الملكة إليزابيث الثانية: كيف ارتبطت بأفريقيا حتى قبل أن تتوج ملكة لبريطانيا؟
كانت الأميرة إليزابيث تنزل في فندق يحمل اسم تريتوبس في ريف كينيا، حيث الأشجار العالية والحياة البرية تحيط بالمكان، عندما توفي والدها الملك جورج السادس لتصبح ملكة على بريطانيا وهي لم تزل في الخامسة والعشرين من عمرها.
وفي مدى عهدها الذي امتد 70 سنة زارت الملكة إليزابيث الثانية أكثر من 20 دولة أفريقية. وفي ذلك قالت إليزابيث الثانية ذات مرة أمام الزعيم الجنوب أفريقي نيلسون مانديلا إنها تتردد على أفريقيا أكثر من “أي شخصية أخرى”، مما أطلق ضحكات الحضور.
وورثت إليزابيث الثانية امبراطورية شاسعة تمتد إلى القارة الأفريقية. وشهد عهدها الملكي استقلال كل المستعمرات البريطانية الـ 14 في أفريقيا، بداية من غانا في عام 1957.
واستطاعت الملكة الحفاظ على علاقات دافئة مع تلك الدول الأفريقية. وتم ذلك بشكل جزئي عبر تدشين اتحاد دول الكومنولث خلفًا للنظام الإمبراطوري.
وفي عام 1961، التقطت صور للملكة إليزابيث الثانية وهي تراقص كوامي نكروما، الذي قاد غانا إلى الاستقلال عن بريطانيا وأصبح أول رئيس غاني.
وفي أثناء أداء إليزابيث الثانية قَسم التتويج في عام 1953، كانت كلمة “إمبراطورية” قد حُذفت من نَص القسم .
وبعد وفاتها أمس الخميس، بعث زعماء أفارقة تعازيهم في ملكة بريطانيا وأجزاء من الكومنولث.
وفي البلد الذي بدأت منه إليزابيث الثانية رحلتها كملكة، نعى أوهورو كينياتا رحيل الملكة في بيان وصفها فيه بأنها “أيقونة للتفاني في خدمة الإنسانية” وبأنها شخصية مؤثرة ليس فقط في المملكة المتحدة ودول اتحاد الكومنولث الذي تعدّ كينيا عضوة به، وإنما هي شخصية مؤثرة في العالم كله.
أصاب الجمود العلاقات بين زيمبابوي والمملكة المتحدة على مدى سنوات مما دفع الرئيس الراحل روبرت موغابي إلى الانسحاب ببلاده من اتحاد الكومنولث.
لكن الرئيس الراهن لزيمبابوي، إمرسون منانغاغوا، سارع إلى تعزية العائلة الملكية والشعب البريطاني ودول اتحاد الكومنولث في وفاة الملكة إليزابيث الثانية.
وفي نيجيريا، أكبر المستعمرات البريطانية السابقة في أفريقيا، كتب الرئيس محمد بخاري تأبينا طويلا عبر تويتر، قائلا إنه حزن بشدة لدى علمه بخبر وفاتها.
وقال بخاري إن “قصة نيجيريا الحديثة لا تكتمل إلا بذِكر الملكة إليزابيث الثانية، تلك الشخصية العالمية والقيادية الفذّة التي كرّست حياتها من أجل أن تجعل من بلدها وبلاد الكومنولث والعالم أجمع مكانا أفضل”.
كما رحّب بخاري بتتويج ريتشارد الثالث ملكا لبريطانيا خلفا لوالدته.
وفي الغابون، أحدث أعضاء الكومنولث، والتي كانت في السابق مستعمرة فرنسية، أعرب الرئيس علي بونغو عن تعازيه في وفاة الملكة إليزابيث الثانية.
ورغم سيل كلمات العزاء المتدفق من زعماء القارة الأفريقية، تحدّث البعض عن معاناة بلادهم تحت وطأة الاستعمار البريطاني الذي كان يتمّ باسم العائلة المالكة.
وأعرب بعض الملوك الأفارقة عن حزنهم. ومن هؤلاء الأمير مانغوسوثو بثيلزي، والذي أعرب بالنيابة عن ميسوزولو كا زويليثيني ملك شعب الزولو في جنوب أفريقيا عن تعازيه في وفاة الملكة إليزابيث الثانية.
ونوّه الأمير بثيلزي عن “علاقته القوية” مع الملك تشارلز الثالث، مقدّما تعازيه الشخصية إليه.
ويعرف الملك ميسوزولو جيدا ما سيُقْدم عليه الملك تشارلز؛ ذلك أن أباه زويليثيني مات العام الماضي، بعد 50 عاما على العرش.
ويربط الملكة تاريخ طويل مع جنوب أفريقيا حيث كانت في رحلة عندما احتفلت بعيد ميلادها الحادي والعشرين، وقد كان ذلك في عام 1947.
وفي خطاب إذاعي من كيب تاون، كرّست إليزابيث الثانية حياتها لخدمة الكومنولث قائلة إنها تشعر في جنوب أفريقيا “كما لو كانت في بيتها”، وكأنها كانت تعيش هناك عمرها كله.
وقد اشتهرت إليزابيث الثانية حول العالم بقدرتها على الانسلاخ من الحياة السياسية، لكنها أدلت ببيان قوي في عام 1995 بينما كانت في زيارة لجنوب أفريقيا. وكان ذلك بعد عام واحد من انتهاء حقبة الفصل العنصري وحُكم الأقلية البيضاء الذي امتد لعقود.
وأثنت الملكة البريطانية على ما أحرزه الشعب الجنوب أفريقي قائلة: “لقد أصبحتم أمة واحدة لها روح من المصالحة باتت مضرب المثل حول العالم”.
وكانت تربط الملكة علاقة طيبة مع نيلسون مانديلا الذي عبّرت مؤسسته عن بالغ الحزن على رحيل الملكة إليزابيث.
وقالت مؤسسة نيلسون مانديلا إنه والملكة إليزابيث “كانا يتحدثان عبر الهاتف بانتظام، مستخدمَين اسمَيهما الأوّلين كعلامة على الاحترام المتبادل، فضلا عن الودّ”.
وأضافت المؤسسة في بيان لها أن مانديلا كان ينادي الملكة إليزابيث باسم خاص هو “موتلاليبولا”، والذي يعني “رفيقة المطر”، وذلك لأن زيارتها لجنوب أفريقيا في عام 1995 صاحبها هطول أمطار.
Comments are closed.