اللصوص. وتنصب نفسها قضاة ومحلفين ومنفذي أحكام إعدام.
ويجب فهم قرار تسليم المسلحين بعد كارثة ماتاموروس ضمن هذا السياق: حدث خطأ، وقدمت العصابة اعتذارا وسلمت الجناة، وأغلقت القضية.
وحتى عصابات المخدرات المكسيكية تدرك قوة العلاقات العامة الجيدة.
لكن كيف يمكن التأكد من أن هؤلاء الرجال الخمسة هم الجناة؟ ومن يمكن الوثوق به لقول الحقيقة؟ عصابة مخدرات، أم مكتب المدعي العام للدولة؟ في الحقيقة، يجب التشكيك في أي شيء يقال في ظل هذه الأجواء الضبابية!
ويجب ألا ننسى أن وزير الأمن العام السابق في المكسيك، جينارو غارسيا لونا، الذي كان ذات يوم أعلى مسؤول في إنفاذ القانون والرجل الذي قاد الحرب ضد المخدرات، يقبع حاليًا في سجن أمريكي بعد إدانته بالعمل مع عصابة سينالول مقابل ملايين الدولارات في شكل رشاوى.
وفي قضية ماتاموروس، سلطت السلطات في المكسيك الضوء على السجلات الجنائية للضحايا في تصريحاتها لوسائل الإعلام.
وقيل لوسائل الإعلام إن الأمريكيين جاءوا من أجل السياحة الصحية، متمثلة في عمليات شد البطن وإزالة الدهون زهيدة التكاليف في المكسيك.
وبعد يوم واحد، عندما بدأت الادعاءات في الظهور، أرسل لي أحد أعضاء الحكومة المكسيكية قصة عن الماضي الإجرامي للضحايا، وتحديداً أن أحدهم قد أدين بتصنيع مخدرات بقصد الاتجار فيها.
من الصعب معرفة ما إذا كان ذلك يأتي ضمن حملة منسقة في المكسيك لإلقاء اللوم على الضحية أو بسبب وجود أدلة قوية تشير إلى أن الاختطاف كان مستهدفًا.
لقد ذكرني هذا بإحدى رحلاتي الخاصة إلى تاماوليباس بعد وقت قصير من وصولي إلى المكسيك في عام 2011. لقد علمتني تلك الرحلة شيئا مهما حول حرب المخدرات في المكسيك، وبقي معي حتى يومنا هذا.
في إحدى الغرف الفندقية، قابلتُ صديقة أحد أعضاء عائلة زيتا، وهي عصابة دموية جرى تفكيكها. صورناها في الظل، مع تغير اسمها وصوتها، ووصفت في التسجيل ما فعله صديقها. وبدون ذكر اسم العصابة بالتحديد، كان من الواضح أنه يعمل في قوات الشرطة، لكنه كان أيضًا عضوًا في عصابة زيتا.
كان يعمل شرطيا بالنهار وعضوا في عصابة مخدرات في الليل!
سألتها بسذاجة: “هل تقولين إن العلاقة بين العصابات والدولة وثيقة للغاية؟”
جاء ردها المخيف: “لا، أنا أقول إن العصابات هي الدولة”.
Comments are closed.